قام فريق من العلماء الأمريكيين والألمان باختراع أداة هندسة وراثية جديدة، تسمى تقنية "كريج" والتي يمكنها الكشف عن المادة المظلمة البيولوجية (المركبات الثانوية)، كما يمكنها أيضا ملء ثغرات كبيرة في فهمنا لكيفية تفاعل الميكروبات مع البيئة المحيطة بها وتطورها.
سوف تساعد أداة جديدة للهندسة الوراثية على فتح الباب على مصراعيه لتطبيقات المركبات الثانوية التي تنتجها الميكروبات وتلعب دور هاما في دفاع البكتريا عن نفسها، وفي حروبها الكيماوية، وتشكل الأساس لمئات المنتجات الزراعية والصناعية والطبية التي لا تقدر بثمن.
قام فريق من العلماء بابتكار أداة من أدوات الهندسة الوراثية، تسمى تقنية "كريج"، والتي يمكنها أن تلعب دورا كبيرا في فهمنا لكيفية تفاعل الميكروبات مع البيئة المحيطة بها وتطورها. تم نشر بحث الفريق المكون من علماء من مختبر العلوم البيئية الجزيئية التابع لوزارة الطاقة الأمريكية بالتعاون مع جامعة غوته في فرانكفورت في دورية "نيتشر ميكروبيولوجي" يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول 2019م.
تقنية "كريج"
تتم تسمية النواتج الثانوية بالمستقلبات الثانوية، وهي مركبات عضوية غير مشاركة بشكل مباشر في عمليات النمو والتطور والتكاثر للكائن الحي. ولا يؤدي غياب هذه المركبات أو فقدانها إلى الموت المباشر للبكتريا بل قد يؤدي إلى اختلال طويل الأمد في إمكانية بقاء وخصوبة الكائن الحي، وقد تعطيه ميزة في مواجهة الضغوط البيئية.
يتم ترميز القدرة على إنتاج هذه المركبات بسهولة بواسطة مجموعة من الجينات تسمى مجموعات الجينات الحيوية الاصطناعية (BGCs)، ومن الممكن انتقالها إلى البكتريا الأخرى خلال النقل الأفقي للجينات. حيث يسمح هذا التبادل السريع للجينات للميكروبات بالتكيف مع الظروف المتغيرة بسرعة عن طريق اكتساب أو فقدان الصفات الوراثية، لحدوث الطفرات، ويطور مركبات جديدة متنوعة. لكن لسوء الحظ، فإنه من الصعب عادة دراسة هذه المركبات في المختبر لأنه عندما تتم زراعتها على بيئات اصطناعية فإنها لا تعاني من المنافسة، وبالتالي لا تنتج هذه المركبات.
تساعد تقنية "كريج" العلماء بالالتفاف على هذا الحاجز. وقال المؤلف الرئيسي المساعد للدراسة ياسو يوشيكوني العالم في مختبر العلوم البيئية الجزيئية التابع لوزارة الطاقة الأمريكية لمركز الأخبار الخاص بمختبر بيركلي "هذه النواتج الأيضية مثل اللغة التي تستخدمها الميكروبات للتفاعل مع المجالات الحيوية، وعندما تعزل الميكروبات، تصمت هذه اللغة".
المادة المظلمة البيولوجية
تقنية "كريج" هي وسيلة فعّالة للغاية لزرع مجموعة الجينات الحيوية الاصطناعية القادمة من كائن إلى كائنات مضيفة أخرى لإنتاج المركبات الثانوية تحت ظروف المختبر. وقال هيلج بود، المؤلف المشارك الرئيسي من جامعه غوته في فرانكفورت، ألمانيا لمركز أخبار مختبر بيركلي "ولهذا تسمح تقنية "كريج" لنا بالوصول إلى هذه المركبات بسهولة أكبر بكثير من ذي قبل". وعلى نطاق أوسع، ستمكن تقنية "كريج" العلماء من تجاوز النظريات والتوقعات الخاصة بهذه المركبات التي يمكن اعتبارها "المادة المظلمة البيولوجية". وقال المؤلف المشارك ديفيد هويت، الكيميائي في مختبر العلوم البيئية الجزيئية التابع لوزارة الطاقة الأمريكية لمركز الأخبار الخص بمختبر بيركلي "هذا تطور تاريخي، لأنه مع تقنية "كريج" يمكننا دراسة كيف تُعَبر الكائنات الحية المختلفة عن جين واحد بشكل مختلف، وبالتالي كيف تتطور قدرات النقل الأفقي للجينات في حين أن الأدوات السابقة للقيام بذلك كانت أكثر محدودية بكثير".
الخطوات المقبلة
قام الفريق بنقل مجموعات الجينات الحيوية الاصطناعية بنجاح إلى ثلاثين سلالة بكتيرية مختلفة، ويتوقع الفريق أنها يجب أن تعمل في العديد من السلالات الأخرى. ويجري حاليا المزيد من البحوث لتطوير هذه التقنية الرائدة. في الوقت نفسه، بدأ يوشيكوني وزملائه بمعهد الجينوم المشترك في تطبيق تقنية "كريج" في مشاريعهم الخاصة، وقال يوشيكوني: "مع تقنية "كريج"، نأمل أن نبدأ في استغلال هذا النموذج ليمكننا النظر في المزيد من الأنواع البرية وتحديد خواصها الأكثر ملاءمة لإنتاج المنتجات والأدوية."
المرجع
مصادر الصور المرفقة:
البريد الإلكتروني للكاتب: tarekkapiel@hotmail.com