الذكاء الاصطناعي في الرعاية الصحية : الإعتبارات الأخلاقية
الكاتب : محمد معاذ
د. موزة بنت محمد الربان
رئيسة منظمة المجتمع العلمي العربي
01:15 مساءً
21, يوليو 2020
ضمان الجودة والمصداقية فيما ينشر أمر ضروري للنشر في المجلات العلمية، والمقصود طبعاً، جودة الشكل والمضمون. الشكل يعني الالتزام بقواعد الكتابة التي تم التعارف عليها من قِبل المجتمع العلمي عبر السنين والتي هي محور هذه السلسلة، والمضمون تعني جودة العلم والتزام القواعد المتعارف عليها في هذا المجال أيضاً في المجتمع العلمي. وتحاول المجلات العلمية، قدر المستطاع، ضبط هذين الجانبين من الجودة، الشكل والمضمون. وضبط الجودة هذا هو جزء أساسي من عملية النشر العلمي، ويشترك فيه نخبة من الأعضاء المرموقين والذين عادة يتطوعون بجهدهم ووقتهم لهذا العمل المهم لخدمة العلم والمجتمع العلمي. فعندما تصلك ورقة بحثية جيدة وتستفيد من وضوحها وسلاسة تدفق المعلومات فيها والفائدة العلمية التي تجنيها منها، فتأكد أن خلفها فريق كامل من الأشخاص الذين لم ترهم ولكنهم يقدمون لك أفضل ما يستطيعون، فشكراً لهم. من هؤلاء المتميزين، محررو المجلة والمحكمين أو المراجعين. في مقال (كيف تضمن قبول ورقتك للنشر؟) تكلمنا عن دور المحرر، وفي هذا المقال سنحاول بعون الله، التركيز على دور المراجع أو المحكّم.
إذن، فمن أهم أركان العملية التحريرية، المؤلف والمحرر والمراجع، وأدوارهم فيها متكاملة، وكلما التزم المؤلف بالقواعد سهّل مهمة التحكيم والتحرير.
تُعتبر مراجعة الأقران جزءًا مُهِمًّا من عملية النشر في معظم المجلات العلمية، وتعني تقييم الخبراء "النقدي" للمخطوطات المقدمة إلى المجلات. وهي تعطي "ختم الموافقة" من المحررين والأقران لنشر العمل العلمي.
وقد تطورت عملية مراجعة الأقران بشكل ملحوظ منذ ظهورها لأول مرة في القرن الثامن عشر، وما تزال مستمرة في التطور حتى اليوم. ويتطوع المراجعون بوقتهم الثمين بدون وجود فائدة مباشرة لهم سوى الإيثار المتمثل في رد الجميل لمجتمعهم (راجع مقال ما قبل الكتابة).
أهداف مراجعة الأقران
تخدم عملية مراجعة الأقران هدفين أساسيين: (التصفية والنقد). مساعدة المحررين على معرفة المخطوطات التي ينشرونها وأيها يرفضون (التصفية)، وإعطاء المؤلفين المشورة حول كيفية تحسين أوراقهم (النقد).
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يساعد "ختم الموافقة" المؤلفين في حياتهم المهنية عندما يتم نشر أوراقهم البحثية في مجلة تمت مراجعتها من قبل الأقران، لأن هذا يُعدّ اعترافاً من المجتمع العلمي بجودة العمل، بالإضافة إلى الحصول على العديد من الفوائد الأخرى. ولكن كل شيء يتعلق بنشر العلوم يجب أن يركز على القارئ، وكذلك هو الحال مع عملية مراجعة الأقران. حيث إن الهدف هو توصيل الورقة الأفضل للقارئ، وتساعد عملية التصفية والنقد المصاحب لعملية مراجعة النظراء في الحصول على أفضل الأوراق.
إذا علمنا هذا الدور المهم للمراجع في العلم وأدواته، فيحق لكل واحد منا أن يسعى ليكون مراجعاً ومقيّماً للأوراق البحثية، وبمجرد اختيارك لتكون مقيماً لورقة فهذا يعطيك اعترافا بأهليتك وتمكنك، ويجعلك على اطلاع بآخر ما توصل إليه أقرانك في نفس المجال. ولكن، هل تجد نفسك متخوفاً أو قلقاً أنك لا تملك الخبرة الكافية لتكون مقيماً ومراجعا لمخطوطة؟ إذن، إليك بعض النصائح البسيطة لإعداد نفسك لهذه المهمة، وليتعرف عليك محررو المجلات ويرسلون لك الدعوة:
لقد تمت دعوتك لتحكيم ورقة علمية… ماذا عليك أن تفعل؟
بداية، ليس عليك أن تقول نعم لكل شيء…إذا كانت لديك شكوك حول قدرتك على إجراء المراجعة، فمن الأفضل أن تقول لا، منذ البداية بدلاً من الانسحاب لاحقًا. ولمساعدتك في اتخاذ القرار، يمكنك سؤال نفسك ثلاثة أسئلة، إن أجبت عليها جميعاً، بنعم، فتوكل على الله واقبل المراجعة.
