الضوء كلمة مشرقة بالأنوار في ذاتها وهي في نفس الوقت لفظة (كثيفة الظلال) بالمعاني، ولهذا أسرف الفلاسفة والشعراء والوعاظ في الإرشاد لها وتبجيلها، ولكن في تقديري الشخصي (المنحاز للعلم بحكم كونه من أبناءه) لم يفتن أحد بالضوء مثل العلماء وتكفي مقولة كبيرهم وحامل مشعل العلم الحديث أينشتاين عندما أعلنها مدوية (الثابت الوحيد في هذا الكون هو الضوء وما سواه نسبي). وبحكم أن هيئة اليونيسكو الدولية احتفلت هذه السنة بدور الضوء في اشعاع النور على الحضارة البشرية ولهذا أطلق على هذه العام (السنة الدولية للضوء 2015) والسبب في تحديد هذه السنة بالذات للاحتفال بالضوء أنها تصادف مرور ألف عام على السنة (1015 ميلادي) التي يُعتقد بأن العالم العربي الكبير الحسن ابن الهيثم نشر فيها نظريته العلمية عن الضوء في مؤلفه المشهور (كتاب المناظر).
وكما أن الضوء كان نبراس دلالة ومشعل هداية في إضاءة دروب الحضارة البشرية فله كذلك الفضل بعد الله في خلود السيرة العلمية للعديد من العلماء والمكتشفين وهو ما سوف نحاول تسليط الأضواء الكاشفة عليه بسرد بعض أبرز وأغرب قصص العلماء والمكتشفين مع الضوء ولنبدأ بعريس حفلة النور الساطعة (الحسن ابن الهيثم). لن ننجر للبساطة في ذكر (الإشاعات العلمية) ونذكر القصة المختلقة والتي تربط بين الحسن ابن الهيثم والضوء واختراع الكاميرا وكيف أنه توصل لهذا الاختراع بعد أن كان مختبأ (وقيل محبوساً) في غرفة مظلمة بها ثقب صغير كان يراقب منه جنود طاغية مصر الحاكم بأمر الله، فهي قصة مختلقة وغير محبوكة التأليف فمن المستحيل واقعياً أن ثقب صغير بالجدار أو قماش الخيمة ينتج عنه صوره معكوسة وغير مشوشه وباهتة المعالم فالصورة المنعكسة قد تكون واضحة عبر مسافة قصيرة جداً داخل العين أو علبة تجويف الكاميرا لكنها تتلاشي عبر المسافات الطويلة.
في المقابل ما يمكن ذكره بكل فخر عما ثبت من انجازات ابن الهيثم وأبحاثه عن الضوء أنه استطاع أن يوظف خبرته العلمية عن ظاهرة انكسار الضوء نتيجة مروره بأوساط مختلفة ويستخدم قياس درجة انكسار أشعة الشمس عند دخولها للغلاف الجوي (اعتقد ابن الهيثم أن ظاهرة شفق الشمس تحصل عند انكسار أشعة الشمس بزاوية 19 درجة) لكي يحسب سمك الغلاف الجوي بحيث قدر ارتفاعه بحوالي 15 كيلومتر وهي تقريباً نصف قيمة الارتفاع المعروف للغلاف الجوي في طبقته الدنيا. وفي الوقت الحالي نجد أنه حتى مؤرخي العلوم من الغربيين يعترفون بأن عالم الفلك الهولندي ويلبرورد سنيل Snell الذي اشتهر بأنه صاحب قانون انكسار الضوء المنشور عام 1621 هو في الواقع قام بإعادة اكتشاف هذا القانون الذي سبقه له علماء البصريات المسلمين مثل ابن الهيثم وابن سهل.
الصوت والضوء هل يمتزجان !!
أما ثاني وأبرز شخصية علمية ارتبطت بالضوء فهي بلا شك اسطورة علم الفيزياء اسحاق نيوتن ولن أعرج على قصته المشهورة لجميع طلاب المدارس في استخدام المنشور لتحليل واثبات أن الضوء عبارة عن خليط من الألوان لكن ما أود التوقف عنده أن الضوء أو الطيف المرئي يحتوي على تشكيلة واسعة من الألوان المتدرجة (عبر المجال 380-750 nm) وليست سبعة ألوان فقط، والمحرج حقاً أن نيوتن اختار حصر ألوان الطيف في العدد سبعة لأسباب غير علمية على الإطلاق. حيث تشير المصادر التاريخية أن نيوتن اختار العدد سبعة بالذات لأن له وفق الاعتقادات الإغريقية القديمة روحانية خاصة، كما أن نيوتن أشار في كتابة المشهور (البصريات Opticks) إلى اعتقاده بوجود ترابط بين الألوان السبعة للضوء ودرجات نغمة السلم الموسيقي المكون من سبعة نوتات وهذه فكرة علمية انتقائية بشكل صارخ.
