مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

“وما الحياة الا مشروع كبير“

البحث العلمي والمشروعات التنافسية: فلسفة حياة

الكاتب

الكاتب : أ.د .محمد لبيب سالم

أستاذ علم المناعة كلية العلوم/جامعة طنطا

الوقت

10:25 صباحًا

تاريخ النشر

10, ديسمبر 2014

"البحث العلمي قاطرة الاقتصاد الوطني والبحث العلمي وقودها والباحثين عجلاتها والمستفيدين ركابها. فمن يصنع القطار ومن يقوده ومن يفتح الابواب للركاب؟ مازال هناك امل في الصناعه العلمية القومية". تلك مقولتي التي طالما استهل بها محاضراتي أو ورش العمل عن المشروعات البحثية التنافسية وأهميتها للبحث العلمي". كثر الحديث هذه الأيام عن المشروعات التنافسية لتحقيق التفوق والتقدم المؤسسي. ولأن الهدف الأساسي للإنسان في الأرض هوعبادة الله وتعمير الأرض ولأن هذه الحقيقة كثيراً ما تغيب عن الأذهان مما تجعل النفس تصول وتجول بعيداً عن هذا الهدف، فخير وسيلة هي إعتبار الحياة مشروع تنافسي كبير وذلك بلغة المشروعات العلمية التي نعرفها هذه الأيام.

البحث العلمي المنقوص

التمويل من أهم مقومات البحث العلمي. وجرى العرف عند الكثير من الباحثين على تمويل أبحاثهم إما على نفقتهم الخاصة أو من خلال تمويل محدود للغاية  من المؤسسات التي يعملون بهـا. وعادة ما أسمي هذا النوع من البحث العلمي بالبحوث المفصلة أو المبتورة لأن البحث فيها يفصل على قدر ماهو متوفر من دعم مالي لدى الباحث أو مؤسسته حيث يتوقف البحث عند ظهور أي عقبة مالية في أي مرحلة من مراحل البحث. وقد أشبه الباحثين الذين يجرون أبحاثهم بهذه الآلية بمن يحيا على التموين الذي تصرفه الدولة لغير القادرين. وبالطبع أرى أن هذا عار فكري على كل باحث لدية الفرصة للبحث عن تمويل ثم يستكين للتموين. وعادة ما يلجأ لهذه الطريقة الباحثين عن الترقية. وعادة ما تؤدي هذه البحوث إلى مخرجات لا تغني ولا تسمن من جوع لأنها تعتمد على التقييم الذاتي ولا تخضع إلى أي تقييم سوى تقييم صاحبها وبذلك تكون نهايتها النشر في دوريات علمية غير معروفة ثم أدراج المحكمين بـلجان الترقيات ثم المكتبات كجثث هامدة لايستطيع أحد الاعتماد على مخرجاتها.

البحث العلمي الحقيقي

وعلى عكس هذا النوع من البحوت التي تعتمد على التمويل الذاتي، فإن البحث الحقيقي يعتمد على مشروعات تنافسية مموّلة من جهات محلية أو دولية لها أهداف علمية نهائية يلتزم الباحث المتخصص في تحقيقها. ولأنها مشروعات تنافسية فمن يفوز منها بـمشروع يكون هوالأفضل علمياً في هذا التخصص من حيث الفكرة وقدرة الفريق البحثي على التنفيذ والخبرات السابقة والمخرج النهائي، والأهم من ذلك استمرارية المشروع. ولذلك فإن مخرجات هذه المشروعات عادة مايتم نشرها في دوريات عالمية وتسوق لصالح المستفيد النهائي. وقد يفسر ذلك أن كل الاختراعات والاكتشافات التي تمت في القرن العشرين حتى الآن معظمها كان من نتاج مشروعات تنافسية أو ممولة من شركات أو مصانع.

