البحوث العلمية التطبيقية تعتمد على بحوث العلوم الأساسية عندما يبدأ الفريق البحثي بسؤال يريد الإجابة عليه، وتعتبر من أهم البحوث العلمية على الإطلاق، لأن السؤال يكون بمثابة تعرض لمشكلة محددة مطلوب حلها أو الوصول إلى خيط للحل. وهذه هي مهمة الباحثين في العلوم الأساسية والتطبيقية والذين يكون أغلبهم من العلميين (خريجي كلية العلوم) بتخصصاتهم المختلفة وكذلك الصيدلة والطب والهندسة والزراعة. نعم، قد تستغرق هذه الأبحاث وقتا طويلا وميزانية كبيرة ومجهود كبير، ولكن كل ذلك يهون في سبيل الوصول إلى نتيجة يمكن أن تخدم الإنسان أو الحيوان أو النبات.
وفي كل الحالات تكون نواتج كل البحوث لخدمة تطور ورفاهية الإنسان. ومن الممكن قياس درجة رقي الشعوب من درجة رقي البحث العلمي التي تعكسه نوعية الأسئلة التي يطرحها ليجيب عليها .فكلما كانت تلك الأسئلة ذات مغزى وهدف ورسالة، وكلما كانت طريقة الإجابة عليها مبدعة وفريدة ومنطقية وسهلة، كلما عكس ذلك رقي فكر الشعب الذي ينتمي إليه هؤلاء الباحثين . ومن هنا، فأنا أعتبر نواتج البحث العلمي هي المقياس الذي يقيس رقي وحضارة وفكر الشعوب. ولذلك تقع على الباحثين في الدول النامية مسئولية كبيرة في الخروج عن النمط التقليدي في البحث العلمي المبني على التقليد والسطحية وخلق تحديات لإيجاد أسئلة أو طرح أسئلة عميقة لها معطيات وتنبؤات وتطبيقات.
وفي هذا المقال أسوق عليكم بعض الأمثلة لنواتج من الأبحاث العلمية التطبيقية التي لم تكتمل إلا بتعاون علمي قوي بين التخصصات المختلفة من علوم وطب وهندسة وغيرها لتخرج بهذه الصورة الموثوق بها.. وقد تم نشر هذه الأبحاث حديثا في الدوريات العلمية والتي أحدثت صدى طيبا وأعطت آمالا كبيرة للمرضى الذين يعانون من أمراض مختلفة خاصة ضمور البصر، والسرطان خاصة سرطان البنكرياس والقولون وفيروس كورونا المستجد. وكل ناتج من نواتج هذه البحوث التطبيقية في العلوم الحياتية لهو من الأهمية بمكان بحيث أنه من الممكن أن يؤدي إلى تطور كبير في طريقة الحياة في الصحة والمرض .
الخبر العلمي الأول
يعطي هذا الخبر بصيص من الأخبار السارة عن البصر، حيث أفاد باحثون في جامعة أريزونا بأمريكا أنه في المرضى الذين يعانون من الضمور البقعي في العين المرتبط بالعمر (Macular degeneration; AMD) ، يمكن استقرار المرض، ويمكن حتى تحسين الرؤية، باستخدام عقار ليفودوبا Levodopa، وهو دواء يستخدم لعلاج مرض باركنسون Parkinson’s. يبدو أن دواء ليفودوبا يعمل على الخلايا الظهارية الصبغية لشبكية العين عبر مستقبلات مقترنة بالبروتين المعروف باسم G، ولتنظيم عامل نمو البطانة الوعائية، وهو المحرك الرئيسي لـمرض AMD. وعليه أوصى الباحثون أن ليفودوبا قد يكون بمثابة علاج مساعد لـمرض AMD.