الغريب في الأمر أنه بالرغم من التمايز الواضح للضوء عن الصوت إلا أنهما قد يشتركان في بعض السلوك الفيزيائي المتشابه بسبب الطبيعة الموجية لكلاً منهما، وكنتيجة لهذا التشابه حصلت واحدة من أغرب التجارب العلمية لدراسة الضوء حيث امتزجت فيها التجربة العلمية بالتسلية والترفيه. وبطل هذه القصة الطريفة هو الفيزيائي النمساوي كريستيان دوبلر Doppler والذي اشتهر في كتب العلم والتاريخ بسبب ارتباط اسمه بما يسمى أثر دوبلر أو إزاحة دوبلر Doppler Shift وهي الظاهرة الفيزيائية المتعلقة بانزياح الضوء الصادر من الأجسام المبتعدة عنا إلى طول الموجة الأطول أي جهة اللون الأحمر وهذه الظاهرة العلمية العجيبة هي التي استخدمت لاحقاً لإثبات أن الكون يتمدد وأن المجرات تتباعد عن بعضها البعض. الجميل في الأمر أن دوبلر تحقق من صحة نظريته العلمية حول تأثر الموجات الصادرة عن الأجسام المتحركة بتجربة علمية موسيقية صاخبة. فقد اختبر دوبلر هذا التأثير مستعيناً بعربة قطار مكشوفة وتحمل في داخلها فرقة موسيقية من عازفي البوق يعزفون على نغمة محددة بينما كان يوجد على محطة القطار فرقة موسيقية ثانية يعزفون على نفس درجة النغمة المحددة كذلك وقد توصل دوبلر إلى أن نغمة رنين الموسيقى تنخفض في اللحظة التي تمر بجواره العربة بالمقدار المحدد الذي تنبأ به سابقاً.
وقبل أن نغادر أخبار أبو الفيزياء الحديثة نيوتن والضوء وعلى ذكر كتابه المشهور البصريات والذي نشره في عام 1704 نجد أن من الأمور التي تحير العلماء والمؤرخين على حدٍ سواء أن نيوتن ذكر بالنص في هذا الكتاب المنشور قبل أكثر من ثلاثة قرون (ينتشر الضوء من الأجسام المضيئة ويستغرق ما بين سبع إلى ثمان دقائق من الساعة ليقطع المسافة من الشمس إلى الأرض) وهنا مصدر الغرابة فعلى ما ذا اعتمد نيوتن في تحديد هذه الفترة الزمنية لوصول ضوء الشمس للأرض خصوصاً إذا علمنا أن الفترة الزمنية المقبولة علمياً هي ثمان دقائق وعشرون ثانية، أي بمعنى أن نيوتن خمّن سرعة الضوء بدقة تتفاوت بين 85-98 % علماً بأن دقة قياس سرعة الضوء في زمن نيوتن التي أجراها علماء آخرون مثل عالم الفلك الهولندي أوول رومر Ole Romer بلغت فقط 75% من سرعة الضوء المقبولة علمياً ( أي 299,792 كيلومتر / الثانية) فمن أين لك هذا الحدس الصائب يا أستاذ نيوتن !.
