مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

ميكروبات الجهاز الهضمي وأثرها على مرض باركنسون

الكاتب

وحدة الدراسات والبحوث

منظمة المجتمع العلمي العربي

الوقت

11:19 صباحًا

تاريخ النشر

29, يناير 2019

تأثير الدماغ والجهاز العصبي المعوي على الجهاز الهضمي معروف، لكن دراسات حديثة تشير إلى تأثير الميكروبات المعوية على الجهاز العصبي المعوي والمركزي وذلك عن طريق افرازاتها، وربطها بحالات الاكتئاب والقلق والتوتر، بل تشير بعض الدراسات أيضا إلى دور محتمل لهذه الميكروبات في تطوير الإصابة بالأمراض العصبية مثل باركنسون والزهايمر(4).

وحسب تلك الدارسات فإن هذه الميكروبات تقوم بإنتاج مجموعة من المركبات تؤثر على النواقل العصبية والخلايا المناعية (1&5)، وبهذا فهي تساهم في اتزان الجهاز العصبي المعوي ومناعته، ولكن قد تكون أيضاً مسببة للأمراض عندما تتغير”التركيبة السكانية“ لهذه الميكروبات في الأمعاء، إما لعوامل خارجية مثل نوع الطعام أو الإصابة بفيروس أو جرثومة أو عوامل بيئية، أو لعوامل داخلية مثل التوتر والقلق والحالات العاطفية المختلفة من تأثيرات المخ والجهاز العصبي. أغلب النتائج توصلت بناء على التجارب المخبرية وتحتاج إلى دراسات أخرى مكثفة لمعرفة مدى تأثيرها والكيفية المحددة لكل حالة تسببها. وقد تواجه صعوبات بسبب المتغيرات الكثيرة التي تؤثر على بيئة هذه الميكروبات مثل الحمية الغذائية، الجنس، العمر، المتغيرات الجينية (1).

مرض باركنسون (Parkinson disease) من الأمراض العصبية التي تصيب كبار السن عن طريق انحلال الخلايا العصبية الحركية. ومن أعراضه: التصلب العضلي، الرعشة، ضعف واضطرابات الحركة (2,4,5). السبب الرئيسي للمرض غير معروف حتى الآن، لكن بحسب المجلة العلمية (Scientific American) فإن الأطباء لاحظوا أنّ الإمساك هو أحد الأعراض الأولية للمرض وتظهر في نحو نصف المصابين به، إلا أن الدراسات الأولية كانت تركز على الدماغ خاصة الخلايا العصبية المنتجة للدوبامين المرتبطة بالوظائف الحركية للجسم (7). كما كانت تشير أيضاً لأسباب جينية، إلا انها تمثل أقل من 10% مقارنة بالحالات الأخرى الغير معروفة (5). والآن، حسب الدارسات الحديثة قد يكون لهذ الميكروبات دوراً هاماً أيضاً في نشأة وتقدم المرض.

يتمثل تأثير الميكروبات عن طريق تأثيرها على الجهاز العصبي المعوي المسؤول عن التحكم في وظائف الأمعاء وتأثيرها على الخلايا الدبقية الصغيرة المسؤولة عن الاستجابة المناعية بالجهاز العصبي المركزي. ركز العلماء على خلل في التفاف البروتين الألفا سينيوكلين (α-synuclein) مكوناً تكتلات تسبب خللاً للنواقل العصبية في الجهاز العصبي المعوي والتهابات حادة تصل إلى الدماغ نتيجة تفاعلها مع الخلايا الدبقية التي بدورها أيضاً تزيد من حدة الالتهاب مسببة تقدم المرض (2,3,5,6). الطريقة المحددة لنشأة البروتين وتفاعلاته معقدة لكن انتقاله قد يكون معروفا، فبحسب فرضية هيكو براك عالم التشريح العصبي بجامعة أولم في ألمانيا فإن تراكم البروتين يبدأ من الأمعاء والجهاز العصبي المعوي ثم ينتقل عن طريق العصب المبهم (vagus nerve) إلى الدماغ مسببا المرض (2,3,5,7). هذه الفرضية تستند على ملاحظته بالتعاون مع زملائه لأجسام لوري (او تكتلات الألفا سَينيوكلين) في عينات المرضى المتوفين المصابين بالمرض(7). كما تستند ايضاً على التجارب المخبرية للقوارض التي رصدت معدلات عالية من البروتين في العصب المبهم بعد حقنها بجدار المعدة (5)، والدراسات البشرية التي قام بها سفنسون (Svensson) وزملائه مفادها أن من تعرضوا لعملية جراحية سابقاً لاستئصال جزئي أو كلي للعصب تقل لديهم معدلات الإصابة بالمرض مقارنة بالآخرين (4).

