مشروع نوح Noah Project هو وسيلة فعالة لقياس نبض الطبيعة الأم. ومشروع نوح باختصار شديد هو مشروع يقوم على تطبيق روح المشاركة في تجميع المعلومة كموسوعة الويكيبيديا، ولكنه يهتم بشؤون الطبيعة وتوثيق الحياة البرية المحلية في بلد كل مُشَارِك سواء كان هاوياً أوعالماً أو باحثاً. و مشروع نوح في حقيقة الأمر هو منصة برمجيات حائز على جائزة مصممة لمساعدة الناس على إعادة الاتصال بالعالم الطبيعي. وبدأ المشروع كتجربة لتعبئة المواطن العَالِم و بناء شبكة فراشية رقمية Digital Butterfly Net للقرن الحادي والعشرين.
ويقوم مشروع نوح بتعبئة و حشد جيل جديد من المستكشفين للطبيعة ومساعدة الناس من جميع أنحاء العالم في تقدير قيمة الحياة البرية المحلية، وإعلاء شأنها. ويحظى المشروع بدعم من ناشيونال جيوغرافيك. ويهدف المشروع إلى تسخير قوة وشعبية التكنولوجيات المتنقلة الجديدة لجمع بيانات بيئية مهمة للمساعدة في الحفاظ على التنوع البيولوجي العالمي. قالت عنه جريدة وول ستريت: "بالنسبة لمشروع نوح فمثله مثل الهواتف الذكية، و وصفته بفراشة القرن 21 لتوصيل المعلومة وسهولة تداولها وحريتها". بينما قالت ناشونال جيوغرافيك: "مشروع نوح يُسخر قدرة المواطنين في كل مكان لاكتشاف الكائنات الحية في العالم".
أما مجلة ذا إيكونومست The Economist فتصف المشروع بقولها: "مشروع نوح هو مشروع ريادي يعبر عن المشاركة والابتكار". وتضيف الإذاعة البريطانية: BBC "إِن المشروع من الاختراعات الحديثة التي تحافظ على جميع الفصائل الى المستقبل".
والتسجيل في عضوية المشروع متاح للجميع، و يتم بكل سهولة عن طريق ربطه بمعظم شبكات التواصل الاجتماعي كالفيس بوك وغيرها، وبمجرد رفع المشترك لصورة كائن لا يعرفه على الموقع بعد تسجيل دخوله، سيشاركه جميع أعضاء الشبكة في تعريف هذا الكائن بشكل علمي. كما سيقوم الموقع بربط هذا الكائن بعد تعريفه بالعديد من الكائنات المشابهة، وبمنصة بحثية يمكن استخدامها بسهولة؛ حيث يتيح المشروع الاشتراك في مهام بحثية خاصة بأنواع معينة من الأحياء أو استكشاف منطقة معينة لحصر ما بها من الفلورا النباتية والفونا الحيوانية والكائنات الأخرى للأغراض البحثية. كما يقدم المشروع خدمة تدريسية و يسمح بمشاركة الطلاب مع معلميهم في دراسة التنوع البيولوجي في أي مكان في العالم.
ويتابع الموقع نشاط كل عضو ويقوم بإعطائه شارة تبين طبيعة مشاركاته، مثل الشارات الكشفية، فيحصل المختص بعلوم النبات مثلاً على شارة بذلك، ومثله المختص بغيرها من الكائنات، وعندما تصل المشاركات لعدد معين يحصل على شارة أخرى، وإذا شارك في مشروع متخصص يحصل أيضاً على شارة تدل على ذلك. ولهذا فعند تصفح مجموعة أي مشترك فيمكن الحكم بسهولة على قدرته من خلال هذه الشارات.
كما أن هناك خدمات للمساعدة الفورية وللمحادثة الفورية لمن يحتاج مساعدة علمية أو مساعدة في تحميل وتصنيف الكائنات التي تحصل عليها. ولكن هناك بعض المحاذير لتحميل الصور على الموقع، فعلى سبيل المثال ترفض الصور التي تحتوي على أشخاص، أو على حيوانات في الأسر تعامل معاملة سيئة، أو الأسماك التي تباع في أسواق السمك، وهناك من المتطوعين من هم مخولين بالتحذير وحذف المخالفات، وفي نفس الوقت فمن الممكن أن يقوم أي مشارك بإرسال رسالة تفيد مخالفة هذه الصورة للشروط و التعليمات الواجبة.
هدف المشروع النهائي هو بناء منصة لتوثيق جميع الكائنات الحية في العالم، ومن خلال القيام بذلك يأمل المشاركون في المشروع في تطوير وسيلة فعالة لقياس نبض الطبيعة الأم من خلال تطوير الأدوات اللازمة للمساعدة في توثيق المشاركات الجماهيرية من خلال الأجهزة المحمولة، الجوال، والتابلت وغيرها، و يعمل المشروع على بناء قوة قوية للتعهيد الجماعي في جمع البيانات البيئية وأداة تعليمية مهمة لزيادة الوعي بالحياة البرية والحفاظ عليها. يرأس المشروع ياسر الأنصاري، الذي قام بدراسة البيولوجيا الجزيئية والمعلوماتية الحيوية في جامعة كاليفورنيا سان دييجو وقضى بعض الوقت في بحوث الجينومات النباتية في معهد سالك للدراسات البيولوجية.
بعد الانتهاء من الدراسة العملية في المختبر، انتقل ياسر إلى صناعة الاتصالات اللاسلكية حيث ساعد في تصميم و تطوير أجهزة الكشف عن الإشعاع باليد، وألعاب الفيديو، والبرمجيات المتنقلة الجديدة في الشركات بما في ذلك كيوسيرا، وكوالكوم، وبييك. وحصل على درجة الماجستير من برنامج الاتصالات التفاعلية في جامعة نيويورك، ويحمل العديد من براءات الاختراع التكنولوجية. وللأسف، لاتزال مشاركة العلماء العرب في هذا المشروع متدنية بالرغم من الخدمات الإليكترونية العديدة التي يقدمها هذا المشروع، والتي من الممكن أن تدعم الكثير من مشاريع التنوع البيولوجي و المشاريع البحثية و التدريسية في وطننا العربى.
ولقد أسعدني الحظ بالمشاركة في هذا المشروع منذ أكثر من عام، وقمت بالإعلان عنه بشكل متكرر لجميع الزملاء من الباحثين والأكاديميين، ولجموع القراء على صفحات التواصل الاجتماعي وعن طريق البريد الإليكتروني، ولكن المشاركات العربية ما زالت محدودة حتى الآن بالرغم من أن رئيس المشروع عربي الأصل. و نتمنى الاستفادة من هذه التطبيقات لخدمة طلابنا وبلادنا في القريب العاجل بإذن الله.
المراجع
بريد الكاتب الإلكتروني: tarekkapiel@hotmail.com