مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

NULL

التغريدات الكونية وجائزة نوبل

الكاتب

ترجمة: المهندس عبدالحفيظ العمري

الوقت

01:12 مساءً

تاريخ النشر

26, ديسمبر 2017

تغريدات كونية

في 14 سبتمبر 2015م رصدت كواشف (ليجو) في الولايات المتحدة الأمريكية لأول مرة اهتزاز الفضاء بموجات الجاذبية، وعلى الرغم من أن الإشارة كانت ضعيفة للغاية عندما وصلت إلى الأرض لكنها كانت تبشر بثورة في الفيزياء الفلكية. وإن موجات الجاذبية هي وسيلة جديدة تماماً لمراقبة أكثر الأحداث عنفاً في الفضاء واختبار حدود معرفتنا، وتنشأ هذه الموجات المرصودة من اصطدام عنيف بين ثقبين أسودَين حدث قبل أكثر من مليار سنة. ولقد مر حتى الآن قرن منذ تنبأ ألبرت آينشتاين Albert Einstein بهذه الموجات من خلال نظريته النسبية العامة، وهو على حق مرة أخرى، وإن كان دائماً شاكاً ما إذا كان بالإمكان التقاطها أم لا.

ومرصد موجات الجاذبية بمقياس التداخل الليزري، والذي يختصر باسم "ليجو"1 هو مشروع تعاوني لأكثر من ألف باحث من أكثر من عشرين بلداً، حققوا معاً رؤية عمرها ما يقرب من خمسين عاماً. فقد حصل الفائزون بجائزة نوبل لهذا العام (2017م) بحماسهم وتصميمهم لما لا يقدر بثمن كنتيجة لنجاح ليجو؛ إذ نجح الرواد رينير وايس Rainer Weiss، وكيب إس ثورن Kip S. Thorne، وباري سي باريش Barry C. Barish، في إيصال المشروع إلى النهاية، وبذلك حققوا جهداً دام أكثر من أربعة عقود وتوّج في النهاية برصد موجات الجاذبية. بدأت الشائعات بالتداول حوالي خمسة أشهر قبل أن تنهي مجموعة البحث الدولية من تنقيح حساباتها، ولكنهم لم يعلنوا عن النتائج التي توصلوا إليها حتى 11 فبراير 2016م، فقد وضع باحثو ليجو عدة سجلات لأول اكتشافاتهم تحديداً، إلى جانب أول رصد على الإطلاق لموجات الجاذبية، وكان كل ذلك أول مؤشر أن الفضاء يحتوي ثقوباً سوداء متوسطة الحجم تتراوح بين 30 و60 كتلة شمسية، يمكنها أن تندمج مع بعض، حتى بدا للحظةٍ قصيرة أن الإشعاع الجذبي من الثقوب السوداء المتصادمة كان أقوى بكثير من الضوء المجمّع من جميع النجوم في الكون المرئي.

الزمكان يهتز

كان الزمكان غامضاً تماماً، ولكنه لم يعد كذلك كلية، لأن اضطرابات من تصادم ثقبين أسودين تهزه بالكامل، وذلك لأن تأثير موجات الجاذبية ينتشر خلال الكون مثل تموجات حصاة ألقيت في الماء، وقد استغرق وصول هذه الموجات إلى الأرض أكثر من مليار سنة، وهو زمن طويل على الرغم من أنها تتحرك بسرعة الضوء، وبأسرع ما يمكن. وفي 14 سبتمبر 2015م، الساعة 11.51 حسب توقيت وسط أوروبا، كشف تمايل لطيف في نمط الضوء في مختبرات توأم ليجو بأميركا عن الدراما التي تجلت منذ فترة طويلة هناك على بعد 1.3 مليار سنة ضوئية من الأرض إن ليجو ليس تلسكوباً عادياً للكشف عن الضوء وغيرها من الإشعاع الكهرومغناطيسي من الفضاء، بل هو جهاز للاستماع إلى موجات الفضاء الجذبية، حتى لو كانت موجات الجاذبية تمثل هزات في الزمكان نفسه، وليس موجات صوتية، فإن ترددها يعادل تلك التي يمكن أن تُسمع بالأذن البشرية. وعلى مدى عقود، حاول الفيزيائيون الكشف عن موجات الجاذبية هذه التي تهز الكون، كما وصفها ألبرت آينشتاين قبل مائة عام، حيث أوضح أن المكان والزمان مرنان وأنهما مندمجان في الزمكان الرباعي الأبعاد الذي يهتز بموجات الجاذبية التي يتم إنشاؤها دائما عندما تتسارع كتلة ما، مثلما يرقص متزلج الجليد، أو ينفجر نجم في مجرة بعيدة أو يدور زوج من الثقوب السوداء حول بعضها البعض.