كم سرعة الضوء بوحدة (لمح البصر)
عبر القرون الماضية بذل العديد من علماء الفيزياء والفلك جهود مضنية لمحاولة قياس سرعة الضوء التي تعتبر أسرع ما في الكون ومن أغرب القصص في مجال سرعة الضوء أن عالم الفلك الايطالي جيوفاني كاسيني Cassini أهم علماء الفلك في القرن السابع عشر والذي اشتهر بقياسه للمسافة بين الأرض والشمس عام 1672 (حسابات كاسيني الفلكية توقعت أن الأرض تبعد عن الشمس بمسافة 140 مليون كيلومتر وهي مسافة قريبة جداً من القيمة الحقيقة والتي هي حوالي 150 مليون كيلومتر) على كل حال ما يهمنا من أبحاث كاسيني حول الضوء أنه كان من أوائل العلماء الذين توقع بأن الضوء ينتقل بسرعة متناهية finite أي بسرعة محدودة وإن كانت سرعة مذهلة للغاية. لكن كاسيني أحجم عن نشر أي شيء بخصوص هذا الأمر بل أنه كان يبحث عن أدلة تناقض هذه الفكرة العلمية والسبب في ذلك أن كاسيني كان رجل كاثوليكي شديد التدين ويؤمن ويعتقد بشكل خاطئ بأن الضوء هو جزء من نور الله الخالق وبالتالي يجب أن يكون الضوء كاملاً وغير متناه في سرعته كما أن الخالق كامل في صفاته.
وكما هو معلوم أن القياسات الفيزيائية التالية أثبتت أن الضوء فعلاً ينتقل بسرعة محددة ومتناهية وإن كانت مذهلة جداً في سرعتها وهو ما سبب فشل العديد من علماء الفلك والفيزياء لقياس سرعة هذه الفلاشات الضوئية الخاطفة. ولهذا نجد أن الفيزيائي الأمريكي والبولندي الأصل ألبرت مايكلسون Milchelson دخل التاريخ من أوسع أبوابه عندما تمكن عام 1879 من قياس سرعة الضوء وبنسبة عالية جداً من الدقة (100.02%)، ولكن الأغرب في علاقة مايكلسون والضوء ليس نجاحه في تحقيق هذا الإنجاز العلمي المميز ولكن في وصوله لنتيجة غير متوقعة مرتبطة بالضوء تتعلق بإيجاد الدليل العلمي الدامغ على عدم صحة نظرية (الأثير) وهو الوسط الذي كان يتخيله ويفترضه العلماء بأن الضوء ينتشر خلاله حيث لم يكن معروفاً من قبل بأن الضوء يستطيع الانتشار في الفراغ التام علماً بأن نظرية الأثير موجودة منذ القدم حيث اعتبره أرسطو العنصر الخامس الذي يتشكل منه الكون. الطريف في الأمر أنه عندما منح مايكلسون جائزة نوبل في الفيزياء عام 1907 كان ذلك أول وآخر مرة في التاريخ يتم منح جائزة نوبل لشخص قام بإجراء تجربة معملية تنفي نظرية علمية ولا تثبتها.
الجدير بالذكر أنه قبل منح مايكلسون جائزة نوبل بسنتين أي في عام 1905 قام العالم الشهير ألبرت اينشتاين بنشر نظريته النسبية الخاصة والتي كان أحد دوافع الإلهام لها الضجة العلمية الكبيرة بين العلماء بعد إثبات عدم وجود الأثير (لماذا ما زال الخطأ الشائع مستمراً بأننا نسمع البث الإذاعي عبر موجات الأثير). وبهذه المناسبة يصح التنبيه كذلك على أن من الأخطاء الشائعة المنتشرة كذلك أن أينشتاين قد حصل على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1921 كتكريم لعبقرتيه العلمية عن اكتشافه للنظرية النسبية وتوصله للمعادلة العلمية الأكثر شهرة وشيوعاً في تاريخ العلم (E= mc2)، إلا أن الحقيقة المجردة أن أينشتاين حصل جائزة نوبل على موضوع علمي وثيق الصلة بالضوء حيث اكتشف أن الضوء مكون من جسيمات (عكس ما كان شائع أن الضوء عبارة عن موجات فقط) عديمة الكتلة تسمى الفوتونات وبذلك تمكن من تفسير ظاهرة التأثير الكهروضوئي والتي هي أساس تقنية إنتاج الكهرباء من ضوء الشمس.
