بدأ موضوع التأخير في المشاريع الإنشائية يأخذ حيزاً كبيراً من الاهتمام نظراً لتعقد المشاريع من ناحية التصميم و طرق التنفيذ، وهذا ما دعا العديد من الباحثين إلى الكتابة في هذا الموضوع و بالأخص في الدول النامية لما تشكّله هذه الظاهرة من ثقل على العملية التنموية على القطاع الحكومي والخاص. التأخير المقصود هنا هو مقدار الفرق بين الوقت المخطط للمشروع الإنشائي عن الوقت الفعلي لإنجازه.
إن دراسة هذه الظاهرة كفيلة بالاهتمام نظراً للتبعات المالية و الاقتصادية التي تفرضها هذه الظاهرة على البلدان بصورة عامة و على المناخ الاقتصادي للمشاريع الإنشائية، هذا فضلاً عن التأثيرات السلبية على أقطاب العملية الإنشائية المتمثلة برب العمل و الاستشاري و المقاولين، متمثلة بالتكاليف الاضافية الناتجة عن الكلفة غير المباشرة المصروفة على المشاريع.
وبشكل عام فإن أسباب هذه الظاهرة و مصادرها بالتأكيد ستنحصر بين رب العمل و الاستشاري و المقاول إضافة إلى الجهات الساندة الأخرى كالمؤسسات الحكومية المانحة للتراخيص و غيرها من منظمات غير حكومية مراقبة للعملية الإنشائية بصورة عامة. و يمكن تصنيف العديد من الأسباب بحسب مصدرها أو الجهة المسببة لها بحيث أن هذه الأسباب تتظافر فيما بينها لتشكل ظاهرة التأخير في المشاريع الإنشائية، و غالباً ما تكون هذه الأسباب بشكل أوامر تغيير في المشاريع أو ضعف الأداء للمقاول أو صعوبة تحقيق بعض الجوانب القانونية في التراخيص المطلوبة للعمل.
ونظراً لكون موضوع التأخير أصبح بهذا القدر من الاهتمام فقد تناوله الباحثون بالعديد من الدراسات و البحوث التي صب أغلبها على تشخيص حجم هذه الظاهرة، و الأهم من ذلك الأسباب المؤدية إلى التأخير في المشاريع الإنشائية، ففي الأردن أجريت مجموعة من الدراسات عن هذا الموضوع للتوصل إلى حقيقة الأسباب المؤدية إلى التأخير في المشاريع الإنشائية، و قد اثبتت احدى هذه الدراسات أن التغيير من قبل من رب العمل و الاستشاري كان السبب الرئيس في التأخير اضافة إلى أسباب أخرى متصلة بتغير الحالة الاقتصادية و الأحوال الجوية، فيما أشارت دراسة أخرى إلى جانب آخر ضمن نطاق رب العمل، و هو الإمكانية المالية لرب العمل و بطء اتخاذ القرار فيما يتعلق بالمشاكل في المشاريع و الذي ينتج عنه تأخير واضح.
أما في المملكة العربية السعودية فقد أوضحت دراسة بهذا الشأن أن رب العمل هو السبب الرئيس للتأخير، و غالباً ما يكون بشكل تغيير في المشروع بناءاً على رغبة رب العمل. في حين أن الدول الأخرى قد تتغير أسباب التأخير فيها لتكون متمثلة بسوء إدارة المقاول المالية و الإدارية للمشروع.
وقد تم اجراء دارسة أخرى في سلطنة عمان للتعرف على الأسباب الموجبة للتأخير في المشاريع الإنشائية في السلطنة من خلال دراسة ميدانية لعدد من المشاريع تم التوصل فيها إلى أن تخطيط و برمجة الأعمال الإنشائية كان السبب الرئيس في التأخير لهذه المشاريع.
الخلاصة
الذي نخلص إليه أن المشاريع الإنشائية، حالها كحال العديد من الفعاليات في بلداننا النامية تعاني من التلكؤ لأسباب عديدة. و يمكن ابراز العامل المشترك بين الدراسات التي أجريت و هو: ضعف الدراسة الأولية من الناحيتين الفنية و المالية و الاقتصادية و التي ترجع إلى غموض واضح في الأهداف للعديد من المشاريع الإنشائية.
ان هذا التلكؤ يمكن أن يُردّ إلى مفصلين، الأول: ضعف فني تقني في الموارد البشرية القائمة على إقرار مثل هذه المشاريع، و المفصل الثاني: عدم وضوح الهدف من المشروع بالنسبة للعناصر الرئيسة في المشروع الإنشائي المتمثلة بالجودة و الكلفة و الوقت.
المرجع