ومثلما وصفت النظرية النسبية العامة لآينشتاين موجات الجاذبية، فقد وصفت الثقوب السوداء أيضاً منذ عام 1915م، تلك الثقوب، وظل معظم الباحثين لأكثر من خمسين عاماً على قناعة بأنها موجودة فقط كحلول لمعادلات آينشتاين وليست فعلاً هناك في الفضاء، لكنها تتكون عندما تكون الجاذبية قوية للغاية وبالتالي يكون الانحناء في الزمكان كبيراً ، كما تفسر النظرية النسبية الجاذبية. وإن الثقوب السوداء هي أكثر الأشياء غرابة في الزمكان، فلا شيء يمكن الهروب منها ولا حتى الضوء، لذلك فهي مصدر غموض دائم في الفيزياء. وإن موجات الجاذبية تجلب الأمل في مراقبة شيء قد تم إغفاله سابقاً، وإن كان غير واضح لفترة طويلة ما إذا كان سيتم حل أسرار الزمكان، فلسنوات عديدة كان ألبرت آينشتاين مقتنعاً أنه ليس من الممكن أبداً قياسها وغير متأكد من كونها موجات حقيقية أم مجرد وهم رياضي، وحتى زميله المعاصر آرثر إدينجتون Arthur Eddington كان أكثر تشككاً وأشار إلى أن موجات الجاذبية ظهرت "لتنتشر بسرعة الفكر".

لكن في نهاية الخمسينيات أصبح وجود موجات الجاذبية أكثر قبولاً عندما بينت حسابات جديدة أنها تحمل في الواقع طاقة، وبالتالي ينبغي من حيث المبدأ أن تكون قابلة للقياس. لذا فقد جاءت قطعة واحدة من الأدلة غير المباشرة في السبعينات عندما استخدم الفلكيان الأمريكيان راسل هالس  Russell Hulse وجوزيف تايلور Joseph Taylor تليسكوباً رادوياً كبيراً لمراقبة زوج كثيف للغاية من النجوم، البولسار الثنائي2، فقد تمكنا من إظهار أن هذه النجوم تدور حول بعضها البعض في سرعة متزايدة، مع فقدان الطاقة ويتحركان باتجاه كل منهما الآخر بحيث تتوافق كمية الطاقة المفقودة مع الحسابات النظرية لموجات الجاذبية، ونتيجة لذلك مُنحا جائزة نوبل في الفيزياء عام 1993م. ومع ذلك، فإن الحصول على أدلة مباشرة على موجات الجاذبية يتطلب رصد مباشرة لها. لأن الزمكان متماسك ولا يمكن هزهُ بسهولة فلا يمكن إلا لأكثر العمليات الكونية عنفاً أن تسبب موجات جاذبية كبيرة بما فيه الكفاية لقياسها، ورغم ذلك فإن سعاتها ضئيلة، لذا يشبه الكشف عنها قياس المسافة إلى نجم على بعد عشر سنوات ضوئية مع دقة تعادل ضفيرة شعرة. ولو أن الكون كله يهتز بشكل متواصل بموجات الجاذبية، فنادراً ما تحدث معظم الأحداث المتفجرة في مجرتنا، لذا علينا أن ننظر أبعد من ذلك.

موجات الجاذبية تكشف عن الماضي

الآن وقد حدث وتم التقاط موجات الجاذبية في فخ ليجو، فقد دار اثنان من الثقوب السوداء حول بعضها البعض منذ تكوينها في وقت مبكر من تاريخ الكون، ومع كل دورة اجتاحا الزمكان في دوامة فانتشر اضطراب الزمكان أكثر فأكثر في الفضاء على شكل موجات الجاذبية التي حملت الطاقة بعيداً مما تسبب في اقتراب الثقوب السوداء من بعضها البعض، فتقاربا إلى حركتهم الدوامية، ودار أسرع الثقوب السوداء بنبع المزيد من الطاقة على هيئة رقص متسارع، والذي استمر لعدة ملايين من السنين، وفي النهاية، في جزء من الثانية لمست آفاق الثقوب السوداء بعضها البعض، فتأرجحت الثقوب نحو نهايتها المصيرية بسرعة الضوء تقريباً، وعندما اندمجا توقفت جميع الاهتزازات مخلفة وراءها ثقباً أسود دوار بدون أي آثار مرئية لبدايته الدراماتيكية، لكن ذكرى هذا الاندماج لم تفقد تماماً، فما يزال تاريخها في تموجات الزمكان.

