مؤشرات تدهور الأمن الغذائي في فلسطين
الصغير محمد الغربي
د. موزة بنت محمد الربان
رئيسة منظمة المجتمع العلمي العربي
02:51 مساءً
25, نوفمبر 2012
في يونيو/حزيران 2012 توفي رجل في الستين من عمره في المملكة العربية السعودية بعد إصابته بمرض غامض ظهر على هيئة إلتهاب رئوي حاد وفشل كلوي. بعد ذلك أصيب رجل آخر في قطر (وربما بعد عودته من سفر إلى السعودية)، بأعراض مشابهة نقل على اثرها للعلاج في أحد مستشفيات العاصمة البريطانية، لندن، وما زال هناك. سجّلت حالة ثالثة في السعودية أيضاً بعد ذلك. فما سر هذا المرض الغامض؟ دراسة نشرت يوم 20 من هذا الشهر نوفمبر/تشرين الثاني 2012 في مجلة الجمعية الأمريكية للميكروبيولوجي، قام بها باحثون من هولندا بالتعاون مع باحثين من مستشفى سليمان الفقيه في جدة وعلماء من روسيا، تسلط الضوء على الفيروس الذي يعتقد أنه المسبب له.
لقد تم فيها عزل فيروس جديد وغير مألوف من نوع الفيروسات التاجية corona virus سميّ HCoV-EMC/2012. قام الباحثون بدراسة تفصيلية للجينيوم الخاص بهذا الفيروس لمعرفة المزيد عن علاقته بالفيروسات الأخرى ومصادره المحتملة. وقد أظهرت الدراسة أن هذا النوع الجديد من الفيروسات له علاقة تشابه كبير مع فيروسات سبق عزلها في آسيا للخفافيش، ولا توجد علاقة بينها وبين أي فيروسات آدمية، لذا فمن المتوقع أنها جاءت من أصل حيواني.
الفيروسات التاجية أوالكورونا قادرة على إصابة البشر والكثير من أنواع الحيوانات. معظم الالتهابات التي تسببها هذه الفيروسات البشرية خفيفة نسبياً. ومع ذلك، فإن انتشار مرض الإلتهاب الرئوى الحاد (السارس) بسبب SARS-CoV في عام 2002 إلى 2003، والذي تسبب في وفاة ما يقارب 900 شخص، ثم حدوث العدوى القاتلة للإنسان في عام 2012 بسبب HCoV-EMC/2012 بيّن أن االفيروسات التاجية قادرة على أن تتسبب في أمراض قاتلة للبشر. من هنا وجد العلماء أهمية كبيرة في دراسة وتحليل الجينيوم الخاص بهذا الفيروس الجديد. نتائج التحليل يمكن استخدامها لتطوير طرق التشخيص وربما في خلق علاجات ولقاحات إذا كانت لازمة لهذا المرض الناشئ. التسلسل الجينومي الكامل للفيروس في المريض من قطر والموجود حالياً للعلاج في لندن والذي يعاني من حالة مشابهة لتلك التي أدت إلى وفاة المريض في السعودية، أصبح موجوداً بالكامل منذ يوم 13 نوفمبر الجاري. ويقول الباحثون أنه شبيه جداً بتسلسل فيروس HCoV-EMC/2012 الذي تم تحليله للفيروس في المريض المتوفي، ويظهر 99 فرق في النوكليوتيدات، وهوما يعني فرق 0.3 – 0.4 % فقط، مما يظهر بوضوح أنه من نفس النوع.
إنّ الصلة بين فيروس HCoV-EMC/2012 والفيروس الذي أصاب المريض في المستشفى في لندن مثيرة للاهتمام، لأنها تتشابه بما يكفي لتكون نفس النوع ولكن مختلفة بما فيه الكفاية أيضاً لجعلها ربما لا ترتبط بها مباشرة. فمن غير المحتمل أن تكون الإصابتان من نفس المصدر، وهناك حاجة حقاً لفهم ما إذا كانت هذه الفيروسات تأتي من مصدر واحد أومصادر متعددة، والذي لا يمكن معرفته قبل حصول حالات أكثر من الإصابة بهذه الفيروسات . أما بالنسبة للحالة المرضية الثالثة للإصابة بهذا الفيروس الجديد في السعودية أيضاً، فإنّ تسلسل الجينيوم لها لم يتوفر بعد. تحليلات النشوء والتطور تضع الفيروس ضمن جنس Betacoronavirus، حيث أنه أقرب ما يكون من تسلسل الفيروسات المسماه BtCoV-HKU4 وBtCoV–HKU5، وكلاهما قد سبق عزله في آسيا من خفافيش الخيزران الصغير (Tylonycteris pachypus) وخفافيش البيت الياباني (Pipistrellus abramus) ، على التوالي.
HCoV-EMC/2012 يحمل 77% فقط من تشابه التسلسل مع الفيروسات BtCoV–HKU5 ، وهذا ما يمكّن من تمييزه عنه بما يكفي لأن يطلق عليه أنه نوع جديد وغير مألوف من أنواع الفيروسات، كما يقول الباحثون. تسلسل جزئي من الفيروس الذي تم عزله من أنواع من الخفافيش في هولندا يبدوأقرب تطابقاً مع HCoV-EMC/2012، ولكن دون معرفة تسلسل الجينوم الكامل الدقيق لدرجة الصلة بينهما سيكون من الصعب القول بذلك وتأكيده. استناداً إلى أوجه التشابه فإنّ فيروس HCoV-EMC/2012 يتشارك مع فيروسات من الخفافيش، ومع الأخذ بالاعتبار دراسة منفصلة نُفّذت في المملكة العربية السعودية أظهرت أنّ 2400 من زوّار المستشفى ليس لديهم أجسام مضادة لهذا الفيروس، وهذا ما يشعر بالثقة أن هذا الفيروس جديد بالنسبة للبشر. المصدر قد يكون الخفافيش، حيث أن الخفافيش Pipistrellus موجودة في المملكة العربية السعودية والدول المجاورة.
إن تحديد تسلسل الجينوم للفيروس HCoV-EMC/2012 سيمكّن العلماء من دراسة الفيروس بمزيد من التفاصيل. وبعمل نسخ تركيبية من جينوم الفيروس سيتمكن العلماء من إعادة بناء الفيروس في المختبر ودراسة خصائصه لتحديد مصادر شدته. يمكن أيضاً أن يكون تسلسل الجينوم محورياً لحماية الصحة العامة. إنّ تسلسل الجينوم المشروح جيداً أمر حاسم لمواصلة تطوير طرق التشخيص والأدوية المضادة للفيروسات واللقاحات التي قد تكون هناك حاجة لها . "نحن نتوقع أن هذه المعلومات ستكون ذات أهمية حيوية لإحراز تقدم سريع في البحوث السريرية وعلى حيوية هذا الفيروس الناشئ المسبب للمرض على حد سواء"، يقول الباحثون.
المرجع
البريد الإلكتروني للكاتب: mmr@arsco.org
الكلمات المفتاحية