مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

أهمية المشاركة المجتمعية في مكافحة الأوبئة

الكاتب

الكاتب : أ.د. عبدالرؤوف علي المناعمة

دكتوراه في الأحياء الدقيقة /الجامعة الإسلامية بغزة

الوقت

01:59 صباحًا

تاريخ النشر

06, أبريل 2020

أظهر وباء فيروس كورونا المستجد (SARS-CoV 2) المسبب لمرض كوفيد-19  (COVID-19)مدى هشاشة الأنظمة الصحية التي أسقطت من حساباتها الأمراض المعدية بشكل عام والأوبئة بشكل خاص. ربما أو حتى من المؤكد أن العالم بأسره لم يشهد في تاريخه حالة الارتباك التي نراها اليوم، حتى في أزمنة أوبئة كانت أخطر وأشد فتكاً من هذا الوباء. لم يكن الأمر صدمة فجائية إلا في الصين، الدولة التي نشأ منها وانتشر فيها الوباء في البداية. بينما باقي الدول كان لديها وقتاً كافياً للاستعداد ولكن هذا الوقت لم يُستغل بشكل جيد أو بشكل كاف.

وبدأ الحديث عن الشراكة المجتمعية حتى في الأنظمة الصحية المتطورة كوسيلة لا يمكن الاستغناء عنها للمساعدة في السيطرة على الوباء أو التقليل من آثاره المدمرة على المستوى الصحي والاقتصادي وحتى النفسي والاجتماعي. لقد فرض هذا الوباء حصاراً طوعياً على معظم سكان الكوكب لفترات متفاوتة ومازال. الأمر الذي أثر على اقتصاديات العالم وأثر على التعليم والسياحة والصناعة والزراعة وعلى النشاط الاجتماعي والرياضي. باختصار شبه شلل كامل. الأرقام المتزايدة والتغطية الإعلامية الفورية والمكثفة تجعل الأمور تبدو بشكل مخيف ربما أكثر من الواقع. إذاً كيف للمشاركة المجتمعية المساهمة بفاعلية ضمن هذه الفوضى في التصريحات وتضارب المعلومات وانتشار الاشاعات وتصدر الخرافات المشهد.

المشاركة المجتمعية

عندما تبنى أي خطة تتضمن العمل على مجموعة من الناس دون إشراكهم في التخطيط بطريقة ما، ستبقى منقوصة وسينظر لها الناس بعين الريبة وسيكون التعاون في التنفيذ أقل وربما تكون هناك معارضة سواء معنوية أو فعلية لتنفيذ هذه الخطط. وهذا لا يختلف عند الحديث عن خطط مكافحة الأوبئة.

تساعد مشاركة المجتمع على وضع المجتمعات في مركز ما تقوم به وزارة الصحة من خلال دمج التواصل والمشاركة طوال العملية (وهنا نقصد عملية التصدي لوباء الكورونا). ولا بد أن تضمن مشاركة المجتمع التزاماً بتوفير المعلومات ذات الصلة والقابلة للتنفيذ لإنقاذ الحياة وتعزيز الحياة للمجتمعات في الوقت المناسب. وتشتمل المشاركة المجتمعية ايضاً على الاستماع إلى احتياجات المجتمع والتعليقات والشكاوى والتصرف بناءً عليها.

من المؤكد أن المشاركة المجتمعية تساعدنا على اكتساب فهم أفضل لتصورات الناس وسلوكهم، حتى نتمكن من معالجة الممارسات غير الصحية بشكل أفضل. كما تدعم المشاركة المجتمعية المجتمعات للتحدث عن القضايا التي تؤثر عليهم للتأثير على صنّاع القرار وصانعي السياسات. المشاركة المجتمعية ليست مشروع قائم بذاته، إنه نهج يحتاج إلى التكامل عبر جميع برامج وقطاعات الوزارة وربما الوزارات الأخرى، من الصحة إلى المياه والصرف الصحي والنظافة إلى إدارة الكوارث. تعتبر البرامج التي يشارك أو يقودها المجتمع أكثر فاعلية وخضوعاً للمساءلة واستدامة وتحسين ثقة وقبول الجمهور والمتطوعين فيها.

تعد المشاركة المجتمعية ضرورية في جميع مراحل الاستعداد والاستجابة للوباء.

يعد نُهج الاتصال والمشاركة الموثوقة والواضحة والفعالة أمرًا بالغ الأهمية لضمان ألا يؤدي الخوف والذعر والشائعات إلى تقويض جهود الاستجابة ويؤدي إلى انتشار المرض بسرعة أكبر. يمكن أن تساعد المشاركة المجتمعية الجيدة المستجيبين أيضا في الحصول على نظرة ثاقبة لتصورات وسلوكيات المجموعات المختلفة، وتطوير رسائل فعّالة وموجهة.

إن المشاركة مع المجتمعات قبل انتشار الوباء أمر مهم لتعزيز الممارسات الصحية وفهم معاييرها الثقافية والاجتماعية وديناميكيات المجتمع، وهي معلومات تثبت أنها لا تقدر بثمن عند الاستجابة لتفشي المرض. وقد تساعد في وقف انتقال المرض ووقف انتشار المرض إلى مدن أو البلدان المجاورة في المنطقة من خلال إشراك المجتمع والتواصل الاجتماعي وتغيير السلوك.

