مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

احترار البحر الأحمر قد يعرض الكائنات البحرية للخطر

الكاتب

الكاتب : الصغير محمد الغربي

صحفي علمي

الوقت

11:04 صباحًا

تاريخ النشر

16, مارس 2020

أظهرت نتائج دراسة علمية جديدة أن متوسط حرارة سطح البحر الأحمر شهد ارتفاعا ملحوظا خلال الأربعة عقود الماضية. ومن المنتظر أن يتواصل هذا الاحترار في المستقبل وقد يصل إلى 3.2 درجة مع نهاية القرن الحالي وهو ما يهدد الكائنات البحرية التي تعيش في هذا البحر شبه المغلق.

يوفر البحر الأحمر، الذي يعتبر منطقة مناخية قاحلة مع هطول ضئيل للأمطار، موردا هاماً للسياحة وصيد الأسماك والشعاب المرجانية واستخراج النفط والغاز. كما أنه يؤمن حجما كبيرا من نشاط الشحن باعتباره ممراً بحرياً هاماً يربط الموانئ الأوروبية بالصين وشرق آسيا. وقد أثبتت دراسات علمية اتجاهات ارتفاع متوسط درجة حرارة سطح البحر الأحمر قد تؤدي إلى تأثير ضار على الكائنات البحرية والنظم الإيكولوجية.

تستخدم هذه الدراسة الجديدة، التي أجراها الباحث محمد شلتوت من كلية العلوم بجامعة الاسكندرية في ورقة علمية نشرت في دورية Oceanologia في شهر أكتوبر 2019، قاعدة بيانات حرارة سطح البحر الأحمر عالية الدقة التي تم تسجيلها على مدى  35 عاماً (1982– 2016) بهدف دراسة تقلبات حرارة سطح البحر  الزمنية والمكانية في البحر الأحمر والمناطق المحيطة به، وكذلك لتحليل العلاقة بين حرارة سطح البحر  ومعلمات الغلاف الجوي المختلفة، ودراسة تأثير موجات الحرارة على تركيزات الكلوروفيل؛ ثم تحليل التطورات المتوقعة لحرارة سطح البحر الأحمر حتى عام 2100 باستخدام عمليات محاكاة "مختبر ديناميكا الموائع الجيوفيزيائية" GFDL المستقبلية المتاحة.

يقول الباحث إن التبادل (الكتلي والحراري) الذي يحدث عبر مضيق باب المندب له تأثير كبير على توزيع الحرارة على سطح البحر الأحمر، وخاصة في المنطقة الجنوبية منه. ويوصف هذا التبادل بأنه تدفق من طبقتين خلال الأشهر الباردة إذ تتدفق مياه البحر الأحمر الكثيفة إلى خليج عدن بينما تتدفق المياه السطحية الأكثر دفئا من خليج عدن إلى البحر الأحمر. في فصل الصيف، يتخذ هذا التبادل بنية ثلاثية الطبقات؛ فالمياه السطحية والمتوسطة في البحر الأحمر تتدفق إلى خليج عدن؛ في حين تدفق المياه في الطبقة الثالثة الأعلى كثافة من الطبقة السطحية والطبقة المتوسطة إلى البحر الأحمر.

ويحدث التبادل الصيفي في المضيق بواسطة الرياح الموسمية فوق المحيط الهندي. أما خلال الشتاء فإن الرياح الموسمية الشتوية تهب في الغالب على المضيق باتجاه البحر الأحمر مما يعزز تدفق الطبقة السطحية وتدفق الطبقة السفلية. وحسب الباحث شلتوت فإن درجة حرارة سطح البحر الأحمر ترتبط بـ 13 معلمة مختلفة، أهمها متوسط الضغط على سطح البحر، ودرجة حرارة الهواء عند ارتفاع 2 متر فوق مستوى سطح البحر، والإجهاد الناتج عن الرياح عبر الساحل، والتدفق الحراري، ومؤشر الرياح الموسمية الصيفية الهندية.

توفر التحليلات التي قام بها الباحث، بيانات حيوية تشير إلى أن متوسط درجات الحرارة السطحية للبحر الأحمر خلال الفترة من عام 1982 إلى عام 2016 قد زادت بمعدل 0.29 درجة مئوية لكل عقد، وهو ما يتجاوز معدل الاحترار العالمي للمحيط البالغ 0.11 درجة مئوية لكل عقد.  وقد سجلت أقصى زيادة في المناطق الشمالية من البحر الأحمر وأدناها في جنوبه.

وتؤكد نتائج هذه الدراسة الجديدة ما توصلت إليه دراسة سابقة أجراها باحثون من جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية من درجات الحرارة السطحية القصوى للبحر الأحمر بين عامي 1982 و 2015 قد زادت بمعدل 0.17 درجة مئوية لكل عقد.

وقد رصدت دراسات سابقة ارتفاعا في متوسط درجة حرارة سطح البحر الأحمر في أواسط تسعينات القرن الماضي الذي ارتفع من  27.4 درجة مئوية خلال الفترة 1985 إلى 1993 إلى 28.1 بين 1994 و2007.

كما سجل الباحث في الدراسة الجديدة زيادة ملحوظة في عدد موجات الحرارة (ارتفاع في درجة الحرارة استمر ثلاثة أيام على الأقل) خلال الفترة 1982-2015 في المناطق الشمالية للبحر الأحمر.

وأظهرت نتائج المحاكاة كذلك أن حرارة سطح البحر الأحمر ستشهد اتجاهات احترار تتراوح في المتوسط بين 0.6 درجة مئوية و 3.2 درجة مئوية في القرن وفقا للسيناريو المستخدم والتغير الموسمي.

وكما هو متوقع، سجلت الدراسة كذلك انخفاض تركيز الكلوروفيل -أو اليخضور- خلال موجات الحرارة التي شهدتها المنطقة بحوالي 33 بالمائة من متوسط قيمه السنوية. وفي البيئة الدافئة في البحر الأحمر، ومع ارتفاع درجة الحرارة في المستقبل يتوقع الباحث حدوث موجات حرارة في المنطقة بشكل أكثر تواترا مما يضعف أكثر تركيز الكلوروفيل.

واستنتج الباحث أن الكائنات البحرية في البحر الأحمر ستكون أكثر عرضة لمخاطر الموجات الحرارية، خاصة وأن البحر الأحمر هو حوض شبه مغلق، ولا يمكن للكائنات البحرية أن تهاجر إلى الشمال.

المصادر

 

البريد الالكتروني للكاتب: gharbis@gmail.com

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x