في ظل تسارع وتيرة ظهور سلالات بكتيرية مقاومة للمضادات الحيوية بشكل شبه كامل او كامل، تتضافر الجهود وتنشط الجهات العاملة في الصحة المحلية والعالمية بشكل كبير في الآونة الأخيرة لوضع حلول من شأنها الحفاظ على المنجز البشري الكبير المتمثل في المضادات الحيوية والتي استطاع الانسان من خلالها الحفاظ على وانقاذ أرواح ملايين من البشر. وفي هذا السياق قامت منظمة الصحة العالمية في العام 2017 بنشر قائمة مكونة من 12 بكتيريا تمثل خطورة عالية عالمية بسبب قدرتها العالية على مقاومة المضادات الحيوية. في هذه السلسلة من المقالات سنفرد مقالة لكل بكتيريا نبين فيها بعضاً من خصائصها، أماكن تواجدها، كيفية انتشارها/انتقالها، الامراض التي تسببها، المضادات الحيوية المستخدمة ومدى مقاومتها. بالإضافة الى معلومات عن أماكن تواجد الأنواع المقاومة.
بكتيريا العطيفة Campylobacter
صغيرة ذات شكل حلزوني يشبه الفاصلة أو حرف S، جنس من بكتيريا سالبة غرام، تنمو في أوساط قليلة الأكسجين Microaerophilic، متحركة بسوط قطبي Polar Flagella، موجبة لكل من فحصي Oxidase وCatalase . تحتاج أوساط زراعية غنية للنمو مثل اجار الدم، لا يمكنها النمو في الغياب التام للأكسجين أو في وجود الاكسجين الجوي وتحتاج الى فقط 5% من تركيز الاكسجين ونموها يتعزز في وجود ثاني أكسيد الكربون.
تصيب العطيفة الانسان والحيوان وتعد أحد الأسباب الأربعة الرئيسية لأمراض الإسهال في العالم. وتعتبر السبب الجرثومي الأكثر شيوعاً لالتهاب المعدة والأمعاء البشري في العالم. هناك 17 نوعاً و6 أنواع فرعية من جنس العطيفة ومن أشهر الأنواع التي المرتبطة بإحداث المرض في أكثر الأحيان: العطيفة الصائمية Campylobacter Jejuni والعطيفة القولونية Campylobacter Coli. وقد عُزلت أنواع أخرى مثل العطيفة النورسية Campylobacter lari و Campylobacter Upsaliensis أيضاً من المرضى المصابين بمرض الإسهال إلا أنه يُبَلّغ عنها بدرجة أقل. يبدأ ظهور أعراض المرض عادة بعد فترة متراوحة بين يومين و5 أيام من العدوى ببكتيريا العطيفة غير أن هذه الفترة يمكن أن تتراوح بين يوم واحد و10 أيام. تشمل الأعراض السريرية الأكثر شيوعاً لحالات العدوى بالعطيفة: الإسهال (قد يكون مصحوب بالدم في بعض الأحيان)، ألم في البطن، حمى، صداع، الغثيان و/أو القيء. وتدوم الأعراض عادة ما بين 3 و6 أيام. تندر حالات الوفاة الناجمة عن داء العطائف وتقتصر عادة على الأطفال، المرضى المسنين أو على الأشخاص الذين يعانون من نقص المناعة.
قد ينتج عنها ظهور مضاعفات مثل تجرثم الدم، التهاب الكبد والتهاب البنكرياس (أي إصابة الكبد والبنكرياس بالعدوى على التوالي) والإجهاض بدرجات مختلفة. وقد تشمل المضاعفات التالية للعدوى التهاب المفاصل التفاعلي (التهاب المفاصل المؤلم الذي يمكن أن يدوم عدة أشهر) والاضطرابات العصبية مثل متلازمة غيلان– باريه وهي حالة شلل شبيهة بشلل الأطفال يمكن أن تسبب خللاً في التنفس والأعصاب في عدد صغير من الحالات. العطيفة Campylobacter واسعة الانتشار بين الحيوانات مثل الدواجن والماشية والخنازير والأغنام؛ ولدى الحيوانات الأليفة بما فيها القطط والكلاب. وقد وجدت أيضاً لدى المحاريات. Shellfish ويُعتقد عموماً أن العدوى تنتقل عن طريق الأغذية باستهلاك الدواجن الملوثة ومنتجات اللحوم غير المطبوخة بشكل كاف والحليب الطازج أو الملوث. ويعتبر الماء الملوث أيضاً مصدراً من مصادر العدوى.