مميزات المشروعات التنافسية

أهم مايميز المشروعات التنافسية أنها تعتمد على فكرة لحل مشكلة معينة والتزامها بوقت ومكان وميزانية  وفريق عمل محددة يتم الاتفاق عليه قبل بدء المشروع. كما أنه يتم تحكيم هذه المشروعات قبل الحصول عليها من قبل خبراء، وكذلك بعد الموافقة على تمويلها بصورة  دورية مما يضمن  الجدية  والاستمرارية وتحقيق الأهداف في خطة زمنية محددة. ولذلك يضمن نظام عمل المشروعات التنافسية الجدية والالتزام والإبداع والتنافسية والحساب والذي ينعكس بالطبع على تقدم الدولة علمياً. ومع أن نظام المشروعات التنافسية معمول به في كل دول العالم المتقدم علميا، إلا أنه  وللأسف الشديد فإن ثقافة المشروعات التنافسية جديدة على العقلية العلمية في المجتمع العربي ولم تبدأ في الإنتشار إلا حديثاً فيما لايزيد عن سبع سنوات.  ومع أن التمويل الذاتي للبحث العلمي غير معمول ولا مسموح به على الإطلاق في أي مكان في العالم المتقدم علمياً،  إلا أن الكثير من الباحثين وخاصة طلاب الدراسات العليا في منطقتنا مازالوا وللأسف يعتمدون على التمويل الذاتي لإجراء أبحاتهم  مما يمثل ليس فقط عبء  الي ولكن  يؤدي إلى بحثاً علمياً مبتوراً غير كاملاً ولا ناضجاً. وللأسف كثير من الباحثين لا يلقوا بالاً بالمؤسسات المانحة الممولة للمشروعات  مما يجعلني أنادي  بإلزام جميع الباحثين بعدم إجراء بحوث علمية  إلا إذا كانت ممولة أو على الأقل تم تقديمها للتمويل وتم رفضها حتى نضمن على الأقل أن البحث تنطبق عليه شروط البحث العلمي.

تمويل المشروعات البحثية

مصادر تمويل البحث العلمي عديدة تشارك فيها الدول والمؤسسات والجمعيات والأفراد. وأود أن أسوق هنا مثالاً لأهمية تمويل الأبحاث حتى من الغير متخصصين في الدول المتقدمة واهتمامهم بدعم الأبحاث العلمية التنافسية. ففي عام 1980 قام العداء الكندي تيري فوكس Terry Fox بالركض عبر كندا بساق واحدة، بعد أن تم بتر الأخرى، لجمع الأموال والتوعية حول أبحاث السرطان. وأجبره انتشار السرطان في جسمه في وقف مسعاه بعد 143 يوما بعدما قطع 5373 كيلومتر، حيث توفي عن عمر يناهز 22 عاماً بالسرطان، إلا أن جهوده أسفرت عن نشاطات دعم لأبحاث السرطان في جميع أنحاء العالم، وحتى يومنا هذا.

