مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

المواد المسرطنة والصناعات الغذائية

الكاتب

الكاتب : أ. د. محمد لبيب - باحث: اسماعيل عطية

أستاذ علم المناعة - كلية العلوم مدير مركز ابحاث السرطان - مصر

الوقت

04:43 مساءً

تاريخ النشر

11, مايو 2015

المواد المسرطنة والصناعات الغذائية "لا تبني الدول وتنهض بشعوب مريضة". الأصل في خلق الله للكائنات الحية هو الكمال والإتزان والتكامل الحيوي المؤدي لصحة عامة يتمتع بها الفرد في بيئته الطبيعبة لينعم بالحياة فيها فيصح المجتمع ويبدع في عمله وعلاقاته. ولذلك أتت جميع مكونات الحياة حتى الجماد منها بإخراج إلهي رائع والذي نسميه طبيعة الأشياء. فنستمتع بألوان الزروع الخضراء والحمراء والبيضاء والصفراء وجميع الألوان البسطة والمركبة. وفوق كل المخلوقات خلق الإنسان في أبدع صورة وكذلك الحيوانات بمختلف طوائفها ليكتمل الوجود في أروع صورة ليستمتع به الإنسان. وبالرغم من التقدم التكنولوجي الهائل إلا أن الفساد الذي أحدثه من قبل الجاهلين والمستهترين أصبح أكبر من نفعه وخاصة في الدول التي يغيب فيها تنفيذ القوانين ومتابعة القواعد الصحية والبيئية.  

فللأسف الشديد ومع مرور الزمن أفسد الإنسان هذه الطبيعة الرائعة في خلق الله لكائناته. فمع أن الله أعطي للإنسان وحده قدرة تعلم الأشياء وكيفية عملها وتطبيقاتها إلا أنه أصبح جهولا ليستخدم المواد التي تعلمها ليفسد بيئته بدلا من أن ينميها أو على الأقل ليبقي عليها دون أن يلوثها أو يغير من معالمها ولم يقتصر فساد الإنسان في الغش وإستخدام مواد وهو يعلم خطورتها كإضافات لما نشرب ونأكل بل أيضا في إستخدام التكنولوجيا التي تعلمها هو في إفساد المنظومة البيئية وبالتالي الصحة العامة للإنسان نفسه والحيوان والنبات لتتغير طبائع الأشياء وتفسد.  وقد أدي كل ذلك إلي ظهور العديد من الأمراض التي لم نكن نسمع عنها وزيادة رهيبة في الأمراض التي نعرفها. وأصبح الإنسان يعيش في بركة من الأمراض التي وقف عاجزا أمام علاج الكثير منها وخاصة السرطان.

وهناك العديد من المواد التي اكتشفها الإنسان بالعلم الذي وهبه الله ليدمر بها نفسه. وفي هذا المقال إخترنا بعض الأمثلة لهذه المواد التي أصبحت تستخدم يوميا على مرأي ومسمع من الجميع بدون وعي ودون مسئولية وبدون متابعة وتفتيش مما أدي إلي ما نحن فيه من أمراض وهزلان لم يحدث من قبل.  وللخطورة الكبيرة لهذه المواد قدمنا بعض المعلومات عنها في صورة مبسطة لعل المسئولون يفعلوا شيئا حقيقيا في منع إستخدامها ومعاقبة من يستخدمها عقاب الجاني والقاتل. وإن لم يحدث ذلك فلنا أن نتوقع كوارث صحية أكثر مما هو كائن وميزانية قومية أكبر للصرف ودعم علاج تلك الأمراض ويصير الأفراد غير قادرين على العمل بكفاءة فينهار المجتمع صحيا وإجتماعيا وماليا وعلميا وعمليا.

