مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

اليوم العالمي للصحة النفسية 2013

الكاتب

الكاتب : عبدالحكيم محمود

إعلامي علمي

الوقت

01:52 صباحًا

تاريخ النشر

10, أكتوبر 2013

يحتفل المجتمع العلمي الدولي ممثلاً بالأمم المتحدة و منظمة الصحة العالمية و الاتحاد الدولي للصحة النفسية في العاشر من أكتوبر من كل عام باليوم العالمي للصحة النفسية.  و في كل عام يتم اختيار موضوع من المواضيع النفسية أو فئة عمرية و اجتماعية تكون موضوع الاحتفال. و قد ثم  اختيار فئة المسنين و كبار السن كموضوع للاحتفال هذا العام و اعتباره  يوم للتفكير في الصحة العقلية و رفاهية المسنين.

وكان الاتحاد العالمي قد أصدر كتيب بهذه المناسبة احتوى على عدد من الدراسات المتعلقة بالأوضاع الصحية و النفسية لكبار السن، والتي وصفها بأنها تشكل مصدر قلق متزايد كما تطرق الكتاب إلى عدد من المواضيع ذات العلاقة بصحة المسنين و رعايتهم الصحية و الاجتماعية.

هذا ويهدف اليوم العالمي للصحة النفسية 2013 إلى تشجيع الحكومات و المنظمات في جميع أنحاء العالم، و بمختلف مستوياتها الاجتماعية والاقتصادية إلى الاهتمام بالأوضاع الصحية و النفسية لكبار السن و تقديم الدعم لهم.

المسنون في العالم

تعني الصحة النفسية التي يحتفل بها في هذا اليوم، الوقاية من الاضطرابات النفسية، و علاجها و المحافظة على استمرار الصحة و التكيف الأفضل. إن الاضطرابات النفسية والعصبية والسلوكية من المشاكل الشائعة في جميع بلدان العالم، و هي تتسبّب في معاناة كبرى و تضاعف التكاليف الاقتصادية والاجتماعية. وكثيراً ما يتعرّض أولئك الذين يعانون اضطرابات نفسية للعزل الاجتماعي و ظروف العيش المتدنية، علماً بأنّ معدلات الوفاة مرتفعة لدى تلك الفئة.

وتشير الإحصاءات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية في عام 2002 إلى أنّ 154 مليون نسمة يعانون من الاكتئاب على الصعيد العالمي، علماً بأنّ الاكتئاب ليس إلّا أحد أنواع الأمراض النفسية.

وقبل أن نتطرق إلى موضوع هذا العام و هو الصحة لنفسية للمسنين، لابد من الإشارة إلى أن بعض الباحثين يستخدمون  مفهوم المسنين على من تجاوزت أعمارهم الستين و الخامسة و الستين عام، و هناك تصنيف آخر للباحثين في تحديد مفهوم المسنين و هو يستند  على أساس العمر البيولوجي، أو على المعطيات البيولوجية، مثل معدل الأيض، و نشاط الغدد، أو باختصار الصحة العضوية الداخلية، فقد يتمتع بعضهم بصحة في سن الستين أفضل من آخر في الخمسين، و تلعب هنا عوامل كثيرة في إحداث هذه الفروق. و هناك مقياس سيكولوجي نفسي يُبنى على الخصائص النفسية، مثل تغيرات السلوك والأفكار والمشاعر، ويتباين الأشخاص في هذه التغيرات حسب الصحة النفسية.

وهناك من يرى أن الشيخوخة ليست مجرد عملية بيولوجية بحتة، تظهر آثارها في التغيرات الجسمية، أو الفسيولوجية التي يصل لها الشخص المسن، مثل ضعف الوظائف لديه كالسمع، أو البصر، أو ضعف الحركة، و ظهور مشكلات طبية، و لكن هناك قضايا اجتماعية و نفسية يعاني منها المسنون، وتنقصنا المعرفة و الوعي بكيفية التعامل معهم، و فهم احتياجاتهم. كما أن المجتمع يمارس عليهم ضغوطاً من قبل عدم تفهم احتياجاتهم، كما يعاني المسنون من قلة الاهتمام و الخدمات و الاستفادة من خبراتهم.

فيما يتعلق بالإحصاءات لأعداد المسنين في العالم فإنّ إحصاءات الأمم المتحدة تشير إلى تزايد أعدادهم باطراد، حيث كان عدد من بلغوا سن ستين سنة في عام 1980 أكثر من 376 مليوناً، و في عام 2000 بلغوا 600 مليون نسمة، و يتوقع أن يبلغوا 976 مليوناً في عام 2020.

