مرت قبل عدة أيام ذكرى مرور خمسة وسبعين عاما على انتهاء الحرب العالمية الثانية. وبسبب تفشي وباء كورونا لم يصحب هذه الذكرى احتفالات جماهرية حاشدة في الدول الغربية، بينما في محيطنا العربي مر الحدث بتجاهل كبير. البعض قد يقول إن تلك الحرب الملعونة لا ناقة لنا فيها ولا جمل فلماذا نهتم بها، بينما البعض قد يتعمد نسيان تلك الحرب لأن الانطباع العام عند الأوروبيين أن العرب كانوا مناصرين للنازية pro-Nazi بدليل الصور المشهورة لمفتي القدس الشيخ أمين الحسيني مع هتلر وقائد الجيستابو النازي هيملر ولقاء ودعم رئيس الوزراء العراقي رشيد الكيلاني لهتلر. وفي المقابل يقول البعض أنه يحق للعرب الاحتفال بيوم النصر في أوروبا (V-E Day) لأن بعض الدراسات التاريخية تقدر عدد الجنود العرب (أغلبهم من دول المغرب العربي) الذي قتلوا في معارك تحرير أوروبا (وخصوصا فرنسا) قد يصل إلى أربعين ألف شخص بينما عدد الجنود العرب الذين تم أسرهم من قبل الألمان قد يقارب التسعين ألف أسير. وبسبب هذه الربكة في موقفنا كعرب من الحرب العالمية الثانية فضلت أن أترك عالم التاريخ المحير إلى دنيا العلم الأكثر أريحية ووضوحا.
في عام 2014 كتبت مقالاً حمل عنوان (الحرب العالمية الأولى .. حرب الكيميائيين) تم تسليط الضوء فيه على الاهتمام الدولي بمناسبة مرور مائة سنة على اندلاع الحرب الكونية الأولى والتي عرفت بلقب (حرب الكيميائيين) وقد تمت مناقشة هذا الموضوع التاريخي والسياسي من جهة النظر الكيميائية البحتة. ولسبب لا يخفى على اللبيب، ربما ليس من الحكمة الانتظار لحوالي عشرين سنة (فالأعمار بيد الله) لتتاح الفرصة الملائمة لأحدنا أن يكتب مقال بمناسبة مرور مائة سنة على اندلاع أحداث الحرب العالمية الثانية لكي يفسر في هذا المقال المنتظر لماذا بعض المصادر التاريخية تصف ذلك الحدث السياسي الجلل (بحرب الفيزيائيين).
لا شك أن نشوب الحرب العالمية الثانية هي إحدى اللحظات السياسية الحاسمة في التاريخ البشري المعاصر، ومع ذلك، ربما لولا الجانب والبعد العلمي لهذه الحرب لما كان لها هذا الزخم التاريخي. ودلالة على ذلك، يقول عالم الفيزياء البريطاني الشهير ستيفن هوكنغ: إن العالم تغير في القرن الأخير كما لم يحصل في أي قرن آخر وذلك ليس بسبب السياسة أو الاقتصاد ولكن بسبب التكنولوجيا. وبالاستعارة مما تم ذكره في المقال السابق بأن تسمية الحرب العالمية الأولى بحرب الكيميائيين لا يفسرها فقط أنه تم في تلك الحرب استخدام الأسلحة الكيميائية من الغازات السامة لأول مره، فعلى نفس النسق نجد ارتباط الحرب العالمية الثانية بالفيزياء أعمق وأوثق من مجرد واقعة أنه في تلك الحرب الشنيعة تم استخدام القنابل الذرية لأول مرة. في الواقع لا يمكن إغفال الأثر الحاسم لمخترعات (فيزيائية) أخرى ظهرت خلال الحرب العالمية الثانية مثل أجهزة الرادار لرصد الطائرات أو أجهزة السونار للكشف عن الغواصات أو تطوير المحركات النفاثة للطائرات الحربية وما تبع ذلك من ظهور الصواريخ كسلاح حربي مريع وكذلك تطوير أجهزة الاتصالات والالكترونيات بل إن اختراع أجهزة التشفير وفك الشفرة (آلة إنجما) يعتمد على علم الفيزياء اعتماده على علم الرياضيات.
