اتباع نظام غذائي يحاكي الصيام مع تناول علاج هرموني يساعد في علاج سرطان الثدي، وفقا لدراسات علمية نُشرت حديثا أجريت على الحيوانات وأخرى تضمنت تجارب سريرية على البشر.
أظهرت نتائج الدراسات العلمية التي نشرت في يوليو 2020 في مجلة "نيتشر" Nature العلمية وقام بها باحثون في جامعة جنوب كاليفورنيا ومعهد IFOM للسرطان في ميلانو وجامعة جينوفا في إيطاليا، أجريت الأولى على الفئران وشملت الدراستين الأخريين إجراء تجربتين سريريتين حول نمو سرطان الثدي لدى النساء، أن النظام الغذائي اليومي الذي يتضمن فترة من الصيام يقلل من هرمون الأنسولين في الدم ومن عامل النمو شبيه الأنسولين-1 وهرمون اللبتين.
يعد النظام الغذائي الذي يحاكي الصيام نوعا من الصيام المعدل، فبدلا من الامتناع عن الطعام تماما كالصيام التقليدي، يستهلك الشخص (أو الحيوان في التجارب العلمية) كميات قليلة من الطعام بطريقة تمنحه فوائد الصيام. وعادة ما يستمر النظام الغذائي الذي يحاكي الصيام حوالي خمسة أيام، يتم خلالها تناول كمية منخفضة من الكربوهيدرات والبروتين والسعرات الحرارية وكمية عالية من الدهون، مع الاحتفاظ بالسعرات الحرارية عند حوالي 40% من الاستهلاك الطبيعي.
ويذكر أن الأنسولين هو هرمون يساعد الجسم على استخدام الغلوكوز للحصول على الطاقة، ويتم إنتاجه من قبل خلايا بيتا في البنكرياس. وتتمثل وظيفته الرئيسية في إدخال السكر الموجود في الدم (الغلوكوز) إلى الخلايا.
أما عامل النمو شبيه الأنسولين-1 like growth factor 1 (IGF1) –insulin فهو هرمون يفرزه الكبد مماثل في التركيب الجزيئي للأنسولين، ويلعب دورا هاما في النمو في مرحلة الطفولة. لكنه يمكن أن يحفز نمو الأورام الخبيثة في الجسم عند وجوده بتركيزات عالية لدى البالغين.
بينما اللبتينLeptin ، فهو هرمون يتم إفرازه من الخلايا الدهنية في النسيج الدهني في الجسم، ويُطلق عليه لقب “هرمون الشبع“، فهو يُثبط الشعور بالجوع، ويساعد على تنظيم استهلاك الطاقة في الجسم. وتتناسب كميته في الدم طرديًا مع كمية الدهون في الجسم، فكلما زادت كمية الدهون زادت كمية اللبتين في الدم، والعكس أيضًا صحيح.
وقد لاحظ الباحثون أن خفض تركيز هذه الهرمونات لدى الفئران نتيجة النظام الغذائي المحاكي للصيام، يزيد من قوة العقاقير الهرمونية لعلاج السرطان ويؤخر أي مقاومة لها.
كما أظهرت تجارب أجريت على ست وثلاثين امرأة تناولن علاجا هرمونيا مع اعتماد النظام الغذائي المحاكي للصيام نتائج واعدة لهذا النوع من العلاج. لكن الباحثين يقولون إن الوقت ما زال مبكرا لتحديد ما إذا كان سيتم تأكيد هذه النتائج في التجارب السريرية واسعة النطاق.
ويقول الباحثون إن الدراسة الجديدة تشير إلى أن اتباع نظام غذائي يحاكي الصيام جنبا إلى جنب مع علاج الغدد الصماء لسرطان الثدي لديه القدرة ليس فقط على تقليص الأورام ولكن أيضا لعكس الأورام المقاومة لدى الفئران عن طريق خفض ثلاثة عوامل مختلفة على الأقل هي عامل النمو شبيه الأنسولين1 واللبتين والأنسولين. وهم يعتقدون كذلك أن هذه النتائج تدعم نتائج دراسات سريرية أخرى حول استخدام نظام غذائي يحاكي الصيام لعلاج الغدد الصماء في سرطان الثدي الإيجابي لمستقبلات الهرمونات.