اذاً، ما الذي يسبب تراكم هذا البروتين؟ قد يكون لألفا سينيوكلين في القناة المعوية دور في محاربة المسببات المرضية كما تشير دراسة الأستاذ بجامعة جورج تاون مايكل زاسلوف وزملائه بإيجاد البروتين في الأطفال المصابين بعدوى نوروفيروس (norovirus: فيروس يسبب التهاب معدي ومعوي) وتنشيطها للخلايا للمناعية. كما تقترح دراسة أخرى لعالِم الأعصاب بجامعة لويسفيل روبرت فريدلاند أن البكتيريا تنتج ألياف بروتينية صلبة تلتف حول البروتينات المجاورة لها بشكل خاطئ بطريقة تشبه البريونات المسببة لمرض جنون البقر (7).

هناك طريقة أخرى عدا البروتينات لنشأة المرض اقترحها عالم الميكروبيولوجي بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا ساركيس مازمانيان مفادها الأحماض الدهنية قصيرة السلسلة (SCFA‘s) الناتجة عن عمليات هضم وتحليل الميكروبات للأطعمة قد تؤثر على الخلايا الدبقية الصغيرة. هذه المواد تنتقل إما عبر العصب المبهم أو بطرق أخرى مثل مجرى الدم (2,5,6,7). لكن الأمر مازال في بدايته.

ان العلاج الحالي للمرض يهدف لتبطيء تطوره وتخفيف حدة الأعراض. والتشخيص يكون بعد ظهور الأعراض الحركية والتي تكون الأعصاب قد تضررت حينها (5).

ما يزال الموضوع قيد البحث ولكنه قد يفتح لنا أبواباً لابتكار طرقاً جديدة لفحص المرض وعلاجه. مثل الشركة انترين التي ماتزال تعمل على اختبار مركب جديد يعمل لتبطيئ تكتلات الألفا سَينيوكلين في الأمعاء بهدف تقليل حدة الأعراض وآملين ايضاً استهداف الأسباب الأولية للمرض لعلاجها أو منعها (7).

الشكل 1: طريقة مبسطة تشرح دور الميكروبات بمرض الباركنسون

المراجع

  1. Gut/brain axis and the microbiota
    By:  Mayer, Emeran A.; Tillisch, Kirsten; Gupta, Arpana
    – JOURNAL OF CLINICAL INVESTIGATION
    – Volume: 125   Issue: 3   Pages: 926-938   Published: MAR 2015
     
  2. Gut Microbiota Regulate Motor Deficits and Neuroinflammation in a Model of Parkinson's Disease
    By:  Sampson, Timothy R.; Debelius, Justine W.; Thron, Taren;
     et al
    CELL
    – Volume: 167   Issue: 6   Pages: 1469-+   Published: DEC 1 2016
     
  3. Gut microbiome in health and disease: Linking the microbiome-gut-brain axis and environmental factors in the pathogenesis of systemic and neurodegenerative diseases
    By : Ghaisas, Shivani; Maher, Joshua; Kanthasamy, Anumantha
    – PHARMACOLOGY & THERAPEUTICS
    – Volume: 158   Pages: 52-62   Published: FEB       2016
     
  4. Gut instincts: microbiota as a key regulator of brain development, ageing and neurodegeneration
    By: Dinan Timothy G.; Cryan, John F.
    – JOURNAL OF PHYSIOLOGY-LONDON
    – Volume: 595   Issue: 2   Pages: 489-503   Published : JAN 2017
     
  5. Outside in: Unraveling the Role of Neuroinflammation in the Progression of Parkinson's Disease
    By : TroncosoEscudero, Paulina; Parra, Alejandra; Nassif, Melissa;
    et al.
    FRONTIERS IN NEUROLOGY 
    Volume: 9     Article Number: 860   Published: OCT 15 2018
     
  6. The Central Nervous System and the Gut Microbiome
    By : Sharon, Gil; Sampson, Timothy R.; Geschwind, Daniel H.;
     et al.
    CELL
    – Volume: 167   Issue: 4   Pages: 915-932   Published: NOV 3 2016
     
  7. Does Parkinson’s Begin in the Gut?
    By : Kwon D, Scientific American  Published May  8 2018

 

البريد الإلكتروني للكاتب: info@arsco.org

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x