أولاً : صناعة الحلاوة الطحينية

تعتبر الحلاوة الطحينية من أهم المنتجات الغذائية التي يعتمد عليها المصريين في غذائهم اليومي و هي تصنع أساساً من السمسم الذي يتم انتاجه في مصر بكميات كبيرة. وتصنع الحلاوة الطحينية عن طريق خلط عجينة السمسم المطحون مع السكر مع مادة عرق الحلاوة المستخلصة من نبات العصلج الذي هو أساس صناعة الحلاوة الطحينية. وكانت تتم هذه العملية من قديم الزمان في مصر بطرق يدوية صعبة تعتمد على المجهود البدني الشاق في صناعتها، أما الآن فتصنع آلياً بطرق سهلة تعتمد على الآلات. وتكمن المشكلة في أن بعض التجار والمصنعين الذين يبحثون عن الربح السريع يقومون بعملية لغش هذا المنتج بغرض الحصول على درجة نقاوة أعلى مما يحقق الربح السريع وذلك على حساب صحة البعض ممن يتناولون هذا النوع من الطعام وهم لايشعرون بخطوره ما يتناولونه. وتكمن المشكلة في أن هذه المواد المستخدمة في هذه الصناعة أو بالأصح المواد التي تم ادخالها إلى هذه الصناعة حديثاً تسبب السرطان و كثير من الأمراض الخطيرة التي تفتك بصحة متناولها. ومع أن هذه المواد مصرح بها في بعض الدول إلا أن ذلك يتم تحت رقابة صارمة و مراقبة من أجهزة الرعاية الصحية لهذه الدول التي تلتزم بالمواثيق الدولية في صناعة الأغذية، ولكن للأسف بسبب ضعف الرقابة وضعف في هذه الأجهزة المسؤولة عن رعاية قطاع الأغذية والصحة يتم التعامل بهذه المواد في صورةا الغير نقية والغير مناسبه للاستخدام الآدمي.

ثاني أكسيد التيتانيوم وصناعة الحلاوة

ثاني أكسيد التيتانيوم هي المادة المستخدمة في صناعة الحلاوة الطحينية و ذلك لإضفاء اللون الأبيض الناصع على هذا المنتج بغرض الحصول على أعلى ربح منها. وفي الأساس تستخدم مادة ثاني أكسيد التيتانيوم في صناعة الجلود لتبييضها و إعطائها المرونة المطلوبة، وتستخدم أيضاً في صناعة القيشاني والسيراميك والبورسلين لإعطائها اللمعان الأبيض المناسب. و كذلك في بعض أنواع الطلاء الأبيض وفي طلاء الأطباق الصاج و ملمعات الأرضية. ولخطورة مادة ثاني أكسيد التيتانيوم فإن التعامل معها في الصناعة عموماً يتم تحت تشديدات صارمة و احتياطات أمان عالية جداً.

وتوجد مادة ثاني أكسيد التيتانيوم في صورتين. الصورة النقية و التي تستخدم بنسب محدودة جداً لا تتعدى 5% في بعض الصناعات الغذائية تحت رقابة عالية جداً. والصورة الغير نقية وهي التي تحتوي على بعض الشوائب في التصنيع مثل الرصاص و الزرنيخ و الأنتيمون وبعض العناصر الثقيلة والتي تستخدم فقط في صناعة السيراميك و البورسلين. ولذلك يوضع العمال في هذه المصانع تحت درجات أمان عالية جداً و ملابس واقية وأقنعة واقية وغير ذلك من احتياطات صناعية وصحية. وللأسف، تستخدم بعض مصانع الحلاوة الطحينية الصورة الغير نقية لهذه لمادة ثاني أكسيد التيتانيوم في الصناعة وذلك لرخصها في السعر وسهولة الحصول عليها بديلاً عن الصورة النقية و التي يكون بالطبع سعرها أعلى و يصعب الحصول عليها. و لأن حلم الربح السريع يراود هؤلاء التجار، فللأسف يستخدمون مادة ثاني أكسيد التيتانيوم السامة و المسرطنة أثناء تصنيع الحلاوة لإكسابها درجة عالية من البياض والنقاء. ولأن المستهلك لا يدري هذه التفاصيل وخطورتها فهو يشتري هذا المنتج حيث أنه يبحث عن هذه المواصفات من البياض و الطعم مع أن العكس صحيح فإن الحلاوة الصحية و السليمة هي التي يميل لونها إلى اللون الرمادي لأنه هو اللون الطبيعي للحلاوة الطحينية. و لذلك يجب الابتعاد عن أنواع الحلاوة التي يزيد درجة بياضها عن المألوف و ذلك لإحتوائها على بعض العناصر الثقيلة التي قد تسبب السرطان و العديد من المشاكل الصحية لمن يتناولها.

