مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

موجات الجاذبية

سلسلة المدرسة الشتوية العربية الثانية للفيزياء الفلكية
الكاتب

مونية بناني

من طلاب المدرسة الشتوية العربية الثانية للفيزياء الفلكية

الوقت

12:44 مساءً

تاريخ النشر

15, فبراير 2018

في إطار المدرسة الشتوية العربية الثانية للفيزياء الفلكية المنظمة بإفران 2017، وبالموازاة مع الدروس النظرية والتطبيقية المقدمة لفائدة طلبة علوم الفلك في العالم العربي، تم تقديم أربع محاضرات للعموم ومن بينها المحاضرة المقدمة في جامعة الأخوين بإفران من طرف الدكتور زهير بن خلدون، الأستاذ والباحث في جامعة القاضي عياض بمراكش ورئيس الجمعية العربية الفلكية. تدور المحاضرة حول موضوع موجات الجاذبية الذي أثار اهتمام عشاق ومحترفي علم الفلك في السنوات الأخيرة نظراً لتمكنهم أخيرا من رصد هذه الموجات بعد أن تنبأ بها العالم ألبرت اينشتاين قبل 100 سنة. ولقد حاز فريق ليغو على جائزة نوبل للفيزياء على هذا الاكتشاف الكبير.

فكان أول رصد لهذه الموجات سنة 2015 باستعمال مرصد الموجات الثقالية بالتداخل الليزري ليغو المتواجد بالولايات المتحدة الامريكية.  وكانت هذه الموجات ناتجة عن التحام ثقبين أسودين كتلتهما على التوالي 36 و29 كتلة شمسية. وقد تم تسمية هذا الإشارة باسم GW150914. أما آخر رصد فكان سنة 2017 وهو ناتج عن التحام نجمين نيترونيين. كان هذا الرصد مهماً جداً لأن العلماء تمكنوا لأول مرة من مشاهدة مصدر هذه الموجات بواسطة التلسكوبات وليس فقط التقاطها. وقد أطلق على هذه الإشارة اسم  GW170104. بالإضافة إلى جهاز ليغو، ساهم أيضاً جهاز فيرغو في الرصد الذي تم في سنة 2017. جهاز ليغو يتكون من ذراعين طول كل ذراع 4 كلم ويمكنه قياس طول الاختلاف النسبي الذي يبلغ  2×10-22))، ولكن فقط في عرض النطاق الترددي بين 10 و 2000 هرتز.  

فما هي موجات الجاذبية؟ وكيف تتكون؟ وما هي الوسائل المستعملة لرصدها؟

موجات الجاذبية وكما يشير اسمها هي عبارة عن موجات ناتجة عن ظواهر كونية عالية الطاقة حيث تتمكن من تغيير بنية مجال الزمكان فتحدث بها تموجات تقلص وتمدد المادة أثناء عبورها لها (يمكن تشبيهها بالموجات على سطح الماء). لم تتمكن الفيزياء النظرية الكلاسيكية من تفسير هذه الظاهرة بل هي ناتجة عن فيزياء جديدة أسسها ألبرت أينشتاين سنة 1915 وهي فيزياء النسبية العامة بعد أن عجزت مكانيك النظرية الكلاسيكية عن تفسير عدة ظواهر كونية منها تغير ظاهري طفيف في مواقع النجوم بجوار الشمس أثناء كسوف هذه الأخيرة. تمكنت معادلة اينشتاين الشهيرة من تفسير جُل هذه الظواهر بل وغيرت جذرياً مفهوم الجاذبية التي تحولت من قوة تجاذب بين الأجسام التي لها كتلة في الكون إلى تغير بنية مجال الزمكان القريب من الكتلة، حيث تتبع الأجسام الأخرى شكل المجال عند مرورها بجانب الجسم الذي يتأثر بدوره بوجود هذه الأجسام.

بعد تحليل وتبسيط معادلة اينشتاين اكتشف نظرياً وجود موجات أطلق عليها اسم موجات جاذبية، تنتشر هده الموجات بسرعة الضوء ويمكنها قطع عدة سنوات ضوئية دون أن تندثر أو تمتصها المادة الموجودة في الفضاء، لكنه أكد انه من الصعب بل من المستحيل رصد هذه الموجات لأن التغيير الذي تحدثه هذه الموجات على المجال ضعيف جداً حيث أنه لكي نتمكن من رصد هذه الموجات يجب ان نصل إلى حساب المسافة بين الأرض والشمس بدقة تصل إلى طول الذرة. ولقد تمكن العلماء من الوصول إلى هذه الدقة بواسطة تكنولوجيا الليزر ومقياس تداخل الموجات يسمى مقياس ميكلسون للتداخل.

 وجدير بالذكر أن موجات الجاذبية التي نتمكن من رصدها على سطح الأرض هي فقط الموجات التي تنتج عن ظواهر كونية هائلة، مثل التحام ثقبين أسودين أو نجمين نترونيين عاليي الكتلة نظراَ لوجود مشاكل في الرصد على سطح الأرض من بينها الاهتزازات الأرضية ووجوب وضع هذا المقياس الذي طوله أربع كلم (ليغو على سبيل المثال) في الفراغ. لتفادي هذه المشاكل وزيادة الدقة فكر العلماء في إنشاء مرصد لموجات الجاذبية في الفضاء وهو مشروع جهاز رصد موجات الجاذبية يسمى أليزا الذي سينطلق سنة 2036. ختم الدكتور زهير بن خلدون محاضرته حول موجات الجاذبية بذكر موقع المغرب في رصد هذه الظاهرة الذي يكمن في وجود تلسكوب بشراكة مع دولة كوريا يتمكن من مشاهدة وتتبع مصدر هذه الموجات في حالة التقاطها من طرف أي جهاز.

كانت المحاضرة غنية جداً بالمعلومات الشيقة في علم الفلك وخاصة موجات الجاذبية. وقد استغل الحضور وجود الدكتور بن خلدون لكي يطرحوا عليه أسئلة متنوعة تغني فهمهم لموجات الجاذبية والنسبية العامة.

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x