مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

قصص العشق والغرام في دنيا العلم

الكاتب

الكاتب : أ. د. أحمد بن حامد الغامدي

قسم الكيمياء – جامعة الملك سعود - الرياض

الوقت

11:00 صباحًا

تاريخ النشر

14, مايو 2014

في زحمة الأخبار عن الاكتشافات العلمية والمخترعات التقنية نغفل كثيرا أن هذه المنجزات الحضارية هي في الواقع من إنتاج بشر ممزوج لحمهم ودمهم بالعواطف والمشاعر والأحاسيس. فبعيدا عن أجواء المختبرات العلمية وورش الإنتاج التكنولوجية نجد أنه يكمن بعد أنساني حقيقي للكثير من العلماء والباحثين فهم بشر أولاً وأخيراً فيهم الشجاع (عالم الفيزياء الشهير شرودنجر حصل على ميدالية الشجاعة أثناء الحرب العالمية الأولى) والجبان (عالم الكيمياء البارز كافنديش مكتشف عنصر الهيدروجين كان مصاب برهاب اجتماعي و يصاب بالذعر من وجود النساء) ومنهم الكريم (المخترع الأمريكي الشهير بيل جيتس و بتبرعه المتكرر بمليارات الدولارات ربما يعد من أبرز الكرماء في التاريخ) والبخيل (الكيميائي الأمريكي والاس هاروثيرس المشهور باختراعه للنايلون و بالرغم من أنه كان يدرس بجامعة هارفرد إلا أنه كان لا يملك إلا بنطالاً واحداً به رقعتين من القماش). من هذا وذاك لا غرابة إذا أن نجد أن بين صفوف العلماء و المخترعين عشاقاً و رومانسيين من الطراز الأول، ولهذا يستحق هؤلاء المحبين و المغرمين إماطة اللثام عن قصصهم و أخبارهم الشاعرية لكي نبين أن دنيا العلم و العلماء ليست بالصورة المملة و الكئيبة التي يظنها البعض.

يكفي فقط للتدليل للترابط بين العلم و الحياة البشرية أن نذكر أن علم الكيمياء وثيق الصلة بالمشاعر الإنسانية (التي هي في جزء منها انبثاق لتفاعلات كيميائية) ولهذا لا غرابة أن تصبح كلمة (الكيمياء) في العديد من القواميس اللغوية تعطي إيحاء وانعكاس لحالة الحب و الهيام و التوافق و التمازج بين العشاق، و لذا كثيراً ما يوصف المحبين و العشاق بأن بينهم كيمياء صاهره لأرواحهم (there is a chemistry between them). بل أن بعض الكيميائيين بلغ به حسّه الرومانسي المرهف أن تنعكس حالة الهيام و العشق التي هو فيها على اكتشافاته العلمية، وخير مثال على ذلك الكيميائي الألماني المعروف أدولف باير Baeyer مؤسس كيمياء الأصباغ و العقاقير و الحاصل على جائزة نوبل في الكيمياء عام 1905 نجده في أوائل دراسته الكيميائية يعزل مركب عضوي جديد أطلق علية اسم barbituric acid وذلك بكل بساطة على اسم فتاه كان يحبها تدعى Barbara.

إن قصص و أخبار العلماء العشاق و المتيمين بالهيام و الغرام من الكثرة و الانتشار في جميع العصور ولجميع التخصصات العلمية مما يجعل المتابع و المتفحص يحتار في الاختيار و الانتقاء من بين تلك الأحداث اللطيفة الجديرة بالذكر والإشهار ولعلنا نبدأ بالعلماء من ذوي القربى من أهل العربية:

مصارع العشاق للعلماء العرب

للأديب العربي القديم (السراج القارئ) كتاب أدبي رائق و جميل اسمه (مصارع العشاق) يدور حول جمع أخبار العشاق الذين صرعهم الغرام و الهيام و أتلفت المشاعر الرومانسية حياتهم. ولعلنا نضيف و نحدث معلومات ذلك الأديب العربي القديم بأن أحد ابرز العلماء العرب جدير بذكر قصته في كتابه. فمن المشهور عن الطبيب العربي الأشهر ابن سينا ميله و انغماسه الكبير في حب النساء و اللهو فقد كان له عدد كبير من الجواري (لابد أن نعلم أنه كان الوزير الأول لدي سلطان همذان الأمير شمس الدولة و لهذا ربما انتقلت له عادة جمع المحظيات).