الخبر العلمي الثاني
هذا الخبر يعطي بصيص من النور إيجابيي حول إعادة فقدان حاسة السمع. فقد توصل علماء في كلية الطب بجامعة ماريلاند أن بروتينًا يسمى GFI1 يلعب دورا مُهمًّا في نمو خلايا الشعر Hair Cells وهي الخلايا الحسّاسة في الأذن والتي لها دور حيوي في حدوث آلية السمع. فقد توصل الفريق البحثي إلى قدرة هذا البروتين على إعادة نمو هذه الخلايا السمعية مما يفتح بابا جديدا ومفيدًا أيضًا في الطب التجديدي. وبناء على هذه النتائج المهمة والفريدة فقد أوصى الفريق البحثي بأن هذا البروتين مهم جدا للمرضى الذين يعانون من فقدان السمع بسبب العمر أو العوامل البيئية مثل التعرض للضوضاء العالية.
الخبر العلمي الثالث
بالطبع، عندما يكون هناك اهتمام بالأخبار المتعلقة بالصحة، فإن جزءً كبيرًا من الاهتمام يذهب إلى السرطان. على سبيل المثال، هناك قصة بحث علمي عن سرطان القولون والمستقيم، ومدى ارتباط معدلات المرض المرتفعة لدى الرجال بتأثيرات هرمونات الذكورة والمعروفة باسم الأندروجينات Androgens، والتي يبدو أنها تعزز انتشار الخلايا الجذعية المعوية Gut stem cells وتمنع تمايزها وبالتالي يساعد على تحويلها إلى خلايا سرطانية.
> Yu X et al., Androgen Maintains Intestinal Homeostasis by Inhibiting BMP Signaling via Intestinal Stromal Cells. Stem Cell Report. Published: September 10,2020
https://doi.org/10.1016/j.stemcr.2020.08.001
الخبر العلمي الرابع
هو أيضا متعلق بأخبار سعيدة عن إيجاد علاج لنوع آخر من السرطان وهو من أكثر أشكال سرطان البنكرياس فتكًا ، وهو سرطان الغدة النخامية للبنكرياس Adenosquamous cancer of the pancreas، حيث تم تحديد أهداف علاجية لهذا السرطان. فبعد سلسلة طويلة من التحليل الجيني والبروتيني في عينات تم أخذها من مرضى يعانون من هذا السرطان، توصل الفريق البحثي إلى إمكانية استخدام عوامل FGFR1-ERLIN2 لاستهداف الخلايا السرطانية الشرسة والقضاء عليها وهو أمر لم يحدث مسبقا لهذا النوع من السرطان الشرس.
> Lenkiewicz E. et al., Genomic and Epigenomic Landscaping Defines New Therapeutic Targets for Adenosquamous Carcinoma of the Pancreas. Cancer Research. Published OnlineFirst September 14, 2020. DOI: 10.1158/0008-5472.CAN-20-0078
الخبر العلمي الخامس
هذا الخبر متعلق بـدراسة في منتهى الغرابة وغير متوقعة بالمرة ولكنها في غاية الأهمية في تطبيقاتها ليس فقط في علاج الآلام ولكن أيضاً في تقليل الإصابة بفيروس كورونا المستجد. فقد اكتشف فريق بحثي بقيادة أستاذ علوم الأدوية بجامعة أريزونا بأمريكا متخصص في فهم نشوء الألم والتغلب عليه وجود بروتين في غلاف فيروس كورونا يستطيع أن يرتبط مع بروتين على سطح الخلايا العصبية يسمى نيروبين (Neuropin-1) وهو المسئول عن الإحساس بالألم. واكتشف الفريق أن هذا الارتباط يؤدي إلى وقف نشاط هذا البروتين ومنع الإحساس بالألم. وبهذا تشير هذه النتائج المفاجأة على ملحوظتين في منتهى الأهمية: الأولى: إن فيروس كورونا له طريق آخر لدخول الخلية غير ارتباطه ببروتين ACE2 مما يمثل بوابة جديدة للإصابة لم تكن معروفة من قبل. الثانية: إن فيروس كورونا يرتبط ببروتين الألم هذا لكي يمنع الخلية العصبية من الإحساس بالألم مما يساعد في هروبه من رد الفعل المناعي. ومع أن هذه الأخبار غير جيدة في حالة فيروس كورونا إلا أنها تفتح مجالا واسعا لاستخلاص هذا البروتين من الفيروس وتصنيعه لاستخدامه كمضاد للألم عموماً وخاصة في أمراض المناعة الذاتية المزمنة كالتهاب المفاصل وكذلك الآلام المصاحبة للسرطان.
