في دراسة هي الأولى من نوعها في العالم توصلت الباحثة التونسية الدكتورة رائدة بن عياد إلى الكشف عن ارتباط نسبة الدهون غير المشبعة في زيت الزيتون بالخصائص الوراثية للأصناف المختلفة من الزيتون. وقد نشرت الدراسة في الدورية العلمية الدهون في الصحة والمرض Lipids in Health and Disease في شهر أبريل 2018.
ووجدت الدراسة العلمية ارتباطا بين تفاوت كميات حمض الأوليك أحد أهم الأحماض الدهنية غير المشبعة في زيت الزيتون المستخرج من أصناف مختلفة من الزيتون التونسي وبين الاختلافات في جين دياستاتورس بروتين ديازاتور Stearoyl-acyl carrier protein desaturase gene (SAD). وهذا البحث هو الأول من نوعه في العالم الذي يبحث عن علاقة اختلاف الدهون غير المشبعة بالعامل الجيني كما تقول المشرفة على البحث الدكتورة رائدة بن عياد. وتضيف الباحثة التونسية في تصريح لموقع منظمة المجتمع العلمي العربي إنه عادة ما تنتشر الكثير من الأفكار حول أفضلية بعض أصناف زيت الزيتون على أصناف أخرى وترتبط هذه الأفضلية بنسب ونوعية الدهون غير المشبعة الموجودة في كل صنف. وقد كان هدف البحث هو معرفة السبب الجيني وراء هذا الاختلاف.
تم اختيار 17 صنفاً من أشجار الزيتون التونسي من مناطق جغرافية مختلفة في تونس من الشمال إلى الجنوب (الشتوي، قربوي، التونسي، المسكي، الوسلاتي، الحر، الشملالي صفاقس، شمالي عليتا، شملالي تطاوين، فخاري، زلماطي، زارزي، شيمشالي، بسبيسي، فوغي، تفاحي، جمري بن قردان). تم أخذ عينات من شجرتين مختلفتين من كل صنف بهدف تحليل الحمض النووي. وقامت الباحثة باستخراج الحمض النووي من الأوراق وغسل العينات للقضاء على المركبات الملوثة وتوليد الحمض النووي الجينومي DNA ذات جودة عالية. ثم تمت إذابته في محلول وتخزينه عند حرارة تبلغ 20 درجة مئوية تحت الصفر.
وتحصلت الدكتورة بن عياد على عينات زيت الزيتون من الزيتون البكر من مختلف الأصناف المختارة من الزيتون التونسي وتم إنتاج زيت الزيتون عن طريق طحن 2.5 كجم من الزيتون المجفف واستخلاصه بالوسائل الميكانيكية. اتبعت الباحثة نفس إجراءات إنتاج الزيت الأحادي الجانب الطرق القياسية المستخدمة في معاصر الزيتون، بما في ذلك الطحن، والخلط لمدة 30 دقيقة عند 25 درجة مئوية، والطرد المركزي لمدة 3 دقائق، وتم الحصول على زيت الزيتون عن طريق التقطير الطبيعي. وتخزينه في زجاجات بلورية داكنة عند 4 درجات مئوية. لتقوم الباحثة بعد ذلك بتحليل الأحماض الدهنية.
وتم اعتماد التحليل الاحصائي لتحديد العلاقة بين الاختلافات في جين SAD وتركيبة الأحماض الدهنية باستخدام العديد من التقنيات الإحصائية. وأظهرت نتائج البحث وجود ثلاث فئات من الزيوت: فئة أولى تفوق فيها نسبة الدهون غير المشبعة كميات الدهون المشبعة وفئة ثانية تفوق فيها نسبة الدهون المشبعة نسبة الدهون غير المشبعة وفئة ثالثة وأخيرة تتساوى فيها كميات الدهون المشبعة وغير المشبعة. وتمت ملاحظة تناسب الاختلافات في جين SAD مع نسبة تغير الأحماض غير المشبعة في الفئات الثلاث.
وتقول الباحثة بن عياد إن نتائج هذا البحث ستساعد في تحسين جينات بعض الأصناف التي تتمتع بخاصيات هامة لكنها تفتقر إلى نسبة دهون غير مشبعة عالية أو تحتوي على نسبة دهون مشبعة عالية نسبيا.
كما تساعد هذه النتائج في معرفة استرسال أصناف الزيوت في الأسواق من خلال إجراء تحليل للتركيبة الجينية للزيت لمعرفة أصوله ومكوناته. وهي طريقة أكثر نجاعة ودقة من الطرق التقليدية التي تعتمد على التحليل الفيزيائي والكيميائي. وكانت الباحثة رائدة بن عياد قد طورت سابقا تقنية لتتبع زيت الزيتون في الأسواق بالاعتماد على الاختبارات الجينية بهدف تحديد مصدره. وهي الباحثة التي تتمتع بصيت واسع على المستوى الدولي كخبيرة في مجال قياس جودة الزيوت باستخدام التحليل الجيني.
يذكر أن زيت الزيتون يستخدم منذ العصور القديمة لأغراض غذائية وطبية وتجميلية وأهداف أخرى وهو يشكل أحد المصادر الرئيسية للدهون في النظام الغذائي المتوسطي المرتبط بالعديد من الفوائد الصحية. بما في ذلك الحد من مخاطر أمراض القلب التاجية والوقاية من عدة أنواع من السرطان.
ويعرف زيت الزيتون بمستويات عالية من الأحماض الدهنية الأحادية غير المشبعة (MUFA) والمركبات الفينولية التي تشكل تقريبا 98 % من وزن الزيت ومعظمها مكونة من ثلاثي الجليسرات. ويعتبر حمض الأوليك الشكل الأساسي للأحماض الدهنية لزيت الزيتون البكر وهو يشكل عادة ما بين 65 و85 بالمائة منها.
رابط الدراسة
البريد الإلكتروني للكاتب: gharbis@gmail.com