وداء العطائف حيواني المصدر تنتقل العدوى به من الحيوان أو المنتجات الحيوانية إلى الإنسان. وفي أغلب الأحيان، تلوَّث الذبائح أو اللحوم ببكتيريا العطيفة الموجودة في البراز خلال الذبح. ومن النادر أن تسبب العطيفة الأمراض لدى الحيوان. وبشكل عام العلاج بالمضادات الحيوية قد لا يكون ضرورياً حيث أن كثير من الحالات تشفى من تلقاء نفسها. ويعد تعويض السوائل والأملاح ركناً رئيسياً في معالجة حالات الإسهال بشكل عام. ويوصى بالعلاج بمضادات الميكروبات في الحالات الغزوية Invasive Infection (عندما تغزو الجراثيم خلايا الأمعاء المخاطية وتلحق أضراراً بالأنسجة وقد تصل الى أماكن أخرى في الجسم) أو من أجل القضاء على الجراثيم لدى حامليها (الأشخاص الذين يأوون جرثومة العطيفة في أجسامهم ويواصلون نشرها بينما لا تظهر عليهم الأعراض).
وعادةً يستخدم الأزيثرومايسين Azithromycin كخيار أساسي لعلاج العطيفة، ولكن يعتبر الإريثرومايسين الخيار الكلاسيكي والمفضل. ويمكن استخدام السيبروفلوكساسين Ciprofloxacin أو التتراسيكلينTetracyclines كبدائل، مع تجنب استخدامها للأطفال. قد يحتاج المرضى المصابون بتجرثم دم Septicemiaبالعطيفة الصائمية C. jejuni لبلازما مجمدة مع المضادات الحيوية. أما المصابون بعدوى منCampylobacter fetus فيعد الجنتامايسين Gentamicineالخيار الأفض كبديل يمكن استخدام الأمبيسيللين أو الجيل الثالث من السيفالوسبورينات. بالنسبة لعدوى الجهاز العصبي المركزي فتحتاج لـ 2-3 أسابيع من الجيل الثالث من السيفالوسبورينات أو الأمبيسيللين أو الكلورامفينيكول. Chloramphenicol
بعض سلالات العطائف أظهرت مقاومة للفلوروكينولونات، هذه المقاومة قد تكون نشأت عن انتقال سلالات مقاومة من الحيوانات عن طريق الاحتكاك المباشر أو عن طريق تناول اللحوم والدواجن التي تعرضت للفلوروكينولونات. مقاومة الفلوروكوينيلون في C. Jejuni و C. coli تعزى إلى الطفرة GyrA C-257-T، التي يمكن تحديدها بواسطة فحص PCR. حسب دراسات أجريت سابقاٌ، ففي عام 2004 نسبة العزلات المقاومة للفلوروكينولونات كان 13%، وفي 2006 كان 21%، والدراسة التي أجريت في المملكة المتحدة عام 2008 أشارت إلى أن نسبة العزلات المقاومة للفلوروكينولونات في الدواجن كانت 22% و75% من مزارع الخنازير. كما تم الإبلاغ عن مستويات عالية من المقاومة للسيبروفلوكساسين في البلدان النامية، مع مقاومة تتراوح بين 30 ٪ إلى أكثر من 70 ٪.
للوقاية يجب اتخاذ تدابير للمكافحة في جميع مراحل السلسلة الغذائية من الإنتاج الزراعي في المزارع إلى تجهيز الأطعمة وتصنيعها وتحضيرها في السياقين التجاري والمنزلي، اتباع الخطوات السليمة في الذبح من أجل الحفاظ على أدنى حد من التلوث، الطهي الجيد للطعام والبسترة. بسبب عدم وجود وسيلة مضمونة للوقاية من الإصابة بهذه الميكروبات (لا يوجد تطعيم/لقاح) يبقى وجود مضادات حيوية فعالة أمراً ضرورياً لعلاج الأوبئةEpidemics والتفشيات Outbreaks والحالات الصعبة من داء العطائف. وهذا يستلزم إيجاد بدائل للفلوروكينولونات.
البريد الإلكتروني للكاتب: elmanama_144@yahoo.com