مصادر التمويل المحلية

حدث تحول جذري في سياسة تمويل المشروعات البحثية في الوطن العربي. فقد شهد العقد الأخير إنشاء العديد من الهيئات التي تدعم البحث العلمي بميزانيات كبيرة تلبي طموحات كل الباحثين وكل أنواع المشروعات من الفكرة إلى التطبيق والتسويق. وكذلك الجامعات أصبح لديها صندوق بحوث لدعم البحث العلمي عن طريق مشروعات تنافسية أو عن طريق الوقف الخيري. وأصبحت ثقافة المشروعات التنافسية واقع في دول الخليج من خلال التقدم بمشروعات إلى الجامعة نفسها أو جامعات أخرى. وفي مصر انطلقت ثقافة المشروعات البحثية وبقوة في 2007 بإنشاء المجلس الأعلى للعلوم وإنشاء صندوق  العلوم والتنمية التكنولوجية، الذي وصلت برامج تمويله الآن أكثر من 16 برنامج تلبي طموحات كل الباحثين من العلوم الأساسية إلى التطبيقية، شاملة صغار وكبار الباحثين وكذلك الطلاب. هذا بالإضافة إلى اكاديمية البحث العلمي بالقاهرة والتي عادت وبقوة إلى ساحة البحث العلمي وأصبح لها دور كبير في تمويل البحوث بل تميزت وتخصصت في تمويل المشروعات التطبيقية وتسويقها من خلال إنشاء حضانات تكنولوجية ومبادرات تستهدف دفع التكنولوجيا الوطنية وكذلك نقل التكنولوجيا. بالإضافة إلى ذلك، هناك مشروعات تمول من وزارة البحث العلمي ووزارة التعليم العالي التي لديها برامج تمويل تلبي طموحات كل الباحثين وكل المجالات البحثية. وظهرت مؤسسات القطاع الخاص على استحياء في البداية ثم أصبح لها دور مؤثر جداً في تمويل المشروعات. ومن أهم هذه المؤسسات مؤسسة مصر الخير ومحمد خميس وساويريس وهليوبوليس والتي أدى نجاحها إلى تعاون المؤسسات الحكومية مثل الاكاديمية مع هذه المؤسسات في مبادرات لها دور وطني هام.

مصادر التمويل الدولية
مثل الاتحاد الأوروبي والتعاون الدولي والهيئة الألمانية للتعاون الدولي والعديد من الجهات الخارجية الأخرى تمثل مصدراً هاماً لتمويل المشروعات التنافسية خاصة بعد إبرام العديد من الاتفاقيات مع دول كثيرة مثل المانيا – فرنسا -ايطاليا –روسيا – اليابان –أمريكا-كوريا.  وتزداد القائمة عام بعد عام مما أحدث حراكاً هائلاً  وغير مسبوق في سوق البحث العلمي بمصر حتى أصبح التقصير من جانب الباحثين أنفسهم  بعد أن تعددت جهات التمويل سواء من المؤسسة التي يعمل بها الباحث نفسه الدعم أو من القطاع العام والخاص أو من الجهات المحلية.

ما هوالبحث العلمي؟
البحث العلمي ليس هواية بل مهنة وحرفة لا يعمل بها سوى من يلم بأصولها فيستطيع النهوض بها وتحقيق آمال المستفيدين منها. وعلى عكس المهن الأخرى، فمن الممكن تعلم البحث العلمي في أي مرحلة زمنية وفي أي تخصص لأنه يخدم كل تخصص ويوجد بكل تخصص حتى العلوم الإنسانية. والبحث العلمي هوإيجاد حل لمشكلة محددة أو لجزء من المشكلة لها تطبيق عملي أو الإجابة على سؤال لفهم ظاهرة علمية معينه. إذاً لا بد من وجود سؤال محدد وإجابة فرضية على هذا السؤال. ولذلك يسمي السؤال وإجابته في جملة واحد فرضية علمية. والإجابة على سؤال البحث العلمي يجب أن تكون مبنية على دلائل أولية ولكن بالطبع عكس الإجابة قد يحدث بعد إنتهاء البحث ذاته ولذلك سمي بحثاً علمياً حتى يتم التأكد من فرضية البحث هل هي صحيحة أم خاطئة. والبحث العلمي لابد أن يتم من خلال طرق علمية متعارف عليها ويسبقه قراءة ويتبعه تحليل للنتائج ثم مناقشتها مع النتائج المتعلقة ثم التوصل إلى أهمية النتائج في التطبيق العملي. والخلاصة أن البحث العلمي هوالإجابة على سؤال من خلال التجربة المعملية بناءا على معلومات سابقة.

تعريف منهج التفكير العلمي
هو تفكير واعٍ، منظّم، منطقي، واضح، إنه تفكير: ماذا؟ ولماذا وكيف؟ وعادة ما يتمخض عن التفكير إزاء مـشكلة معينة أو مشروع معين قرار ما.