مع الرعيل الأول للقنبلة الذرية
نقطة جديرة بالملاحظة أنه من أبرز مظاهر العلم المعاصر ظاهرة العلوم الكبيرة big science والتي يقصد بها أنشطة بحثية في مجالات علمية محددة تحتاج تظافر جهود عدد كبير من العلماء المتعاونين كفريق بحث مترابط يتمتع بميزانية مالية ضخمة. ويبدو أن انطلاق هذا النوع من (العلوم الكبيرة) تم خلال سنوات الحرب العالمية الثانية وهو ما أثمر ترسانة التقنيات الحربية السابقة الذكر والتي حققت إلى حد ما، ما تنبأ به اينشتاين عندما قال (إن القليل من العلم مضر .. والكثير منه أيضا !!!). ولا أدل على خطورة (الكثير من العلم) من اختراع القنبلة الذرية والتي كان اختراعها بلا ريب (أم العلوم الكبيرة) فالجميع يعرف أن انتاج القنبلة الذرية كان نتاج لمشروع مانهاتن الشهير والذي ترجح بعض المصادر العلمية والتاريخية أنه اشترك فيه أكثر من أربعة آلاف عالم من مختلف الجنسيات والتخصصات العلمية. وبما أن الحكمة الشهيرة تنص على (أن للنصر ألف أب) وبحكم أن الفيزيائي الأمريكي المعروف روبرت أوبنهايمر تخلده كتب التاريخ بلقب (أبو القنبلة الذرية) بسبب قيادته لذلك الجيش من العلماء، ولكن التاريخ يسجل أيضا أن عدد كبير من (آباء القنبلة الذرية) كانوا من مشاهير العلماء حيث تشير السجلات إلى أن حوالي عشرين عالما من الباحثين البارزين الحاصلين على جوائز نوبل سواء في الفيزياء أو الكيمياء قد اشتركوا في مشروع مانهاتن لصناعة القنبلة الذرية. ومن أبرزهم ألبرت أينشتاين ونيلز بوهر وأنريكو فيرمي وريتشارد فاينمان والسير جيمس تشادوك مكتشف النيوترون وإرنست لورنس مخترع معجل السيكلوترون وآرثر كومبتون. وإذا صح القول إن هنالك أب للقنبلة الذرية فبشيء من التجوز يمكن اعتبار عالمة الفيزياء الأمريكية والألمانية الأصل ماريا مايرز هي (أم القنبلة الذرية) بحكم كونها المرأة الوحيدة التي عملت في مشروع مانهاتن وفي نفس الوقت حصلت على جائزة نوبل في الفيزياء.
من الثابت تاريخياً أنه أثناء سنوات الحرب العالمية الثانية وُجد تنافس عسكري تمثل في سباق تسلح بين دول الحلفاء ودول المحور (ممثلة بألمانيا النازية) لمن يسبق في إنجاز تصنيع أول قنبلة ذرية. ولهذا نجد أن عالم الفيزياء الألماني المعروف فيرنر هايزنبرغ صاحب مبدأ عدم اليقين في علم ميكانيكا الكم والحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1932م كان قد كلفه هتلر بترأس مشروع إنتاج القنبلة الذرية للنظام النازي. وبحكم أن الحروب غالباً ما تكون قذرة ولا أخلاق لمسعريها، لذا كان قادة دول الحلفاء على استعداد تام لمحاولة اغتيال هايزنبرغ في حال تأكدوا أن مشروع القنبلة النازية يمكن أن يكلل بالنجاح. ففي عام 1944م قامت وكالة الخدمات الاستراتيجية agency OSS (وهي المنظمة السابقة لجهاز الاستخبارات الأمريكية CIA) بإرسال عميل سري ليشهد محاضرة لهايزنبرغ في مدينة زيورخ وطلب من هذا العميل أنه في حال استنتج من المعلومات التي سوف يطرحها هايزنبرغ في تلك المحاضرة بأن المشروع الألماني لصنع القنبلة الذرية يحقق تقدم ملموساً فعليه أن يقوم بإطلاق النار على هايزنبرغ فورا. ولقد ظل هذا العميل طوال المحاضرة وهو يضع يده على مسدسه المخفي وكما هو متوقع فإن هايزنبرغ ما كان ليفضي بأي معلومات حساسة في مثل تلك المحاضرة العامة، ولهذا نجى من الاغتيال ولكنه لن ينجو لاحقا من الاعتقال والسجن. حيث أنه في نهاية الحرب العالمية الثانية وبعد انهزام الألمان قامت قوات الحلفاء باعتقال هايزنبرج وفريقه العلمي المتعاون معه في مشروع القنبلة الذرية النازية وتم سجنهم في بريطانيا لمدة ستة أشهر.