كما ساهم مؤلفو الدراسة المشار إليها في دراسة سريرية حديثة أخرى أجريت على 129 مريضة بسرطان الثدي في جامعة لايدن ونُشرت في شهر يونيو 2020 في مجلة Nature Communications ، أظهرت نتائجها فعالية متزايدة للعلاج الكيميائي لدى المرضى الذين يتلقون مزيجا من العلاج الكيميائي ونظام غذائي يحاكي الصيام.
في التجربتين السريريتين الجديدتين، كان المرضى الذين يعانون من سرطان الثدي الإيجابي لمستقبلات الهرمونات والذين يتلقون العلاج بالإستروجين إلى جانب دورات من نظام غذائي يحاكي الصيام يعانون من تغييرات في التمثيل الغذائي مشابهة لتلك التي لوحظت لدى الفئران. وتضمنت هذه التغييرات انخفاضا في مستويات الأنسولين واللبتين وعامل النمو شبيه الأنسولين-1 IGF1، مع بقاء الهرمونين الأخيرين منخفضين لفترات طويلة. ولاحظ الباحثون أنه ولئن كانت هذه التأثيرات طويلة الأمد ترتبط لدى الفئران بالنشاط المضاد للسرطان على المدى الطويل، فإن هناك حاجة إلى مزيد من الدراسات على البشر.
كما تشير النتائج التي حصل عليها الباحثون أيضا إلى أن النظام الغذائي المحاكي للصيام لدى الفئران يمنع تضخم بطانة الرحم الناجم عن عقار تاموكسيفين، وهي حالة تصبح فيها بطانة الرحم سميكة بشكل غير طبيعي. يعتقد مؤلفو الدراسة أن هذا الاستخدام المحتمل لنظام الصيام يجب أن يتم استكشافه بشكل أكبر، نظرا لانتشار هذا التأثير الجانبي لعقار تاموكسيفين والخيارات المحدودة لمنعه.
تجدر الإشارة إلى أن ما يقرب من 80% من جميع سرطانات الثدي تعبر عن طريق مستقبلات هرمون الاستروجين أو مستقبلات البروجسترون أو كليهما معا. وتعمل أكثر أشكال العلاج الهرموني شيوعا لسرطانات الثدي على منع الهرمونات من الالتصاق بمستقبلات الخلايا السرطانية أو عن طريق تقليل إنتاج الهرمونات في الجسم. وغالبا ما يكون علاج الغدد الصماء فعّالا في هذه الأورام الموجبة للمستقبلات الهرمونية، ولكن كثيرا ما يتم إعاقة الفوائد طويلة المدى بسبب مقاومة العلاج.
ويجري الباحثون حاليا العديد من التجارب السريرية، بما في ذلك واحدة في جامعة جنوب كاليفورنيا على مرضى سرطان الثدي والبروستاتا، للتحقق من آثار الأنظمة الغذائية التي تحاكي الصيام مع أدوية مختلفة لمكافحة السرطان.
ويطلق مؤلفو الدراسة الأخيرة (المنشورة في نيتشر) على العلاج الجديد المقترح اسم "العلاج البديل غير السام" للسرطان، إذ تظهر الدراسات السريرية أن النظام الغذائي الذي يحاكي الصيام لديه القدرة على جعل العلاج القياسي أكثر فعالية ضد أنواع السرطان المختلفة، عن طريق تغيير عامل أو عنصر غذائي مختلف مهم لبقاء الخلايا السرطانية في كل مرة.
المصادر:
البريد الإلكتروني للكاتب: gharbis@gmail.com