رؤى لمستقبل علمي أفضل في العالم العربي
الكاتب : الدكتور طارق قابيل
الكاتب : د. مي رمزي الارناؤوط
طبيبة واكاديمية وقانونية مستقلة - اختصاص في السرطانيات
04:36 مساءً
25, مايو 2015
الكاتبة اكاديمية مستقلة تماماً بدون آي ارتباط أو توجه سياسي وبدون اي تمويل لهذا الغرض الذي يقصد به الامانة العلمية في توثيق الحقائق والمنفعة العامة.
2. العوامل الكيمياوية التي ثبت استعمالها في النزاعات واضرارها الصحية بصورة عامة:
من الجدير بالذكرهوان العمليات العسكرية التي صاحبت النزاعات السياسية في منطقة الخليج مابين 1991-2003 كانت الاولى من نوعها في تاريخ الحروب على الكرة الارضية كما ونوعا حيث استعملت فيها عسكرياعوامل كيمياوية وفيزياوية وتقنيات جديدة لم تعلن في وقتها غير انها اصبحت معروفة الان. ومن اهم هذه العوامل التي ثبت استعمالها وثبتت اضرارها الصحية بصورة لاتقبل الشك هي:
اليورانيوم المنضب المشع (DU) الذي يسبب التلف الوراثي (الجيني) للحامض النووي دي. ان. أي. DNA في نواة الخلية بدرجات وانواع مختلفة تتراوح حسب نوع ودرجة هذا التلف اوالطفرة الوراثية الحاصلة على اثره مابين العقم في الجنسين والاجهاض المبكروالتشوهات الجنينية الى ظهورالسرطانات المختلفة. وقد قام الاطباء والعاملين في المستشفيات الحكومية في العراق على الاقل بنشر عدد من الاحصائيات المهمة لتوثيق ظهور واعداد وانواع هذه السرطانات في مختلف انحاء العراق شمالا ووسطا وجنوبا (1,2). اما في المناطق الخليجية الاخرى فهناك تحفظ اكثر في نشر هذه المعلومات ولاسباب غير واضحة تماماً (3). كما ان هناك اعداد لا يستهان بها من تلك الحالات السرطانية من مختلف المناطق المتعرضة لليورانيوم المشع يتم علاجها خارج منطقة الخليج سواء في البلدان العربية المجاورة ام في انحاء العالم الاخرى وخاصة في الدول الاوربية والتي قد لاتشمل في هذه الاحصائيات.
الفسفور الابيض القتالي (WP) وذلك لتفريقه عن الفسفور الابيض الحارقIncendiary الذي يسمح به لاغراض عسكرية غير قتالية) والذي تسبب استعماله بتراكيز عالية عام 2003ـ 2004 فى ظهورانواع متعددة وغير مسبوقة من التشوهات الجنينية التي يتم توثيقها في منطقة الفلوجة بالذات بصورة مستمرة وبجهود فردية من قبل الطبيبات والاطباء والعاملين في المستشفيات الحكومية هناك (,54(. وهناك دراسات منشورة حول هذا الموضوع بشكل احصائيات ومقالات ووصف علمي لتلك الحالات هي غيض من فيض من المعلومات العلمية والسريرية التي يستوجب ان يكون للعرب السبق العالمي في دراستها وتفصيلها ونشرها فهذه الحالات لا تزال تفتقد الى الدراسات العلمية المنظمة والرصينة بشأن التأثيرات الوراثية والخلوية للفسفورالابيض والوسائل الوظيفية والمرضية الكامنة خلف ظهورالامراض في الجسم بسببه. وسنحاول في مقال لاحق تقديم نظرية في الاسس المافوق وراثية (الابيجينية) التي قد تكمن خلف التشوهات الجنينية بسبب الفسفور الابيض.
التيتانيوم والحديد: والذين ثبت ان جزيئاتهما الدقيقة التي وجدت مستقرة في انسجةالرئتين بنسب معينة هي التي استعملت في الاسلحة انذاك تكمن وراء ظهوراالتهاب القصيبات المتقلصةConstrictive Bronchiolitis وتليف الرئتينLung Fibrosis في العسكريين الامريكان والتي عزيت في البداية الى استعمال اسلحة كيمياوية خفية والى جزيئات الرمال الملوثة أو الاثنين معاً (7،6( وقد لوحظت حالات متشابهة في العراق ومنطقة الخليج وصفت بالربو أو بمرض الاسكان تباعا والتي عزيت الى تراب اليورانيوم المنضب (8,1).