تعريـف المشكلة
ممكن تعريف المشكلة بأنها انحراف الواقع عن ما يجب، وهذا التعريف إن إردنا أن يتضمن المشكلة الماضية والمتوقعة إلى جانب المشكلة القائمة فيجب أن نقول: المشكلة هي: (الانحراف عما يجب). ولا يمكن أن تشعر بوجود المشكلة إلا من خلال معرفة واقع الحال ومعرفة ما يجب أن يصير إليه ذلك الواقع. فإذا كانت هناك فجوة بين ما هوقائم واقعاً وبين ما يجب أن يكون، فإنه بإمكانك إدراك أن ثمّة مشكلة معينة تحتاج إلى حل. ويمثل تحديد المشكلة بوابة العبور إلى جزيرة الحلول الملائمة، والقنطرة إلى الوصفات الناجعة، إذ لا وصف للدواء إلا بعد تشخيص الداء، وهذا أمر بدهي لا يعوزه برهان. وعند التفكير في مشكلة معينة يجب اتباع الآتي:

  • تحديد المشكلة بدقة وتعرية أسبابها (بماذا تفكر).
  • تحديد الهدف من حل المشكلة (لماذا تفكر).
  • تحديد البدائل (الحلول) الممكنة (كيف تصل لما تريد).
  • اختيار أفضل البدائل ومتابعة تنفيذه. (كيف تصل إلى ما تريد على أفضل وجه).

 

وبعد تحديد المشكلة بدقة وصياغتها بعناية، يجب تحديد الأسباب التي أوجدتها؛ ويفضل تصنيف تلك الأسباب وتقسيمها وفق اعتبارات معينة مع ترتيبها وفق أهميتها، فمن هذه التصنيفات ما يلي:

  • أسباب رئيسة وأخرى فرعية.
  • أسباب داخلية وأخرى خارجية.
  • أسباب مباشرة وأخرى غير مباشرة.
  • أسباب مادية وأخرى معنوية.

الأهداف

بعد تحديد المشكلة بدقة وصياغتها وتحديد الأسباب التي أوجدتها يجب أن تحدد الأهداف. ويجب التأكيد على أن نقطة الانطلاق في التفكير في مشروع معين هي الاقتناع بالأهداف التي يمكن تحقيقها من خلال هذا المشروع. وهناك اعتبارات علمية ينبغي مراعاتها عند تحديد الأهداف لمشروع معين، يمكن تلخيصها فيما يلي:

  • أن تحدد الأهداف بدقة ووضوح؛ بحيث تُفهم من قِبَلِ الجميع فهماً واحداً.
  • تناسق الأهداف وتكاملها وعدم تعارضها.
  • واقعية الأهداف، وذلك بإمكانية تحقيقها، وهذه الواقعية على مستويين. على مستوى كل هدف على حدة، وذلك بكونه ممكن التحقق وعلى مستوى الأهداف مجتمعة، وذلك بكونها ممكنة التحقق في وقت واحد.
  • صياغة الأهداف بشكل قابل للقياس من أجل تحديد نسبة النجاح في تحقيقها على ألا تزيد أو تقل عن القيم المقدرة والمعروفة دون مزايدة أو نقصان.
  • ترتيب الأهداف بحسب أهميتها.
  • أن تكون الأهداف من نوع واحد، فإما أن تكون رئيسة (استراتيجية أو نهائية) أو فرعية (تكتيكية أو مرحلية)، وذلك أن النوع الأول يتضمن الثاني.

 

ومن الأمور التي تساعد على صياغة الأهداف وتحقيقها ومتابعة ذلك الـتحـقـيـق أن تقـسّــم وتصنّف اعتماداً على أساس أو آخر، فمثلاّ يمكن تقسيمها من حيث النوع إلى أهداف رئيسة وأهداف مرحلية ومن حيث الزمن إلى أهداف طويلة الأجل ومتوسطة الأجــــل وقصيرة الأجل.