يجب عليك مراجعة مخطوطة فقط إذا كانت تتوافق مع مجال خبرتك وتخصصك. حتى إذا كان الموضوع يبدو لك رائعًا، فلا توافق على المراجعة إذا لم يكن لديك الخبرة. وتذكر أنها أمانة في حق المجلة والمجتمع العلمي وشهادة في حق المؤلف. إذا لم تكن متأكدًا من امتلاكك للخبرة المناسبة، أو إذا كنت تعتقد أنه يمكنك تقييم جانباً واحدا من المخطوطة ولكن ليس كلها، فاتصل بالمجلة وأخبرهم بكل وضوح، فكثيرا ما يكون المحكمون متكاملين في تقييماتهم خاصة من الناحية العلمية.
تأكد من أن لديك الوقت الكافي لتقديم المراجعة. إذا كنت تريد القيام بالمراجعة ولكنك تعتقد أنك قد تحتاج إلى وقت إضافي لإنجازها، فأخبر المحرر في أقرب وقت ممكن حتى يتمكن من تنبيه المؤلف أو الاتصال بمراجع آخر إذا لزم الأمر.
قبل الرد على الدعوة، تحقق من قائمة المؤلفين في حالة وجود تعاون سابق أو حالي مع أي مؤلفين، أو أي مصالح أخرى من المحتمل أن تكون متنافسة (وذلك في حال أن أسماء المؤلفين ليست مجهولة للمحكم). يجب عليك رفض الدعوة إذا شعرت أن مراجعتك قد تكون متحيزة بشكل سلبي أو إيجابي بسبب تضارب أو تداخل المصالح. وإذا لم تكن متأكدا مما إذا كان لديك مصلحة منافسة، أو تعتقد أن لديك مصلحة ولكنها لن تضر بموضوعيتك، فتواصل مع المجلة وأخبرهم، فقد ترغب المجلة في مراجعتك على أي حال، اعتمادًا على الموقف.
ومن أمثلة المصالح المتداخلة: المصالح المالية، بمعنى هل يمكن أن تربح أو تتأثر سلبًا بالبحث المقدم؟ والمصالح الشخصية، مثل: هل لديك علاقة شخصية مع المؤلفين؟ أو هل أنت والمؤلفون متنافسون؟، وقد تكون مصالح مهنية، مثل: هل عملت مؤخرًا في نفس المؤسسة أو المنظمة التي يعمل بها المؤلفون؟، هل أنت تتعاون حاليا معهم؟ أو هل نشرت مع المؤلفين خلال السنوات الخمس الماضية؟ أو هل حصلت على منح مشتركة مع المؤلفين؟
الوضوح والشفافية والمصداقية مع النفس ومع الآخرين صفات يجب التحلي بها دائما.
ولكن، سواء قبلت المهمة أو رفضتها، حاول الرد على الدعوة بأسرع ما يمكن. فليس من الإنصاف للمؤلفين إبقاءهم ينتظرون.
في حال رفض دعوة
لا يزال بإمكانك تقديم المساعدة للمجلة حتى لو رفضت دعوة للمراجعة. أخبر المجلة إذا كنت تعرف باحثين آخرين قد يكونون مؤهلين لمراجعة المخطوطة. سيساعد ذلك على استمرار عملية المراجعة بسرعة.
من الجيد أيضًا أن تخبر المجلة عن سبب رفضك للدعوة. على سبيل المثال، إذا رفضت لأنك لا تملك الخبرة المناسبة، فستعرف المجلة الاتصال بمراجع مختلف لأبحاث مماثلة في المستقبل. ولكن إذا رفضت لأنه ليس لديك ما يكفي من الوقت، يمكن للمجلة أن تضعك في الاعتبار لمهمة مماثلة في وقت لاحق.
في حال قبول دعوة
بمجرد قبول الدعوة، استعد للقيام بالمراجعة فوراً، وتأكد مما يلي:
والآن، جاء الوقت لقراءة الورقة بغرض مراجعتها، فكيف تقرؤها؟ وما الذي يجب عليك التركيز عليه فيها؟
لكي تحقق عملية مراجعة النظراء أهدافها، يجب أن تكون المراجعات جيدة. فما الذي يجعلها جيدة؟
المراجعة الجيدة تعلّم المؤلف وتدربه على الكتابة "الجيدة" للعلوم "الجيدة"، وهذا يحسّن أداؤه ليس فقط في هذه الورقة ولكن في جعل كل ورقة لاحقة يكتبها تكون أفضل. كما أنها، أي المراجعة الجيدة تجعل مهمة المحرر أسهل بكثير، وفي هذا ستكون لديك مهمتان رئيسيتان كمراجع:
المحررون قد لا يكونون خبراء في المجال العلمي للورقة، وبالتالي فهم يحتاجون إلى معرفتك العلمية المتخصصة للحكم على ما جاء من ادعاءات المؤلفين وإلى خبرتك الفنية للحكم عليها، وهم لا يحتاجون منك أن تكون محرر لغة ونسخ.