و في قصة عربية أخرى للعشاق من العلماء العرب نجد أن خالد بن يزيد بن معاوية الكيميائي العربي (الذي يعتبر أول العلماء على الإطلاق في التاريخ الإسلامي) أحب رملة بنت الزبير أخت غريمة السياسي مصعب بن الزبير الذي خرج عن الخلافة الأموية و لهذا كان من المنطق أن تكون من آخر النساء الذين يرغب مثله أن يرتبط بها. ومع ذلك تزوج خالد بن يزيد من رملة بنت الزبير وقال فيها أعذب أشعاره على الإطلاق بل تنقل كتب الأخبار أنها عندما اشترطت عليه أن يطلق جميع نسائه (من المشهور عنه انه كان يتزوج من اشرف النساء والتي منهن من سيدات نسل الصحابيين علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص) فعل ذلك من شدة حبه لها. و الغريب في الأمر أن هذا الحب الجارف و الغرام الصارخ حصل من أول نظره عندما لمحها في الطواف حول البيت العتيق فحصل له من بعد ذلك العشق اصفرار و ضعف فسأله الخليفة عبد الملك بن مروان عن سبب ذلك فلم يخبره فما زال به حتى أخبره أنه يحب رملة أخت عدوهما ابن الزبير فأرسل عبد الملك يخطبها لخالد.  صحيح أن خالد بن يزيد لم يتسبب هذا الغرام في مصرعه على الحقيقة لكن في المقابل ربما تسبب في مصرعه من الناحية السياسية حيث أثبتت حالة السفه الغرامية المبالغ فيها هذه أنه شخصية غير مستقرة من الناحية النفسية وهذا ما أكد صحة قرار حكماء بني أمية في تأييد مروان بن الحكم في عزله عن منصب ولاية العهد و تعيين ولده عبدالملك مكانه.

الفرسان الثلاثة للرومانسية الفرنسية

إذا كان الأدب العربي أنتج رائعة (مصارع العشاق) فإن للأدب الفرنسي أن يباهي بالرواية الأدبية الرائقة (الفرسان الثلاثة) للأديب الفرنسي البارز ألكسندر دوماس الأب، و بما أننا في معرض ذكر العلماء البارزين وأخبارهم الغرامية فمن الملائم الإشارة إلى ابرز ثلاثة فرسان في تاريخ العلوم الفرنسية و هم (لافوازية و بيير كوري و لويس باستور) والغريب في الأمر حقاً أن كل واحد من هؤلاء الفرسان الثلاثة أحب فتاة تدعى (ماري) وهذا ما يزيد في الحبكة الرومانسية والعاطفية للعشاق الفرنسيين الثلاثة. ومن وجهة نظري الشخصية و وفق حكمي العاطفي تعتبر قصة الحب الفائقة الرومانسية بين عالم الكيمياء الشهير لافوازيه و بين زوجته الارستقراطية ماري آن من أبرز قصص العشاق في دنيا العلوم. علاقة الحب والغرام العاطفية الحالمة هذه بين الشاب لافوازيه ذو السادسة والعشرين سنه وبين المراهقة ذات الأربع عشرة ربيعاً ماري آن كانت قد بدأت بداية ارستقراطية بامتياز، حيث كان المسيو بلزه (والد ماري آن) يقيم صالوناً أدبياً و سياسياً لكن اللافت في الأمر أنه كان كثيراً ما يتم مناقشة المواضيع العلمية في هذا الصالون الثقافي. لهذا كان يحضره علية القوم من مشاهير العلماء مثل الفلكي الفرنسي الشهير لابلاس والعالم والسياسي الأمريكي البارز بنجامين فرانكلن والكيميائي الفرنسي دو بونت مؤسس الشركة الكيميائية العملاقة الشهيرة (Du Pont).

بالرغم من وجود هؤلاء المشاهير والنخبة المجتمعية الراقية إلا أن اهتمام لافوازيه انشغل عنهم الى الفتاة المراهقة ماري آن حيث اشتعلت بينهما قصة حب جارفه انتهت بزواجهما في نفس السنة التي تعارفا فيها و الجدير بالذكر أن هذا الزواج استمر لمدة ثلاثة وعشرين سنة إلى أن انتهى بنهاية مأساوية بإعدام لافوازيه حيث سقط صريع مقصلة الثورة الفرنسية. و بالجملة لم يكن هذا الزواج ناجحاً و سعيداً من الناحية العاطفية فقط بل فبالإضافة لذلك كان لهذه الزوجة الشابة دور هام جداً في الانجاز العلمي التاريخي لزوجها فهي هنا بحق تثبت القاعدة الذائعة الصيت أن وراء كل عظيم امرأة. فبالإضافة لمساعدتها في تجهيز المختبر وإجراء التجارب، كانت تقوم كذلك بترجمة المقالات العلمية لزوجها كما أنها كانت تقوم كذلك بتوثيق التجارب العلمية عبر رسوماتها الشهيرة التوضيحية للتجارب التي كان يجربها زوجها..

 

  • المقال كاملاً تجونه عبر ملف الـ PDF أعلى الصفحة

 

البريد الالكتروني للكاتب  : ahalgamdy@gmail.com

الكلمات المفتاحية

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

الكلمات المفتاحية

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x