مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

24-18 نوفمبر 2020

الأسبوع العالمي للتوعية بالمضادات الحيوية في ظل جائحة كوفيد 19

تحت شعار عام "تعامل معها بحرص" وشعار طبي خاص "متحدون لإنقاذ المضادات الحيوية"
الكاتب

الكاتب : أ.د. عبدالرؤوف علي المناعمة

الجامعة الإسلامية بغزة - فلسطين

الوقت

12:59 صباحًا

تاريخ النشر

15, نوفمبر 2020

خصصت منظمة الصحة العالمية أسبوعاً عالمياً يتم الاحتفال به سنوياً في شهر نوفمبر/تشرين الثاني من كل عام، وذلك لتسليط الضوء على هذ الموضوع الحيوي الهام والذي يعتبر من أهم التحديات الصحية في القرن الحادي والعشرين. وهذا العام قدمت منظمة الصحة العالمية مقترحاً لفعاليات للأسبوع العالمي للتوعية بالمضادات الحيوية، حيث تَضمَنَ اليوم الرابع للفعاليات اقتراحاً بالتركيز على علاقة كوفيد-19 بمقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.

تحت شعار عام "تعامل معها بحرص" وشعار طبي خاص "متحدون لإنقاذ المضادات الحيوية"

يأتي الأسبوع العالمي للتوعية بالمضادات الحيوية هذا العام والعالم منشغل في معركة شرسة مع فيروس سارس كوفي 2 المسبب لمرض كوفيد 19. الفايروس الذي صُنف من قِبل منظمة الصحة العالمية بالجائحة، بدأ في الصين أواخر ديسمبر وسرعان ما انتشر تقريباً في كل بقاع العالم دون استثناء وأصاب أكثر من 50 مليون إنسان حسب التقارير الرسمية (الاعداد الفعلية المتوقعة تفوق المعلن بأضعاف بحسب الدراسات المسحية) وتوفي أكثر من 1.2 مليون إنسان حتى تاريخ كتابة هذه السطور.

تميزت هذه الجائحة بمجموعة من الخصائص، منها الانتشار السريع للفيروس، التعاون العالمي والاهتمام الحكومي، والإعلامي والشعبي، وتميزت الجائحة أيضاً بكثرة الشائعات والمعلومات الخاطئة ويمكن ان نضيف "عدم اليقين" كسمة هامة ارتبطت بهذه الجائحة.

وفي خضم الصراع العالمي مع جائحة COVID-19، يتم تعلم العديد من الدروس. على سبيل المثال .. كيف نستعد بشكل أفضل للأوبئة في المستقبل؟ وهذا يشمل التعامل مع جائحة مقاومة المضادات الحيوية المستمرة، والذي على نطاق عالمي يمتلك من الأهمية والمخاطر ما قد يفوق كوفيد 19. تشير التقديرات إلى أن مئات الآلاف من المرضى يموتون على مستوى العالم كل عام بسبب المضاعفات المرتبطة بعدوى مقاومة مضادات الميكروبات، حيث تشير بعض التوقعات إلى أن هذا العدد سيكون 10 ملايين بحلول عام 2050. بتكلفة 100 تريليون دولار للاقتصاد العالمي من خلال خسارة الإنتاجية.

كيف يؤثر كوفيد 19 بشكل مباشر على ظاهرة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية

يمكن أن يؤثر كوفيد 19 على أنشطة الإشراف على وزيادة صرف مضادات الميكروبات ويؤدي إلى مقاومة مضادات الميكروبات. فقد أظهرت التقارير تلقى العديد من المصابين بكوفيد 19 بعدوى خفيفة بدون التهاب رئوي أو عدوى متوسطة مصحوبة بالتهاب رئوي المضادات الحيوية. وأظهرت إحدى الدراسات أن 72٪ (1450/2010) من المرضى تلقوا مضادات حيوية، بينما أظهر 8٪ فقط (62/806) إصابات جرثومية أو فطرية متزامنة. أفادت منظمة الصحة العالمية أيضًا أن أزيثروميسين يستخدم على نطاق واسع مع هيدروكسي كلوروكوين على الرغم من أنه لم يوصى به بعد خارج التجارب السريرية لـكوفيد 19.

يزيد دخول المستشفيات "بسبب الإصابة بفيروس كورونا" من مخاطر العدوى المرتبطة بالرعاية الصحية وانتقال الكائنات المقاومة للأدوية المتعددة، مما يؤدي بدوره إلى زيادة استخدام مضادات الميكروبات. فقد أظهرت دراسة حديثة أجريت على وحدات العناية المركزة في 88 دولة أنه على الرغم من أن 54٪ فقط (8135/15165) من المرضى قد اشتبه أو ثبتت إصابتهم بعدوى بكتيرية، فإن 70٪ منهم (10.640 / 15165) تلقوا على الأقل مضادًا حيويًا واحدًا إما للوقاية أو لأغراض العلاج.

