يمكن للنخلة ان تلعب دوراً كبيراً في التوازن البيئي نظراً لخاصيتها الكبيرة في النمو حتى في الظروف المناخية القاسية وفي تربة ذات ملوحة عالية نسبيا. إلى جانب هذا، فإن النخلة تعتبر من أكبر الأشجار حجماً لذا كانت خاصية إقتناص كمية كبيرة من غاز ثاني أوكسيد الكربون من الجو من أهم مميزات شجرة النخيل والتي تجعل لها مقومات حل مشاكل الإحتباس الحراري وتغيرات المناخ. لذلك تهدف هذه الورقة على طرح فكرة مشروع تكثيف زراعة النخيل في العراق والوطن العربي لجعلها رئة أخرى للعالم مع غابات الأمازون حيث تسحب ثاني أكسيد الكربون من الجو وتطلق غاز الأوكسجين. كما تطرح الورقة مقترحات وتوصيات عدة منها العودة إلى الإهتمام بشجرة النخلة وتكثيف زراعتها، إهتمام الحكومات العربية بهذه الشجرة التي عانت الكثيرمن الإهمال وكذلك إدراج زراعة النخيل من ضمن مشاريع التنمية المستدامة و التعويض عن الأثر الكربوني.
تتوزع زراعة النخيل في مناطق عدة من العالم و لكنه يتركز في معظم الدول العربية،. إلا ان النخل واحدا من أهم وأبرز المزروعات في الوطن العربي بصفة عامة والعراق بصفة خاصة حيث يمثل النبتة الوطنية التي تميزه عالميا. ولعبت شجرة النخيل دوراً بالغ الأهمية في الحياة الإقتصادية والإجتماعية والدينية عبر أجيال متعاقبة لأنها من أهم المصادر الغذائية لكثير من العوائل العربية الممتهنة زراعتها وإنتاج ثمارها. تقدر أشجار النخيل بحدود 30 مليون نخلة عام 1970. لقد كانت كوارث الحروب و الأزمات الاقتصادية احد أهم الأسباب في تدهور زراعة النخيل في العراق و صناعته الغذائية.خلال حرب الخليج الأولى (1980 ـ 1988) والثانية (1991) قضي على نصف نخيل العراق البالغ عدده 30 مليون نخلة. وتقدر عدد أنواع التمور في العراق ما بين 350 إلى 400 نوع ومن الأنواع الفاخرة. و كان التمر يمثل ثاني صادرات العراق بعد النفط. وبحسب تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للتغذية والزراعة (فاو) فان العراق كان، قبل الحظر، المنتج الأول للتمر بـ550 ألف طن وكان يصدر منها 100 ألف طن أي ما يساوي 80 في المائة من السوق العالمي.
كانت تدر هذه الصادرات سنويا على العراق قرابة الـ 25 مليون دولار. غير ان الأمور تغيرت كثيرا فقد تجاوزت إيران ومصر والسعودية، العراق لجهة الإنتاج كما ان أرقام صادراته لم تعد تظهر على المستوى الدولي رسميا. وأصبحت تونس تحتل المرتبة الأولى عالميا في صادرات التمر بدخل يساوي 47 مليون دولار تليها باكستان بـ 23 مليون دولار وإيران بـ 21 مليون دولار. ويؤكد تقرير للفاو أن الإمارات العربية ضاعفت أربع مرات صادراتها من التمور بين سنتي 1989 و1993 غير ان الصادرات ارتفعت بشكل أكبر في إيران. فقد زادت من 10 آلاف طن سنة 1989 إلى 60 ألف طن سنة 1993 [2]. لقد كانت إنتاجية النخلة ألعراقيه عام 1994 ما بين 20-25 كغم للنخلة الواحدة في حين وصلت إنتاجية النخلة في المملكة العربية السعودية ما بين 60-70 كغم في تلك السنة.