ووفقاً لمنظمة الصحة العالمية فإنّ نسبة المسنين إلى عدد سكان العالم ستتضاعف بين عامي 2000 و 2050 ، من حوالي  11%  إلى 22%. وتضيف  منظمة الصحة العالمية إلى أن عدد الناس الذين تجاوزت أعمارهم الستين عاماً في أنحاء العالم قد تجاوز ال 800 مليون،  و هناك توقعات إلى أن هذا الرقم سيرتفع إلى أكثر من مليار في العام 2050 .

المشاكل النفسية للمسنين

تعرّف منظمة الصحة العالمية الصحة بأنها (حالة من اكتمال السلامة بدنياً و عقلياً، و الرفاهية الاجتماعية و ليس مجرد غياب المرض أو العجز)،  ووفقاً لهذا التعريف  فإن  الصحة النفسية ضرورية للصحة العامة.

كما يقصد بالصحة النفسية للمسن مدى قدرة المسنّ على التوافق مع نفسه و مع المجتمع الذي يعيش فيه، و هذا يؤدي به إلى التمتع بحياة خالية من الأزمات و الاضطرابات و أن يرضى عن نفسه و أن يتقبل ذاته كما يتقبل الآخرين فلا يبدو منه ما يدل على عدم التوافق الاجتماعي بل يسلك سلوكاً معقولاً يدل على التوازن الانفعالي و العاطفي و العقلي في ظل مختلف العوامل و تحت تأثير كل الظروف.

وتلعب الحالة الصحية للمسن دوراً فاعلاً في التأثير على حالته النفسية، حيث يعاني المسن من ضعف جسمي عام في الإحساس والعضلات والعظام والنشاط الجسمي الداخلي (هضمي و بولي و دموي و جلدي) و ضعف عام في النضارة. و بدء ظهور الترهلات وبالتالي فإن أمراض الشيخوخة تعتبر أكثر خطورة لضعف مقاومة الجسم لدى المسن و شدة تأثره و ضعفه مما يقلل فرص إجراء جراحات ضرورية لصحته. كما أن ضعف الجسم عموماً يظهر لديه أمراضاً و مشكلات جسدية مثل أمراض القلب و الشرايين و هشاشة العظام و الكسور و الأمراض الجلدية و الحسية و غيرها. و قد يظهر لدى المريض توهم بالأمراض و تركيز زائد على الصحة. 

إن القوة العقلية للمسنين تنحدر مع التقدم في السن و لكن يتم الحفاظ على مستوى معين من القدرات اللفظية مدة أطول مما تستمر فيه الوظائف الجسمية أو اليدوية، كما تنحدر القدرة على تعلم مواد جديدة مع التقدم في السن، و تضعف الذاكرة بالنسبة للأحداث القريبة.

تتجلى بعض الصفات الشخصية التي تبدو غالباً على كبار السن و تبدو فيها الحالات النفسية لهم أو تشكل مقدمات لها و إذا لم تتلق الاهتمام و الرعاية الصحية اللازمة فإنها تتصاعد و تزداد خطورة و يكون لها نتائج على المسنّ  و ذويه، و منها  الإحساس بعدم القيمة و انتهاء الدور، و الشعور  بالفشل أو الإحباط،  و تغلب على  مثل هؤلاء روح التشاؤم.

بالإضافة إلى مشكلات ذهنية فكرية و ذلك نتيجة لضعف الحواس و ضعف الانتباه و عدم القدرة على التركيز، مما يضعف المدركات بالإضافة إلى ضيق الاهتمام و إلى ضعف الذاكرة و تشتتها و سرعة النسيان مما يجعل الفرد يتمركز بشكل محوري في تفكيره حول شيء مما يبدو شبيهاً بالوسوسة أو الهلوسة.

ومما لاشك فيه ان هذه الصفات الشخصية عند المسنين تؤدي بدورها إلى عدة مشاكل نفسية أبرزها الاكتئاب و الاضطرابات النفسية و الذهنية التي قد تصل إلى الإعاقة الذهنية، إضافة إلى إمراض نفسية أخرى مثل  الخرف و توهم المرض. فالاكتئاب من الحالات النفسية الشائعة في سن الشيخوخة، وتظهر أعراض الاكتئاب في أكثر من 15% من المسنين.

أما  الخرف أو الزهايمر فهي حالة عضوية عصبية ينتج عنها بعض الأعراض النفسية، مثل ضعف الذاكرة، و عدم ترابط الأفكار، والتفكير المشوش، وضعف الأحكام. ويشكّل الزهايمر أكثر من 50%  من حالات الخرف.