يجب أن تشمل الأنشطة الرئيسية تحديد ورسم خرائط أصحاب المصلحة ووسائل الإعلام، وتقييم إدراك المخاطر والمعرفة والمواقف والممارسات وتحديد مصادر المعلومات الموثوقة وقنوات الاتصال المتوفرة والمستخدمة بأشكالها المتنوعة. باستخدام هذه المعلومات، يتم تطوير وتنفيذ خطط التواصل الاجتماعي وتغيير السلوك بالشراكة مع الحكومة ووسائل الإعلام ومزودي الاتصالات. ويتم تكييف أنشطة ورسائل تواصل التغيير السلوكي والاجتماعي باستمرار استنادًا إلى التغذية الراجعة من المجتمعات، للتأكد من أنها كانت فعّالة في معالجة الخرافات والشائعات والمعلومات المضللة. (للأسف)

ينظر البعض للمصابين على أنهم سبب البلاء، وقد يتعرض هؤلاء لأشكال متنوعة من الإيذاء اللفظي والتشهير. وتكثر الشائعات، على سبيل المثال: أن فيروس كورونا هو من صنع المختبر، الينسون فعال في الوقاية والعلاج، إذا كنت ممن يحافظون على الوضوء فلن تصاب، الفيروس ينتقل عبر الهواء، شائعات تختفي وتظهر أخرى. المشاركة المجتمعية تساعد في تغيير المفاهيم ونقل الرسائل الإيجابية للسكان.

يمكن تلخيص التخطيط لإشراك المجتمع في أي عملية في خمس خطوات رئيسية:

  1. فهم المجتمع (شرائح المجتمع).
  2. تقديم المعلومات ذات الصلة والموضعية.
  3. طرح الأسئلة، وجمع التعليقات والمدخلات.
  4. تحليل المعلومات والاتجاهات، وفهم الاحتياجات المتغيرة.
  5. العمل مع المجتمعات لتطوير البرامج على أساس احتياجاتهم.

نقاط مهمة يجب أخذها بعين الاعتبار:

  • تشعر المجتمعات المحلية بالتقدير الذي يولد الشعور بالرضى عندما تستمع إليها الجهات القيادية.
  • قم دائما بتحديد وإشراك قادة الرأي المجتمعيين المؤثرين وربما قادة في مجالات قبلية أو عائلية مؤثرين.
  • لابد من توسيع الأطر الزمنية لعلمية الاستعداد وتذكر أن فهم وتغيير السلوك يستغرق وقتا.
  • تضمن الخطط الناجحة استمرارية جمع وتحليل ومشاركة التعليقات والتغذية الراجعة.
  • تعرف على واعترف بالتنوع، وتأكد من أن الرسائل والاستراتيجيات مصممة وذات صلة.
  • إدارة المشروع القوية من اليوم الأول أمر حيوي للبرمجة الناجحة.
  • الاستفادة من التكنولوجيا واستخدام البيانات لصنع القرار/تعميم القرار

بعض الأنشطة التي قد يساهم فيها متطوعين

أنشطة صحية:

  • توعية صحية لجميع فئات المجتمع من خلال التواصل مع التجمعات السكانية والمساجد والمؤسسات التعلمية والمنتديات والنوادي ومواقع التواصل الاجتماعي والإذاعات والتلفزة ويراعى خصوصية كل مجتمع ونوع الوباء.
  • مساهمة فعلية على الأرض كرديف للطواقم الطبية التي قد تستنزف طاقاتها وهنا يلزم الأمر تدخل عاجل لتدريب المتطوعين بشكل مهني يضمن فاعليتهم في الأداء وعدم تعرضهم للأذى أثناء الخدمة.
  • تتعطل الكثير من الخدمات الروتينية الصحية إذا ما كان الوباء شديداً، ويمكن للمشاركة المجتمعية أن تساهم بشكل فاعل من خلال الوصول للحالات التي تتطلب خدمة طبية روتينية مثل مرضى الضغط والسكري.
  • المساهمة في إنفاذ برامج التطعيم سواء الروتينية أو المتعلقة بالوباء أن توفر للمرض تطعيم.

 

أنشطة إغاثية:

تتأثر المجتمعات خاصة إذا كان هناك حالة من الاغلاق التام أو الجزئي والحد من حركة السكان للحد من الوباء. وهنا تظهر الحاجة إلى توفير كل مستلزمات الحياة للسكان، وهذا قد لا يكون بمقدور الحكومات المركزية لا من الناحية المادية (توفير الغذاء والماء) أو من الناحية البشرية (العمال) أو حتى من الناحية اللوجستية (مواصلات ونقل) وهنا تبرز أهمية المشاركة المجتمعية ودورها في دعم الجهود الرامية لتطويق الوباء. الجوع ونقص الأدوية يشكلان سبباً مهما في إحداث ارتباك وخرق لكل التوصيات بالتزام المنازل…الموت من الوباء ليس محتوماً …بينما سيكون حتمياً من الجوع.

قد تكون هناك مبادرات تلقائية من قبل مجموعة أو أكثر لكن من المؤكد أن تأثير هذه المبادرات سيكون أكثر فعالية حال تم التخطيط والتنسيق المسبق. وهذا يستلزم وضع خطط المشاركة المجتمعية في خطط الاستعدادات للأوبئة والكوارث.

عافانا الله واياكم من سيء الأسقام

 

البريد الالكتروني للكاتب: elmanama_144@yahoo.com

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
Anonymous
Anonymous
04/06/2020 4:35 مساءً
عنوان التعليق
كلمات دقيقة من عالم الاحياء الدقيقة
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x