ثانيا : صناعة الفول

يعتبر الفول الوجبة الرئيسية لمعظم المصريين خاصة في بدأيه يومهم ويعتمد عليه البعض في تعويض البروتينات اللازمة لحياته اليومية مما جعله غذاءً مهماً لا غنى عنه وعن تناوله يومياً. وتتم زراعه الفول في مصر بنسب كبيرة و استيراد الباقي من الخارج و يتم توريد الفول إلى المطاعم والعربات التي يباع منها إلى المستهلك عن طريق المستوقدات و هي الأماكن التي يتم تجهيز الفول فيها طيلة الليل حتى يصل في الصباح إلى مستهلكيه ناضجاً. ويتم تجهيز الفول عن طريق التسخين طيله الليل على النار مما يؤدي إلى استهلاك كمية كبيرة من الغاز، التي زاد سعرها هذه الأيام، مما جعل الذين يقومون على هذه الصناعة يبحثون عن طرق لتقليل زمن التجهيز هذا بغرض توفير الوقت من ناحية  و ثمن الغاز المستخدم في التجهيز من ناحية أخرى . وقد ثبت أن هؤلاء التجار يستخدمون مادة كيمائية تساعد على سرعه طياب الفول و تقلل من زمن التجهيز و هذه المادة غير مسموح باستخدامها إلا في الأغراض الصناعية فقط و ليست للإستخدام الغذائي أو الإستهلاك من قبل الإنسان أو الحيوان.

مادة الإديتا وصناعة الفول

تستخدم مادة الإديتا في الأغراض الصناعية و العلمية و في الصناعات الكيماوية و مستلزماتها . و لهذه المادة تأثيرات فتاكة على صحة الانسان. ففي دراسة بكلية الزراعة جامعه عين شمس بقسم الأغذية تم معالجه عدد من الفئران بجرعات من مادة الإديتا في الطعام المقدم إليها و لمده 90 يوماً. وقد وُجد أن الحالة الصحية للفئران تدهورت إلى حالة سيئة  و أصيبت بالهزال و الضعف و بداية ظهور أمراض في الكبد و خلل في الكروموسومات  وسيوله في الدم و وظائف الكلى مما أدى إلى ضعف جنسي  في الفئران المستخدمة.  و توضح هذه الدراسة و غيرها مدى خطورة تناول مادة الإديتا في الغذاء اليومي للإنسان فهي تؤدي إلى تدمير الجسم و جعله عرضة لأمراض خطيرة وخطر الاصابة بمرض السرطان. ولذلك فيجب أن تشدد الرقابة على استخدام مادة الإديتا في هذه الصناعة وعلى المستوقدات ومحاسبة المسؤلين عن هذه الجرائم، و ذلك لحماية المستهلك من أخطار هذه الأمراض التي تفتك به وتهدد حياته من ناحية وتثقل كاهل الدولة مادياً من ناحية أخرى، ناهيك عن وجود شعب مريض لا يستطيع المشاركة في نهضة الدولة.

ثالثاً : منشطات النمو المستخدمة في الزراعة

تمثل الزراعة عنصراً رئيسياً من مقومات الاقتصاد العالمي في توفير الغذاء والمستلزمات الضرورية لحياه الإنسان والحيوان. وقد كانت الزراعة هي مهنه المصريين القدماء، فقد اشتهرت مصر بأنها كانت من أكثر الدول التي تنتج الغذاء وكانت مصر تعتبر سلة الغذاء بالنسبة للعالم في بعض العصور. وقد دخلت على هذه المهنة في وقتنا هذا الكثير من التحديثات التي جعلتها سهلة نسبياً، وذلك عن طريق الآليات الحديثة المستخدمة في الزراعة ومبيدات الحشائش وصناعة الأسمدة والصناعات التكميلية للزراعة. ويعتمد الكثير من المصريين على الزراعة كمصدر دخل لهم لا غنى عنه مما جعل الزراعة على أولويات الحكومة المصرية و الاهتمام بها و تنمية المحاصيل و الثروة الزراعية و مواكبة التغيرات العالمية بهذا الشأن وتوفير شتى الطرق للنهوض بها لكي تنافس الزراعة العالمية من ناحية و لتلبية الاحتياجات الغذائية نتيجة الزيادة في عدد السكان من ناحية أخرى. وفي ظل هذا النمو الزراعي هناك البعض ممن يستغلون هذا التطور بطريقه غير صحيحة، و ذلك للحصول إما على ربح طائل و ثروه سريعة أو مخططات تهدف إلى تدمير البنيه التحتية للزراعة وتدمير الصحة العامة للمصريين و إضعاف الناتج القومي.

