يمكن أن تعمل الـ "ليبتويد"، التي تتجمع ذاتيًا مع الأحماض النووية "دي إن إيه DNA" و "آر إن إيه RNA "، كنظم توصيل خلوي للعلاجات المضادة للفيروسات التي تمنع "كوفيد-19" وعدوى الفيروسات التاجية الأخرى. والـ "ليبتويد" (Lipitoids) هو نوع من تقليد الببتيد الاصطناعي المعروف باسم "البيبتويد" الذي اكتشف لأول مرة قبل 20 عامًا بواسطة رون زوكيرمان، واستعملت في البداية كدهون كاتيونية للتسليم الخلوي للبلازميد.
يعمل فريق من العلماء من جامعة ستانفورد مع الباحثين في مصهر (مسبك) الجزيئات، وهو مرفق لمستخدمي علم النانو يقع في مختبر لورانس بيركلي الوطني التابع لوزارة الطاقة (مختبر بيركلي)، لتطوير عامل مضاد للفيروسات يستهدف جينات الفيروسات المسببة لمرض "كوفيد-19". في العام الماضي، بدأ ستانلي تشي، الأستاذ المساعد في أقسام الهندسة الحيوية وعلم الأحياء الكيميائية والنظم في جامعة ستانفورد وفريقه العمل على تقنية تسمى "باك-مان" (PAC-MAN) أو المضادات الوقائية للفيروسات في الخلايا البشرية – تستخدم الجين- وأداة تحرير "كريسبر" لمكافحة الأنفلونزا.
لكن كل هذا تغير في يناير الماضي، عندما ظهرت أنباء عن جائحة "كوفيد-19" واجه تشي وفريقه فجأة فيروسًا جديدًا غامضًا لم يكن هناك أي علاج واضح له. وقال تشي: "لذا فكرنا لماذا لا نحاول استخدام تقنية "باك-مان" لمكافحتها؟"
نظام "باك-مان"
منذ أواخر مارس، تعاون تشي وفريقه مع مجموعة بقيادة مايكل كونولي، وهو مساعد هندسي علمي رئيسي في مرفق البنية النانوية البيولوجية في مصهر الجزيئات في مختبر بيركلي، لتطوير نظام يسلم "باك-مان" إلى خلايا المريض.
مثل جميع أنظمة "كريسبر"، يتألف نظام "باك-مان" من إنزيم – في هذه الحالة، إنزيم قاتل للفيروسات يدعي "كاس13" (Cas13) وخيط من حمض نووي ريبي يعمل كدليل جزيئي، ويمكنه إصدار الأوامر لإنزيم "كاس13" لتدمير تسلسلات معينة من النيوكليوتيدات في جينوم الفيروس التاجي. من خلال تشفير الشفرة الوراثية للفيروس، يمكن لـ "باك-مان" تحييد الفيروس التاجي ومنعه من التكاثر داخل الخلايا.
العبرة بالتسليم
قال تشي إن: "التحدي الرئيسي الذي يواجه ترجمة "باك-مان" من أداة جزيئية إلى علاج مضاد لـ "كوفيد-19" هو إيجاد طريقة فعالة لإيصاله إلى خلايا الرئة."
فعندما يغزو فيروس "سارس-كوف-2"، وهو الفيروس التاجي الذي يسبب مرض كورونا المستجد المعروف باسم "كوفيد-19"، الرئتين، يمكن أن تلتهب الأكياس الهوائية في الشخص المصاب وتمتلئ بالسوائل، مما ينتزع قدرة المريض على التنفس.
وأستطرد: "لكن مختبري لا يعمل على طرق التسليم هذه". لذا في 14 مارس الماضي، نشروا طبعة أولية من ورقتهم البحثية، وحتى غردوا على تويتر، على أمل جذب انتباه متعاون محتمل لديه خبرة في تقنيات التوصيل الخلوي. بعد فترة وجيزة، علموا بعمل كونولي على الجزيئات الاصطناعية التي تسمى "ليبتويد" في مصهر الجزيئات في مختبر بيركلي.
كنز جزيئي
في العقود التي عمل خلالها كونولي وزوكيرمان على تطوير جزيئات توصيل "البيبتويد"، وبالتعاون مع مستخدمي مصهر الجزيئات، أظهروا فعاليتها في توصيل الحمض النووي "دي إن إيه" والحمض النووي الريبي "آر إن إيه" إلى مجموعة واسعة من خطوط الخلايا. ومؤخرا، أظهر الباحثون الذين يدرسون "البيبتويد" أن التطبيقات العلاجية المحتملة لهذه المواد غير سامة للجسم ويمكن أن تنقل النيوكليوتيدات عن طريق تغليفها في جزيئات نانوية صغيرة بعرض واحد من مليار من المتر فقط، أي تقريبا بحجم الفيروس التاجي.
يأمل تشي الآن في إضافة علاج "كوفيد-19" القائم على تقنية "كريسبر" إلى الجسم المتنامي للمصهر الجزيئي لأنظمة توصيل الـ "البيبتويد".
في أواخر أبريل، قام باحثو ستانفورد باختبار نوع من الدهون – "ليبيتويد 1" – يتجمع ذاتيًا مع الأحماض النووية "دي إن إيه" و "آر إن إيه" في ناقلات "باك-مان" في عينة من خلايا الرئة الظهارية البشرية. وفقا لتشي، كانت الـ "ليبتويد" فعالة للغاية في الدم. وعندما تم تعبئتها باستخدام نظام "باك-مان" الذي يستهدف الفيروسات التاجية، قلل النظام كمية فيروسات "سارس-كوف-2" الاصطناعية في المحلول بأكثر من 90%. وقال: "لقد وفر لنا مصهر الجزيئات في مختبر بيركلي كنزًا جزيئيًا غيّر أبحاثنا".
آفاق مستقبلية
يخطط الفريق بعد ذلك لاختبار نظام "باك-مان"/ "ليبتويد" في نموذج حيواني حي ضد فيروسات "سارس-كوف-2" وسينضم إليهم متعاونون من جامعة نيويورك ومعهد كارولينسكا في ستوكهولم بالسويد.
إذا نجحوا، فإنهم يأملون في مواصلة العمل مع كونولي وفريقه لمواصلة تطوير علاجات "باك-مان"/"ليبتويد" ضد فيروسات "سارس-كوف-2" وغيرها من الفيروسات التاجية، واستكشاف توسيع نطاق تجاربهم للاختبارات قبل السريرية.
وقال كونولي: "إن توصيل الـ"ليبتويد" الفعالة، إلى جانب استهداف "كريسبر"، يمكن أن يتيح استراتيجية قوية للغاية لمحاربة الأمراض الفيروسية ليس فقط ضد مرض "كوفيد-19"، ولكن ربما ضد السلالات الفيروسية الجديدة ذات القدرة الوبائية".
وأضاف تشي، الذي تمت مراجعة ونشر بحثه في مجلة "سيل": "كان الجميع يعمل على مدار الساعة في محاولة للتوصل إلى حلول جديدة".. وأستطرد: "من المفيد للغاية الجمع بين الخبرة واختبار الأفكار الجديدة عبر المؤسسات في هذه الأوقات الصعبة."
المصادر:
البريد الالكتروني للكاتب: tkapiel@sci.cu.edu.e