تؤدي اضطرابات الخدمات الصحية أثناء الجائحة إلى انقطاع العلاجات، مثل السل وفيروس نقص المناعة البشرية، مما قد يؤدي أيضًا إلى زيادة فرص نشوء وانتشار سلالات مقاومة للأدوية. وبالمثل، يمكن أن يؤدي تعطيل خدمات التطعيم إلى زيادة خطر الإصابة بالعدوى، مما قد يؤدي إلى الإفراط في استخدام مضادات الميكروبات.

تهديد محتمل آخر وهو الاستخدام الواسع لعوامل المبيدات الحيوية للتطهير البيئي والشخصي، بما في ذلك في أماكن غير أماكن الرعاية الصحية. ومن الممكن  أن يؤدي التعرض منخفض المستوى لعوامل المبيدات الحيوية إلى اختيار السلالات المقاومة للأدوية وتعزيز خطر المقاومة المتقاطعة للمضادات الحيوية، خاصة تلك التي تعالج البكتيريا سالبة الجرام.

هل هناك جوانب إيجابية لكوفيد 19 على ظاهرة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية؟

وباستعراض التجارب البشرية المتراكمة في محاربة كوفيد 19، يمكن الاستفادة بشكل إيجابي للتخطيط لمكافحة ظاهرة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية وسنستعرض هنا أهم النقاط التي يمكن البناء عليها:

  1. كان لوباء كوفيد 19 تأثير هائل على فهم الجمهور للوقاية من العدوى ومكافحتها.
  2. تحسن ممارسات غسل اليدين والتباعد الاجتماعي وتدابير التدخل الأخرى للوقاية من العدوى.
  3. تم تنفيذ تدخلات وتحسينات في أنظمة الرعاية الصحية في جميع أنحاء العالم.
  4. زيادة وزخم المعرفة العامة المحسنة فيما يتعلق بالوقاية من العدوى ومكافحتها من خلال التثقيف والإعلانات التي صاحب جائحة كورونا.
  5. سلطت جائحة كوفيد -19 الضوء على أهمية التطعيم، والحاجة إلى مضادات الميكروبات الفعالة، وكذلك ضرورة دعم البحث في فهم العوامل المعدية ومكافحتها.

 

تأثيرات سلبية

بينما التأثيرات السلبية المتوقعة لكوفيد 19 كبيرة ولا يُعرف حجمها حتى الآن على وجه الدقة، لكن يمكن الإشارة إلى هذه التأثيرات في النقاط التالية:

  1. استهلاك أو توجيه الموارد بعيدًا عن خطط التقليل من ظاهرة مقاومة مضادات الميكروبات.
  2. زيادة في وصف المضادات الحيوية الوقائية للوقاية من الالتهابات البكتيرية الثانوية.
  3. نقص الأدوية المضادة للميكروبات.
  4. سحب الولايات المتحدة الأمريكية دعمها المالي لمنظمة الصحة العالمية التي تقود جهود مكافحة مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية.
  5. انخفاض الوعي العام بمقاومة مضادات الميكروبات نظراً للانشغال بالجائحة.
  6. الإرهاق والتعب من الأزمة على مستوى الحكومات والافراد بسبب الجائحة.

 

توصيات ضرورية

  • دعم ترصد مقاومة مضادات الميكروبات في المستشفيات.
  • إدراج مخاطر مقاومة مضادات الميكروبات في عمليات الاستثمار.
  • إعطاء الأولوية لبرامج الإشراف على مضادات الميكروبات.
  • تطوير طرق التشخيص السريع.
  • تبني نهج الصحة الواحدة التي تربط صحة الإنسان والحيوان والنبات والبيئة.
  • حظر المضادات الحيوية الهامة طبياً في الأعمال التجارية الزراعية.
  • تعزيز وعي المستهلك والمورد / القطاع الخاص والعمل بشأن الخيارات الغذائية.
  • تمرير التشريعات المتعلقة بتنظيم وصرف المضادات الحيوية.
  • تحفيز البحث وإنتاج المضادات الحيوية الجديدة ومضادات العدوى الواعدة الأخرى.
  • تعزيز التعاون العالمي.
  • تطوير حملات إعلامية تعاونية.
  • الاستفادة من مبادئ مكافحة العدوى من تجربة كوفيد 19.

 

جائحة كوفيد-19 هي دعوة للاستيقاظ، بأن التعاون العالمي هو الطريقة الأكثر فاعلية لمواجهة التهديدات الصحية العالمية. حيث سيؤدي الفشل في مواجهة مقاومة مضادات الميكروبات إلى تقويض عقود من التقدم في الطب والصحة العامة. وفي الختام نرى أنه من الضروري أن نستحضر الأهمية الأساسية للمضادات الحيوية للطب الحديث تحت أي ظرف من الظروف. وهذا سيمكننا من وضع المشكلة في إطارها الصحيح الذي يجعل منها أولوية قصوى يجب على الجميع العمل من أجل الحد من تدهورها.

 

البريد الإلكتروني للكاتب: elmanama_144@yahoo.com

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x