منشطات النمو المخلقة صناعياً

يقوم النبات بإفراز العديد من العناصر اللازمة لنموه طبيعياً. و تشمل هذه المواد بعض منشطات النمو مثل الأوكسينات الطبيعية مثل الإندول والنافثول والإيثيلين التي تساعد على نمو النبات بصورة طبيعية. ويفرز النبات هذه المواد بنسب محدودة تساعده على مقاومة الظروف الصعبة الطبيعية و هي لا ضرر منها طالما أن النبات هو الذي يفرزها. و لكن تكمن المشكلة أن بعض المزارعين يقومون بإضافه منشطات النمو هذه إلى النبات بصورة غير طبيعية و بكميات كثيرة مما يؤدي إلى زيادة في الإنتاج و المحصول بهدف الربح السريع و الثروة الطائلة التي تجلبها هذه المنتجات.

حامض الجبريلك

يعتبر حامض الجبريلك من أهم المواد التي تستخدم في هذه العملية و يوجد في صورة أقراص متداولة في السوق وذلك برشه على النباتات والمزروعات والمحاصيل بغرض زيادة الاستطالة في الأشجار المثمرة والبراعم النباتيه والحصول على إنتاج وفير. و يعمل حامض الجبريلك على زيادة عدد الثمار وزيادة حجمها و إعطاء النبات قدرة على مقاومة الأمراض و طول فترة التخزين  و زيادة على قدره المنتج على التسويق والسيطرة على الأسواق نظراً لكبر الحجم ونضارة المنتجات  والعديد من الصفات المطلوبة للتسويق. ويكثر استخدام حامض الجبريلك في الزراعات مثل العنب و الموز و التفاح و البصل و النباتات المتدرنة مثل البطاطس والبطاطا.  ويرش حامض الجبريلك على الأشجار في فتره الإثمار وقبل الإثمار و ذلك لزيادة عدد الثمار وحجمها بصورة غير طبيعية. و يغمس به عناقيد العنب قبل النضوج مما يساعد على تكبير حجم الحبات و اصفرارها وزيادتها قبل أوانها.

وقد ثبت علمياً أن حامض الجبريلك يجعل النبات ينمو بصورة غير طبيعية وفوق عادته مما يؤدي إلى أضرار جسيمة شاملة الأمراض التي تصيب الإنسان والحيوان بعد تناول الأغذية المعالجة به. فقد ثبت علمياً أن حامض الجبريلك يؤدي إلى الإصابة بمرض السرطان نتيجة للتغيرات الجينية التي تطرأ على الثمار مما يؤدي إلى الإصابة بالأمراض الخطيرة ومنها السرطان و الفشل الكلوي والكبدي و العديد من الأمراض المناعية  و الأمراض الأخرى التي قد تؤدي إلى الوفاه. ولذلك فوجود حامض الجبريلك في الغذاء قد يؤدي في النهاية إلى تدمير الإنسان و وفاته.  و للأسف هناك غياب من بعض الأجهزة الرقابية عن استخدام حامض الجبريلك وغيره من المنشطات المخلقة التي تهدد حاضر ومستقبل الأجيال الصغيرة مما يلزم بضرورة مقاومة هذه الأيادي المخربة التي تعبث بصحة الانسان وتهدد حياته ومستقبل الاجيال المقبلة.

رابعاً : صناعة الألبان

تعد صناعة الألبان من الصناعات الهامة في مصر حيث أنها تمثل مصدراً مهماً للغذاء، ويعتمد عليها الكثير منا في غذائه اليومي. و هي تعد أحد أهم مصادر الدخل بالنسبه لعدد كبير من العاملين بهذا القطاع والقائمين عليه. فعلى سبيل المثال، وجد أن هذا القطاع الهام يمثل حوالي 28% إلى 34% من  حجم الصناعات الغذائية في مصر. ولا يخفى عنا أن منتجات الألبان تمثل جزءا كبيرا من الاستهلاك اليومي يتمثل في اللبن و الجبن ومشتقاته مما يجعل منتجات الألبان تحتل مركزاً مهماً لدى التجار و المستثمرين.