وختاماً، وقبل أن نغلق سيرة القنابل الذرية البغيضة تجدر الإشارة إلى أن عددا من أبرز العلماء الذين شاركوا في تصنيع أول قنبلة ذرية أعربوا بشكل واضح عن أسفهم في المشاركة في هذه الخطيئة الإنسانية المفجعة. فمثلا يُقال ان اينشتاين علق بعد سماعه بأخبار إلقاء القنبلة الذرية الأولى على هيروشيما (لو كنت أعلم أنهم كانوا سيعملون هذا لكنت عملت صانع أحذية). كما أنه أصبح بعد الحرب العالمية الثانية من أبرز المؤيدين لتقليص التسلح النووي. وهذا ما حصل بالضبط مع الفيزيائي الدنماركي المعروف نيلز بور (صاحب النموذج الشهير لتركيب الذرة والحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1922م) والذي كان منذ البداية من فئة العلماء الذين عارضوا الإسقاط الحقيقي للقنبلة الذرية على المدن البشرية حيث كانت رغبتهم فقط استخدامها للردع والتخويف. وكاستمرار لنهجه وأفكاره السلمية قام نيلز بور عام 1950م بكتابة خطاب مفتوح شهير موجه للأمم المتحدة يدعو فيه لنشر أفكار السلام والتخفيف من أخطار السلاح الذري، كما أنه قام بتنظيم أول مؤتمر "الذرات من أجل السلام Atoms for Peace Conference" المقام في جنيف عام 1955م وقد كان نيلز بور أول عالم يحصل على جائزة الذرات من أجل السلام وذلك عام 1957 ميلادي.
ومن (آباء القنبلة الذرية) الذين تنكروا لاحقا لأبوتها نجد العالم الألماني الأصل هانس بيته الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1967م والذي نادى وناضل لعدة عقود من السنوات لحظر التجارب النووية كما عارض بشدة انتاج القنبلة الهيدروجينية الأشد خطورة وتدميرا. بينما نجد العالم البريطاني جيمس تشادويك مكتشف النيوترون والحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1935م والذي بالرغم من دوره المهم في مشروع مانهاتن إلا أنه يذكر عن نفسه أنه بعد الحرب وإلقاء القنبلة المشؤومة على رؤوس الأبرياء المدنيين أصبح يعتمد طوال حياته الباقية على استخدام الحبوب المنومة للحصول على الراحة النفسية في النوم. وبالرغم من أن عالم الفيزياء الأمريكي ريتشارد فاينمان الحاصل على جائزة نوبل عام 1965م يعد أحد أبرز علماء الفيزياء على الإطلاق في النصف الثاني من القرن العشرين وأكثرهم تأثيرا في جذب أجيال من آلاف الشباب لدراسة العلم إلا أنه يصف نفسه بأنه (بعد إلقاء القنابل الذرية على المدن اليابانية) ظل لعدة سنوات بعد الحرب وهو فاقد الإحساس بالمتعة في تعليم الفيزياء.