مزايا شجرة النخلة
تعتبر شجرة نخلة التمر نوع فريد بين الأجناس و الفصائل النخلية المعروفة على وجه الأرض، ذلك لأن أثنائها لا تنتج الثمار إلا بواسطة التلقيح، وتختلق منها فسائل أخرى في عملية تشبه الولادة، وتتعدد أصناف ثمارها حتى تقترب من الخمسمائة، ويمتد عمرها إلى 25 عاماً أو أكثر. وقد يصل طول الواحدة منها إلى متراَ، وفضلاً عن ذلك لا يتساقط ورقها حتى عند موت النخلة نفسها. النخلة تتميز بأن البيئة المناسبة التي تحتاجها تكون بدرجة حرارة ما بين 24- 34 درجة مئوية وتزرع النخلة في أماكن قاحلة او شبه قاحلة. أما المناخ فيكون قليل المطر و صيف طويل و رطوبة منخفضة خصوصاً في فترة نضج التمر، لقد تكيفت النخلة للعيش في الظروف المناخية القاسية حتى مع ندرة الماء وشدة الحرارة. وتجود زراعة النخيل وإنتاج التمور في المناطق الحارة الجافة صيفاً وذات شتاء لا تنخفض فيه درجات الحرارة عن -9مْ لفترة طويلة وخالٍ من الانجماد لفترات طويلة، ولكي تصل الثمار إلى مرحلة النضج (التمر) يجب أن يكون هناك صيف طويل حار خاصة خلال تحول الثمار من مرحلة الخلال إلى الرطب ثم التمر، ومن المناطق التي تتوفر لها الظروف الحرارية المذكورة هي الجزيرة العربية والعراق وجنوب غرب إيران ، فإن زراعة النخيل إضافة لكونها تجود في هذه المناطق فإنها تتميز أيضاً بنوعية إنتاجها ووصول الثمار إلى مرحلة النضج (التمر) وهي على النخلة.
أما بالنسبة للتربة فان النخلة يمكنها النمو في تربة مختلفة حيث يمكنها ان تنمو في تربة رملية أو طينية ثقيلة طالما كانت التربة جافه. التربة الملحية و القلوية تكاد أن تكون عامه في كل مزارع النخيل من حيث وجود أملاح ذائبة عالية التركيز وصوديوم قابل للتبادل. يبين الجدول (1) أدناه السماح النسبي الممكن لملوحة التربة لنباتات مختلفة و يبدو من الجدول ان النخلة تتمتع بأكبر قابلية على للنمو في ملوحة عاليه نسبيا أي ذات سماحية عالية 2000-5000 ppm وهناك دراسات أشارت إلى 6000-7000 ppm [4]. إلا ان ناتج النخلة يتناقص مع زيادة الملوحة و الحد الذي يظهر عنده هذا التناقص مختلف حسب البيئة و النوع.