الفورمالين وصناعات الألبان

ولأن صناعات الألبان من الصناعات الهامة فهناك وسائل شتى لتطويرها، و ذلك لمواكبة النمو على الطلب في ظل التنافس الشديد لتأمين الإمدادات من المواد الخام مما يوفر في التكاليف وزيادة في الإنتاج  و ذلك أدى إلى اهتمام كبير بالبحث في مجال تطوير هذه الصناعة و خاصة الأبحاث المتعلقة بزيادة الإنتاج والمحافظة على الصلاحيه و جوده المنتج للتسويق و المنافسة في الأسواق. وقد أدى ذلك إلى زيادة في الطلب على هذه الأبحاث مما دعا بالبعض إلى استخدام مواد غير مطابقة للمواصفات و ليست خاضعة للرقابة وغير مصرح بها في هذه الصناعة مما يؤدي إلى أثر سلبي على المستهلكين  و إلى العديد من الأمراض الخطيرة و ما لها من آثار مدمرة على الإقتصاد القومي .

الفورمالين او الفورمالداهيد هي مادة كيميائية تستخدم لحفظ الجثث والحيوانات المحنطة كمادة حافظة من التحلل البكتيري. كما تستخدم في صناعة المواد اللاصقة والسجاد والأقمشة و البلاستيك.  و بالرغم أنه يسمح باستخدام الفورمالين كمادة حافظه في بعض الصناعات بنسب لاتتجاوز 3% إلا أنه يمنع استخدامها تماماً في المواد الغذائية و ذلك للأضرار الجسيمة الناتجه من إضافتها. ويعتبر الفورمالين من المواد عالية السمية حتى لو تم التعرض له بكميات قليلة جداً، فهو يعد من المواد المسرطنة من الدرجة الأولى ويسبب أيضاً أضراراً للجلد و تصاب العين بنوع من الحساسية عند التعرض له بشكل مباشرة. و يؤدي إستنشاقه إلى تهيج الأغشية المخاطية في الأنف و التهاب في القصبة الهوائية و ضيق في التنفس. 

وتستخدم مادة الفورمالين من قبل بعض العاملين بصناعة الألبان لقتل البكتريا والجراثيم و للحصول على مواصفات في الجبن لتصبح مقاومة للتحلل والسماح بفتره تخزين عالية و إعطاء هذه المنتجات رواجاً في الأسواق ومنافسة عالية. ولكن وجد أن استخدام مادة الفورمالين في الجبن يؤدي إلى أضرار جسيمة مثل تقرحات والتهابات في المريء و الجهاز الهضمي والفشل الكلوي و الالتهاب الكبدي وغير ذلك من الإمراض الخطيرة. ويظهر تأثير مادة الفورمالين على المدى الطويل في حدوث الأورام التي تظهر في الكبد و في مناطق أخرى من الجسد.

وقد أضافت الحكومة الأمريكية مادة الفورمالين إلى قائمة المواد المعروفة التي تسبب السرطان وحذرت من إستخدامها أو التعرض لها بدرجة كبيرة حيث أن المتعرضين لها تتزايد لديهم مخاطر الإصابة بسرطان الأنف و البلعوم و سرطان الدم ومختلف أنواعه الأخرى. وعلى الرغم من أنه صدرت في مصر ومنذ عشرات السنين العديد من الدراسات من كليات الزراعة في جامعة القاهرة وعين شمس التي تبين خطورة مادة الفورمالين على الصحة إلا أنه ما زال الكثير من المصانع و المعامل القائمة على إنتاج الألبان والتي تعمل للأسف" تحت بير السلم"  كما يقال في  التعبير  و التي تنتج نسبة كبيرة من منتجات الألبان التي تستهلك محلياً تستخدم الفورمالين كمادة حافظة لهذه المنتجات حيث أنها تتميز بأنها رخيصة وسهلة في الحصول عليها حيث يكلف سعر اللتر منها  حوالي  6 جنيهات، و لذلك يستعيض بها أصحاب المصانع عن إستخدام المواد الحافظة المسموح بها والتي ثبت سلامتها للاستخدام على الصحة العامة.  ومن هذه المواد حمض السوربييك وأملاحه وحمض البنزويك وأملاحه وذلك أيضاً وفقاً للحدود المسموح بها. 

