مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

العلوم التطبيقية وإلغاء المادية المحسوسة للاقتصاد

الكاتب

الكاتب : د. موزة بنت محمد الربان

رئيسة منظمة المجتمع العلمي العربي

الوقت

06:13 مساءً

تاريخ النشر

15, يونيو 2015

لقد أصبح الاقتصاد الحديث يرتكز بشكل أكبر على نواتج غير محسوسة، مثل البرمجيات والتصاميم وتطبيقات التكنولوجيا والاتصالات، النواتج الصيدلانية وسلع الأزياء، والخدمات والمعرفة بشكل عام. ولعلنا نضرب هنا بعض الأمثلة لتوضيح المقصود.

جوجل وتوتير وفيس بوك، يوتيوب وسكايب وغيرها من المواقع التي تقدر قيمتها بالمليارات ليست قيمتها في أصول مادية وإنما في برمجيات توفر خدمة للناس المستهلكين. الهواتف الذكية ليست قيمتها في مكونات الجهاز و إنما في التطبيقات والخدمات التي يقدمها للمستهلك. قيم الملابس والحقائب وباقي المتعلقات بالموضة والأزياء هي سوق كبيرة جداً لا يعتمد على أصول مادية بالدرجة الأولى وإنما على تصاميم متميزة وجودة في الانتاج. الأدوية تعتمد على تركيب مميز وليس قيمة مادية كبيرة وكذلك مستحضرات التجميل. تطوير أساليب الزراعة التي توفر كميات من المياه وتزيد المحصول وتحفظه من الآفات الزراعية كلها تؤثر في الاقتصاد والأساس فيها أفكار وتدريب وبناء قدرات بشرية. وكمثال، استطاعت كوريا أن (تتعلم) كيفية صناعة القطارات، والشركات الكورية اليوم تبني سكك القطارات وانفاقها تحت الأرض في بلداننا بمليارات الدولارات، فهي معرفة يمكننا تعلمها وتوفير كل هذه الأموال.

ولو نظرنا للتكنولوجيات المرشحة بأن تكون مؤثرة في الحياة المستقبلية نجد أن الكثير منها يعتمد على المعرفة والأصول غير المادية، بما في ذلك استخراج المواد الخام من الأرض، فإن تطوير أساليب ذلك الاستخراج سوف ينعكس بشكل مباشر على الاقتصاد.

من أمثلة ذلك، استخدام طائرات بدون طيار رخيصة نسبياً، مع أجهزة استشعار متقدمة وقدرات التصوير تعطي المزارعين طرقاً جديدة لزيادة الغلة وتقليل تلف المحاصيل. هذا مثال على أهمية الابتكار. والابتكار ليس فقط في انتاج شيء جديد وأنما أيضاً في استخدام جديد لشيء ليس جديد، أو تطوير شيء موجود وتحسين أداءه. لذا فإن الاهتمام بتنمية الابتكار من خلال الاهتمام بالمبتكرين وإعطائهم الفرص وكذلك فتح باب الابتكار في الشركات والمصانع والمؤسسات للعاملين فيها وتوفير الحوافز والمكافآت لهم، وكذلك من خلال مناهج وأساليب التعليم.

وإذا لم نطور مفاهيمنا حول أهمية المعرفة وبناء القدرات والابتكار فسنظل في موقع المستقبِل للتكنولوجيات القديمة التي ترسلها لنا البلدان الصناعية في حين إنها تنتقل إلى مجالات صناعية جديدة تكون أكثر كثافة في مضمون المعرفة فيها. وسوف تُنقل هذه التكنولوجيات الجديدة في النهاية إلى بلداننا مع احتفاظهم بمداخيلها من حقوق في ملكيتها.
 

  • قراءة في كتاب "العلم والسيادة"، للدكتور أنطوان زحلان، من منشورات " مركز دراسات الوحدة العربية". 2012

 

البريد الإلكتروني للكاتب mmr@arsco.org

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x