ومن الإمراض و الحالات النفسية لدى المسنين، توهّم المرض، فهو أحد الاضطرابات النفسية التي تنشأ لدى الكبار، ودائماً ما تظهر لديهم أمراض غير محددة ومتنقلة في جميع أعضاء الجسم، و هي حالة تنشأ في بعض الأحيان، كعوامل لاشعورية لاستجداء الاهتمام والعطف، وقد تكون لها أسباب أخرى، مثل الخوف من الأمراض و الموت.

العوامل الكامنة وراء مشاكل الصحة النفسية للمسنين

هناك العديد من العوامل المسببة للمشاكل الصحية النفسية للمسنين منها عوامل اجتماعية و ديموغرافية مثل العزلة الاجتماعية و الفقر و فقدان الاستقلالية و الشعور بالوحدة و كذا سوء معاملة كبار السن، و هي من أخطر العوامل الاجتماعية المؤثرة على الحالة النفسية لهم، فقد ذكر تقرير الاتحاد العالمي للصحة النفسية الخاص بهذه المناسبة أن حوالي 4-6% من كبار السن يعانون من سوء المعاملة في المنازل بل و حتى في دور العجزة و المستشفيات.

إضافة إلى ذلك، هناك عوامل أخرى يكون لها تأثيرها على التوافق النفسي للمسن نذكر منها :

  1. تغير المواقف الحياتية، أو المعيشية السائدة: تغير الصحة، والمصادر المالية، و علاقاته في المجتمع، و خاصة مع أسرته. وأوضحت معظم الدراسات و البحوث أن المتقدمين في السن المتزوجين الذين يعيشون مع زوجاتهم أكثر توافقاً ممن يعيشون دون زوجات، و أن 80% من الرجال الذين يعيشون مع زوجاتهم لم يفقدوا هذا التوافق الاجتماعي مع التقدم في السن.
  2. العلاقات الاجتماعية: تمثل الصداقات و العلاقات الاجتماعية عاملاً حاسماً في التوافق النفسي، حيث يتمتع من لديهم شبكة علاقات اجتماعية واسعة في سن متقدمة بتوافق نفسي أعلى، إلا أننا نجد أن كثيراً من المسنين يشتكون من ضعف العلاقات الاجتماعية،  وخصوصاً من كانت تربطه علاقاته عبر مهنته، فإذا كان صاحب مركز اجتماعي، أو شهرة، تجدهم في مراحل متقدمة يكونون أقل توافقاً، و عانى كثير من المشهورين، و الفنانين، و الرياضيين، من الوحدة، بعد أن كانت حياته محاطة بالمعجبين و الأصدقاء، ويترتب أهمية العلاقات الاجتماعية لدى المسنين و أثرها على التوافق النفسي بالأهمية و فقدان الدور، و يصبح لديه مفهوم سلبي عن ذاته بأنه لم يعد له أي أهمية، أو دور، مما جعل الجميع يتخلى عنه، و من ثم تنعكس عليه بمشاعر سلبية.
  3. أثر مرحلة التقاعد: مرحلة التقاعد ترتبط بمراحل نفسية نلفت لها الانتباه، فالتقاعد أحد الأحداث الهامّة في مجرى حياة الفرد، و يترتب علية ظهور عدد من المشكلات النفسية و الاجتماعية، التي قد تنعكس على حالته الصحية، فيبدأ في مواجهه أمراض عضوية لم يكن يشعر بها من قبل. و أوضحت الدراسات أن إحالة الفرد للتقاعد له تأثير على متغيري التوافق و الرضا عن الحياة لدى المسنين، حيث يشعر المسن بالحزن و اليأس و ضعف توافقه الشخصي و الاجتماعي، نظراً لعدم استمرار إشباع دوافع العمل لديه، وانخفاض المستوى الاقتصادي للأسرة، إضافة إلى زيادة وقت الفراغ، و شعوره بعدم اهتمام المجتمع به، مما يعوق توافقه النفسي والاجتماعي.

 

  • الكتيب الصادر عن الاتحاد الدولي للصحة النفسية تجدونه في ملف PDF أعلى الصفحة
  • لمزيد من المعلومات يمكنكم الحصول عليها من موقع الاتحاد الدولي للصحة النفسية على الرابط
    http://www.wfmh.com/00WorldMentalHealthDay.htm

الكلمات المفتاحية

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

الكلمات المفتاحية

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x