وقد أجرى المركز القومي للبحوث تحليلاً للكشف عن حقيقة إستعمال مادة الفورمالين في بحث استغرق شهرين و ذلك بإضافة هذه المادة على اللبن المصنوع منه الجبن الأبيض لزيادة مدة صلاحيتها. ثم تم جمع 13 عينة عشوائية من الجبن في محافظتي القاهرة و الجيزة من محلات بقالة و بائعات متجولات في مناطق المنيل، السيدة زينب، السيدة عائشة، البدرشين، إمبابة، العمرانية وباب الشعرية، للكشف عن وجود مادة الفورمالين بهم بالإضافة إلى عينة مسحوبة من أحد المصانع التي تم العمل بها. أثبتت التحاليل التي أجريت أن 7 من أصل 13 عينةملوثة بـالفورمالين وفقاً للنتيجة الصادرة عن المركز القومى للبحوث. ولكن الجشع وحلم الثراء السريع الذي يراود القائمين على هذه الصناعة جعلهم يستخدمون مادة الفورمالين هذه المسرطنة دون مراعاه لصحة الأفراد الذين يتناولون هذه الأطعمة التي تتسبب بتدمير صحتهم بدون ذنب. لذلك يجب على الدولة التحرك السريع وبقوة لمنع استخدام مادة الفورمالين ومحاسبه الأشخاص الذين يقومون باستخدامها بعقوبات رادعه و تقديم التوعية لدى المستهلكين بخطورة هذه المادة  وتجنب الحصول على المنتجات الغير موثوقة المصادر والغير مطابقة للمواصفات القياسية بهدف الحصول على أسعار أقل على حساب صحة  المستهلك .

تأثير السرطان على الإقتصاد

بعد التعرف على بعض المواد المتسببة في السرطان و المتداولة في الغذاء اليومى للأفراد يتبين مدى خطورة هذه الأغذية على الاقتصاد القومي حيث وجد أن الإصابه بالسرطان من أهم المشكلات التي تواجه الكثير من الدول وذلك لما يسببه هذا المرض من زيادة في معدل الوفيات و زيادة في معدل المرضى. فقد ثبت أن معدل الوفاة بمرض السرطان في مصر يمثل حوالي 75% من إجمالي معدل الوفيات و أن المرضى الذين يعانون من الألم جراء السرطان تصل نسبتهم إلى نحو 93% من المرضى و تصل نسبة الأطفال بالأمراض السرطانيّة في مصر إلى 10000طفل مصاب سنوياً و أن معدل الوفيات وصلت إلى 7.6 مليون مريض في عام 2008  في العالم  والتي من المحتمل  أن تصل إلى 10مليون شخص بحلول عام 2020.

وقد يفسر ذلك المعدل السريع و الهائل لحدوث وانتشار مد السرطان في أماكن معينة في العالم رغم التقدم التكنولوجي على مستوى التشخيص أو العلاج وذلك نتيجة تَغيير النعمة الغذائي و نتيجة الملوثات الغذائية سواء التي تضاف للغذاء مباشرة أثناء الحفظ أو التصنيع أو للنبات أو الحيوان أثناء النمو ،وقد يفسر ذلك أيضاً النسبة القليلة جداً من حدوث السرطان في البلدان التي تعتمد في غذائها على المنتجات الطبيعية  والأسماك مثل مجتمعات الأسكيمو. فإذا كان نوع الغذاء نفسه عمل فعال في حدوث السرطان وتوحشه فما بالنا من تناول غذاء سيء وملوث، ومما لا شك فيه أن الدول التي ينتشر بها هذا المرض تنفق المليارات في سبيل الحصول على العلاج المناسب و في مجالات  البحث العلمي للوصول إلى المسببات لهذا المرض  و الحصول على العلاجات المناسبة له. ومما لاشك فيه أن مثل هذه المواد المسرطنة تستنزف الاقتصاد القومي للدول التي توجد بها هذه المعدلات المرتفعة في سبيل تقليل عدد الوفيات الناجمه عن هذا المرض. وعلى العكس تماماً، ففي غياب هذه المواد يقل السرطان وبالتالي من الممكن توظيف هذه المليارات في تنمية الاقتصاد لتغيير خريطة الاقتصاد في هذه الدول.

