وباء كورونا وما يحصل اليوم في العالم أمر عظيم يستحق التأمل وإعادة النظر في كثير من الأمور، وعلى كل المستويات والمواضيع. لقد انكشف الزيف والخلل في الموازين، والعاقل من يصحح الخطأ والأحمق من يستمر في غيّه.
الوباء موجود اليوم، ولكنه سينتهي يوماً ما، وستعود الحياة أجمل، بإذن الله ورحمته. ولكن من المؤكد أيضاً أن العالم بعد كورونا لن يكون هو العالم قبلها. ويجب أن نفكر منذ الآن كيف نكون أفضل مما كنا عليه، وكيف نقوي مناعتنا لمقاومة أي كارثة أخرى ومن أي نوع كانت قد تأتي مستقبلاً. يجب أن نعي دروس كورونا جيداً.
كثيراً ما نسمع هذه الأيام عن أهمية الكادر الطبي والعلماء والباحثين في كل التخصصات لمواجهة وباء كورونا والبحث عن علاج له، والكل يريد رأيهم ومشورتهم. كيف ينتقل الفيروس؟ ماذا يجب علينا أن نفعل؟ كيف نحمي أنفسنا منه؟ متى وأين سيوجد العلاج؟ متى وأين سيوجد اللقاح؟ حياتنا بكل تفاصيلها، الاقتصاد والحياة الاجتماعية، كل شيء وفي كل شيء نحن نحتاج إليهم بعد الله جل وعلا سبحانه… لقد بدأنا نشعر بأهمية المجتمع العلمي من أجل حياة وبقاء الإنسان والدول والعالم.
وكما يقول الشاعر العربي:
سيذكرني قومي إذا جدّ جدّهم وفي الليلةِ الظلماء يُفتقد البدرُ
كما بدأ الكثير يتساءل عن دور الباحثين والعلماء العرب، وعن دور المؤسسات العلمية والجامعات العربية في سباق البحث العالمي عن علاج ولقاح.
مما لا يمكن إنكاره، وجود الكثير من الباحثين والعلماء العرب في شتى أصقاع الأرض يقومون بعمل رائع ومميز في تلك الديار وضمن مراكز بحوث وجامعات دول أجنبية، شرقاً وغرباً، ولكننا نسأل عن جامعاتنا ومراكزنا داخل وطننا العربي الكبير. أين هم؟
أين المجتمع العلمي العربي؟
المجتمع العلمي العربي، الذي من أجله أنشأت هذه المنظمة قبل عشر سنوات وهي تحمل اسمه. وكانت رؤيتها منذ ذلك الحين، وما زالت: " إيجاد مجتمع علمي عربي مكوّن تكويناً جيداً يؤهله لحل المشاكل والأزمات".
مجتمع يمتلك المعرفة ويكون قادراً على تحصيل العلوم والتقنية وتطبيقها وانتاجها وتطويرها. أي أننا نسعى لتوطين العلم في وطننا العربي وليس استعارة واستهلاك مظاهره.
ولكن يجب أن يكون واضحاً أيضاً، أنه لا يمكن توطين العلم ونعني به القدرة الفعلية على تحصيل العلوم والتقنية وتطبيقها وانتاجها وتطويرها، إلا إذا تبنت الحكومة والقطاع الخاص سياسة الاعتماد على الذات، والإنتاج بكل صوره. أي لا بد من قرار وتشجيع من السلطة السياسية والالتزام الإرادي للنخب السياسية والاقتصادية والعلمية.
لقد تبين بما لا يدع مجالاً للشك، أن الاعتماد على الذات ضرورة، وأنه عند الأزمات هناك أولويات لكل دولة لن تفرط بها من أجل غيرها مهما دُفع لها من مال. وأن أمن الأوطان والدول أكبر وأشمل من الأمن المتعارف عليه اليوم في كثير من الدول العربية.
فهل ننتظر من السلطة السياسية في الدول العربية تغيير نظرتها واستراتيجيتها وسياستها حول دور العلم والعلماء والمجتمع العلمي في الدولة وأمنها واقتصادها ومستقبلها؟
وهل ننتظر أن يتحول اقتصادنا من الاستهلاك إلى الإنتاج، وأن يكون للعلم والبحث العلمي دوراً فيه؟
وهل ننتظر أن يسعى المجتمع العلمي العربي بمؤسساته العلمية وأفراده إلى توطين العلم فيه بدل التبعية لغيره؟
وهل ستقتنع المؤسسات العلمية العربية بأهمية وضرورة التعاون والتكامل العربي- العربي بينها؟
أرجو ذلك.
كما أرجو أن تشاركوننا آرائكم العلمية الجادة من خلال الكتابة في التعليقات أسفل هذا المقال، لنتدارسها سوياً من على منبر منظمتكم، "منظمة المجتمع العلمي العربي".
للمزيد:
البريد الالكتروني للكاتب: mmr@arsco.org