كشف بحث جديد عن حدوث إزاحة للشعاب المرجانية حديثة التكوين من المياه الاستوائية (المدارية) إلى المياه شبه الاستوائية مع إعادة توازن دراماتيكية خلال السنوات الأربعين الماضية نتيجة لتغير المناخ. ووفقا لبحث نشر يوم 4 يوليو/تموز في مجلة "مارين إيكولوجي بروغرس سيريس" فالشعاب المرجانية تتراجع عن المياه الاستوائية، وتنشئ شعابا مرجانية جديدة في المناطق الأكثر اعتدالا.
وضوح مذهل
تتكون الشعاب المرجانية من كائنات حية متنوعة تشكل أنظمة مترابطة بشكل معقد، ويمكّنها التفاعل بين هذه الأنواع من أداء عملها بشكل صحيح. وهي تتكاثر في المياه الضحلة حيث توجد الإضاءة الكافية، واعتدال ملوحة المياه، وقلة التغيير في درجات الحرارة. وجد الباحثون أن أعداد الشعاب المرجانية الاستوائية حديثة التكوين قد انخفضت بنسبة 85%، وتضاعفت أعدادها في الشعاب المرجانية شبه الاستوائية خلال العقود الأربعة الماضية.
مع ارتفاع درجة الحرارة الناتج عن التغير المناخي في المحيط، أصبحت البيئات شبه الاستوائية أكثر ملاءمة للشعاب المرجانية من المياه الاستوائية، مما يسمح لليرقات المرجانية بالاستقرار والنمو في مناطق جديدة. ويمكن أن توفر هذه الشعاب شبه الاستوائية ملاذاً للأنواع الأخرى التي تواجه تحديات بسبب تغير المناخ وفرصا جديدة لحماية هذه النظم البيئية الناشئة. وقد علق نيكول برايس، كبير الباحثين في مختبر بيجيلو لعلوم المحيطات والمؤلف الرئيسي للدراسة في صفحة الأخبار الخاصة بالمختبر قائلا "يبدو أن تغير المناخ يعيد توزيع الشعاب المرجانية، بالطريقة نفسها التي يتم بها إزاحة العديد من الأنواع البحرية الأخرى". وأضاف "الوضوح في هذا الاتجاه مذهل، لكننا لا نعرف حتى الآن ما إذا كانت الشعاب المرجانية الجديدة يمكنها دعم التنوع المدهش للأنظمة الاستوائية."
فرص اقتصادية جديدة
تنمو الشعاب المرجانية الجديدة عندما تستقر اليرقات على قاع بحر مناسب بعيداً عن الشعاب المرجانية التي نشأت فيها. ويعتقد الباحثون أن هناك أنواعاً معينة فقط من الشعاب المرجانية قادرة على الوصول إلى هذه المواقع الجديدة، استناداً إلى المدى الذي تستطيع فيه اليرقات المجهرية السباحة والانجراف في التيارات قبل نفاد مخزونها المحدود من الدهون. وقال ساتوشي ميتاراي، وهو أستاذ مشارك في معهد أوكيناوا للعلوم والتكنولوجيا لصفحة الأخبار الخاصة بالمختبر "إننا نشهد انتقال النظم الإيكولوجية إلى مزيج جديد من الأنواع التي لم تتعايش قط، ولم يتضح بعد الوقت الذي تستغرقه هذه النظم للوصول إلى التوازن."
قام الباحثون، وهم مجموعة دولية من 17 مؤسسة في ست دول، بتجميع قاعدة بيانات عالمية للدراسات التي يعود تاريخها إلى عام 1974. ويحدوهم الأمل في أن يضيف علماء آخرون نتائج بحثية لتحديث قاعدة البيانات، مما يجعلها شاملة ومفيدة للدراسات البحثية الأخرى. فحص فريق البحث خطوط العرض حتى 35 درجة شمال وجنوب خط الاستواء، ووجد أن تحول الشعاب المرجانية متطابق تماماً على كلا الجانبين. وقاموا بتقييم أين ومتى يمكن لـ "الشعاب المرجانية اللاجئة" الاستقرار في المستقبل، مما يحتمل أن يجلب العديد من الفرص الاقتصادية الجديدة مثل الصيد والسياحة.
وقال بيتر إدموندز، الأستاذ بجامعة كاليفورنيا الشمالية في نورثريدج لصفحة الأخبار الخاصة بالمختبر "نتائج هذه الورقة البحثية تسلط الضوء على أهمية الدراسات طويلة الأجل التي توثق التغيير في مجتمعات الشعاب المرجانية".
وأضاف "من الصعب للغاية اكتشاف الاتجاهات التي حددناها في هذا التحليل، ولكنه هام للغاية في فهم كيف ستتغير الشعاب المرجانية في العقود المقبلة. ومع تعمق أزمة الشعاب المرجانية، سيتعين على المجتمع الدولي أن يكثف الجهود للجمع بين النتائج وتوليفها على النحو الذي تمكنا من إنجازه في هذه الدراسة."
تغييرات محيرة للعقل
قال برايس "لا يزال هناك الكثير من الأسئلة حول الأنواع التي تصل أو لا تصل إلى هذه المواقع الجديدة، ونحن لا نعرف حتى الآن مصير هذه الشعاب المرجانية حديثة التكوين على مدى أطر زمنية أطول". وأشار إلى "إن التغييرات التي نشهدها في النظم الإيكولوجية للشعاب المرجانية محيرة للعقل، ونحن بحاجة إلى العمل بجد لتوثيق كيفية عمل هذه النظم ومعرفة ما يمكننا القيام به لإنقاذها قبل فوات الأوان."
المصادر
مصدر الصور: "بيكسابي".. مصرح باستخدام الصور
– رابط مصدر صورة 1: https://pixabay.com/photos/jeep-south-island-1639961/
– رابط مصدر صورة 2: https://pixabay.com/photos/underwater-sea-fish-coral-nature-123282/
البريد الإلكتروني للكاتب : tarekkapiel@hotmail.com | tkapiel@sci.cu.edu.eg