وليس هذا فقط بل من المتوقع أن الأشخاص المصابين بهذا المرض لن يكونوا قادرين على الإنتاج و غير قادرين على مساعدة غيرهم و القيام بالدور المطلوب منهم في المجتمع  مما يعرض الدولة ليس فقط إلى أزمات مالية ولكن ايضاً إلى أزمات نفسية وتدهور حضاري .فلا يبني و ينهض بالمجتمع إلا  أناس أصحاء  قادرين على الإبداع. و لكن للأسف بعض الدول الغارقة في مستنقع المرض ليس لديها خارطة طريق حقيقية للخروج من هذا المستنقع بالرغم من سهولة الحل الذي لايتطلب أي ماديات بل مجرد توعية وقوانين صارمة  ومتابعة حازمة .

دور الأجهزة الرقابية في الرقابة على صناعة الأغذية

أولاً: الأمن الغذائي

يتبع وزاره الصحة و الزراعة والبيئة العديد من الأجهزة الرقابية المعنية بالرقابة على المنتجات الغذائية والرقابة على المصانع و الشركات والأسواق مثل مباحث التموين، جهاز حماية المستهلك، وجهاز الأمن الغذائي والأمن الصناعي وذلك لمراقبة الإنتاج ومطابقة المواصفات القياسية و مراقبة طرق التوزيع وطرق التخرين وطرق البيع. وجهاز الأمن الغذائي هو أحد الأجهزة التابعة لوزارة الصحة و الذي يهتم بالتفتيش على مصانع الأغذية و ذلك للوقوف على سلامه الإنتاج و أخذ عينات من هذه الأغذية وإرسالها إلى المعامل المركزية لتحليلها وتحديد صلاحيتها  وتحديد ما إذا كانت تحتوى على مواد غير صحية أو مواد قد تضر بصحة المستهلكين لهذه المواد و مطابقتها للمواصفات القياسية. ويقوم هذا الجهاز بالتفتيش المفاجئ على هذه المصانع بغرض ضبط المخالفات والوقوف على طرق معاملة الأغذية من وقت انتاجها و لحين وصولها ليد المستهلك. هذا هو الدور المنوط به هذا الجهاز الهام ولكن للأسف ضعف مثل هذه الأجهزة الرقابية أدّى إلى انكماش دورها وجعلها أجهزة روتينية لا تستطيع القيام بمهامها المطلوبة في السيطرة على الأسواق و ضبط المتلاعبين بالإنتاج وضبط المواد الغير مصرح بإستخدامها وضبط المتحايلين على القانون والمتلاعبين بالنسب الصحية للمواد المضافة للأغذية وتقديمهم إلى القانون. 

الأمن الصناعي

هو أحد الأجهزة التابعة لوزارة البيئة وهو منوط بمراقبة المصانع و المخازن التي يتم تصنيع وتخزين المواد الغذائية فيها و مراعاه طرق التخزين الصحيحة و مراعاه عدم وجود أي مصدر من مصادر التلوث من مصادر غير مصرح بها مثل الأسمدة أو الكيماويات و المبيدات الحشرية  أو أي مصادر تلوث أخرى . وهذا الجهاز مسؤول ايضا عن التفتيش على أساليب الوقاية من الحرائق و مدى مطابقة المكان للمواصفات القياسية و الشروط البيئية اللازمة لأي صناعة، شاملة أماكن تخزين المواد الخام و المواد المكملة لهذه للصناعة وطرق المعاملة وطرق معاملة الأفراد القائمين عليها و نظافه المكان والتأكد من خلوه من الملوثات البيئيه. ويعنى هذا الجهاز بأن تكون كل مصانع الأغذية مرخصة وحاصلة على التصاريح اللازمة للعمل في هذا المجال و مكافحه مصانع بير السلم و المصانع التي تقوم على الغش والتزييف والأخرى التي لا تلتزم بمواصفات السلامة البيئية من تعقيم وتجهيزات مناسبة للمكان المستخدم في الصناعة في المواد المنتجة والمواد الخام والغير مطابقة للمواصفات القياسية.

