لقد بدلت ثورة التكنولوجيا والأرقام المفاهيم جملةً وتفصيلاً في الأعوام الأخيرة، وغدت وسائط التكنولوجيا جزءاً لا يتجزّأ من نشاطنا وفعالياتنا اليومية، ومنها عمليات التعلّم والتعليم التي تحوّلت بقسمٍ كبيراً منها إلى العالم الافتراضي باستخدام الحاسوب والهاتف النقال مع الإنترنت.
واليوم؛ ممارسة الأنشطة عن بعد، عبر الإنترنت ووسائل التواصل الحديثة مثل العمل والتعليم، أصبحت من الأساليب الرئيسية التي اعتمدت عليها معظم الدول في شركاتها ومدارسها وجامعاتها والكثير من مؤسساتها في ظل الأزمات التي يشهدها العالم ككل.
وللتطور الكبير في تقنيات المعلومات ووسائل الاتصال الحديثة دور رئيسي في زيادة كفاءة أشكال التعلم عن بعد، وظهور طرائق جديدة ومبتكرة كبديل عن التعليم التقليدي في الجامعات، وما يتضمنه من الصعوبات والمشاكل التي تواجه عملية التعليم، كضيق الوقت والتحديات الجغرافية، خاصة للطلاب الأجانب.
في ماذا تتركز أهمية التعليم الإلكتروني؟
التعليم عن بعد؛ من أهم المصطلحات التي تعبّر عن التعليم الإلكتروني والذي ينشطر إلى نوعين:
- الأول يدعى التعليم المتزامن، ويكون الاتصال والتفاعل بين المتلقي والمحاضر في الوقت الحقيقي من خلال إقامة دورات تدريبية مباشرة.
- والثاني هو التعليم اللا متزامن، حيث يقوم المحاضر بتوفير المادة الدراسية مسبقاً بواسطة تسجيلات الفيديو أو وسائل أخرى، ويتلقى الطالب المواد الدراسية في وقت لاحق يناسبه.
ويعمل التعليم الإلكتروني على توفير الوقت من خلال تقليل التفاعل بين الطلاب، بالإضافة إلى تقليل التكاليف المتعلقة بالمواد الدراسية كالأوراق وغيرها، وهو متاح لجميع الأفراد من مختلف الفئات العمرية.
ما هي تقنيات التعليم الإلكتروني؟
تعددت وتنوعت الوسائل والتقنيات المستخدمة في عملية التعليم عن بعد (الإلكتروني)، وتحمل هذه التقنيات ما يميزها عن تقنيات التعليم التقليدي بسبب مواكبتها لتكنولوجيا العصر الحديث وأدواته المبتكرة كالتلفزيون في وقت سابق والإنترنت والأقمار الصناعية مؤخراً والتي من شأنها نقل المعلومات وإيصالها بشكل فعال، ونذكر منها:
- وسائل صوتية: وتشمل المواد الصوتية التي تعتمد على حاسة السمع كالتسجيلات ووسائل التخاطب الصوتي.
- وسائل مسموعة ومرئية: وتشمل الأفلام وأشرطة الفيديو، القنوات التلفزيونية لعرض الوسائط التعليمية.
- البث التلفزيوني: ويسهم في تعليم أكبر عدد من الأفراد.
- تقنيات شبكة الإنترنت: وتتميز بتنوعها وانخفاض التكلفة، كالمواقع التي تقدم خدمة متكاملة تشمل المحتوى للتعليم الذاتي، بالإضافة إلى إمكانية التواصل مع زملاء الدراسة، من خلال الموقع أو البريد الإلكتروني.
إيجابيات ومزايا التعليم الإلكتروني
يتميز التعليم الإلكتروني بالفصل المادي ما بين المتعلمين والمعلمين، من خلال استخدام وسائط التكنولوجيا والاتصالات، ويوفر عدد من المزايا للجامعات والطلاب، تبدأ من اختيار الوقت المناسب للدراسة وبالتالي توفير عناء التواجد على الوقت المحدد من قبل الجامعات أو أماكن تلقي المعلومات، انتقالاً إلى ميزة عدم الحاجة لإنشاء مباني جديدة أو تخصيص مباني للدراسة أو السكن التابع لمقرات التعليم كمساكن الطلبة في المدارس والجامعات.
