تتم مكافأة ايسامو اكاساكي Isamu Akasaki، هيروشي أمانو Hiroshi Amano وشوجي ناكامورا Shuji Nakamura لاختراع مصدر جديد للطاقة فعال ومصدر ضوء صديق للبيئة – إنه (LED) الصمام الثنائي الباعث للضوء الأزرق. تمنح جائزة ألفريد نوبل لأي اختراع ذو فائدة عظمى للبشرية؛ و استخدام المصابيح LED الزرقاء يمكن من توليد الضوء الأبيض بطريقة جديدة. مع ظهور مصابيح LED أصبح لدينا الآن بدائل أطول عمراً وأكثر كفاءة من مصادر الإضاءة القديمة.
عندما يصل اكاساكي وأمانو وناكامورا إلى ستوكهولم في أوائل ديسمبر لحضور حفل جائزة نوبل، فإنهم لن يفشلوا في ملاحظة الضوء من اختراعهم المتوهج بالفعل في جميع نوافذ المدينة. مصابيح LED موفرة للطاقة، طويلة الأمد وينبعث منها ضوء أبيض ساطع. و علاوة على ذلك، و على عكس مصابيح الفلورسنت، فأنها لا تحتوي على الزئبق. الثنائيات الباعثة للضوء الأحمر والأخضر كانت معنا لمدة نصف قرن تقريباً، ولكن كانت هناك حاجة لضوء أزرق لإحداث ثورة فعلية في تكنولوجيا الإضاءة، لأنه فقط ثالوث الأزرق والأحمر والأخضر يمكن أن ينتج الضوء الأبيض الذي ينير العالم لنا. على الرغم من المخاطر العالية والجهود الكبيرة المبذولة في المجتمع البحثي وكذلك في الصناعة، ظل الضوء الأزرق تحدياً لثلاثة عقود. عمل اكاساكي مع أمانو في جامعة ناجويا، بينما كان يعمل ناكامورا في كيماويات نيتشيا Nichia، وهي شركة صغيرة تقع في توكوشيما في جزيرة شيكوكو Shikoku، وعندما حصلوا على أشعة الضوء الأزرق الناصعة من أشباه الموصلات التابعة لهم، فإنهم فتحوا الابواب على تحول أساسي في تكنولوجيا الإضاءة. المصابيح الكهربائية المتوهجة أضاءت القرن العشرين، و ستكون مصابيح LED إضاءة القرن الحادي والعشرين.
توفير الطاقة والموارد
يتكون الصمام الثنائي الباعث للضوء من مواد أشباه الموصلات متعددة الطبقات. في LED، يتم تحويل الطاقة الكهربائية مباشرة إلى جزيئات الضوء، الفوتونات، مما يؤدي إلى مكاسب في الكفاءة مقارنة مع مصادر الضوء الأخرى التي يتم تحويل معظم الطاقة الكهربائية إلى حرارة و كمية صغيرة منها فقط إلى ضوء. في المصابيح المتوهجة، كما في مصابيح الهالوجين، يُستخدم التيار الكهربائي لتسخين شعيرة الأسلاك، مما يجعلها تتوهج. في مصابيح الفلورسنت (يشار اليها سابقاً بالمصابيح ذات الطاقة المنخفضة، ولكن مع ظهور مصابيح LED تلك التسمية فقدت معناها) تفريغ غازي منتوج يصنع كلاً من الحرارة و الضوء. وهكذا، فإن المصابيح الجديدة تتطلب كميات أقل من الطاقة من أجل بعث ضوء مقارنة بمصادر الضوء القديمة. وعلاوة على ذلك، يتم تحسينها باستمرار، فتصبح أكثر كفاءة مع فيض flux الاضاءة العالي (تقاس باللومن lumen ) لكل وحدة طاقة كهربائية مدخلة (تقاس بالواط). آخر ما سجل يزيد عن 300 لومن/واط، و التي يمكن مقارنتها بـ 16 للمصابيح العادية وقرابة من 70 لمصابيح الفلورسنت. كما أن حوالي ربع استهلاك الكهرباء العالمي يستعمل لأغراض الإنارة، فالمصابيح الموفرة للطاقة LED تساهم في توفير موارد الأرض.