وهناك أيضا جهاز حماية المستهلك وهو أحد الجهات الرقابية والذي يتمثل دوره في اتخاذ خطوات و إجراءات بناءً على الشكاوى التي يتقدم بها المواطنون حيث يتجه فريق من الجهاز لمكان الشكوى على الفور و يتحفظ على الكميات الموجودة و يقوم بإرسالها إلى وزارة الصحة أو الزراعة التي تقوم بدورها بتحليل العينات وإظهار النتيجة. و لذلك، فإن دور هذه الأجهزة مع الأجهزة التنفيذية تمثل ذراع الدولة في مراقبة صناعات الأغذية ومراقبة المواد المضافة والحد من المصانع الغير مرخصة و الغير مطابقه للمواصفات و التي تستخدم مواد ضاره بالصحة والتي تسبب أمراضاً فتاكة للمستهلكين و التي من ضمنها هذه المواد التي سبق ذكرها.

القوانين المنظمة

هناك العديد من التشريعات الصادرة في مصر لمواجهة ظاهرة الغش الغذائي و التي يرجع عدد كبير منها إلى أربعينات وخمسينات القرن الماضي. و آخر هذه القوانين هو قانون محاربة الغش و التدليس المعدل رقم 281 لسنة 1994 و الذي يشمل على معاقبة بالحبس مدة لا تقل عن سنة و بغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه و لا تتجاوز عشرين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق. وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنتين ولا تجاوز سبع سنوات و بغرامة لا تقل عن عشرين ألف جنيه و لا تجاوز أربعين ألف جنيه أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة إذا كانت المواد التي تستعمل في الغش ضارة بصحة الإنسان أو الحيوان. ويجوز للمحكمة أن تقضى بغلق المنشاة المخالفة لمدة لا تزيد على خمس سنوات في حالة العودة، كما يجوز لها أن تحكم بإلغاء رخصتها نهائياً إذا كانت العقوبة السابقة غير كافية و ذلك دون الإخلال بحقوق العمال قبل المنشاة. و لكن جميع العقوبات السابقة لن يكون لها جدوى دون تضافر جهود الجهات المعنية للتحقيق مصلحة المستهلك .

اجراءات ممكن اتخاذها

  1. يجب على المستهلك عدم التعامل مع المصانع والشركات التي ليس لها تصريح و كذلك عدم استخدام المنتجات ذات الأسعار الرخيصة المعلن عنها في الأسواق.
  2. المستمره بجميع الوسائل بمخاطر المواد المسرطنة المستخدمة في الصناعة و الزراعة لكل من المستهلك والمنتج و الموزع.  الفورية من الأجهزة التنفيذية للبلاغات عن الأغذية التي قد يشك فيها أو في مدى صلاحيتها للاستهلاك أو في تركيب المواد الداخلة في صناعتها.
  3. تقنين بيع المواد التي ثبت أنها مواد مسرطنه وتقنين طرق الحصول عليها وعدم جعلها عرضه للبيع في السوق السوداء وذلك عن طريق تحديد أماكن بيع مخصصة لهذه المواد الكيمائية وتعريف مستهلكيها و الذين يحق لهم التعامل بها وتجريم أي شخص يثبت أنه يتعامل بها أو يستخدمها لغرض غير الغرض المخصصة له .
  4. إنشاء جهاز سلامة الغذاء يتولى الدور الرقابي كاملاً و حلاً لأزمة تعدد الجهات الرقابية و تشتيت جهودها في مواجهة ظاهرة الغش الغذائي.
  5. إصدار قانون موحد للغذاء و الذي مازال حبيس الأدراج منذ عام 2007 وحتى الآن.
  6.  الدوري والمفاجئ على أي منفذ للإنتاج أو التوزيع أو الإستهلاك. عدد المعامل المنوط بها تحليل الغذاء وتطوير قدرتها المؤسسية والتدريب الدوري للعاملين بها عدد المهنيين في مجال الأمن الغذائي و اعطاؤهم امتيازات مادية ومعنوية و الحق في الضبطية القضائية.

 

الغذاء السليم هو الطريق السليم لمواطنين أصحاء قادرين على بناء ونهضة أوطانهم .و كما قال طارق بن زياد لجنوده من قبل " البحر من ورائكم، والعدو أمامكم " فكذلك الوضع الغذائي القائم يقول  "السرطان من أمامكم  والغذاء من خلفكم". فلا بد من التدخل السريع والقوي لمنع المسرطنات من جميع الصناعات الغذائية.

 

Mohamed.labib@science.tanta.edu.eg : البريد الإلكتروني للكاتب

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x