تعريـف الفرضية

يمكن تعريف الفرضية (Hypothesis) بأنها اقتراحات ونتائج تتطلب الفحص والاختبار والتجريب للتأكد من مدى صحتها وترتيب واستخراج النتائج تبعا "لتخمين ذكي أو استنتاج ذكي يصوغه الباحث ويتبناه مؤقتا، لشرح بعض ما يلاحظه من الحقائق والظواهر، وليكون هذا الفرض كمرشد له في البحث والدراسة التي يقوم بها. "وهي تفسيرات مقترحة للعلاقة بين متغيرين، أحداهما المتغير المستقل وهوالسبب والآخر المتغير التابع وهوالنتيجة. والفرضية تمثل في ذهن الباحث "احتمالاً وإمكانية لحل المشكلة المطلوب دراستها، وبالتالي فإن هنالك إمكانية دراسة مشكلة معينة ومحاولة حلها عن طريق وضع فرضية علمية، أو عدة فرضيات باعتبارها حلولاً محتملة أو متوقعة للمشكلة التي قيد الدرس". فالفرضية لا تزيد عن كونها جملة لا هي صادقة ولا هي كاذبة وهي بمثابة العقد الذي يعقده الباحث مع نفسه للوصول إلى نتيجة مؤكدة لقبول الفرضية أو رفضها" ولا بد للفرضية العلمية الموضوعية أن تحتوي على علاقة بين متغيرين أو أكثر.

ولكي يستطيع الباحث أن ينافس في الحصول على أحد المشروعات التنافسية فلابد أن يكون مسلحاً بمهارة كتابة المشروعات بطريقة علمية متعارف عليها عالمياً. وكتابة أي مشروع بحثي يعتمد على الفكرة . ومع أن هناك تعريفات كثيرة للبحث العلمي إلا إني أفضل أن أعرفه على أنه الفكر المبدع لحل مشكله ما باستخدام منهج وطرق وأصول البحث العلمي. وممكن تشبيه البحث العلمي بالمثلث المتساوي الأضلاع حيث يمثل الباحث والمعمل والتمويل أضلاعه.  ويحتاج هذا المثلت إلى العديد من العناصر التي تشكل زواياه ومساحته من الداخل  .وأهم هذه  العناصر هي الطاقة البشرية (الباحثين – المتعاونين) والمعرفة (المعلومات والخبرات المتراكمة) والعلم (الأفكار البحثية) والمهارات (القدرة على توظيف التقنيات). ثم يأتي بعد ذلك الدعم المالي (تمويل المشروعات) لشراء مستلزمات البحث والمعدات والأجهزة والمكافآت وحضور المؤتمرات وورش العمل وتسجيل الاختراعات والملكية الفكرية وغيرها. وللبحث العلمي خطوات متفق عليها عالمياً والتي تشمل صياغة الفكرة، التنفيذ، النتائج، النشر، التسويق. وكل خطوة من هذه الخطوات تحتاج إلى مكونات المثلث. ولذلك فالبحث العلمي ليس هواية كما يتعامل معه كثير من الباحثين ولكنه مهنة راقية وعفيفة، مهنة فوق القضاء وفوق التعليم وفوق الطب وفوق القانون، ببساطة لأن البحث العلمي هوالذي يصنع مواد كل هذه العلوم ورجالها. ولذلك فإن مهنة البحث العلمي تحتاج لصفات خاصة في الباحث منها :الأمانة العلمية، الجدية، المعاملة الحسنة، التعاون، الطموح، حب القراءة والقدرة على التحليل، التواضع، التفكير الإبداعي وروح التعاون.