خطوط الدفاع الفيزيائية .. جوا وبحرا
الاختراع العلمي الآخر ذو الأهمية العسكرية الذي تم تحسينه كثيراً خلال سنوات الحرب العالمية الثانية وتطلب انتاجه (جيش) من أبرز علماء الفيزياء، هو جهاز الرادار لرصد واكتشاف الطائرات المقاتلة المعادية، علماً بأن جهاز الرادار قد شهد نماذج بدائية منه قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية. وعلى نسق (أبو القنبلة الذرية) نجد أن البعض يصف الفيزيائي والمخترع البريطاني روبرت واطسون وات بأنه (أبو الرادار) ولمكانته العلمية بإنجاز هذا الاختراع لا غرابة أن نجد الملك البريطاني جورج السادس يكرمه عام 1942م بمنحة رتبة سير sir وذلك لدوره في تطوير هذا الاختراع الرئيسي في صمود الأمة الانجليزية من الوقوع تحت الاحتلال الألماني بسبب فداحة قصف الطائرات الألمانية المعادية، وربما يكون هذا الاختراع من الأسباب الرئيسية لفوز الحلفاء بالحرب. اللافت في الأمر أن عدد من أبرز علماء الفيزياء شاركوا بشكل أو بآخر في الأبحاث الهادفة لتحسين أداء منظومة أجهزة الرادار وكان سبعة منهم على الأقل من العلماء الحاصلين على جوائز نوبل. فمن أشهر هؤلاء العلماء يمكن ذكر اسم العالم الفيزيائي الأمريكي تشارلز تاونز الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1964م والذي خلده التاريخ باختراعه لجهاز الليزر. وكذلك الفيزيائي الأمريكي وليم شاوكلي الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1956م والشهير باختراعه للترانزستور ومطلق الثورة العلمية المتعلقة باختراع الدوائر المتكاملة والتي هي حجر الزاوية في صناعة الكومبيوتر.
وعلى ذكر اختراع الترانزستور، من المعروف أن الفيزيائي الأمريكي جون باردن قد اشترك مع شاوكلي في اختراع الترانزستور وكذلك في الحصول على جائزة نوبل لعام 1956م (هو في الواقع وحتى الآن عالم الفيزياء الوحيد في التاريخ الذي حصل على جائزة نوبل في الفيزياء مرتين حيث كانت الثانية عام 1972م) ومع ذلك نجد أن باردن وإن لم يساهم في تطوير أجهزة الرادار نفسها إلا أن له إسهام علمي من نوع آخر، حيث نجده في سنوات الحرب العالمية الثانية يخدم في المختبرات العسكرية الخاصة بسلاح البحرية الأمريكية. ومن علماء الفيزياء الحاصلين على جوائز نوبل والمشتركين في تطوير أبحاث الرادار يمكن أن نذكر الفيزيائي الأمريكي لويس ألفاريز الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1968م والذي كان له اسهام علمي سواء في التجارب على استخدام وتطوير الرادار أو حتى المشاركة في مشروع منهاتن لتصنيع القنبلة الذرية. وأما أحد أشهر وأهم علماء الفيزياء النظرية في القرن العشرين الذين قاموا بتقديم الدعم النظري لمشروع الرادار فقد كان عالم الفيزياء الأمريكي جوليان شيفنجر الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1965م.
والغريب في الأمر حقاً، أن تطوير وتحسين منظومة أجهزة الرادار لم تكن قاصرة فقط على محترفي مهنة الفيزياء، فهذا العالم البريطاني فرانسيس كريك الحاصل على جائزة نوبل في الطب لعام 1962م لاكتشافه تركيب الحمض النووي DNA كان له في أوائل شبابه ميول وخبرة فيزيائية عالية أهلته للمشاركة في أثناء سنوات الحرب في أبحاث تطوير الرادار. كما ساهمت خبرة ومهارات فرانسيس كريك الفيزيائية في أثناء الحرب العالمية الثانية في تطوير كاشفات مغناطيسة للكشف عن الألغام الحربية. والأمر الأكثر غرابة في قصة تطوير الرادار من قبل علماء غير مختصين في علم الفيزياء أو الهندسة نجد أن العالم الانجليزي النيوزيلندي الأصل موريس ولكينس ليس فقط اشترك مع فرانسيس كريك في اكتشاف تركيب الـ DNA والحصول على جائزة نوبل في الطب عام 1962م لكن نجده هو الآخر في بدايات سنوات الحرب العالمية الثانية يستخدم خبرته الفيزيائية في تطوير وتحسين شاشات أنابيب الأشعة المهبطية والتي كانت تستخدم في صناعة منظومة أجهزة الرادار.
