تعاطي المخدرات والمسكرات وجائحة كورونا
د. أحمد شاكر علي
الكاتب : د/ خليل الخطيب
أستاذ إدارة التعليم العالي المساعد – جامعة صنعاء
12:07 صباحًا
29, مارس 2020
مقدمة
إن هذا المقال القصير هو خلاصة لمحصلة عام من البحث المستمر، والمتابعة الحثيثة، والدراسة المتعمقة، والتحليل الدقيق، لعدد من الدراسات والتقارير والمؤشرات المتعلقة بالبحث العلمي باليمن، إضافة إلى ملاحظات ومشاهدات كاتب المقال، ومحاكاته اليومية للواقع المعاش، بحكم موقعه الوظيفي كمديراً عاماً لدراسات وأبحاث التعليم العالي بقطاع البحث العلمي بوزارة التعليم العالي في اليمن، ويعد هذا المقال محاولة متواضعة للإجابة عن تساؤل في غاية الأهمية، ويشكل هاجساً يؤرق الكاتب، ويتمثل في معرفة واقع الإنتاج والنشر العلمي بالجمهورية اليمنية، ومقترحات تطويره في ضوء متطلبات العصر الرقمي.
وللإجابة عن هكذا تساؤل؛ فإنه ومن باب أولى؛ كشف الواقع الحالي للإنتاج والنشر العلمي، وتسليط الضوء على المعوقات والتحديات، ومن ثم تقديم جملة من مقترحات التطوير، وهي بمثابة توصيات عامة لصناع السياسة التعليمية، ومتخذي القرار، وقادة التعليم العالي والبحث العلمي باليمن بوجه عام، وللمؤسسات والمراكز العلمية وللباحثين بوجه خاص، وذلك على النحو الاتي:
أولاً: واقع الانتاج والنشر العلمي باليمن
يعد قطاع التعليم العالي والبحث العلمي في اليمن من أكبر القطاعات الخدمية، ويصل عمره إلى نصف قرن، حيث تم تأسيس أول جامعتين يمنيتين عام 1970، وهما جامعتي صنعاء وعدن، تلا ذلك تأسيس عشرات الجامعات، وعشرات المراكز البحثية، حتى اليوم، فمن ناحية التكوين المؤسسي؛ تشير الإحصائيات لعام 2019، إلى أن في اليمن حوالي (72) جامعة (حكومية وأهلية) مع الفروع في بعض المحافظات، وفيها ما يربو عن (92) مركزاً بحثياً. ومن ناحية الإنتاج العلمي والمعرفي لهذه المؤسسات؛ فيوجد لدى اليمن إنتاج علمي غزير ووافر، حيث بلغ عدد الرسائل العلمية – حتى كتابة هذا المقال – ما يقارب (16000) رسالة علمية، (ماجستير ودكتوراه)، أجيز منها عدد جيد من أعرق الجامعات المحلية والعربية والدولية، في أكثر من 70 دولة، "وتتسم الرسائل العلمية بتنوعها، وتعدد لغاتها، إذ تجاوزت أكثر من 18 لغة؛ إلا أن ما يقارب من 60% منها كتبت باللغة العربية، وتتضمن أكثر من (24) مجالاً بحثياً، موزعة بين العلوم الانسانية والاجتماعية والتطبيقية والتقنية"(1)، وعلى الرغم من أن هذا العدد يبدو كبيراً، ويبعث البهجة والسرور، إلا أن هذه الإحصائية لا تزال ناقصة، نتيجةً لغياب قاعدة بيانات وطنية شاملة وحديثة، ونتيجةً لانخفاض نسبة إيداع الرسائل العلمية لدى المركز الوطني للمعلومات، للعشر السنوات الأخيرة، بسبب الحروب والصراعات القائمة باليمن.
كما يوجد ما يقارب عشرة آلاف من أبحاث الترقيات التي يقوم بها أساتذة الجامعات، حيث رصدت الشؤون الأكاديمية لجامعة صنعاء وحدها حتى نهاية 2019، ما يزيد عن 3372 بحثاً، وهي للأساتذة والأساتذة المشاركين فقط، ناهيك عن أبحاث الأساتذة المساعدين، والأساتذة الذين ينشرون في عدد من المجلات والمؤتمرات العلمية، محلياً ودولياً، ولا يتم توثيقها أو التعرف إليها.
