مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

الأوزون في يومه العالمي

الكاتب

الكاتب : أ.د. رائد محمد سليمان

عالم الفيزياء الفلكية في مركز هارفارد سميثسونيان للفيزياء الفلكية

الوقت

12:09 صباحًا

تاريخ النشر

16, سبتمبر 2019

ما هو الأوزون؟

الأوزون هو غاز تفاعلي نشط موجود بشكل طبيعي في غلافنا الجوي. كل جزيء من الأوزون يحتوي على ثلاث ذرات من الأكسجين ويشار إليه كيميائياً بالرمز O3. يوجد الأوزون في منطقتين من الغلاف الجوي، التروبوسفير وهي المنطقة الأقرب إلى الأرض (من سطح الأرض إلى حوالي 10-15 كم) والستراتوسفير (والتي هي بين قمة التروبوسفير وإلى ارتفاع حوالي 50 كيلومتر). حوالي 10 % من الأوزون يوجد في التروبوسفير والمتبقي (حوالي 90 %) يتواجد في الستراتوسفير. الكمية الكبيرة من الأوزون في الستراتوسفير يشار إليها غالباً باسم "طبقة الأوزون". وقد اكتشف الأوزون في التجارب المختبرية في منتصف القرن التاسع عشر. وتم اكتشاف وجوده في الغلاف الجوي في وقت لاحق باستخدام طرق القياس الكيميائية والبصرية.في عام 1985، تم اكتشاف استنزاف شديد للأوزون فوق أنتاركتيكا – ما يسمى ثقب الأوزون في أنتاركتيكا. سرعان ما أصبح من الواضح أن هذا الانخفاض في كمية الأوزون ناجم عن مواد كيميائية من صنع الإنسان تُدعى مركبات الكربون الكلورية فلورية.(CFCs) 

 

كيف يتم تشكيل الأوزون في الغلاف الجوي؟

يتكون الأوزون الستراتوسفيري في الستراتوسفير بشكل طبيعي عن طريق التفاعلات الكيميائية بين أشعة الشمس الفوق بنفسجية وجزيئات الأكسجين، والتي تشكل 21% من الغلاف الجوي. في الخطوة الأولى، تفكك الأشعة الشمسية فوق البنفسجية جزيء الأكسجين (O2) لإنتاج ذرتين أكسجين. في الخطوة الثانية، كل من هذه الذرات شديدة التفاعل تتحد مع جزيء الأكسجين لإنتاج جزيء الأوزون(O3) هذه التفاعلات تحدث باستمرار طالما الأشعة الشمسية فوق البنفسجية موجودة في الستراتوسفير. نتيجة لذلك، أكبر كمية من الأوزون يتم إنتاجها في الستراتوسفير الاستوائي.

الأوزون التروبوسفيري ليس له أي مصادر انبعاثات مباشرة، بل هو غاز ثانوي يتكون من تفاعل أشعة الشمس مع الهيدروكربونات – بما في ذلك الميثان – وأكاسيد النيتروجين، التي تنبعث من المركبات، ومحطات توليد الوقود، وغيرها من المصادر التي هي من صنع الإنسان. وتحدث غالبية تكوين الأوزون التروبوسفيري عندما تتفاعل أكاسيد النيتروجين (NOx) وأول أكسيد الكربون (CO) والمركبات العضوية المتطايرة (VOCs) مثل الزيلين، في الغلاف الجوي بوجود أشعة الشمس. يطلق على أكاسيد النيتروجين والمركبات العضوية المتطايرة سلائف الأوزون. ويعد عادم السيارات والانبعاثات الصناعية والمذيبات الكيميائية هي المصادر البشرية الرئيسية لهذه المواد الكيميائية.

أهمية الأوزون في الغلاف الجوي

الأوزون في طبقة الستراتوسفير، يحمي الحياة على الأرض عن طريق امتصاص أشعة الشمس فوق البنفسجية (UV-B,C) (انظر الشكل ١). ويمكن أن يؤدي استنفاده إلى زيادة كميات الأشعة فوق البنفسجية التي تصل إلى الأرض مما قد يؤدي إلى مزيد من حالات الإصابة بسرطان الجلد وإعتام عدسة العين وضعف أجهزة المناعة. الأشعة فوق البنفسجية يمكن أن تلحق الضرر أيضاً بالمحاصيل وتقلل من كمياتها. ولكن الأوزون الموجود في الطبقة السفلى (التروبوسفير) يعد غاز احتباس حراري ملوثاً للهواء، وهو ضار بصحة الإنسان والنباتات والنظام الإيكولوجي. كما أنه عنصر رئيسي في الضباب الدخاني بالمدن. والأوزون التروبوسفيري ملوث مناخي قصير العمر، حيث يتراوح عمره في الجو بين ساعة إلى أسابيع. ويمكن أن يسبب استنشاق الأوزون مجموعة متنوعة من المشكلات الصحية.

كيف يتم قياس الأوزون في الغلاف الجوي؟

كمية الأوزون في الغلاف الجوي تقاس عن طريق أجهزة موجودة على سطح الأرض، وأحياناً تُحمل على بالونات أو طائرات وأقمار صناعية. بعض الأجهزة تقيس الأوزون محلياً وأخرى تقيسه عن بعد.