لكن لا يقف الأمر عند هذا الحد فالغريب في الأمر أن اينشتاين بالرغم من نشره للنظرية النسبية عام 1905 إلا أنه لم يشتهر عالمياً بشكل واسع إلا عام 1919 وذلك بسبب تجربة علمية تتعلق مرة أخرى بالفوتونات وأشعة الضوء ونجم الشمس. فقد قام اينشتاين عام 1911 بإجراء حسابات علمية ورياضية تتنبأ أن الضوء القادم من نجوم أخرى يحصل له انحناء طفيف عن مساره عندما يمر قرب الشمس مما يدل على أن الضوء يتأثر بالمجالات وخطوط الجاذبية بالرغم من كون الضوء عبارة عن فوتونات عديمة الكتلة. وللتأكد من صحة هذه الفرضية قام العالم البريطاني السير إدينقتون Eddington بتنظيم رحلة فلكية خاصة قرب سواحل أفريقيا لرصد درجة أنحاء الضوء أثناء حصول ظاهرة كسوف الشمس. اللطيف في الأمر أنه علّق بعض الخبثاء بقولهم أن عالم بريطاني يرتب لرحلة علمية طويلة ومكلفة أثناء الحرب العالمية بهدف إثبات نظرية عالم ألماني دولته في حالة حرب مع بريطانيا وينتج عن ذلك نسف نظرية أهم عالم انجليزي على الإطلاق ألا وهو إسحاق نيوتن وهذا ما كان عناوين الصحف البريطانية في ذلك اليوم.
ومن الأدلة التاريخية والعلمية التي يمكن سياقها في مجال التدليل على أنه يقع أحياناً أن لا يكون للسياسة أثر إقصائي على العلم والعلماء أنه في عز سنوات الحرب بين بريطانيا وفرنسا نجد أن العلماء البريطانيين ممثلين في الجمعية الملكية في لندن (وهي من أهم الجمعيات العلمية قديماً وحديثاً) تقوم في عام 1810 بتقديم دعوة للحضور للعالم الفرنسي إيتين مالوس Malus لإقامة حفل رسمي لتكريمه بمنحة ميدالية رومفورد العلمية المرموقة كتكريم له على اكتشافه العلمي المميز لظاهرة ما يسمى الضوء المستقطب (polarized light).
عالم آخر كان له أبحاث مرتبطة بالضوء والطيف أثارت اهتمام البريطانيين وحفزتهم على تكريمه ونتج عن ذلك قصة طريفة. هذا ما حصل مع العالم الفيزيائي الألماني غوستاف كيرتشوف Kirchhoff الذي اشتهر بأبحاثه الهامة عن توظيف دراسة أطياف الضوء لاكتشاف العديد من العناصر الكيميائية باستخدام ظاهرة الامتصاص الطيفي الذري حيث أن لكل عنصر كيميائي بصمته الطيفية الخاصة والمميزة له. والطريف في الأمر أنه بعد أن حلل كيرشوف خطوط الامتصاص في الطيف الضوئي القادمة من الشمس اكتشف أن الشمس تحتوي على عنصر الذهب. لكن هذا الاكتشاف العلمي العجيب لم يُفرح كثيراً مدير المصرف الذي يتعامل معه كيرتشوف فقد سأله بشي من التهكم: ماذا يفيدك أن تكتشف الذهب في الشمس إن لم تحضره إلى الأرض؟. لكن لاحقا استطاع كيرتشوف أن يثأر وينتقم لنفسه من هذه السخرية المريرة من قبل مدير البنك فقد جاء إلى المصرف مصطحباً حقيبة مليئة بالذهب منحته إياه الحكومة البريطانية مكافأة له على اكتشافاته العلمية المميزة وأشار إلى تلك الحقيبة قائلا للمدير: خذه ذهبا من الشمس.
الأبحاث الضوئية في عصر التنوير
وختاماً، وقفة مختصرة مع عصر التنوير (أو عصر الأنوار) فصحيح أن ارتباط هذا العصر بالضوء واضح لكل ذي عينين بدلالة المسمى اللغوي لهذه الحركة الفلسفية والفكرية والثقافية وحتى العلمية، ولكن الذي يخفى أن عدداً من أشهر رموز عصر التنوير كان لهم (ارتباط وتجارب علمية) حقيقية بمجال أبحاث علم الضوء. من ذلك مثلاً، أن الأديب الألماني الكبير غوتيه بالإضافة لأبحاثه العلمية المتنوعة في علم الجيولوجيا وعلم النبات وعلم التشريح واهتماماته بعلم الكيمياء وعلم الفيزياء عندما نشر في عام 1810 وهو في عمر الستين تقريباً كتابه العلمي عن دراسة الضوء والذي سماه (نظرية في الألوان) كان يعتقد أنه بسبب هذا الكتاب العلمي سوف تتذكره الأجيال القادمة وليس بسبب إنتاجه الادبي. وهذا الفيلسوف الفرنسي البارز رينيه ديكارت المشهور بأبوة الفلسفة الحديثة كان له هو الآخر اهتمامات علمية متعددة (فهو مكتشف علم التحليل الهندسي ونظرية تصادم الأجسام المرنة) كان من ضمنها قيامه في عام 1637 بتأليف كتاب يناقش انكسار الضوء عند مروره في الأجسام المختلفة وأسباب ظاهرة انحراف وانكسار الضوء.