الجهد الكهربائي يدفع الإلكترونات من طبقة N والفجوات من طبقة P إلى الطبقة النشطة، وهناك تتحدان فينبعث الضوء. الطول الموجي للضوء يعتمد كليا على المادة شبه الموصلة المستخدمة. الصمام ليس أكبر من أي حبة رمل. عن طريق خلط الإنديوم (In) والألمنيوم (AL)، نجح الفائزون بالجائزة في زيادة كفاءة المصباح. مصابيح LED هي أيضاً طويلة الأمد أكثر من المصابيح الأخرى، فالمصابيح المتوهجة تستمر 1,000 ساعة، حيث تدمر الحرارة الشعيرة، في حين مصابيح الفلورسنت تستمر عادة حوالي 10,000 ساعة. مصابيح LED يمكن أن تستمر لـ 100,000 ساعة، وبالتالي تقليل استهلاك المواد بشكل كبير.
إنشاء الضوء في أشباه الموصلات
تقنية LED تنبع من نفس مهارة الهندسة التي أعطتنا الهواتف المحمولة وأجهزة الكمبيوتر وجميع الأجهزة الإلكترونية الحديثة مستندة على الظواهر الكمومية. يتكون الصمام الثنائي الباعث للضوء LED من عدة طبقات: طبقة من نوع N مع وجود فائض من الإلكترونات السالبة، وطبقة من النوع P مع كمية غير كافية من الإلكترونات، كما يشار اليها كطبقة مع فائض من الفجوات الموجبة. بينهما الطبقة النشطة، حيث تُدفع الإلكترونات السالبة والفجوات الموجبة عند تطبيق الجهد الكهربائي لأشباه الموصلات. عندما تلتقي الإلكترونات والثقوب فأنها تتحد و يتم إنشاء ضوء. الطول الموجي للضوء يعتمد كلياً على أشباه الموصلات. يبدو الضوء الأزرق في نهاية الموجة القصيرة من قوس قزح و يمكن انتاجه فقط في بعض المواد.
التقرير الأول عن الضوء المنبعث من أشباه الموصلات قدمه هنري جي. روند Henry J. Round في عام 1907م، و هو زميل عمل لجوجليلمو ماركوني، الحائز على جائزة نوبل عام 1909م، في وقت لاحق، في عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي، في الاتحاد السوفياتي، قامت أوليغ لوسيف Oleg V. Losev بدراسات أوثق لانبعاث الضوء. ومع ذلك، روند و لوسيف افتقرا إلى المعرفة لفهم هذه الظاهرة حقاً. معنى هذا أن الامر سيستغرق بضعة عقود قبل انشاء المتطلبات الاساسية prerequisites للحصول على وصف نظري لما يسمى استضاءة كهربائية electroluminescence. ولقد تم اخترع الصمام الثنائي الذي ينبعث منه الضوء الأحمر في نهاية الخمسينيات، التي كانت تُستخدم، على سبيل المثال، في الساعات والآلات الحاسبة الرقمية، أو باعتبارها مؤشرات على اوضاع الفتح/ الغلق في العدد المختلفة. في مرحلة مبكرة كان من الواضح أن الصمام الثنائي بالطول الموجي القصير، المكون من فوتونات نشطة للغاية – أي الصمام الثنائي الأزرق- مطلوب لإنشاء الضوء الأبيض. وقد حاولت العديد من المختبرات صناعته، ولكن دون نجاح.
التحدي الصعب
الحاصلون على الجائزة تحدوا الحقائق الراسخة؛ لقد عملوا بجد وتحملوا مخاطر كبيرة، فبنوا معداتهم بأنفسهم، وتعلموا التكنولوجيا، ونفذوا آلاف التجارب، أكثر من مرة فشلوا، لكنهم لم ييأسوا. كانت هذه مهارة مختبرية على أعلى مستوى. كان نيتريد الغاليوم المادة المفضلة لكلا من اكاساكي وأمانو بالإضافة لناكامورا، نجحت جهودهم في نهاية المطاف، على الرغم أن الآخرين قبلهم قد فشلوا. وفي وقت مبكر، كانت مادة نيتريد الغاليوم هي المادة مناسبة لإنتاج الضوء الأزرق، ولكن الصعوبات العملية ظهرت هائلة، فلم يكن أحد قادرا على تكوين بلورات نيتريد الغاليوم ذات جودة عالية بما فيه الكفاية، لأنها كان يُنظر إلى هذا التكوين باعتباره مسعى يائس لمحاولة إنتاج السطح المناسب لتكوين بلورة نيتريد الغاليوم عليه، وعلاوة على ذلك، كان من المستحيل تقريبا إنشاء طبقات من نوع P في هذه المادة. ومع ذلك، اكاساكي اقتنع أن الخبرة السابقة لاختيار المادة كانت صحيحة، واستمر بالعمل مع أمانو، الذي كان طالب دكتوراه في جامعة ناجويا. لقد اختار ناكامورا في نيتشيا نيتريد الغاليوم قبل البديل سيلينيد الزنك zinc selenide ،تلك التي رأى الآخرون انها مادة واعدة أكثر.