وموجات الجاذبية التي تمدد وتعصر الفضاء بشكل متناغم تقوم بتغيير نغمتها حسبما تتبدل رسالتها، فإذا سمعنا كل الموجات، وليس فقط الأقوى، فإن الكون كله سيكون مليئاً بالموسيقى، مثلما تغرد الطيور في غابة، بنغمة عالية هنا وأخرى هادئة هناك. وبعد مليارات السنين، عندما يتسارع ثنائي الثقوب السوداء نحو التصادم الفوضوي النهائي، هناك تتعالى نغمات قبل أن تتلاشى إلى الصمت الذي لا يكشف عن شيء، لكن حالياً يمكن الاستماع فقط إلى التغريدات القليلة الأخيرة خلال الفضاء. ولكن لماذا هي هادئة جدا؟ هذا بسبب كون مصدرها بعيداً جداً وأن موجات الجاذبية، مثل موجات الضوء، تضعف مع المسافة، لذا عندما تصل موجات الجاذبية إلى الأرض فإن شدتها تكون قد انخفضت بشكل كبير لدرجة أن مقدار التمدد في نسيج الزمكان الذي التقطه كاشف ليجو عندما عبرت الموجة الأرض كان أصغر بآلاف المرات من نواة ذرية!

ليجو ومقياس التداخل العملاق

كان الحلم لأكثر من خمسين عاماً، وإن كان الطريق إلى النجاح طويلاً ومتعرجاً، وفي بعض الأحيان صعباً بالنسبة لكثير من الباحثين المعنيين. وأولى كاشفات لالتقاط موجات الجاذبية كانت تشبه شوكة رنانة، إنها حساسة للموجات ذات تردد معين، لكن جوزيف ويبر Joseph Weber  في جامعة ميريلاند في واشنطن يمكنه تخمين التردد الذي تصدره الثقوب السوداء، وقام في الستينات بصنع أول كاشف، ولكن في ذلك الوقت شك كثير من الناس بوجود موجات الجاذبية والثقوب السوداء، لذلك كانت ضجة كبيرة في السبعينات عندما ادعى ويبر أنه سمع هذه النغمات النهائية، ومع ذلك، لم يكن أحد قادراً على تكرار نتائج ويبر وملاحظاته، لذا اعتبرت انذارات كاذبة.

وفي منتصف السبعينات، على الرغم من الشك واسع النطاق، كان كل من كيب ثورن ورينير لديهم اقتناع راسخ بأنّ موجات الجاذبية يمكن اكتشافها، وبالتالي إحداث ثورة في معرفتنا بالكون. وحلل رينير وايس بالفعل مصادر محتملة لضوضاء الخلفية تزعج قياساتهم للموجات، وقد صمم أيضاً كاشفَ مقياس التداخل القائم على الليزر، والذي سوف يتغلب على هذا الضجيج، في حين كان رينير وايس يطور كاشفاته في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كامبريدج، فهناك خارج بوسطن بدأ كيب ثورن العمل مع رونالد دريفر Ronald Drever الذي بنى أول نماذجه في جلاسكو، اسكتلندا. وقد انتقل دريفر في نهاية المطاف للانضمام مع ثورن في كالتك في لوس أنجليس، ليصبح ثلاثتهم رواداً في تطوير هذه التقنية لسنوات عديدة، قبل أن يموت دريفر في اسكتلندا في مارس 2017م بعد أن تمكن من تجربة الاكتشاف الأول. وطور هؤلاء الثلاثة جهازاً آخر بدلاً من شوكة ويبر الرنانة، وإنه مقياس التداخل القائم على الليزر، الذي عُرف مبدأه منذ زمن طويل، ويتكون الجهاز من ذراعين تشكل حرف L، في زاويا ونهايات L توجد مرايا معلقة في جهاز معقد. وكانت فكرة عمل الجهاز بسيطة إلى حد ما، فعندما تؤثر موجة الجاذبية المارة على أذرع مقياس التداخل بشكل مختلف، عندما تكون إحدى الأذرع مضغوطة، فالأخرى ممدودة، وشعاع الليزر الذي يثب بين المرايا يقيس التغيير في أطوال الذراعين، فإذا لم يحدث شيء، فأشعة ضوء المرتدة من الليزر تلغي بعضها البعض عندما تجتمع في زاوية حرف L، لكن إذا تغير طول أي من أذرع جهاز التداخل، فإن الضوء يمر بمسافات مختلفة، وبالتالي تفقد موجات الضوء التزامن وتتغيّر شدة الضوء الناتجة حين تلتقي الحزم. ومع بساطة الفكرة فقد كانت هناك حاجة إلى أجهزة واسعة النطاق لقياس التغيرات المجهرية لأطوال أقل من نواة ذرة، ولذلك استغرق لتحقيقه أكثر من أربعين عاماً. كان المخطط يتمثل في بناء مقياسين للتداخل لكل منهما ذراع طوله أربعة كيلومترات حيث يثب شعاع الليزر عدة مرات، وبالتالي تمديد مسار الضوء وزيادة فرصة من الكشف عن أي تمدد صغير في الزمكان. 

