أماط علماء من جامعة ليفربول البريطانية اللثام عن روبوت كيميائي متنقل، كان يعمل من دون توقف في مختبرهم الجامعي طوال فترة الإغلاق السابقة نتيجة لوباء كورونا المستجد أو جائحة "كوفيد-19" التي اجتاحت جميع دول العالم.
ويتعلم هذا الباحث، أو العالم الآلي من نتائج أعماله بهدف تحسين تجاربه المستقبلية، ويقول العلماء إنه من المتوقع أن يُسَرع هذا الروبوت الآلي، الذي بلغت تكلفة صناعته 100 ألف جنيه إسترليني، من الاكتشافات العلمية بعدة آلاف من المرات!
أتمتة الباحث
قال د. بنيامين برغر، الذي بنى وبرمج الروبوت: "كان التحدي الأكبر هو جعل النظام قويًا. للعمل بشكل مستقل على مدار عدة أيام، وإجراء آلاف من المعالجات الدقيقة، يجب أن يكون معدل الفشل لكل مهمة منخفضًا جدًا ولكن بمجرد القيام بذلك، يرتكب الروبوت أخطاء أقل بكثير من العامل البشري ".
وأضاف البروفيسور أندرو كوبر من قسم الكيمياء ومصنع ابتكار المواد بالجامعة في ليفربول، الذي قاد المشروع: "كانت استراتيجيتنا هنا هي أتمتة الباحث بدلاً من الأدوات. وهذا يخلق مستوى من المرونة سيغير طريقة العمل والمشكلات التي يمكننا معالجتها. هذه ليست مجرد آلة أخرى في المختبر: إنها عضو جديد في فريق يتمتع بقدرات خارقة، وهي توفر الوقت للباحثين البشريين للتفكير بشكل خلاق."
اكتشف محفزًا جديدًا
العالم الروبوت (الباحث الآلي)، وهو الأول من نوعه، ذكي ومتنقل يمكنه العمل على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، وإجراء التجارب بنفسه. له أبعاد بشرية ويعمل في مختبر قياسي، باستخدام أدوات تشبه إلى حد كبير الباحث البشري. ومع ذلك، على عكس الإنسان، يتمتع هذا الروبوت الذي يبلغ وزنه 400 كجم بصبر لا نهائي، ويمكنه التفكير في 10 أبعاد، ويعمل لمدة 21.5 ساعة كل يوم، ويتوقف مؤقتًا فقط لإعادة شحن بطاريته.
يتخذ العالم الروبوت، قراراته الخاصة بشأن تجارب الكيمياء التي يتعين إجراؤها بعد ذلك، وقد اكتشف بالفعل محفزًا جديدًا.
احتلت صورته غلاف دورية "نيتشر"، ويمكن لهذه التقنية الجديدة معالجة مشاكل الحجم والتعقيد التي تتجاوز إدراكنا حاليًا.
على سبيل المثال، يمكن للروبوتات المستقلة العثور على مواد لإنتاج الطاقة النظيفة أو تركيبات دوائية جديدة من خلال البحث عن مواد كيميائية شاسعة غير مستكشفة.
تم استخدام الروبوتات من قبل في أبحاث الكيمياء، ولكنها عادة ما يتم ربطها بتجربة محددة. هذا الروبوت الذي يبلغ ارتفاعه 1.75 مترًا متحرك يمكنه التجول حول المختبر، وأداء مجموعة واسعة من المهام المختلفة.
يمكن أن يعمل هذا الروبوت مع المعدات المصممة للعمل البشري بسبب أبعاده المثالية، ويستخدم مزيجًا من المسح بالليزر إلى جانب اللمس لتحديد الموقع، بدلاً من نظام الرؤية.
في المثال الأول المنشور في دورية "نيتشر"، يُجري الروبوت 688 تجربة على مدار 8 أيام، ويعمل لمدة 172 من أصل 192 ساعة، ويقوم بإجراء 319 حركة، وكمل 6500 عملية، وقطع مسافة إجمالية تبلغ 2.17 كم.
يقوم الروبوت بشكل مستقل بجميع المهام في التجربة مثل وزن المواد الصلبة، وتوزيع السوائل، وإزالة الهواء من الوعاء، وتشغيل التفاعل الحفاز، وتحديد منتجات التفاعل.
يستخدم دماغ الإنسان الآلي خوارزمية بحث للتنقل في مساحة 10 أبعاد لأكثر من 98 مليون تجربة مرشحة، ويقرر أفضل تجربة للقيام بها بعد ذلك بناءً على نتائج التجارب السابقة. من خلال القيام بذلك، اكتشف الروبوت العالم بشكل مستقل محفزًا أكثر نشاطًا ست مرات، بدون أي توجيه إضافي من فريق البحث.
يعمل الباحث الآلي في الوقت الحالي على إجراء سلسلة من الاختبارات المعنية بالعثور على محفز من شأنه تسريع التفاعل الذي يجري داخل الخلايا الشمسية.
مواجهة وباء كورونا المستجد
وقال بنيامين برغر، أحد مطوري الباحث الآلي: "يمكنه العمل بصورة مستقلة تماماً، ولذلك أستطيع إجراء التجارب بسهولة من المنزل". وقال لهيئة الإذاعة البريطانية: "وصلنا الكثير من الاهتمام بذلك الباحث الآلي من المختبرات الأخرى التي تعمل على أبحاث مكافحة وباء كورونا".
وقال البروفسور آندي كوبر – وهو العالم المختص في المواد والذي وضع الباحث الآلي في العمل داخل المختبر الجامعي – إنه يمكن الاستعانة به في مواجهة وباء كورونا المستجد.
وجاء تقرير حديث صادر عن الجمعية الملكية للكيمياء ليضع استراتيجية بحثية وطنية جديدة لما بعد زوال وباء كورونا المستجد، وذلك بالاستعانة بالروبوتات، وتقنيات الذكاء الصناعي، والحوسبة المتقدمة في جزء من مجموعة من التقنيات التي ينبغي استخدامها والاعتماد عليها بصورة عاجلة من أجل مساعدة العلماء الملتزمين بمعايير التباعد الاجتماعي الحالية في مواصلة البحث عن مختلف الحلول للتحديات العالمية الراهنة والناشئة.
وقال البروفسور آندي كوبر: "سواء كان الأمر يتعلق بوباء كورونا أو بالتغيرات المناخية العالمية، فهناك الكثير من المشاكل التي تحتاج حقاً إلى التعاون الدولي. ولذلك تتمحور رؤيتنا في المرحلة المقبلة على امتلاك العديد من مثل هذه الروبوتات واتصالها ببعضها بعضاً في كافة أنحاء العالم عن طريق خادم مركزي موحد يمكن أن يوضع في أي مكان. ونحن لم نتمكن من تنفيذ ذلك حتى الآن – ولكنه مثال أولي يعبر عما نود القيام به في المستقبل".
- يُظهر الفيديو تجربة قيد التنفيذ، كما تم تسجيلها من منظور الروبوت المحمول
- عالم روبوت متنقل يحمل مجموعة من العينات التجريبية (جامعة ليفربول)
البريد الإلكتروني للكاتب: tarekkapiel@hotmail.com