مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

صحة النباتات : أهميتها والمخاطر التي تهددها

الكاتب

الكاتب : الصغير محمد الغربي

صحفي علمي

الوقت

10:48 صباحًا

تاريخ النشر

20, يناير 2020

تشكل النباتات 80 في المائة من الأغذية التي يتناولها الإنسان، وتنتج 98 في المائة من الأكسجين الذي نتنفسه. لكنها في المقابل تتعرض لتهديد مستمر ومتزايد من الآفات والأمراض. لذلك أقرت الأمم المتحدة العام 2020 كسنة دولية لصحة النبات بهدف رفع مستوى الوعي العالمي حول كيفية حماية صحة النبات والمساعدة في القضاء على الجوع، والحد من الفقر، وحماية البيئة.

يصل عدد أنواع النباتات المعروفة في العالم حسب تقرير حالة النباتات في العالم لسنة 2017 الذي أصدرته الحدائق النباتية الملكية في بريطانيا، إلى حوالي 391 ألف نوع مع اكتشاف ما يناهز ألفي نوع جديد كل عام. يتركز بعض هذه الأنواع في مناطق معينة مثل البرازيل حيث يوجد أكثر من 31 ألف نوع من النباتات. كما تتميز بعض المناطق بأنواع نباتية لا توجد في غيرها من المناطق مثل مدغشقر حيث يتكاثر أكثر من 11 ألف نوع فريد من النباتات.

أهمية النباتات وصحتها

توفر النباتات الأساس الجوهري للحياة على الأرض وهي الدعامة الوحيدة الأكثر أهمية للحياة على الأرض. فهي الكائنات الوحيدة التي يمكنها تحويل طاقة ضوء الشمس إلى غذاء رغم أن 80 بالمائة من هذا الغذاء العالمي لا يعتمد سوى على 17 عائلة نباتية فقط من جملة 416 عائلة نباتية معروفة.

الأكسجين بدوره هو أحد المواد التي تنتجها النباتات أثناء صنعها للغذاء. وهو جزء مهم من الهواء، وضروري بالنسبة للنباتات والحيوانات من أجل البقاء على قيد الحياة. عندما نتنفس، فإن الأكسجين الذي نأخذه من الهواء هو الذي يدعم خلايا أجسامنا ويبقيها حية. وكل الأكسجين المتاح للكائنات الحية يأتي من النباتات. في الغابات والسهول والجبال والحقول، تساعد جذور النباتات في الحفاظ على التربة مما يقلل من التآكل ويساعد على الحفاظ عليها. وتساعد النباتات أيضا في إثراء التربة بالمواد المغذية بواسطة المواد المتحللة.

كما يعد الكثير من أنواع النباتات مصادر مهمة للمنتجات التي يستخدمها العالم، فإضافة إلى الغذاء، تساعد النباتات أيضا على توفير بعض احتياجاتنا من الطاقة. ففي بعض أنحاء العالم، يعتبر الحطب الوقود الرئيسي الذي يستخدمه الناس لطهي وجباتهم وتدفئة منازلهم. إضافة إلى أن مصدر العديد من الأنواع الأخرى من الوقود التي نستخدمها اليوم، مثل الفحم والغاز الطبيعي والبنزين، هو النباتات التي عاشت قبل ملايين السنين. ورغم أن عدد الأنواع المستخدمة في الزراعة والتي تشكل أساس غذائنا قليل مقارنة بعدد الأنواع النباتية الموجودة على الأرض، فإن العديد من الأنواع البرية مهمة من الناحية الاقتصادية لأنها توفر الغذاء والوقود والملابس والمأوى لمئات الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم.

بالإضافة إلى كل ذلك، تمثل النباتات أيضا مصدرا للأدوية، خاصة في البلدان النامية حيث يعتمد عدد كبير من الناس على النباتات في طبهم التقليدي (وفقا لمنظمة الصحة العالمية، يعتمد 80 بالمائة من سكان العالم على النباتات في الرعاية الصحية)، كما يتم في البلدان الصناعية استخراج أو تطوير العديد من الأدوية التجارية من النباتات. ويقدر عدد النباتات المستعملة في هذا المجال بحوالي 28 ألف نوع.

مخاطر على صحة النباتات

وفقا لمنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو FAO)، فإن ما يصل إلى 40 في المائة من المحاصيل الغذائية العالمية تتلف بسبب الآفات والأمراض النباتية كل عام. وهو ما يؤدي إلى خسائر سنوية تزيد عن 220 مليار دولار، يترك ملايين الناس يواجهون الجوع، ويلحق ضررا كبيرا بالزراعة مصدر الدخل الرئيسي للمجتمعات الريفية الفقيرة.

في الوقت الحالي، يظل انتشار الآفات من ألد أعداء الصحة النباتية حول العالم. في عام 2016، قدّرت دراسة وجود 1300 من الآفات ومسببات انتشار الأمراض النباتية تصل تكلفتها المحتملة للزراعة العالمية إلى 540 مليار دولار أمريكي سنويا. وتمثل الصين والولايات المتحدة أهم المصادر المحتملة لانتقال الآفات إلى البلدان الأخرى بالنظر إلى الأنواع النباتية التي تحتويها بالفعل وحجم تجارتها، وهما تواجهان بوصفهما أكبر منتجين زراعيين في العالم، خسائر مادية كبيرة ناجمة عن انتشار الأمراض النباتية.

لقد أدت الآفات ومسببات الأمراض إلى القضاء على مليارات الأشجار في مناطق الغابات والمناطق الحضرية في جميع أنحاء العالم على مدى العقدين الماضيين كما يقول التقرير. ولا تؤدي الحشرات النباتية إلى الإضرار بالنباتات فحسب، بل قد تعمل أيضا كنواقل مهمة للعديد من مسببات الأمراض الفيروسية والفطرية والبكتيرية. من بين العشرة آفات الأكثر انتشارا تنتقل ثمانية منها عن طريق الحشرات. في الاتحاد الأوروبي وحده، يتم استخدام 196 ألف طن من المبيدات الحشرية كل عام ضد الفطريات والبكتيريا والمفصليات والرخويات التي تلحق بدورها أضرارا كبيرة بالنباتات.

وحسب التقرير البريطاني، لا يزال تأثير تغير المناخ على صحة النباتات هامشيا رغم أنه تمت بالفعل ملاحظة تغيرات في المواسم أو الإزهار أو حتى توزيع الأنواع النباتية، لكن الباحثين يتوقعون أن تكون آثار ارتفاع درجات الحرارة محسوسة بشدة بحلول عام 2030. أيا ما كانت الأسباب التي تهدد صحة النباتات ووجودها، فإن اختفاء نوع من الأنواع يمكن أن يقضي على مصدر من مصادر الغذاء أو علاج للسرطان، أو وسيلة للسيطرة بشكل طبيعي على آفة أو مرض في الزراعة، أو فرصة لاكتشاف منتج جديد.

لذلك فإن الاهتمام بصحة النبات وتوعية الأفراد والمنظمات والدول بأهمية وقايتها من المخاطر لضمان الأمن الغذائي للبشرية والحفاظ على وظائف النظام الإيكولوجي ومجابهة التغيرات المناخية، وهي الأهداف التي وضعتها منظمة الأمم المتحدة من خلال إقرار العام 2020 كسنة دولية لصحة النباتات، هو اهتمام بأحد أهم مقومات تواصل الحياة على الأرض ووجود الإنسان.

المصادر

 

البريد الإلكتروني للكاتب: gharbis@gmail.com

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x