ويوجد مرصد ليجو في السهوب في شمال غرب الولايات المتحدة الأمريكية، خارج هانفورد، واشنطن، وهناك منشأة له توأم على بعد ثلاثة آلاف كيلومتر إلى الجنوب، في ليفنستون ، لويزيانا. واستغرق الأمر سنوات لتطوير الجهاز الأكثر حساسية على الإطلاق ليكون قادراً على التمييز بين موجات الجاذبية من كل ضجيج الخلفية، وهذا تطلب التحليل المتطور والنظرية المتقدمة التي كان كيب ثورن الخبير فيها، ولكن تطلب أعلى مستويات الهندسة الإبداعية والحرفية لبناء أجهزة بارعة وكانت هذه مساهمة راينير وايس الرائدة. ويجب أن يكون طول موجة الليزر وشدتها مستقرة قدر الإمكان، وتصطدم الأشعة بالمرايا المعلقة بدقة والتي يجب ألا تهتز مطلقاً، وليس حين تسقط أوراق من أشجار قريبة، أو يجري طفل أو تمر شاحنة على طريق بعيد،

في الوقت نفسه، يجب أن تكون هذه المرايا المعلقة حرة في التأرجح بمرور موجات  الجاذبية، ويجب تعويض الحركة الحرارية للذرات على سطح المرايا، وكذلك الآثار الكمومية في الليزر. لقد كان من الضروري تطوير تكنولوجيا الليزر الجديدة وابتكار مواد جديدة، وكذلك بناء أنابيب فارغة عملاقة وعزل زلزالي، وتكنولوجيات حيوية أخرى، والتي تتجاوز بكثير ما تحقق سابقاً، ولم يعد من الممكن تنفيذ مثل هذا المشروع على نطاق ضيق، فهناك حاجة إلى نهج جديد، لذا في 1994م عندما تولى باري باريش منصب قائد ليجو قام بتحويل مجموعة البحث الصغيرة من نحو 40 شخصاً إلى تعاون دولي واسع النطاق بأكثر من ألف شخص مشارك. فقد بحث عن الخبرة اللازمة وجلب العديد من مجموعات البحث من بلدان عديدة، فالحلم المستحيل لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال الجهود التعاونية للعلوم الكبيرة.

وصلت الإشارة على الفور

في سبتمبر 2015م قد كان مرصد ليجو على وشك أن يبدأ مرة أخرى بعد الترقية التي استمرت عدة سنوات، فقد صار مجهزاً بأشعة الليزر بقوة أكثر من عشرة أضعاف السابق، ومرايا وزنها 40 كيلوجراما، وأجهزة تصفية للضوضاء متقدمة للغاية، مع واحدة من أكبر أنظمة الفراغ في العالم، حينها التقط ليجو إشارة موجة قبل بضعة أيام من بدء التجربة رسمياً، فقد مرت الموجة لأول مرة عبر منشأة ليفنستون وبعد ذلك بـ7 ميلي ثانية، متحركة بسرعة الضوء، ظهرت في هانفورد، التي على بعد ثلاثة آلاف كيلو متر، تم إرسال رسالة من النظام المحوسب في وقت مبكر من صباح يوم 14 سبتمبر 2015م، في ذلك الوقت كان الجميع في الولايات المتحدة نائماً، ولكن في هانوفر في ألمانيا كانت الساعة 11:51 حسب توقيت وسط أوروبا، حيث كان ماركو دراجو  Marco Drago الفيزيائي الشاب في معهد ماكس بلانك لفيزياء الجاذبية، يستعد لتناول طعام الغداء، المنحنيات التي لاحظها بدت تماماً مثل تلك التي مارس التعرف عليها عدة مرات، فهل يمكن أن يكون أول شخص في العالم تمكن فعلاً من رؤية موجات الجاذبية؟ أم كانت الإشارة مجرد إنذار كاذب، واحدة من الاختبارات العمياء العرضية التي لا يعرف بها سوى عدد قليل من الناس؟ وشكلُ الموجة كما كان متوقعاً بالضبط، صحيح أنها لم تخضع لاختبار لكن كل شيء كان مناسباً تماماً. والرواد الآن في الثمانين من العمر لكن زملاؤهم في ليجو صاروا قادرين أخيراً على سماع موسيقى أحلامهم، مثل غليساندو3، أو طائر يغرد بأغنيته الانفرادية.

