موضوع للنقاش، أفتحه معكم أنتم أعضاء المجتمع العلمي العربي لنناقشه معاً على صفحات موقع منظمتكم "منظمة المجتمع العلمي العربي" ليكون منصة نناقش فيها قضايانا.
كأي مجتمع، للمجتمع العلمي قضاياه، منها عالمية وأخرى إقليمية أو محلية. من بين تلك القضايا، كيف يستطيع المجتمع العلمي توصيل نتائج البحوث العلمية لصناع القرار؟
بداية من هم صنّاع القرار الذين نقصدهم في هذا المقال؟ إنهم أي صاحب مصلحة سواء كان موظفا أو مديرا في شركة أو مصنع أو دائرة حكومية، بالإضافة إلى متخذي القرارات في السياسة العلمية والاقتصادية في الدول.
من المعلوم، أن صنّاع القرار غالباً يحتاجون لاتخاذ فعل أو رد فعل سريع في قضية ما، ولديهم احتياجات لتحليلات معينة تختلف عن ما يحتاجه غيرهم، وعادة لا يكون لديهم الوقت الكافي ولا الإمكانية لجمع وتصفية وتحليل البيانات، ومن ثمّ فهمها وتفسيرها واستخراج نتائجها.
إذن، كيف يمكن أن تصل نتائج البحوث، أو دعنا نقول كيف يصل الرأي العلمي في قضية ما لمتخذ القرار؟
ولكن، هل فعلاً يريد صنّاع القرار في وطننا العربي رأياً علمياً لاتخاذ أي قرار؟
من الواضح أن هناك فجوة واسعة بين المجتمع العلمي وصنّاع القرار في بلداننا العربية. فرغم وجود ملايين من خريجي كليات العلوم والهندسة والطب في أرجاء الوطن العربي، لا نكاد نجد لهم دور حقيقي في سياسة واقتصاد بلدانهم، بل إنهم مشاريع للهجرة أو الموت العلمي البطيء في بلادهم، للأسف.
لماذا لا تنهض دولنا العربية كما نهضت دول أقل منها بكثير في كل عوامل النهضة؟
في بعض الدول العربية تجد اهتمام ظاهر بالعلوم وبناء الجامعات ومراكز البحوث، والحرص على أن تحصل تلك المؤسسات العلمية على الاعتماد العالمي وترتفع درجاتها في التقييم بين جامعات العالم، وهي تنفق على ذلك الكثير، هذا جميل، ولكن… بعد ذلك، ما دور تلك المؤسسات العلمية في اقتصاد الوطن، وهل يطلب صنّاع القرار رأياً علمياً منها؟ أم هي "ديكور" وتجميل للصورة فقط؟ هل هو اهتمام زائف؟
يظهر عدم الاهتمام الحقيقي للدول العربية بالعلم في غياب سياسة علمية واضحة للدولة أو لمجموعة الدول العربية، فلا مشاريع علمية مشتركة ولا حتى تعاون بحثي على مستوى الباحثين. وقد أشرت إلى هذا في معظم المقالات والدراسات التي أجريتها ونشرتها على صفحات موقع المنظمة، ويمكن الرجوع إليها لمن يريد. بل حتى الاتفاقيات الدولية التي توقع عليها الدول العربية (ما عدا الأمنية منها) والتي تعنى بالتنمية وحل مشاكل المجتمعات البيئية والصحية والاقتصادية، غالباً ما تكون شكلية أيضاً. ومثال ذلك ما جاء في تقرير لمؤسسة المعلومات العلمية (ISI) والذي صدر في شهر ابريل 2019، عن البحوث العالمية حول أهداف التنمية المستدامة (SDGs) والتي وضعتها الأمم المتحدة عام 2015 لمحاربة الفقر وانهاءه في عام 2030.
يضم التقرير العديد من الموضوعات الهامة، ولكن ما لفت نظري فيه هو موضوع التعاون البحثي بين الدول في بحوث التنمية المستدامة، والشكل التوضيحي الذي يلخصه:
وكما يظهر أن أقل تعاون بحثي هو بين الدول العربية مع بعضها، بل إنه أقل حتى من تعاون الدول العربية مع دول أمريكا اللاتينية. وأيضا نلاحظ أن الدول العربية هي أقل الدول اهتماماً بالموضوع. ترى لماذا؟
ألا تعاني الدول العربية من الفقر وتلوث البيئة وشح المياه والأمراض المتعلقة بتلوث المياه وغير ذلك كثير؟؟ هل لأن هذه المشاكل تتعلق بالإنسان العربي المواطن في تلك الدول، وليس بغيره؟
يبين التقرير أيضا أن أكثر تعاون هو بين الدول الأوروبية وبعضها في مجال بحوث التنمية المستدامة، وأن بريطانيا هي أكثر الدول اهتماماً بهذه البحوث. والمتوقع أن تهتم الدول الفقيرة والنامية أكثر من الدول الغنية في بحوث التنمية المستدامة ومكافحة الفقر، تُرى لماذا إذن؟ ولماذا يقع وطننا العربي في ذيل القائمة؟
فمن لديه إجابة علمية جادة على هذه الاستفسارات، نرحب بها ونفتح باب النقاش حولها في التعليقات أسفل المقال.
البريد الإلكتروني للكاتب: mmr@arsco.org