22مارس من كل عام يحتفل المجتمع الدولي باليوم العالمي للمياه. والاحتفال هذا العام تحت شعار (المياه وتغير المناخ) للتوعية بالعلاقة الوثيقة التي تربط التغير المناخي وتأثيره على المياه والمصادر المائية في العالم.
الأمن المائي في المنطقة العربية
عن وضع المياه في الوطن العربي كان لمنظمة المجتمع العلمي العربي لقاء مع الدكتور محمد عبدالرؤوف، مدير برنامج أبحاث الاستدامة – مركز الخليج للأبحاث المنسق العالمي للمجتمع المدني، لمجموعة البحث العلمي التابعة لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة بمناسبة اليوم العالمي للمياه، قال: "إن المياه أصبحت قضية أمن قومي في الوطن العربي، وغيره من المناطق، فأغلب الدول العربية تقع تحت خط الفقر المائي، أي أن متوسط نصيب الفرد أدنى من النسبة الحرجة البالغة 1000 متر مكعب سنوياً للفرد، والتي تستخدم كمؤشر إلى وجود أزمة مزمنة في المياه، مما اضطر العديد من الدول العربية للاعتماد على تكنولوجيا تحلية المياه لتوفير احتياجاتها المائية، مع أنها تكنولوجيا مكلفة ولها آثار بيئية سلبية عديدة. وتقدر كمية المياه الواردة من خارج الأراضي العربية في المتوسط، بنحو 65% في المائة من إجمالي الموارد المائية المتاحة عربيا، كما أن معظم الأنهار والقنوات الرافدة من خارج العالم العربي هي موضع خلاف قانوني أو سياسي".
ويضيف: " لا تزال الزراعة تمثل القطاع الرئيسي في استهلاك المياه في المنطقة بحوالي 80% في المتوسط، وذلك على الرغم من مساهمتها الهزيلة في إجمالي الناتج المحلي. بالإضافة إلى أن رداءة شبكات نقل المياه في معظم الدول العربية يتسبب في هدر آلاف الأمتار المكعبة من المياه. ونقص المياه النقية والصالحة للشرب والاستعمال يشكل عدوانا على الحق الإنساني في المياه، ويتسبب في العديد من المشكلات الصحية، ويؤدي لانتشار الأوبئة والأمراض المختلفة".
كيف يؤثر التغير المناخي على مصادر المياه
وفقا لتقرير صادر عن منظمةEcoMENA المعنية بتعزيز الاستدامة في جميع أنحاء العالم وخاصة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، فإن درجات الحرارة المرتفعة تزيد من نسبة تبخر للمياه الموجودة في الجو، مما يؤدي إلى حدوث مواسم جريان للأمطار مبكرة و قصيرة وزيادة في المواسم الجافة مما يزيد من احتمال التصحر. هذا بالإضافة إلى أن زيادة التبخر تقلل من مستويات الرطوبة في التربة ونقصان في نسب الترشح وانخفاض معدل التغذية في المياه الجوفية.
ويضيف التقرير، أن التغير المناخي يؤثر على مستويات البحر، فنتيجة لذوبان الكتل الجليدية وارتفاع مستوى البحر فإن ذلك قد يؤدي إلى تسربه إلى المياه الجوفية في المناطق الساحلية مما يؤثر سلباً عليها نوعاً وكماً. ومن المتوقع أن يرتفع مستوى سطح البحر ما يقارب 19 إلى 58 سنتيمترا في نهاية القرن الحالي، وسيؤثر على 12 دولة من أصل 19 دولة من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
وأضاف التقرير إن الانخفاض في مصادر المياه سيؤدي إلى عواقب اجتماعية واقتصادية مكلفة، فالماء يستعمل في كل مناحي الحياة. والحلول غير المستدامة سوف تتسبب في تدمير للبيئة وتفاقم المشكلة على المدى البعيد.
ولا شك أن منطقتنا العربية والتي تعاني أصلاً من نقص المياه، ستكون من بين المناطق الأكثر عرضة لآثار التغير المناخي.
وفي مقابلة لموقع المنظمة مع الدكتور ضياء الروسان، الأستاذ المساعد في قسم إدارة المياه والبيئة في الجامعة الهاشمية في الأردن، قال:" إن منطقتنا العربية هي واحدة من أكثر مناطق العالم تضرراً من التأثيرات المادية لتغير المناخ مثل زيادة الإجهاد الحراري ومعدلات التبخر والجفاف، وبالتالي ينبغي على بلدانها أن تتخذ التدابير اللازمة لمواجهة مترتبات التغير المناخي على المياه والقيام بتدابير تكيفيه لمواجهة نقص المياه والتدهور المتوقع مستقبلا في ظل الأزمة المناخية التي يعاني منها كوكبنا".
"ومن هذه التدابير التي يجب على دول المنطقة القيام بها تعزيز استخدام مصادر المياه غير التقليدية (العديد من الدول عالميا تقوم بهذا الأمر حيث أنه ومن خلال دراسة إحصائية فإن 11% من الأبحاث العالمية في الثلاثين عامًا الأخيرة تتعلق بمصادر المياه غير التقليدية مثل إعادة استخدام المياه الرمادية المستصلحة والتي يمكن أن توفر % 40-70 من المياه العذبة المنزلية. والبحث عن تقنيات جديدة في الحصاد المائي وأنماط استخدام المياه فمثلا، يبلغ متوسط كفاءة الري في الوطن العربي حوالي 50% فقط. وتشير التقديرات إلى أن رفع هذا المعدل إلى 70% سيوفر 50 مليار متر مكعب من مياه المنطقة سنويًا".
ومن جانب آخر، وفي بحثها المعنون "تأثير المناخ على الموارد المائية في العالم العربي" قالت الباحثة والخبيرة البيئية لمى الحتو: "إنّ لتغير المناخ تأثير على الموارد المائية في العالم العربي، إذ تعد المنطقة واحدة من أكثر المناطق التي تمتلك مناخاً حاراً وجافاً في العالم، لذلك سيفاقم تغير المناخ من الضغوطات على إمدادات الغذاء والماء في المنطقة، مفضياً إلى تداعيات اقتصادية وسياسية هائلة في المنطقة، والتي بدأت تتجسد فعلياً في الاحتجاجات التي اندلعت ضد أسعار الغذاء الآخذة بالارتفاع في العديد من دول المنطقة، ومع محدودية إمدادات المياه العذبة والحاجة للحفاظ على الأمن الغذائي للعدد المتزايد من السكان، أصبحت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إحدى أكثر المناطق هشاشة في العالم، ولهذه الأسباب ينبغي إيجاد استراتيجيات مناسبة للتكيف وإدارة المياه لضمان مقاومة المنطقة آثار تغير المناخ".
وفي توصيات السياسات التي تدعو لها كي لا يتعرض العالم العربي لكارثة مائية وغذائية لخصت ذلك في عدة محاور/سياسات لتجنب أو الحد منها، وهي:
- تعميم تغير المناخ في الاستراتيجيات الوطنية.
- إدارة الطلب على المياه.
- المقاربة النظمية: الأثر الجماعي لأصحاب المصلحة المتعددين.
- التعاون الجنوبي الجنوبي.
- موقف عربي موحد لأجل تحالف الأمن الغذائي.
المصادر والمراجع:
البريد الالكتروني للكاتب: abualihakim@gmail.com