القياسات المحلية لوفرة الأوزون في الغلاف الجوي هي تلك التي تتطلب سحب الهواء مباشرة إلى جهاز يتم فيه قياس الأوزون بواسطة امتصاصه للأشعة فوق البنفسجية أو بواسطة التيار الكهربائي أو الضوء الناتج في تفاعل كيميائي يتضمن الأوزون. يستخدم النهج الأخير في بناء "الأوزون صوندز"، وهي أجهزة خفيفة الوزن ومناسبة لإطلاق البالونات الصغيرة. البالونات تصعد في الغلاف الجوي إلى ارتفاعات مناسبة لقياس الأوزون في طبقة الأوزون الستراتوسفيري.

القياسات عن بُعد وهي الكشف عن مجموع كميات الأوزون من مسافات بعيدة جداً عن جهاز الكشف، ومنها يتم الحصول على توزيعات الأوزون في طبقات الغلاف الجوي. تعتمد معظم قياسات الأوزون عن بُعد على قدرتها على امتصاص الأشعة فوق البنفسجية. مصادر الأشعة فوق البنفسجية التي يمكن استخدامها هي الشمس، أشعة الليزر، وضوء النجوم. على سبيل المثال، تستخدم الأقمار الصناعية (أومي OMI انظر شكل ٢) امتصاص أشعة الشمس فوق البنفسجية من قبل الغلاف الجوي أو امتصاص أشعة الشمس المنبعثة من سطح الأرض لقياس الأوزون في جميع أنحاء العالم تقريبا بشكل يومي.  ويتم استخدام أجهزة ليدار، التي تقيس ضوء الليزر المرتد، والتي يتم نشرها بشكل روتيني في المواقع الأرضية وعلى الطائرات البحثية لاكتشاف الأوزون على مسافة عدة كيلومترات على طول مسار ضوء الليزر. أجهزة أخرى تقيس الأوزون باستخدام امتصاصه للأشعة تحت الحمراء أو المرئية أو انبعاثه لأشعة الميكروويف أو الأشعة تحت الحمراء.

ما الذي يحدث لطبقة الأوزون الستراتوسفيرية؟

كما قلنا يتم إنتاج الأوزون بشكل طبيعي في الستراتوسفير. ولكن هذا الأوزون وهو الأوزون "الجيد" يتم تدميره تدريجياً بواسطة مواد كيميائية من صنع الإنسان يُشار إليها على أنها مواد مستنفدة للأوزون(ODS) ، بما في ذلك مركبات الكلوروفلوروكربون(CFCs) ، ومركبات الكربون الهيدروكلورية فلورية (HCFCs) والهالوجينات وبروميد الميثيل ورابع كلوريد الكربون. كانت هذه المواد تُستخدم سابقاً، وفي بعض الأحيان لا تزال تستخدم في المبردات، وطفايات الحريق، والمبيدات الحشرية. بمجرد إطلاق هذه المواد المستنفدة للأوزون في الهواء تتحلل ببطء شديد. في الواقع، يمكن أن تظل سليمة لسنوات لأنها تتحرك عبر التروبوسفير حتى تصل إلى الستراتوسفير. هناك يتم تكسيرها بسبب كثافة أشعة الشمس الفوق بنفسجية وإطلاق جزيئات الكلور والبروم التي تدمر الأوزون "الجيد". يُقدر أن ذرة واحدة من الكلور يمكن أن تدمر مائة ألف جزيء من الأوزون “الجيد". على الرغم من أننا قللنا من استخدام العديد من المواد المستنفدة للأوزون، إلا أن استخدامها في الماضي لا يزال يؤثر على طبقة الأوزون الواقية. يمكن ملاحظة ترقق طبقة الأوزون الواقية باستخدام قياسات الأقمار الصناعية، خاصة على المناطق القطبية (شاهد رابط الفيديو في الأسفل).

للمساعدة في حل النضوب العالمي للأوزون، قام المجتمع الدولي بتنظيم إنتاج واستهلاك مركبات الكربون الكلورية فلورية من خلال اعتماد بروتوكول مونتريال في عام 1987. وإذا توقفت الولايات المتحدة ودول أخرى عن إنتاج المواد المستنفدة للأوزون، فيجب أن يعيد إنتاج الأوزون الطبيعي طبقة الأوزون إلى مستوياتها الطبيعية بحلول عام 2050.
 

نتيجة بحث الصور عن ‪youtube icon‬‏ فيديو يبين تغييرات في تركيزات الأوزون فوق نصف الكرة الأرضية خلال ٣٠ عاماً – المصدر ناسا

المراجع

  • WMO (World Meteorological Organization), Scientific Assessment of Ozone Depletion: 2018, World Meteorological Organization, Global Ozone Research and Monitoring Project-Report No. 58, 590 pp., Geneva, Switzerland, 2018.
  • WMO (World Meteorological Organization), Scientific Assessment of Ozone Depletion: 2014, World Meteorological Organization, Global Ozone Research and Monitoring Project-Report No. 55, 416 pp., Geneva, Switzerland, 2014.
  • Liu, X., P. K. Bhartia, K. Chance, R. J. D. Spurr, T. P. Kurosu, Ozone profile retrievals from the Ozone Monitoring Instrument, Atmos. Chem. Phys., 10, 2521-2537, 2010.
  • NASA's Goddard Space Flight Center

 

البريد الإلكتروني للكاتب: rsuleiman@cfa.harvard.edu | https://scholar.harvard.edu/sraid

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
ضيف
ضيف
03/11/2020 10:56 مساءً
عنوان التعليق
تعليق
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x