قبل كل شيء يجب أن تكون ملماً بشروط ومعايير النشر في المجلة لتعمل على مراجعة مدى تحقيق المؤلف لها.
الخطوة الأولى عند القراءة هي معرفة ما يحاول المؤلف أن يدعيه. قد يكون من المفيد أن تسأل نفسك هذه الأسئلة:
يجب أن تتوقع أن تقرأ المخطوطة مرتين على الأقل.
(كلمة للمؤلف: هنا تظهر أهمية الكتابة التي تسهل عمل المراجع والمحرر، وبالتالي تساعدهم على قبول وقتك).
دوّن الكثير من الملاحظات أثناء تقدمك في كتابة تقريرك. وإليك بعض النصائح لمساعدتك في تدوين ملاحظات حسب أقسام الورقة:
كما هو معلوم، فإن المقدمة تمهد الطريق وتشرح سبب أهمية الدراسة ووضع البحث في السياق، (راجع مقال الملخص والعنوان ومقال الهيكل والتنظيم).
ضع ملاحظاتك كإجابة عما يلي:
تأكد من أن نص المخطوطة يدعم البيانات الموضحة في الأشكال والجداول، (راجع مقال الأشكال والجداول)
عندما تقوم بتقييم الأساليب المستخدمة في الدراسة، فأنت تتطلع لتحديد ما إذا كان البحث سليمًا من الناحية الفنية. وهنا بعض الأسئلة التي قد تفكر فيها، بناءً على نوع الدراسة:
هل التحليل الإحصائي كاف؟ إذا لم تكن لديك الخبرة اللازمة للنظر في الإحصاءات، فتأكد من ذكر ذلك في تقريرك.
كمراجع، يجب عليك التركيز على جوهر البحث بدلاً من الكتابة. إذا كنت تعتقد أنه يجب تحسين جودة الكتابة، فلا تقضي وقتك في الإشارة إلى الأخطاء المطبعية كلمة كلمة والتفاصيل الثانوية الأخرى. فقط اذكر في تعليقاتك أنك توصي بتحرير اللغة.
إذا كان لديك سبب للاعتقاد بأن المؤلفين قد يكونون قد وقعوا في عملية انتحال أو نشر مكرر، اتصل بالمجلة على الفور. إذا كانت هناك تعليقات سرية على قسم المحرر في تقرير المراجع، أضف مخاوفك هناك. (راجع مقال: الانتحال).
بعد قراءة المخطوطة بعناية وتدوين الملاحظات حول نقاط القوة والضعف بشكل عام، ألق نظرة أخرى على معايير نشر المجلة وإرشادات المراجعين. حدد ما إذا كنت بحاجة إلى النظر إلى أي جزء من المخطوطة مرة أخرى. راجع ملاحظاتك وحدد ما ستوصي به للمجلة.
والآن، جاء وقت كتابة تقريرك وتقديمه للمحرر، فكيف تكتبه؟
خصائص المراجعة الجيدة
لقد ذكرنا في المقالات السابقة خصائص الورقة الجيدة من حيث العلم والكتابة، وبالتالي فإن مراجعة هذه الخصائص في الورقة التي يحكّمها المراجع هي البحث عن هذه الخصائص ومدى التزام المؤلف بها. ويمكن أن توضع هذه الخصائص في قائمة "تحقق" رسمية من قِبل المجلة للمحررين وللمحكمين لتسهيل مهمتهم، رغم أنها غير ضرورية. كما أن قائمة التحقق هذه قد تكون أيضًا قائمة بالأشياء التي يجب على المؤلف مراعاتها قبل إرسال المخطوطة، ومن المفيد دائمًا أن يفكر المؤلف كما لو كان هو القارئ، وسيكون القراء الأوائل هم المحررون والمراجعين.
استخدم مخططًا لتقرير المراجع حتى يسهل على المحررين والمؤلف متابعته. سيساعدك ذلك أيضًا على تنظيم تعليقاتك، ضع أهم المعلومات في الأعلى، تليها التفاصيل والأمثلة في المركز، وأي نقاط إضافية في الأسفل.