أما رمز عصر الأنوار بدون منازع وهو الشاعر والأديب الفرنسي الشهير فولتير فقد كان له هو الآخر اهتمام بالعلوم في أوائل شبابه وذلك عندما أعلنت الأكاديمية الفرنسية للعلوم في عام 1738 عن جائزة مالية لأفضل مقالة علمية تناقش طبيعة النار (مصدر اشعاع الضوء الشائع). وهنا نجد فولتير يجرى مجموعة من التجارب العلمية لحل هذه المشكلة العلمية وقد كانت تعاونه في هذه التجارب عشيقته السيدة إيملي دو شاتلييه والتي كان لها بعض الاطلاع والدراسة لبعض العلوم. ومما ساعد كلاً من السيدة إيملي وفولتير على تعزيز قدراتهما العلمية والبحثية أن القصر الذي كانا يعيشان به كان يحتوي على مكتبة ضخمة تصل إلى 21 ألف كتاب، وكذلك قاما بشراء بعض الأجهزة العلمية. وفي نهاية هذه التجارب العلمية كانت وجهة نظر فولتير أن النار عبارة عن شيء ذو طبيعة مادية في حين كان وجهة نظر السيدة دو شاتلييه أن النار ليست ذات طبيعة مادية وأن الحرارة والضوء لهما علاقة تجمعهما. وطبعاً لم يفز أياً منهما بالجائزة لكن ويبدو أن نتائجهما العلمية كانت على درجة مقبولة من الجودة بحيث أنها تم نشرها مع ثلاثة مقالات فازت بالجائزة.
وأخيراً، إذا كان ارتباط الأديب الفرنسي البارز فولتير بالضوء نتج من حرارة محاولته اكتشاف طبيعة النار فيجدر بنا قبل أن نختم أن نشير كذلك أن علاقة أحد أهم علماء الفلك بالضوء كانت لها قصة مع الحرارة كذلك. وهذا ما حصل مع عالم الفلك البريطاني البارز وليم هيرشل Herschel مكتشف كوكب أورانوس عام 1800 ومع ذلك حجز له مكان بارز في علم الفيزياء عن طريق توصله بالصدفة لاكتشاف الأشعة تحت الحمراء. وشهادة للتاريخ أن هذا الاكتشاف لم يكن عن طريق الصدفة المحضة بالكامل فقد كان وليم هيرشل مهتم منذ البداية بدراسة مدى احتمالية أن يكون الضوء مسبباً للحرارة، ولذا قام هيرشل بتمرير أشعة الشمس عبر موشور وقام بإنتاج ألوان الطيف المعروفة ثم قام بوضع مقياس درجة الحرارة عند كل طيف أحد الألوان ليقوم بقياس حدوث أي تغير في درجة الحرارة. ويقال أنه اثناء إجراءه لهذه التجربة ذهب هيرشل لتناول الغداء وترك مقياس درجة الحرارة في مكانه الأصلي ولم يحركه وعندما عاد وجد أن الشمس قد تحركت وبالتالي فإن أشعة الطيف وألوان الطيف قد تحركت كذلك بحيث لم تعد تقع على مقياس درجة الحرارة لكن مع ذلك ولدهشة هريشل الشديدة وجد أن درجة مقياس درجة الحرارة قد ارتفعت بشكل ملحوظ بالرغم من عدم وجود أشعة ضوء مرئية تقع على الترمومتر. وبعد الفحص والتدقيق توصل هرشل إلى أنه بالفعل توجد أشعة غير مرئية تقع تحت اللون الأحمر أطلق عليها لاحقاً اسم الأشعة تحت الحمراء.
لا شك أن طريق النور العلمي طويل ومتشعب وشمل أشهر وأبرز الشخصيات العلمية التي اقتبست من مشكاة العلم وحملت مشاعل الأنوار لإضاءة مجاهيل دروب الاكتشافات العلمية.
البريد الإلكتروني للكاتب: ahalgamdy@gmail.com