يحاول الإجابة على هذا السؤال فريق دولي علمي من سلطنة عمان وكل من ألمانيا، استراليا وإيطاليا، وذلك من خلال دراسة تجريبية لتحديد أسباب وعوامل هلاك الشُعب المرجاني عند التعرض لترسبات بحرية، الدراسة نُشرت يوم 21 مايو 2012. واعتماداً على نتائجهم، فإن نقص الأكسجين مع زيادة حموضة البيئة، تصنع سلسلة من التفاعلات تؤدي إلى هلاك المرجان.
ربما تمثل الشعب المرجانية أكبر موطن لنظام تنوع بيولوجي، وهي مصدر فتنة وإعجاب الكثير من الناس بسبب ألوانها وتنوعها وجمالها الأخّاذ. تتوزع مناطق الشعب المرجانية في السواحل الضحلة (اللاعميقة) والتي تسمح للضوء بالنفاذ إليها، وهي تغطي مناطق تقع ما بين المدارين 30 درجة شمال وجنوب خط اللإستواء. تمثل الحضارة الانسانية الحديثة خطر على أنظمة التنوع البيولوجي الهشة من خلال: تغير المناخ، نقص الأكسجين، زيادة درجة حموضة المحيطات. التصنيع، اختفاء الغابات والزراعة المكثفة في المناطق الساحلية ، كلها عوامل تغير وبسرعة الظروف الحياتية داخل المحيطات.
خلال مئات أوالآف السنين تقوم البوليبات المرجانية ببناء الهياكل الكربونية التي تكّون الشعاب المرجانية الواسعة. عملية التمثيل الضوئي التي تقوم بها الطحالب داخل هذه البوليبات، تنتج الأكسجين والكربوهيدات من ثاني أكسيد الكربون والماء، وبالتالي تقوم بتغذية البوليبات المرجانية. تدل التجارب أنّ إرتفاع درجة الحرارة بين 1-3 درجة مئوية يحث الطحالب على إنتاج سموم، مما يدفع البوليبات المرجانية إلى طرد الطحالب التي تسكنها، وهذا يتسبب في فقد هذه المرجانيات للونها الأخضر وتصبح بيضاء ناصعة. إنّ الشعب المرجانية تعتمد على نشاط الطحالب ولا تستطيع العيش بدونها أكثر من عدة أسابيع.
كما تدل الدراسة على أن الشعاب المرجانية تندثر وتهلك بسرعة عند تعرضها لترسبات التربة المنجرفة مع الأمطار والمتدفقة مع الأنهار حاملة معها المواد الغذائية والعضوية وغيرها. في ضوء ما تقدم، اقترح فريق العمل نظرية تقول: أن الأثر المشترك بين تعزيز الرسوبيات وزيادة نسبة المواد العضوية والتواجد الطبيعي للكائنات الدقيقة يمثل سبب الهلاك السريع للمرجانيات. لقد قام فريق البحث ببناء نموذج مصغر لمنطقة شعب مرجانية للسيطرة على العوامل المختلفة، وكانت نتائج الدراسة كما يلي:
- زيادة طبقة ترسبية تشمل مواد عضوية وبسمك 2 مم يؤدي إلى توقف التمثيل الضوئي لدى الطحالب لعدم نفاذ الضوء إليها.
- عند تخصيب الرسوبيات بمواد عضوية يقل الأكسجين تحت هذه الطبقة، وذلك بسبب النشاط الميكروبي. ونتيجة لذلك تقوم ميكروبات أخرى بهضم المواد العضوية ومركبات الكربون عن طريق التخمر، مما يؤدي إلى ارتفاع درجة الحموضة وانخفاض نسبة PH.
- انعدام الأكسجين وارتفاع درجة الحمضية يعملان على هلاك بعض الأنسجة المرجانية والتي لا يمكن استعادة بنائها ثانية. عندها تقوم بعض الميكروبات بهضم الأنسجة التالفة منتجة كبريتيد الهيدروجين وهومركب سام جداً بالنسبة للشعاب المرجانية المتبقية.
إنّ العوامل السابقة مجتمعة تعجل في هلاك المرجانيات المتبقية تحت الرسوبيات في فترة تقل عن 24 ساعة فقط. الدراسة المتعمقة تدل على أن تعزيز المواد العضوية هوالسبب الرئيسي في تدهور وهلاك الشعب المرجانية، لأنها تؤدي إلى انعدام الأكسجين وارتفاع درجة الحمضية وتُفقد المرجانيات ظروف توازنها الطبيعي. مع أنّ كبريتيد الهيدروجين يعجل في ضرر وهلاك المرجانيات، إلا أنه ليس السبب الرئيسي في هذه العملية. لقد كان من المدهش ملاحظة أن زيادة 1 % من المواد العضوية في الرسوبيات كان كافياً لتحريك وبدء عملية الهلاك.
الخلاصة: أن الفعل المشترك لنضوب الأكسجين وارتفاع درجة الحموضة ذو أهمية ودوراً كبيراً في هلاك المرجانيات.
دعوة: إن المؤشرات تدل على ارتفاع درجة الحمضية في المحيطات، وعليه فإن حماية الشعاب المرجانية تتطلب موقفاً سياسياً دولياً مشتركاً لضمان عدم استمرار هذا التدهور في الشعاب المرجانية.
إنّ الدول مطالبة بإدارة جيدة لاستثمار التربة وتقليل المواد العضوية المغذية فيها لضمان عدم جرفها إلى سواحل البحار.
المراجع
البريد الالكتروني للكاتب: MOHAMAD.ISSA@GMAIL.COM