بعد قراءة المخطوطة وتقييمها بشكل "نقدي"، يجب على المراجع نقل هذا التقييم إلى محرري المجلة. في جميع الحالات، يجب استخدام لهجة محترمة وبناءة. إن تنسيق المراجعة ليس مهمًا، ولكن يجب أن تحتوي كل مراجعة على معلومات حيوية معينة. وعادة، تتكون من ثلاثة أجزاء:
الجزء الأول: ملخص البحث وانطباعك العام:
يجب أن تحتوي الفقرة الأولى على هذه النقاط الرئيسية الثلاث، (جملة أو جملتين) لكل منها:
إذا وجد المراجع صعوبة في وضع أي من هذه النقاط أو جميعها في جملة أو جملتين، فمن المحتمل أن المخطوطة لم تكتب بشكل جيد، ولم تنقل رسائلها الرئيسية – (علامة حمراء محتملة)، لذلك احرص أيها المؤلف على تفادي ذلك!.
الجزء الثاني: يجب أن تقدم الفقرة الثانية نظرة عامة عن جودة البحث قيد التحكيم. إذا كانت هناك أية عيوب كبيرة في التقدم المنطقي من الطريقة إلى البيانات إلى التحليل إلى الاستنتاجات، اذكرها هنا مع ما يمكن القيام به لإصلاح تلك العيوب. في هذه الفقرة، ركز على القضايا الكبرى (إن وجدت). إذا كان كل شيء جيد، قل ذلك.
يمكنك التحدث هنا عن أكبر المشكلات أولاً والانتقال بشكل منتظم إلى المشكلات الثانوية. قم بترقيم كل عنصر حتى يسهل متابعة نقاطك (سيؤدي ذلك أيضًا إلى تسهيل استجابة المؤلفين لكل نقطة). ارجع إلى الأسطر أو الصفحات أو الأقسام أو أرقام الأشكال والجداول المحددة حتى يعرف المؤلفون (والمحررون) بالضبط عما تتحدث عنه.
من أمثلة المشكلات الثانوية؟
الجزء الثالث: يجب أن يكون القسم الثالث والأخير من المراجعة قائمة بالنقاط المحددة التي يجب على المؤلف معالجتها. يمكن أن تكون هذه النقاط صغيرة أو كبيرة، من تنسيق الرسومات إلى تنظيم الورقة.
التنسيق والتحرير سوف يتم من قبل موظفي المجلة بعد القبول، لذلك لا تقلق بشأن مشاكل اللغة أو التنسيق ما لم يؤثر ذلك على قدرتك على فهم المخطوطة ومراجعتها بشكل صحيح، أو إذا تسببت اللغة غير الصحيحة فيما يقال، للانحراف عن المقصود.
وإذا كان الشيء يعرف بضده، فكيف تبدو المراجعة الرديئة؟
إن المراجعة الرديئة هي التي تسرد شكاوى أو استنتاجات عامة بدون إشارات محددة إلى تفاصيل المخطوطة، وهي بذلك تكون غير مفيدة (على سبيل المثال، كأن تقول: إن العمل ليس جديدًا دون تقديم أي مثال للمنشورات السابقة التي تغطي نفس الموضوع). وأسوأ نوع من المراجعات هو أن يبدي المراجع رأيه ببساطة: قبول (أو رفض). هذا في الأساس لا قيمة له لمحرر.
افعل
حان الوقت لتقديم المراجعة
تأكد من تسليم تقريرك في الوقت المحدد. هل تحتاج إلى تمديد؟ أخبر المجلة حتى يعرفوا ما يمكن توقعه. إذا كنت بحاجة إلى الكثير من الوقت الإضافي، فقد تحتاج المجلة إلى الاتصال بمراجعين آخرين أو إخطار المؤلف بالتأخير.
الأخلاقيات التي يجب أن يتحلى بها المراجع (مسؤولية المحكمين):
تعد مراجعة المخطوطات طريقة رائعة للبقاء على اطلاع بأحدث الأبحاث في مجالك. تذكر فقط أن كل ما يمكنك الوصول إليه كمراجع يحتاج إلى الحفاظ على السرية حتى يتم نشر العمل. قد يكون من المثير أن تقرأ عن اكتشاف أو تطور جديد، ولكن تجنب التحدث إلى أشخاص آخرين حول البحث، ولا تستخدم المعلومات مطلقًا لتحقيق مكاسب شخصية خاصة بك.
في النهاية، يجب أن نقول إن عملية مراجعة النظراء ليست مثالية ولن تكون مثالية أبدًا، كأي جهد بشري. ومع ذلك، تبقى هي الأفضل حتى الآن، للتمييز بين الأوراق التي تنشر أو لتحسين مستواها.
البريد الإلكتروني للكاتب: mmr@arsco.org
الكلمات المفتاحية