مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

اللغة العربية العلمية : بين الترجمة والبحث العلمي

الكاتب

الكاتب : أ. د. رشدي راشد

فيلسوف ومؤرخ للعلوم الرياضية العربية

الوقت

12:32 مساءً

تاريخ النشر

07, فبراير 2018

ملخص

  1. بيّنت في هذا المقال ارتباط نشأة اللغة العلمية العربية ببناء المدينة العلمية في القرن التاسع وبتعدد المراكز العلمية التي كانت تتكلم نفس اللغة، أعني العربية.
  2.  الارتباط الوثيق بين الترجمة العلمية-خاصة من اليونانية- والبحث العلمي الأصيل، وأخذت عدة أمثلة من علم المناظر ومن علم الجبر ومن نظرية الأعداد.
  3. بيّنتُ أن الترجمة مرّت بمراحل عدة، غلب على الأولى منها النقل الحَرْفي واللجوء إلى صيغ تركيبية واشتقاقية ليست عربية الأصل. تلت هذه المرحلة مرحلة أخرى سعى فيها الناقل إلى التخلص من أغلب هذه التركيبات وأراد تصحيح الأسلوب حتى يتّسِق مع العربية. وتلت هذه المرحلة مرحلة أخرى أراد فيها الناقل أن يصل إلى الإتقان العلمي واللغوي معاً.
  4. سبقت النهضة في العلوم الرياضية وغيرها نهضة أخرى في العلوم الإنسانية والاجتماعية، أعني علوم اللغة والتاريخ والفقه والتفسير والكلام.
  5. ارتبطت الترجمة من اليونانية خاصة بالبحث العلمي المتجدد، فلقد كانت الترجمة لتلبية حاجات البحث العلمي أساساً.
  6. لا مجال للشك في أن نشأة اللغة العربية العلمية تبعت التقاء تيارين للبحث: أحدهما في العلوم الإنسانية والآخر تيار البحث العلمي أي الرياضيات والفلك والطب … الخ.

وهذا الأخير سلك نهجين متزامنين، أعني الترجمة المرتبطة بالبحث، والإبداع أو بابتكار علوم جديدة لم يعرفها القدماء مثل الجبر والهندسة الجبرية وحساب التوافيق والتباديل …الخ.

  1.  عندما نقل العلماء من أمثال قسطا بن لوقا وحنين بن إسحاق وثابت بن قرة وأبي عثمان الدمشقي وغيرهم علوم اليونان إلى العربية، كانت هذه العلوم في حالة ركود وخمول منذ قرنين على الأقل، وعندما نقلوها كان هذا النقل كما قلت من أجل بحث أصيل وجديد.
  2. استمر البحث الأصيل المتجدد لمدة قرون بالعربية على أيدي علماء من أمثال ابن الهيثم وابن عراق والبيروني ونصير الدين الطوسي وابن الشاطر أدّى إلى تطوير العربية في كل العلوم وفي كل ميادين المعرفة.

 

ولقد بيّنتُ في المقال الذي بين أيديكم بعض هذه المسائل وأود أن أقف على الحال اليوم

  1. البحث العلمي اليوم في تجدد مستمر ونشط لا يشارك فيه أهل العربية.
  2. أهل العربية يدرسون العلم بلغة أصحابه، فهم يدرسون ويفكرون بغير العربية، وما يعرفونه من هذا العلم بالعربية لا يتعدى القليل من المبادئ.
  3. إخراج العلوم إلى اللغة العربية الذي بدأ خجولا في بعض البلدان العربية إبّان القرن التاسع عشر كان من أجل التعليم، بل قد تراجع ولم يبدأ من جديد على صورة العمل القومي الذي تُعنى به الجماعة والدولة.

وأرى أن هذا الحال لن يتغير بصورة جذرية قبل تطور البحث العلمي نفسه في البلدان العربية وقبل فرض اللغة العربية كلغة لتدريس العلوم واكتسابها في المدارس والجامعات. أمّا استيراد العلوم عن طريق الجامعات الأجنبية فلا أظن أنه سيؤدي إلى تجديد البحث العلمي ولا إلى تطوير اللغة العربية كلغة علوم. وإخراج علوم المعاصرين إلى العربية هو عمل قومي يقوم به المجتمع والدول، ولكنه لا مانع من أن نبحث كأفراد في بعض الوسائل التي يتسنى بها إخراج هذه العلوم. وإحدى هذه الوسائل هي الاستفادة بما استطاعه العلماء من قبل. لست أشكّ في أن العربية وقد كانت لغة العلم والمعرفة حقبة من الدهر قد استغرقت المعاني العلمية والفلسفية التي اتسع لها أفق التفكير حتى القرن السابع عشر. ولست أشكّ في أنها زاخرة بمصطلحات تدلّ على كثير من المعاني والمدلولات التي تتناولها العلوم الحديثة، وأراها أدلّ على تأديتها من ألفاظ غيرها شائعة في البلدان العربية اليوم.

ولبيان هذا قمت مع زملاء لي ببداية متواضعة آمل أن تأخذ بها وتُغنيها المجامع العربية حتى يكون في متناول الباحثين أداة لصياغة أفكارهم وأعمالهم، وهذه البداية هي عمل قاموس تاريخي للغة العلمية العربية، ففي هذا القاموس قمنا بتتبع المفهوم العلمي ودلالته واستعماله في كتب العلماء منذ صياغته الأولى حتى صيغته الأخيرة الدائمة، أعني عمل قاموس تاريخي للمفاهيم العلمية في اللغة العربية، سواء تلك التي صاغها المترجمون منذ القرن الثاني الهجري أثناء نقلهم للنصوص العلمية اليونانية خاصة، وتلك التي ابتكرها العلماء أثناء بحثهم الأصيل الجديد في ميادين العلوم من رياضيات وفلك ومناظر وميزان وحيل وصيدنة. وهذا القاموس التاريخي للمفاهيم العلمية أصبح ممكنا الآن تأليفه لتطوّر معرفتنا بالنصوص العلمية ولتقدم دراستها مما ساعد على العثور على مخطوطات لم تكن معروفة من قبل وعلى نشر العديد من النصوص المحققة والدراسات المتأنية. هذا القاموس بصفحاته التي تزيد على الألف بداية متواضعة لجهد نأمل أن تأخذ مجامع اللغة العربية مواصلته حتى يتهيأ للباحثين في العلوم والمؤرخين لها الأداة اللازمة لتعريب العلوم والبحث فيها.

هذه المحاضرة ألقاها الدكتور رشدي راشد في مؤتمر بمناسبة اليوم العالمي للغة العربية، يوم 18 ديسمبر 2017 ، في مقر اليونسكو في باريس.

 

  • مقال: "اللغة العربية العلمية: بين الترجمة والبحث العلمي"، للدكتور رشدي راشد، تجدونهُ في ملف الـ PDF أعلى الصفحة

 

    

 

    www.https://arsco.org/articles/article-detail-487

    www.https://arsco.org/articles/article-detail-483

 

 

البريد الإلكتروني للكاتب: rashed@paris7.jussieu.fr

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x