الخبر العلمي السادس
يدور هذا البحث عن تجربة مرعبة ومثيرة عن تأثير فيروس كورونا المستجد على هتك عضلة القلب. فمن المعروف أن خلايا القلب يوجد عليها بروتين ACE2 والذي ثبت بالدليل القاطع أنه يرتبط بشوكة Spike عبارة عن بروتين يبرز للخارج من الغشاء البروتيني لفيروس كورونا. وبالتالي فمن السهل للفيروس إذا وصل منطقة القلب أن يدخل خلايا القلب العضلية ويتصرف فيها كيفما يفعل عندما يدخل خلية الرئة والجهاز التنفسي فيغزوها ويحدث خللا في وظائفها.
ولهذا السبب حاول فريق بحثي بمعهد جلادستون بمدينة سان فرانسيسكو بأمريكا كشف الأحداث التي تتم إذا حدث وغزا الفيروس الخلايا العضليه للقلب. ولاختبار هذه الفرضية بشكل مباشر قام الفريق البحثي بخلط فيروس كورونا المستجد (الذي لم أعد أراه مستجدا بالمرة) بخلايا القلب في أطباق المختبر. وفي هذه الدراسة الفريدة، استخدم الباحثون خلايا جذعية خاصة لإنشاء ثلاثة أنواع من خلايا القلب، تُعرف باسم الخلايا العضلية القلبية والخلايا الليفية القلبية والخلايا البطانية، بتكنولوجيا المزارع الخلوية، ثم تم تعريض هذه الخلايا بعد ذلك لـفيروس SARS-CoV-2 ، الفيروس المسبب لـ COVID-19. من بين الأنواع الثلاثة للخلايا، يمكن أن يصيب الفيروس ويصنع نسخًا منه فقط داخل خلايا عضلة القلب أو خلايا عضلة القلب. وتحتوي الخلايا العضلية القلبية Cardiomyocytes على ألياف عضلية تتكون من وحدات تسمى القسيمات العضلية Sarcomeres، والتي تعتبر ضرورية لتقلصات العضلات التي تنتج ضربات القلب. وتصطف هذه الألياف العضلية عادة في نفس الاتجاه لتشكيل خيوط طويلة. ولكن ما حدث في الأطباق المختبرية كان شيئاً غريباً، حيث تم تقطيع هذه الألياف إلى أجزاء صغيرة من قبل الفيروس. وعند متابعة الأحداث بدا أن الفيروس يعمل كسكين حادة تقطع الألياف الطويلة لعضلة القلب السليمة إلى أجزاء صغيرة. ولأن هذه العضلة هي المسئولة عن انقباض القلب من خلال تقلص أليافها الطويلة، فإن تقطيع الفيروس لهذه الألياف العضلية (في أطباق التجربة) أمر مخيف بدرجة كافية.
ولكن قد يشك الباحثون في حدوث هذا الأمر الخطير في الواقع لدى قلوب المرضى. ولكي يتحقق الباحثون من حدوث ذلك في الواقع وجدوا دليلاً على أن عملية مماثلة حدثت في قلوب مرضى COVID-19 أيضًا وذلك عند تحليل عينات من عضلات القلب المأخوذة من ثلاثة من المرضى الذين توفوا جراء الإصابة بالفيروس. ومع ذلك، فإن الاكتشاف الجديد لا بد من التأكد من حدوثه في عينات أكثر أثناء تشريح الجثث.