وبالانتقال من خطوط الدفاع الفيزيائية الجوية إلى الجبهات البحرية نجد أن من الاختراعات العلمية البارزة التي ساهمت في حسم مجريات الحرب العالمية الثانية والتي لا يحسن أن نختم هذا المقال دون التعريج عليها، أجهزة الكشف عن الغواصات التي اشترك في تطويرها أثناء سنوات الحرب العالمية الثانية العالم الأمريكي إدوين ماكميلان الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء لعام 1951م والذي قام بتوظيف خبرته الفيزيائية في تحسين أداء أجهزة السونار التي تستخدم الموجات فوق الصوتية للكشف عن الغواصات الحربية. بينما نجد أن الفيزيائي الأمريكي وليم شاوكلي (مخترع الترانزستور سالف الذكر) عمل أثناء الحرب الثانية كمدير لأبحاث الحرب المضادة للغواصات في البحرية الأمريكية. وبمناسبة الحديث عن جهود كبار علماء الفيزياء في تحسين أجهزة السونار لرصد وكشف الغواصات، لعله من الملائم أن نشير أن جذور توظيف تطبيقات علم الفيزياء في الكشف عن غواصات العدو تعود لسنوات الحرب العالمية الأولى. فمثلاً عالم الفيزياء الشهير أرنست رذرفورد الملقب بأبو الفيزياء النووية (يا كثر آباء العلوم والاختراعات في هذا المقال !!!) والحاصل على جائزة نوبل لعام 1908م نجده أثناء الحرب العالمية الأولى يقطع أبحاثه التاريخية في الفيزياء النووية ويركز بحثه على تطوير طريقة لرصد الغواصات بالموجات الصوتية. وهذا ما حصل بالضبط مع العالم الفيزيائي الانجليزي البارز لورنس براغ الذي نجده في نفس السنة التي حصل فيها على جائزة نوبل في الفيزياء أي سنة 1915م يتفرغ هو الآخر لتطوير وتحسين الطرق العلمية المستخدمة للكشف عن الغواصات، وهو أمر بالغ الأهمية عشية اندلاع الحرب العالمية الاولى.
وفي الختام نود أن نذكر بالحقيقة التاريخية المعلومة أنه في حال الحروب والأزمات الكبرى نجد أن العديد من الدول والحكومات تستدعي الرجال والشبان من مواطنيها لأداء الخدمة العسكرية الالزامية وأحيانا تكون خدمة الشباب في الجيش في المجال الذي لديهم خبرة فيه، فبعضهم قد يخدم حسب خبرته في الخدمات الطبية أو الهندسية أو القتالية. وعليه لا عجب أن نعرف أن بعض الشباب ذوي الخبرة والمهارة العلمية يتم تجنيدهم فيما يلائمهم وهذا ما حصل مع مهندس الالكترونيات الأمريكي جاك كيلبي الحاصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 2000م نظير دوره التاريخي في اختراع الدوائر المتكاملة (وهي أهم اختراع ساهم في تطوير الكومبيوتر بعد الترانزستور) نجده في أوائل شبابه يخدم كفني الكترونيات في الجيش الأمريكي أثناء الحرب العالمية الثانية.
وفي الواقع حملة الاستفادة من خبرات ومهارات رجال العلم لم تتوقف كما هو متوقع عند الشباب من العلماء فمثلا، هذا المخترع والفيزيائي الروسي الأصل فلاديمير زوريكن أحد مخترعي جهاز التلفزيون (يوصف أحيانا بأبو التلفزيون الحديث) والذي شارك كذلك في اختراع المجهر الالكتروني، نجده بعد عقود من هجرته للولايات المتحدة الأمريكية يحصل على جنسيتها ثم لاحقا خلال سنوات الحرب العالمية الثانية يشارك بسبب خبرته العالية في الالكترونيات في العديد من اللجان والأبحاث المتخصصة بتطوير الأسلحة والصواريخ للجيش الأمريكي.
- المقال بصيغة PDF أعلى الصفحة
البريد الالكتروني للكاتب: ahalgamdy@gmail.com