كان من الجيد أن تكون الإشارة صحيحة، لكنه لم يسمح لباحثي ليجو إخبار أي شخص بذلك، بما في ذلك أسرهم حتى فبراير من العام التالي، وقد استوفى، الجسم الذي سُمي GW 15091، سرهم المحفوظ جيداً كل توقعاتهم. ومن الإشارة، يمكن للباحثين أن يستبطنوا أن الثقبين الأسودين كانا أثقل بـ 29 و36 مرة ضعف الشمس، ولكن بقطر لا يزيد عن 200 كيلومتر، وقد اندمجا ليشكلا ثقباً أسود بحوالي 62 كتلة شمسية، بحيث كانا قادرين خلال بضعة أعشار من الثانية على بث طاقة بشكل موجات الجاذبية تعادل ثلاث كتل شمسية، وهذا ما جعل الجسم GW 150914 هو الجسم الأكثر اشعاعاً في الكون لتلك اللحظة القصيرة. وتشير الإشارة أيضاً إلى المنطقة في السماء الجنوبية حيث الحدث العنيف وقع قبل 1.3 مليار سنة ضوئية، وهو الزمن الذي كانت فيه الحياة على الأرض تتطور من الكائنات أحادية الخلية إلى الكائنات المتعددة الخلايا.

وقد رصد ليجو حدثين مماثلين آخرين منذ الاكتشاف الأول. انضم مرفق الشقيقة الأوروبية فيرجو4 الموجودة خارج بيزا في إيطاليا، إلى ليجو في أغسطس 2017م، وأعلنوا أول اكتشاف مشترك لهم في 27 سبتمبر. فقد رصدت أجهزة الكشف الثلاثة نفس موجات الجاذبية الكونية في 14 أغسطس 2017م، والتي جاءت من ثقبين أسودين متوسطي الحجم تصادما قبل 1.8 مليار سنة مضت، وهكذا فقد رأت أجهزة الكشف الآن الكون يهتز أربع مرات، ويتوقع مستقبلاً الكثير من الاكتشافات. تقوم الهند واليابان حالياً ببناء مراصد موجات جاذبية جديدة. ومع هذه التجارب التي تقع بعيداً عن بعضها البعض، يجب أن يكون الباحثون قادرين على تحديد من أين تأتي الإشارات بدقة، ويمكن بعد ذلك متابعة رصد موجات الجاذبية بواسطة دراسات باستخدام التلسكوبات البصرية، أو تلسكوبات الأشعة السينية، أو أنواع أخرى من التلسكوبات.

إن جميع أنواع الإشعاع الكهرومغناطيسي والجسيمات، مثل الأشعة الكونية أو النيوترينوهات قد أعطتنا حتى الآن معرفة عن الكون، غير أن موجات الجاذبية هي شهادة مباشرة عن الاضطرابات في الزمكان نفسه، وهذا شيء جديد تماماً ومختلف، ويفتح عوالم غير مرئية، فهناك ثروة من الاكتشافات تنتظر أولئك الذين ينجحون في رصد موجات الجاذبية وتفسير رسالتها.

مصدر المقالة

  1. LIGO
  2. Pulsar
  3. Glissando مصطلح موسيقي تجنيسي ، وارد من المصطلح الموسيقي الإيطالي ، ويعني حرفيا الإنزلاقة أي الانتقال من نوتة إلى أخرى بواسطة نوتات وسيطة سواء صعودا بالارتفاع أو هبوطا بواسطة خفض الصوت.
  4. VIRGO
     
  • المقال بصيغة PDF للقراءة والتحميل أعلى الصفحة.

 

البريد الإلكتروني للمترجم: abdualamri.75@gmail.com

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x