هذا الاكتشاف غريب وجديد تماما فلم يُسجل عن فيروس آخر معروف أو بكتيريا أن أثر هكذا على خلايا القلب بهذه الطريقة البشعة. وقد يفسر هذا الاكتشاف الجديد والغريب كيف يتسبب فيروس كورونا في إلحاق الضرر بالقلب، خاصة أن هناك دراسات سابقة سجلت بعض تشوهات في القلب لدى المرضى المصابين بفيروس كورونا بما في ذلك التهاب عضلة القلب، حتى في الحالات الخفيفة نِسبيًّا. بحث نتائجه مخيفة ومروعة ويحتاج تأكيد.
الخبر العلمي السابع
التوت الأزرق مضاد لتقرحات القولون. توصل فريق بحثي من جامعة طوكيو للعلوم في اليابان إلى مادة فعّالة من التوت الأزرق لها قدرة كبيرة على علاج التهابات القولون التقرحيColitis ، وذلك باستخدام نموذج معملي لفئران التجارب لهذا المرض. واسم المادة الفعالة هو Pterostilbene والتي تشبه مادة Resveratrol والتي تم اكتشافها من قبل من ثمرة العنب. وقد قام الفريق البحثي لدراسة تأثير هذه المادة على الخلايا المناعية المعروفة بدورها في إحداث وبقاء وتهيج المرض وكانت النتائج ممتازة حيث قامت هذه المادة بتثبيط العديد من أنشطة ووظائف كل الخلايا المناعية المعروفة بدورها الكبير في إحداث الالتهابات الحادة والمزمنة .وقد كانت التأثيرات ملموسة بدرجة كبيرة مقارنة بجميع المواد الأخرى مما دعاهم إلى اختبارها على فئران التجارب التي تم إحداث مرض التهاب القولون بها بحيث تعاني من المرض بصورة تشبه نظيره في الإنسان. وكانت المفاجأة هي شفاء الفئران المصابة بعد العلاج. وبهذا تفتح هذه الدراسة اليابانية الباب لعلاج جديد واعد لهذا المرض المناعي الذي لا يوجد له علاج مثالي حتى الآن.
> Yashiro T. et al., Pterostilbene reduces colonic inflammation by suppressing dendritic cell activation and promoting regulatory T cell development. The FASEB Journal, First published: 22 September 2020. https://doi.org/10.1096/fj.202001502R
الخبر العلمي الثامن
بحث علمي هام تم نشره حديثا من قبل فريق علمي من معهد ريكين باليابان يكتشف مؤشر على وجود مرض التوحد لدى أطفال المدارس. والمؤشر عبارة عن بروتين اكتشف الفريق البحثي أن مستواه لدى أطفال التوحد أقل بكثير من مستواه لدى الأطفال الأصحاء من عمر ٤-٦ سنوات. وقد دفعت هذه النتائج الفريق البحثي أن يقوم باستخدام فئران التجارب التي تم هندستها وراثياً بحيث لا يتم تخليق هذا البروتين فيها لمحاكاة ما وجدوه عند الأطفال. وباختبار أهمية هذا البروتين المهم لخلايا المخ في الفئران استطاعوا أن يثبتوا أهمية هذا البروتين كدلالة لمرض التوحد.