الجدول (1) السماح النسبي للملوحة لعدة نباتات
Low salt tolerance
|
Medium salt tolerance
|
High salt tolerance
|
Pear Almond
|
Pomegranate
|
Date Palm
|
Apple Apricot
|
Fig
|
|
Orange Peach
|
Olive
|
|
Grapefruit Strawberry
|
Grape
|
|
Prune Lemon
|
Cantaloupe
|
|
Plum Avocado
|
|
|
أما بخصوص التركيب الضوئي و هي العملية التي تحتاجها النبتة بصورة عامة لتكوين الكلوكوز (السكر) فان النخلة تمتص غاز ثاني اوكسيد الكربون وبوجود ضوء الشمس تتمكن من توليد السكر و غاز الأوكسجين والماء كما في المعادلة الكيميائية التالية:
6 CO2(g) + 12 H2O(l) + photons → C6H12O6(aq) + 6 O2(g) + 6 H2O(l)
استنادا لهذه المعادلة فان 264 طن من غاز ثاني اوكسيد الكربون و 216 طن من الماء يمكن ان تنتج 180 طن من السكر و 96 طن من غاز الأوكسجين إضافة لإنتاج 108 طن من الماء. و هذا يعني انه فقط تم استخدام 106 طن من الماء و بوجود الضوء يتمكن الكلوروفيل من تحويل غاز ثاني اوكسيد الكربون إلى ماء وسكر. ان السكر المنتج يشكل المصدر الأساسي للغداء البشري و الحيواني و بذلك تكون النباتات هي المنتج الأساسي للغذاء في حين ان الإنسان والحيوان هما المستهلكين والملوثين للبيئة. ان كميه غاز ثاني اوكسيد الكربون المقتنص من الجو تعتمد على حجم و مساحة الأجزاء الخضراء للنبتة. ولما كانت النخلة تتميز بكبر حجم و كثافة سعفها (طول السعفة ما بين 3 إلى 5 أمتار و كل سعفة تحوي حوالي 150 ورقه وطول الورق حوالي 30 سنتيمتر و عرضها حوالي سنتيمترين) وارتفاعها (الارتفاع التقريبي حوالي 15 إلى 25 متر) لاحظ الشكل (2) فان حجم اقتناصها للغاز يكون كبيراً.
من جهة أخرى يشكل الكربون نسبة 50% من تركيب الخشب الجاف في حين يشكل الماء حوالي 75% من جسم النبتة الحية. اما بالنسبة للنخلة فان نسبة الماء حوالي 25% او اقل و نسبة الكربون من الصلب حوالي 60%. وهذا ما يعني ان الخشب عند تكونه يخزن هذه النسبة من الكربون و التي اقتنصها النبات أساسا من الجو. و كمية الكربون التي يأخذها النبات تعتمد على حجم النبتة و عمرها و لن يقتصر الخزن على الجذع فقط بل الجذور تقوم بذلك أيضا. ان حرق طن واحد من الكربون يولد 3.66 طن من غاز ثاني اوكسيد الكربون:
C + O2 = CO2
أو يمكن القول أن تكوين طن واحد من الكربون يحتاج حوالي 3.66 طن من غاز ثاني اوكسيد الكربون. ولما كانت النخلة من أكبر الأشجار حجماً ومن أكبرها جذوراً (كثافة خشب النخلة مابين 200- 900 كغم لكل متر مكعب كما ان عمرها قد يصل إلى 100 سنة لذا فان النخلة عند تكونها تقتنص كمية كبيرة من غاز ثاني اوكسيد الكربون من الجو و قسم من الكربون الذي يتم استخلاصه يخزن في الجذع والجذور. لو افترضنا نخلة بطول 15 متر و قطر0.5 متر فان كتلة الخشب تكون حوالي 1472 كغم: فان الماء يشكل: 1472 × 25% = 368 كغم منها أما الباقي الصلب فهو 1472 –368 = 1103.8 كغم وعلى ذلك يكون الكربون :81103. ×50 % = 552 كغم. وبذلك ستكون النخلة خلال فترة نموها قد امتصت حوالي: 366%× 552 = 2020.3 كغم من غاز ثاني اوكسيد الكربون. الميزة الأخرى هي إنتاجية النخلة. النخلة بعمر ما بين 5-8 سنوات يكون حاصلها سنوياً ما بين 8-10 كغم. و لعمر 13 سنه فان حاصلها يكون ما بين 60-80 كغم. أما بالنسبة للنخيل في المزارع ذات البيئة الملائمة والعناية المستمرة فإن الحاصل للنخلة الواحدة قد يصل إلى 100 كغم في السنة.
- النخيل والبيئة والاقتصاد
- مشروع العراق رئة العالم
- النخلة ومشاريع التنمية المستدامة
المقال كاملاً عبر ملف الـPDF أعلى الصفحة
- Centre for Osmosis Research & Applications،
- Faculty of Engineering and Physical Sciences،
- University of Surrey، Guildford Surrey GU2 XH، UK
- a.sharif@surrey.ac.uk