إن حجم الانتاج العلمي والمعرفي اليمني كبير، ومتنوع، وهو حصيلة نصف قرن من التعليم والبحث، أنفق عليه ملايين الدولارات، إذ تستهلك الرسائل العلمية سنوياً الالاف من ساعات العمل والتدريس والبحث والتأطير والكتابة والنسخ والتوثيق والحفظ والأرشفة، من دون أن يكون للمجتمع العلمي والمحلي إحاطة وافية وشاملة عن ذلك الإنتاج وتلك الثروة. وعلى الرغم من زيادة عدد الرسائل العلمية؛ إلا أن ثمة دلائل، تشير إلى أن الأجيال الجديدة من الباحثين، ما زالت تكرر وتستنسخ بعض الموضوعات البحثية، ويتسبب هذا في هدر الطاقات والوقت والجهد والمال، وانتاج معرفة منسوخة من بعضها، فالإنتاج العلمي الموجود حالياً في المكتبات الجامعية، لم ينشر الكترونياً، ولم يتمكن الجمهور العلمي المحلي والعربي من الوصول إليه، فهو لا يزال غير معلوم (داخلياً وخارجياً)، وأقل ما يمكن وصفه بأنه كنز مدفون، ولم يصل إليه طالبوه، ولا يستفاد منه، ولم يلتفت إليه صناع القرار، وراسمي السياسات العامة بالحكومة، ولا أي من القطاعين؛ (الحكومي أو الخاص)، بل ظل – ولا يزال – الإنتاج المعرفي باليمن حبيس الأدراج، وعلى رفوف المكتبات الجامعية، ولم يتم توظيفه في مجالات الحياة المختلفة، ولم يسخر لخدمة المجتمع، أو تحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وتحسين الحياة العامة.
وعند تحليل هذه المشكلة، والوقوف على أسبابها، يتضح جلياً؛ أن اليمن لا تعاني من ضعف أو قلة الانتاج العلمي، فليست المشكلة في الكم، ولكن هناك علامات استفهام كثيرة عليه من حيث الجودة، هذا من ناحية؛ ومن ناحية أخرى، غياب النشر العلمي المميز لذلك الانتاج، حيث أن جميع الجامعات لا ترفع انتاجها المعرفي، من رسائل الماجستير والدكتوراه، وأبحاث الترقيات على مواقعها الالكترونية، وهي لا تزال بوضعها التقليدي والورقي، رغم وجود نسخ الكترونية لعدد جيد من الرسائل والبحوث، ولم تعمل الجامعات على بناء مستودعات رقمية حديثة.
كما يؤخذ على الانتاج العلمي اليمني؛ أن معظمه هو حصاد طلبة الدراسات العليا لمرحلتي الماجستير والدكتوراه، ولا ينسب إلى أساتذة الجامعات إلا القليل، وإن وجدت بعض الأبحاث المنشورة فهي لأغراض الترقيات العلمية ليس أكثر، أما عن حركة التأليف، والترجمة، والنشر الدولي، والبحوث الجماعية، فلا تكاد تذكر؛ إذا ما قورنت بالدول المتقدمة، أو حتى بالدول العربية النامية، مثل: مصر والأردن وفلسطين ولبنان.
يتطلع المجتمع العلمي وجمهور الباحثين في اليمن، إلى اللحظة التي يرون فيها الإنتاج المعرفي اليمني ظاهراً للعيان، مسنوداً بإرادة حكومية، وشراكة مجتمعية فاعلة، ومساهمة القطاع الخاص، ومؤسسات الاتصال والتكنولوجيا، وشركات الأنظمة الرقمية، وتسهيل الوصول الحر الى هذا الكنز الثمين، والثروة العلمية المنسية، خاصة والبلد بأمس الحاجة إلى توظيف الإنتاج المعرفي، وحل ما أمكن من المشكلات والتحديات الاقتصادية والاجتماعية والتنموية وغيرها.
المحور الثاني: معوقات الانتاج والنشر العلمي في اليمن
المحور الثالث: سبل التغلب على المعوقات ومقترحات التطوير
بعد استقراء الواقع، وتحديد ملامح الانتاج والنشر العلمي في اليمن، ومعرفة المعوقات، فإنه يمكن الانتقال من الواقع الموجود، إلى المستقبل المنشود؛ من خلال جملة من الإجراءات، أبرزها ما يلي:
المصادر
(1) رئاسة الجمهورية. (2013). ببليوغرافية الرسائل والاطروحات الجامعية، المركز الوطني للمعلومات، صنعاء، اليمن.
(2) وزارة التخطيط والتعاون الدولي (2014). محور التعليم العالي والبحث العلمي، مشروع إعداد الرؤية الموحدة للتعليم في اليمن.
(3) ارسكو.(2019). لمحة عن البحث العلمي بالوطن العربي. منظمة لمجتمع العلمي العربي، الدوحة، قطر، متوفر على الرابط: http://www.arsco.org/Studies-and-Research-Unit-statistics، بتاريخ 16/ 5/ 2019.
د/ خليل الخطيب
مدير عام دراسات وأبحاث التعليم العالي
وزارة التعليم العالي والبحث العلمي – اليمن
البريد الإلكتروني للكاتب: Drkhalilalkhateeb78@gmail.com
الكلمات المفتاحية