خطوات البحث العلمي

تتطلب خطوات البحث العلمي توافر خطة عمل وتحديد مجال البحث والقراءة حول نقطة البحث وايجاد فريق بحثي من المتخصصين وتحديد المشكلة وأسبابها وطرح فكرة لحل مشكلة البحث ثم كتابه المشروع وتقديمه للجهة المانحة. والمشروع البحثي هوعبارة عن خطة الدراسة التي سوف يقوم بها الباحث. وخطة الدراسة هي الخطوط العريضة التي يضعها الباحث ليسترشد بها عند تنفيذ دراسته، فخطة الدراسة هي بمثابة المرشد الذي يرشد الباحث في طريق البحث العلمي، وتوجهه لكيفية السير في مسيرته البحثية.

عناصر الخطة البحثية

  1. عنوان الدراسة.
  2. مقدمة تنتهي بالإحساس بالمشكلة.
  3. مشكلة الدراسة.
  4. أسئلة الدراسة.
  5. أهداف الدراسة وأهميتها.
  6. فروض الدراسة.
  7. مصطلحات الدراسة.
  8. منهج البحث وأدواته.
  9. مجتمع الدراسة وعينتها.
  10. حدود الدراسة.
  11. الدراسات السابقة.
  12. قائمة بالمصادر أو المراجع التي تم الاستعانة بها في الدراسة.

 

ولابد من الإشارة إلى أنه ليس من الضروري أن تتضمن خطة البحث جميع هذه العناصر، وإنما طبيعة الدراسة هي التي تحدد العناصر التي يجب أن تتضمنها الخطة. وليس من الضروري أن تظهر هذه العناصر في الخطة أو ترتب بطريقة معينة ولكن ينبغي أن يظهر مضامين هذه العناصر خلال سياق الخطة وحسب متطلبات إعدادها وبترتيب يقبله العقل. ولتبسيط الأمر أقدم نموذج لمشروع بحثي به العناصر الأساسية التي من الممكن للباحث أن يشرح فيها افكاراه بالتفصيل.

  • الباحث الرئيسي
  • المشاركين (الفريق البحثي)
  • عنوان المقترح
  • المشكلة التي يعالجها المقترح من منظور الوضع الراهن
  • الهدف العام المراد تحقيقه بانتهاء المشروع
  • الفجوة بين الوضع الراهن والهدف المراد تحقيقه
  • أسباب هذه الفجوة
  • الفرضية
  • الحل المقترح للمشكلة بحيث لا يزيد عن جملة واحده على أن يكون حل إبداع  غير مسبوق؟ "يجب أن تكون الفكرة المقترحة غير مسبوقة ولم يتم تنفيذها من قبل".
  • أهداف المشروع: 1-3 أهداف على الأكثر. لتحقيق الحل المقترح للمشكلة. تكتب الأنشطة المقترحة تحت كل هدف.
  • النتائج المتوقعة للمشروع: وصف النتائج المتوقع الحصول عليها بإنتهاء المشروع .
  • أهمية المشروع: التطبيقات المتوقعة للمشروع وفي أي اتجاه  وماذا يضيف المشروع للعلم أو الصناعة أو المجتمع .
  • خبرة الفريق البحثي: الخبرات السابقة لأعضاء الفريق البحثي المتعلقة بتحقيق أهداف المشروع  سواء على هيئة نشر أو اشراف أو مشروعا أو  استشارات.
  • الفترة الزمنية للمشروع: اجمالي الفترة المطلوبة لإنجاز المشروع بالأشهر.
  • مكان اجراء المشروع: حدد أسماء المعامل التي سوف يتم اجراء البحوث فيها ومكان كل معمل .
  • ميزانية المشروع: اجمالي ميزانية المشروع مع تحديد أو جه الصرف.