> Maekawa M et al, A potential role of fatty acid binding protein 4 in the pathophysiology of autism spectrum disorder, Brain Communications, fcaa145, https://doi.org/10.1093/braincomms/fcaa145
الخبر العلمي التاسع
علاج الأكزيما برش البكتيريا على الجلد. مرض الأكزيما يمثل قلقاً غير عادي للمريض بسبب الأعراض المصاحبة للجلد وخاصة الحكة الشديدة التي تؤثر على النظام اليومي للمريض في النوم والصحيان. وعلاج الأكزيما في معظم الحالات يعتمد على علاج موضعي بمشتقات هرمونات الستيرويد Steroids. ومنظمة الدواء والغذاء الأمريكية تعتمد أي دواء جديد للأكزيما على أساس تأثيره على حجم تهيج الجلد واحمراره وليس على شدة الحكة أو الإحساس بها. بالرغم أن الدراسات الاستطلاعية على المرضى أكدت أن ما يهم المريض فعلا على مستوى الألم ومزاولة الحياة اليومية هي شدة الحكة في الجلد. وفي الدراسة الحديثة التي قام بها فريق بحثي على فئران التجارب كنموذج معملي يحاكي المرض في الإنسان قادها طبيب وباحث في نفس الوقت مقتنع بفكرة زيادة أهمية الإحساس بحكة الجلد وتهيجه على حجم وشكل الاحمرار. وبالفعل قام بشيء عجيب وهو رش بكتيريا من النوع المفيد (غير ممرضة) على سطح الجلد الذي يعاني من الأكزيما. وبالفعل وجد الفريق أن البكتيريا أدّت إلى وقف الحكة لفترات طويلة وقللت من استخدام الستيرويد. ثم قام الفريق البحثي بتجربة العلاج بهذه البكتيريا النافعة على مرضى أطفال يعانون من الأكزيما، وكانت المفاجأة الحصول على نفس النتائج المبهرة. والعجيب أن التأثير استمر لمدة ثمانية شهور بعد توقف العلاج الموضعي بالبكتيريا. وبتحليل السبب وجد أن البكتيريا تبقى حية في الجلد المصاب وتفرز زيت له فائدتين، من ناحية يقلل من تأثير الخلايا الالتهابية ومن ناحية أخرى يمنع نمو البكتيريا الضارة.
وبناء على هذه النتائج المبهرة سوف يقوم الفريق البحثي بإجراء تجربة سريرية واسعة على عدد أكبر من المرضى وخاصة الأطفال مما يمثل أملاً واعداً لمرضى الأكزيما لم يفكر فيه أحد من قبل.
شكرا للفريق البحثي الذي فكر ببساطة ولكن بذكاء شديد وخارج الصندوق.
> https://theconversation.com/live-bacteria-spray-is-showing-promise-in-treating-childhood-eczema-145893
الخبر العلمي العاشر
دراسة حديثة في معهد سولك الشهير بأمريكا تفجر مفاجأة جديدة للتأثيرات البيولوجية المفيدة لعقار ميتفورمين Metformin والذي يستخدم في علاج السكر من النوع الثاني، وذلك من خلال تحكمه في العديد من البروتينات المهمة في توليد الطاقة أثناء عملية الأيض وأهم هذه البروتينات هي AMPK AND mTOR. والجدير بالذكر أن تأثير هذا العقار مشابه تماماً لما تحدثه التمارين الرياضية في الجسم في عملية الأيض.
الجديد في الدراسة أن الفريق البحثي والذي أجرى الدراسة على فئران التجارب وجد أن هذا الدواء يعمل أيضا كمضاد للالتهابات في الكبد والتي عادة ما تحدث عند مرضى السكري من النوع الثاني. وبالتالي تفتح هذا الدراسة مجالا أوسع في التطبيقات العلاجية لهذا العقار. الجدير بالذكر أن هذا العقار وجد من سنوات قليلة أن له تأثيرات مضادة للورم قوية، وبهذا قد يصبح له تطبيقات أكثر مما كان متوقعاً له بفضل البحث العلمي المستمر.