كما أنه يطوّر المهارات الفكرية لدى المُتلقّي، ويتيح إمكانية مشاهدة المحاضرات والمواد إلكترونياً لمرات عديدة، أو بالصيغة النصية في أي وقت يناسب الطالب، دون الحاجة للالتقاء بالأستاذ، بالإضافة إلى توفير المال الناتج عن عدم اضطرار الطلاب للسفر والإقامة بعيداً عن منازلهم من أجل تحصيل العلم.
ومن ناحية أخرى، تضمن بعض مؤسسات التعليم استمراريتها من خلال تبنّي فكرة التعليم عن بعد بشكل مجاني في الوقت الراهن، على الرغم من أن التعليم فيها كان يشتهر بتكلفة معينة قبل وقوع الأزمات التي يمر بها العالم الآن، كانتشار أزمة كورونا التي قوضت جميع النشاطات المباشرة في المرحلة الآنية.
إلا أن مجانية التعليم عن بعد تعتبر من أهم الخطوات التي مارستها تلك المؤسسات حفاظاً على استمراريتها وريادتها والخوف من خسارتها لشعبيتها وجمهورها.
ويسعنا أن نذكر بعض الجامعات التي تقدم عدداً من الدورات المجانية عبر الإنترنت كجامعة هارفرد وأكسفورد، بالإضافة إلى العديد من المراكز التدريبية التي تسعى إلى توفير وسائل مبتكرة وطرق جديدة في مجال التعليم عن بعد بتخصصات متعددة ومتنوعة تضمن الشمولية لكافة مجالات التعلم.
سلبيات التعليم الإلكتروني
يشكل غياب التفاعل المباشر بين الطلاب والمحاضرين رغبةً أقل بالتعلم عبر الإنترنت، مقارنةً مع ما يمكن أن يلمسوه من نتائج إيجابية للتفاعل المباشر والنقاشات مع زملائهم ومعلميهم التي تجري في الصفوف الدراسية. وبما أن المنافسة والنقاشات تغيب خلال الدورات أو الدراسة عن بعد، يجد قسمٌ كبيرٌ من الطلاب أن التعليم عن بعد وسيلة أقل تحفيزاً لهم، مما يجعلهم أشدّ رغبةً بأساليب التعليم التقليدية. ومن المصاعب التي تواجه الطلاب؛ موثوقية الشهادات الممنوحة في التعليم عبر الإنترنت، نظراً لانتشار الجامعات المزيفة والشهادات غير المعترف عليها، مما يؤثر سلباً على فرص الحصول على الوظيفة المرغوبة في المستقبل.
كما يتطلب هذا النوع من التعليم العديد من الوسائل الضرورية التي يعتبر توفيرها صعباً في بعض الدول مثل: الاتصال القوي بالإنترنت، وتوفر جهاز كومبيوتر، والعديد من الوسائل الأخرى التي تعتبر تحدياً في بعض الدول النامية مثلاً.
تطبيقات التعليم الإلكتروني
إنّ نظام التعليم الإلكتروني يعتمد من ناحية التطبيق على تحقق العديد من العوامل الهامة سواء أكانت فنية وتقنية، إدارية، بشرية أو ثقافية. حيث تتداخل هذه العوامل جملةً لتشكل منظومة التعليم الالكتروني، وتعمل بشكل فاعل على تعزيز التعليم في المجتمع، والاستفادة من تقنية المعلومات والاتصال في مجال التربية والتعليم.
ويعدّ التعليم عن بعد استجابةً للتطورات الحاصلة في التقنيات الحديثة، مما دفع العديد من المؤسسات التعليمية إلى بذل الجهود لتبني هذه التقنيات، ومساعدة المتعلم بالحصول على العلوم والمعارف بأحدث الطرق، ومنها: التعلّم المستمر وبالمراسلة والتعلم الذاتي.
خلاصةً: إن تطبيق هذا التعليم يجب أن يتم وفق استراتيجية مدروسة وواضحة، تتكامل فيما بينها بشكل فاعل ودقيق، لدفع المجتمع ليكون مساهماً في التطور والتطوير، وبناء الأساس المعرفي الفعّال في كافة المجالات التي يمكنها أن ترفع من شأن هذا المجتمع.
البريد الالكتروني للكاتب: talal.almasri880@gmail.com