 

وما الحياة إلا مشروع كبير

أقدم هنا مثالاً لمشروع كلنا نعيشه منذ مولدنا حتى الممات، وهو مشروع الحياة. وعلى عكس المشروعات الدنيوية، فإن مشروع الحياة الأخرى أسهل المشروعات في كتابته وإن كان صعباً في تنفيذه إلّا إن نسبة نجاحه عالية جداً بفضل رحمة الله التي تغفر الأخطاء التي قد تقع أثناء تنفيذ المشروع. وكذلك فهولا يمكن مده أبداً فهوينتهي بموت صاحبه. ولكن كما في المشروعات الدنيوية فمشروع الحياة الآخرة له استمرارية ولوبعد موت صاحبه. وعلى ضوء ذلك وعلى نسق المشروعات البحثية التنافسية، فقد إجتهدت في بناء مفردات هذا المشروع لعل كل منا يكتبه بنفسه ويقدمه إلى الله سبحانه وتعالى لعله يقبله في النهاية.

  • عنوان المشروع: الخروج من الدنيا الى الآخرة في سلام.
  • الباحث الرئيسي: النفس.
  • الباحثين مساعدين: الأهل والأقارب والأصدقاء والمعارف.
  • الجهة المقدم إليها: الله جل جلاله.
  • المستفيدين: النفس، الناس.
  • فرضية المشروع: تعمل بجد وبسلوك طيب يكثر إنتاجك للخير فتزداد حسناتك وتقل ذنوبك وتصبح من أهل اليمين.
  • مدة المشروع: عمر صاحب المشروع وهوغير معلوم.
  • الهدف العام للمشروع: عبادة الله وتعمير الأرض.

الأهداف المحددة:

  1. إتقان العمل والإخلاص فيه.
  2. تعلم العلم وتعليمه.
  3. التواصل والمعاملة الطيبه مع الآخر والبعد عن الغيبة والنميمة.
  4. الإلتزام بالعبادات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

 

  • النتائج المتوقعة: رضا الله، أعمال تفيد البشرية، حب الناس، تقدم الوطن.
  • التحديات: وسوسة الشيطان، وسوسة النفس، وسوسة الناس.
  • التغلب على التحديات: الاستعانة بالله والتوكل عليه.
  • أنشطة المشروع: المعاملة الطيبة والحث عليها، الصلاة، الصوم، الزكاة، العمل، الرياضة، الكتابة، القراءة.
  • الميزانية: المقدر من رزق.
  • الجهة الممولة: خزائن الله التي لا تنفذ والمقدرة على هيئة رزق.
  • طريقة التقييم: محاسبة النفس كل مساء وطلب التوبة عن التقصير والعزم على الالتزام.
  • الإستمرارية: ولد صالح، عمل طيب، سنة حسنة.
  • التقارير: تقرير يومي وأسبوعي وشهري وربع سنوي وسنوي إذا سمحت فترة المشروع في البقاء.

 

خطوات استراتيجية حل المشكلات "الخلاصة"

لا تنهض أمة إلا بنهضة العلم، ولا ينهض العلم إلا بنهضة البحث العلمي، ولا ينهض البحث العلمي إلا بالباحثين، ولا ينهض الباحثون إلا بتمويلهم بمشروعات تنافسية، ولا تمول إلا المشروعات الإبتكارية. فجسد العلم هوالمشروعات البحثية الإبداعية، وعقلها هوالباحث وروحها التمويل. ولا تسري الروح إلا في جسد حي وعقل راجح مبدع. وإذا كان العقل راجح ولا يعلم كيف يبدع فعليه أن يدرب نفسه على الإبداع، وأن ينافس من أجل تحقيق الأحلام والأهداف العلمية لتصبح واقعاً يمشي على أرضية المعامل وصفحات الكتب علماً يتنفسه الطلاب لينموا في ساحة العلم إلى تطبيقات تنعكس على الجماد والحياة. وما المشروعات البحثية سوي آلية لتحويل  فكر الأفراد العشوائي إلى فكر منظم إبداعي جماعي. فعلينا بها.

 

البريد الإلكتروني للكاتب: mohamedlabibsalem@yahoo.com

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
Anonymous
Anonymous
03/25/2019 9:41 مساءً
عنوان التعليق
الكويت
Anonymous
Anonymous
07/27/2023 10:18 صباحًا
عنوان التعليق
مؤسسة البيان
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x