تمتاز الحفّازات أو العوامل المساعدة بقدرتها على زيادة سرعة التفاعلات سواء كانت كيميائية أو حيوية، وذلك من خلال خفض طاقة تنشيط هذه التفاعلات دون أن تُستهلك هذه الحفّازات أو يحدث بها تغيير دائم. ومن هذا المنطلق ازدادت أهمية الحفّازات في مختلف مناحي حياتنا، الصناعي منها والحيوي ناهيك عن البيئي. فها هي الصناعة تحاكي الطبيعة في أن 80% من التفاعلات الكيميائية الصناعية يتم من خلال استخدام الحفّازات. ولم لا، والتفاعلات الكيميائية الحيوية في الكائنات الحية كالتمثيل الضوئي وانتاج الطاقة من الغذاء لم ولن تستغني عن الحفّازات (البروتينات الخاصة والإنزيمات). بل هل يمكن تصور كيف تكون حياتنا بدون وجود الحفّازات؟ سوف يكون الأمر جد خطير وصعب للغاية، لأنه لولا وجود الحفّازات في حياتنا لاستغرقت التفاعلات الكيميائية أزمنة طويلة وقد لا تتم على الإطلاق.
وبطبيعة الحال ومع التقدم العلمي المتلاحق، كان تصنيف وتقسيم العمليات الحفزية ضرورة من ضروريات العمل العلمي المتخصص والذي أدّى بدوره إلى تقسيم العمليات الحفزية إلى عمليات حفزية متجانسة وأخرى غير متجانسة، علاوة على العمليات الحفزية الإنزيمية. وتسابق العلماء في إيجاد طرق متعددة لتخليق الحفّازات الصناعية بصورها المتعددة والمختلفة. فعلى المستوى التطبيقي، كان السعي وراء هدف أساسي وجوهري في تصنيع وانتاج الحفّازات، وهو اختيار نوع الحفّاز المناسب للتفاعل المرغوب والمراد انجازه. ولم يكن الاختيار وليد اللحظة أو سهلاً، بل مر بالكثير من السلبيات والايجابيات التي وضعت أسس قوية ومحددة لهذا الاختيار، والتي كان أهمها اختيار الحفّاز على أساس قدرته في زيادة سرعة التفاعل المرغوب مع الحرص الشديد على تلافي منتجات غير مرغوب فيها أو أن تتواجد هذه المنتجات بنسب ضئيلة أو مهملة. ومع تطور النانوتكنولوجيا كانت للبيئة اضافة في هذا الاختيار تمثلت في الاختيار الواعي والسليم لنوع الحفّاز شريطة أن يعمل على خفض الطاقة المستهلكة، وخفض كميات المواد الغير مرغوب فيها والتي يعد بعضها من ملوثات البيئة. ومن هنا كانت هناك الطرق الكيميائية لتصنيع الحفّازات والطرق الفيزيائية علاوة على الطرق البيولوجية والتي كان هدف كل منها العمل على زيادة كفاءة وخصوصية أو انتقائية الحفّاز لتفاعل معين.
واعتمادا على كل ماتقدم ومع التقدم المذهل في علم النانوتكنولوجيا كان التعاون المثمر بين علماء الحفز وعلماء علوم المواد، الذي أدّى إلى التطوير في علم تصنيع الحفّازات والوصول إلى حفّازات ذات أشكال مختلفة اعتمدت على طبيعة التطبيق والشركة المصنعة. وقد كان من الأشكال الشائعة للحفّازات الشكل الكروي والاسطواني والثلاثي الفصوص والعنقودي والأنبوبي إلى آخر ذلك من الأشكال الهادفة والمستهدفة. وكان من الصور الواضحة للتطوير الوصول إلى الحفّازات التي تحاكي الطبيعة من حيث الشكل، والتي قد يطلق عليها الحفّازات الغصنية أو الشجيرية، كإحدى الوسائل لتحقيق الاستدامة الحفزية المتمثلة في امكانية الاستفادة من الحفّاز لمرات متعددة وبكفاءة وانتقائية عالية.
خلق الله سبحانه الإنسان ووهبه القدرة على التعلم من الكون المحيط به، أو ما يسمى بالطبيعة، فكانت هي المعلم أو المرجع الأساسي لاستنباط كل العلوم، فهي محور بل كل محاور العملية التعليمية والبحثية على مر الأزمنة والعصور. علاوة على كونها كائن، أي أن الطبيعة كائن حي منتظم ذاتي التنظيم يمتلك من القوانين والمبادئ الخاصة به للحفاظ على نظامه البيئي، كيف لا، وهي خلق الله الذي أتقن كل شيء خلقه؟ فمن خلال الطبيعة يمكن استنباط أو استخلاص الحلول لكثير من المشاكل والمصاعب التي تواجهنا، ومن خلالها يمكن استنباط تصاميم حديثة للحفّازات، فكانت محاولة التحكم في حجم وشكل المواد الحفزية والوصول بها إلى الشكل الشجيري الذي يظهر خصائص ممتازة وغير تقليدية في اتجاه الكفاءة والانتقائية الحفزية. وها هو الشكل الشجيرى المتكون بفعل الطبيعة لأكاسيد المنجنيز الموجودة فى الكوارتز (الشكل 1أ) وبعض الصخور الموجودة بدير سانت كاترين المصرية (الشكل 1ب).