اللوكس المسطح (التي هي وحدة الاضاءة ) – يسمح بتواجد الضوء
في عام 1986م، كان اكاساكي وأمانو أول من ينجح في إنشاء نيتريد الغاليوم عالي الجودة عن طريق وضع طبقة من نيتريد الألومنيوم على سطح ياقوت ومن ثم تكوين نيتريد الغاليوم عالي الجودة على قمته. وبعد سنوات قليلة، في نهاية الثمانينيات، حققوا انجازا كبيرا في إنشاء طبقة من النوع P. بالصدفة اكاساكي و أمانو اكتشفا أن مادتهم تتوهج بشكل أكثر حدة عندما تم دراستها بالمجهر الإلكتروني الماسح، فاقترحا أن هذا الشعاع الإلكتروني من المجهر كان يجعل الطبقة من نوع P أكثر كفاءة.
في عام 1992م كانوا قادرين على تقديم أول صمام ثنائي يبعث ضوء أزرق ناصع. بدأ ناكامورا تطوير صمامه الأزرق في عام 1988م، و بعد عامين، هو أيضا، نجح في إنشاء نيتريد الغاليوم ذي جودة عالية، فقد وجد طريقته الذكية لإنشاء بلورة من خلال اولاً تكوين طبقة رقيقة من نيتريد الغاليوم في درجة حرارة منخفضة، ومن ثم تكوين طبقات لاحقة عند درجة حرارة أعلى. ناكامورا يمكن أن يفسر أيضا لماذا اكاساكي وأمانو قد نجحا مع طبقة من نوع P الخاصة بهما: لأن شعاع الالكترون ازال الهيدروجين الذي منع تشكيل طبقة من النوع P، لكنه من جانبه، استبدل شعاع الالكترون بطريقة أبسط وأرخص: وذلك عن طريق تسخين المادة تمكن من إنشاء طبقة وظيفية من نوع P في عام 1992م، وبالتالي، فإن حلول ناكامورا مختلفة عن اكاساكي وأمانو.
خلال التسعينيات، نجحت كل من المجموعتين البحثيتين في زيادة تحسين أكبر لمصابيحهم الزرقاء بما يجعلها أكثر كفاءة، فقد أنشأوا سبائك مختلفة من نيتريد الغاليوم باستعمال الألومنيوم أو الإنديوم، وأصبح تركيب صماماتهم الثنائية الباعثة للضوء LED يزداد تعقيداً، اكاساكي، جنباً إلى جنب مع أمانو، بالإضافة إلى ناكامورا، اخترعوا الليزر الأزرق الذي فيه LED الازرق، بحجم حبة الرمل، مكوّن حاسم، و خلافا لضوء LED المفرق، فإن الليزر الأزرق يبعث شعاع قطع حاد. نظراً لأن الضوء الأزرق له طول موجي قصير جدا، فإنه يمكن أن يحتشد بشكل أكثر إحكاما ؛ بالضوء الأزرق المنطقة يمكن أن تخزن معلومات أكثر بأربع مرات عن نفس المنطقة لو استخدمنا ضوء الأشعة تحت الحمراء. هذه الزيادة في السعة التخزينية أدت بسرعة إلى تطوير أقراص بلو راي Blu-ray بأوقات تشغيل أطول، وكذلك الطابعات الليزرية الأفضل، وهكذا تم تجهيز العديد من الأجهزة المنزلية أيضا بمصابيح LED، انها تتألق على شاشات LCD في أجهزة التلفزيون وأجهزة الكمبيوتر والهواتف المحمولة، وتوفّر أيضاً مصباح وفلاش للكاميرا.
ثورة مشرقة
اختراعات الحاصلين على الجائزة احدثت ثورة في مجال تكنولوجيا الإضاءة، فالمصابيح الجديدة هي الأكثر كفاءة والارخص والآنق، والمتطورة دائماً.
يمكن إنشاء مصابيح LED الأبيض بطريقتين مختلفتين
- الطريقة الاولى: باستخدام الضوء الأزرق لإثارة الفوسفور بحيث يضيء باللون الأحمر والأخضر، فعندها تجتمع هذه الألوان معا، فينتج الضوء الأبيض.
- الطريقة الثانية: بتصنيع مصباح من المصابيح LED، بالألوان الثلاثة الأحمر والأخضر والأزرق، والسماح للعين للقيام بالدمج بين الألوان الثلاثة إلى اللون الأبيض.
مصدر المقالة