> Chambers C, Krogstad P, Bertrand K, et al. Evaluation for SARS-CoV-2 in Breast Milk From 18 Infected Women. JAMA. Published online August 19, 2020. doi:10.1001/jama.2020.15580
الخبر العلمي الحادي عشر
في بحث علمي جديد اكتشف فريق من جامعة بازل بسويسرا وهي جامعة عريقة، أن نقص الأكسجين في بعض الخلايا السرطانية هو السبب الرئيسي في انفصال هذه الخلايا عن الورم الأصلي وهجرتها إلى أماكن أخرى في الجسم مما يتسبب في الانتشار المروع للسرطان وما يسببه من نشوء بؤر جديدة مما يتطلب علاج كيماوي وإشعاعي ومناعي. استخدم الفريق تكنولوجيا زراعة خلايا سرطانية في فئران التجارب التي أثبتت هذه الفرضية وما يمكن أن يتم من بحوث مستقبلية، الفرضية التي دائما ما أنادي بها واشرحها لطلابي وهي إتاحة الأكسجين للخلايا السرطانية قبل العلاج الكيماوي لأن الخلايا التي تعاني من نقص الأكسجين لا تستجيب للعلاج الكيماوي.
المرجع:
> Donato C. et al., Hypoxia Triggers the Intravasation of Clustered Circulating Tumor Cells. Cell Reports, VOLUME 32, ISSUE 10, 108105, SEPTEMBER 08, 2020. DOI:https://doi.org/10.1016/j.celrep.2020.108105
الخبر العلمي الثاني عشر
هذا الخبر متعلق بأحدث دراسة حول التأثيرات القلبية المفيدة لزيوت أوميجا 3 الشهيرة . فوفقًا لدراسة موسعة قامت بتحليل 40 دراسة مسبقة عن استهلاك حمض Eicosapentaenoic (EPA) وحمض Docosahexaenoic DHA)) ، فقد اتضح أن تناول هذه الأحماض من نوع Omega-3 هي استراتيجية نمط حياة فعّالة للوقاية من أمراض القلب والأوعية الدموية. فقد خلص البحث إلى أن تناول مكملات أوميغا 3 EPA + DHA مرتبط بانخفاض أسباب الوفيات من أمراض القلب التاجية (CHD)، بما في ذلك النوبات القلبية القاتلة على وجه التحديد، وهو سبب وفاة 7.4 مليون على مستوى العالم كل عام.
أوميغا 3 EPA و DHA هي أحماض دهنية بحرية طويلة السلسلة. ومن المعروف أن تناول الأسماك، وخاصة الأسماك الدهنية مثل السلمون والأنشوجة والسردين، هو المصدر الأمثل للحصول على هذه الأحماض. ومع ذلك، فإن معظم الناس في جميع أنحاء العالم يأكلون أقل بكثير من كمية الأسماك الموصى بها، لذا فإن تناول أوميغا 3 يساعد في سد الفجوة بحيث يجب تناول جرعات من 1000 إلى 2000 مجم يوميًّا بانتظام كطريقة منخفضة التكلفة وعالية التأثير نسبيًّا لتحسين صحة القلب مع القليل من المخاطر المرتبطة بها ويجب اعتبارها جزءًا من علاج وقائي قياسي لمعظم المرضى الذين يعانون من أمراض القلب والأوعية الدموية والذين يتعافون من احتشاء عضلة القلب.
وهكذا نرى أن البحث العلمي طريقا رائعا يمتع من يقوم به عندما يكتشف معلومة جديدة فيسعد بها أيما سعادة وفي نفس الوقت يفتح آفاقاً جديدة وآمالاً عراضا للأصحاء قبل المرضى. وفوق كل ذلك فإن البحث العلمي يفقهنا في فهم أنفسنا وخلقنا الذي كلما زدنا فيه علما شعرنا بجهلنا.
نعم إنه البحث العلمي الذي يفاجأنا كل لحظة بكل ما هو جديد ومبدع وخلاب شريطة أن يكون بحث علمي حقيقي وراءه فكر ورجال نثق بهم
البريد الإلكتروني للكاتب: Mohamed.abib@science.tanta.edu.eg