ولكن لماذا الحفّازات الشجيرية؟ إن الحفّاز الشجيري يجسد الصورة الحية للقدرة على التحكم في حجم وشكل جزيئات الحفّاز ومن ثم التحكم في الطبيعة المورفولوجية للحفّاز. وهنا نجد ضالتنا التي نبحث عنها، ألا وهي زيادة مساحة سطح الحفّاز وبالتالي زيادة عدد المراكز النشطة على سطحه والمشتركة في التفاعل المرغوب فيه مما يسهم بدوره في زيادة كفاءة وانتقائية الحفّاز تجاه تفاعل معين أو منتج معين. إن زيادة مساحة سطح التلامس أو التقابل بين المواد المتفاعلة يزداد بزيادة تلامسها أو تقابلها مع سطح الحفّاز والذي يؤدي بدوره إلى زيادة تلامسها أو تقابلها مع المراكز النشطة المشتركة في التفاعل المرغوب. ومن هنا جاءت أهمية الحفّازات الشجيرية علاوة على المميزات المتعددة الأخرى لهذا الصنف من الحفّازات. إن الحفّاز الشجيري يمتلك هياكل محددة تحديداً دقيقاً، حيث تشبه في شكلها الشجرة ذات الفروع المنبثق منها أوراق كثيرة، وبالتالي يصبح هيكلها محتوياً على فراغات وتجاويف كثيره مما يزيد من مساحة سطح هذه الحفّازات وخصوصاً التي تتواجد في الصورة الصلبة، وبالتالي تزداد المراكز النشطة على السطح أو يمكننا القول في الأطراف ناهيك عما في داخلها أو ما يسمى بالقلب أو المركز.
وكان السبق في الوصول إلى اصطناع حفازات شجيرية معتمداً على علم البوليمرات، ثم تطور إلى ادخال عناصر معدنية داخل أو على أطراف الشكل الشجيري ثم تم تحميل كل هذا على مادة حاملة للوصول إلى القيمة المضافة للشكل الشجيري وذلك بزيادة مساحة السطح أكثر وأكثر بتحميل الحفّاز على مادة حاملة ذات مساحة سطح كبيرة ثم جاءت بعد كل هذا الحفّازات الشجيرية الغير عضوية النقية والمُشابَة. وبناء عليه، يمكن تقسيم الحفّازات الشجيرية إلى حفازات شجيرية عضوية وأخرى غير عضوية، وبما أنه يمكن تحميلها على مادة حاملة فكان التقسيم أكبر وأشمل حيث كانت هناك الحفّازات الشجيرية العضوية المُحَمّلة والغير مُحَمّلة، وأخرى غير عضوية مُحَمّلة وغير مُحَمّلة.
وكان تصنيع الحفّازات الشجيرية العضوية يعتمد على طريقتين أساسيتن، واحدة منها تمثلت في بناء الشكل من الداخل إلى الخارج (2أ) والأخرى عكسها تماماً (2ب) وانبثق من هاتين الطريقتين طرق متعددة، والتي منها المزج بين هاتين الطريقتين(2ج) ولقد جاء كل هذا بالشكل رقم (2) والذى يرجع إلى مجموعة الباحث ياماموتو(1).
وكانت القيمة المضافة في اكتشاف واستخدام الحفّازات الشجيرية العضوية تتمثل في تقليل أو سد الفجوة بين الحفز المتجانس وغير المتجانس. علاوة على أن هذه الحفّازات لها ما لها من كفاءة عالية واستقرار وانتقائية كبيرة بالإضافة إلى سهولة فصلها في صورتها الصلبة أو السائلة. فنجد أن الحفّازات الشجيرية المتجانسة يمكن فصلها بواسطة تقنيات مختلفة منها الترسيب أو الفصل الغشائي، أو بالترشيح النانوي بسبب حجمها الكبير مقارنة بالمنتجات المراد الحصول عليها من التفاعل الكيميائي. وبهذه الطريقة تكون الحفّازات الشجيرية المتجانسة قد استوعبت مزايا الحفّازات الغير متجانسة في سهولة فصلها عن المنتج النهائي.
فى حين اعتمد تصنيع الحفازات الشجيرية غير العضوية على تقنيات مختلفة ومتعددة (2-5). كان لهذه التقنيات طبيعة خاصة بدأت من القاعدة إلى القمة كطريقة الترسيب والترسيب المتزامن المقننة وطريقة الاحتراق الذاتي إلى غير ذلك من الطرق.
المراجع:
- K. Yamamoto and T. Imaoka, Bull. Chem. Soc. Jpn. 79 (2006) 511.
- Gholamreza Nabiyouni and Davood Ghanbari, J. Nanostruct., 7(2): (2017)111-120.
- Rajender S Varma, Varma Sustainable Chemical Processes, 2(2014)11.
- Liang-Xin Ding, An-Liang Wang, Yan-Nan Ou, Qi Li, Rui Guo, Wen-Xia Zhao, Ye-Xiang Tong and Gao-Ren Li, Scientific reports, 3 (2013) 1181.
- N. M. Deraz, Interceram, 67(3) (2018) 14-19.
البريد الإلكتروني للكاتب: nmderaz@yahoo.com