وهناك مواد كيمياوية اخرى كالكروم والنيكل والرصاص والزرنيخ والنحاس وغيرها وجدت ايضا بتراكيز عالية وسامة في البيئة والبشر (9) بعد القتال في المنطقة. وسواء كانت هذه التراكيز العالية مقصودة ام ان وجودها يعزى الى استعمال تلك الاسلحة بكميات هائلة غير مسبوقة فالجواب لا يؤثر على حقيقة الاضرارالصحية التي ثبت علميا علاقتها باالاسلحة الحربية من خلال بحوث صمم اكثرها لهذه الاغراض اجريت في خارج المنطقة تماما كالولايات المتحدة اواوربا والتي شوهدت واقعاً في المتعرضين لها من كل الاطراف . وستتناول هذا الموضوع بتفاصيل اكثر لاحقاً.
ومع ان حقل العمليات العسكرية كان منحصرا عام 1991 في مناطق حدودية معينة على الاغلب و بهدف المنشات العسكرية اوشبه العسكرية دون غيرها الا ان هذا لم يمنع من ظهورحالات مرضية شديدة وبصورة حادة في غضون فترات قصيرة بعدالعمليات بدت واضحة في الاف السكان المدنيين المحليين واطفالهم بصورة لاتقبل الشك. ولم يخلو ظهورهذه الحالات المرضية في تلك الاونة من المناوشات السياسية والاتهامات المتبادلة بل وحتى محاولات نكرانها التام حيث منع التصريح بوجودها اواعلانه تماما في بداية الامر الا ان هذا لم يؤثرعلى حقيقة ظهور هذه الحالات سواء في الهيئات الصحية والاجتماعية كواقع جديد ينبغي التعامل معه بشكل او باخراو في القطعات العسكرية نفسها كامراض تتعلق بالوظيفة وما يتبع ذلك من علاج وتعويضات (9). وبعد تكرراستعمال هذه العوامل السامة والمسرطنة مابين عامي 2003 و2004 في العراق بصورة شاملة وعلى المناطق المأهولة دون تفريق في هذه المرة ارتفعت نسبة الوفيات في الاطفال الى 4 مرات مقارنة بالاردن و8 مرات مقارنة بالكويت.كما زادت حالات السرطان 4 مرات في البالغين والى 12 مرة في الاطفال بحيث ان احدى الصحف البريطانية المعروفة اعتبرت تاثيرات ماتعرضت له المنطقة من اليورانيوم المشع بأسوأ القنبلة النووية في ناكازاكي (11.(
وهناك من حاول نكران استعمال تلك الكيمياويات والفيزياويات او وجود اضرار تتعلق باستعمالها فى السكان. ومع ان هذا الموقف كان متوقعا في البداية باعتبار النكران نوع من (الدفاع النفسي) الا ان الاستمرار في هذا مع وجود حقائق ودلائل دامغة ظهرت وتجمعت بصورة تدريجية وتلقائية وبمرورالزمن هواما ظاهرة نفسية غير طبيعية او سذاجة متناهية. والاهم من كل هذا هو ان هذه الاعراض المرضية غيرت التوزيع الابيديميولوجي لبعض الامراض في المنطقة منذ ذلك الحين ولحد يومنا هذا وربما الى الابد وذلك لاستشرائها وقابليتها على الانتقال الوراثي كما سياتي في مقال مفصل حول هذا الموضوع. وهنا يصح القول بلغة عربية صريحة ان تلك الامراض تخللت في (صلب) المجتمع العربي بحيث ان نكرانها لايقدم بعد ذلك وانما يؤخرفقط.
اما الذي صدق ان تلك الحالات كانت مؤقتة وزائلة مع الوقت فاغلب الظن هوانه لم يكن في علمهم الكامل اواستيعابهم نوعيات وكميات العوامل التي استعملت في الاسلحة وتأثيراتها على جسم الانسان والاحياء الاخرى والبيئة بكاملها في المنطقة. والحقيقة انه لم يكن في الوسع معرفة كل هذا انذاك لان الكثير مما استعمل كان يجرب لاول مرة في الانسان والبيئةعلى خلفيةعلمية بسيطة ومبدئية لم تتعدى انذاك الخواص الكيمياوية والمختبرية لتلك العوامل وربما بعض التقارير الفردية عن الاضرارالصحية المبدئية للتعرض البشري الغير مقصود كالتعرض اثناء العمل في مناجم اليورانيوم المشع او التعرض بسبب الحوادث كما في معامل الفوسفات والزرنيخ الكيمياوية مثلا.وفي كل الاحوال فقد ثبت بمرور الوقت بان تلك الامراض التي ظهرت فجأة انذاك استمرت بعدها بالظهور باشكالها غيرالمسبوقة ولحد يومنا هذا وبعد مرور اكثر من جيل كامل على استعمالها. ونأمل في نشر هذا النوع من المعلومات ان يقتنع ذوي المواقف السلبية بالعدول عن مواقفهم واعادة النظربالادلة العلمية التي توفرت خلال ال27 سنة الماضية من جميع الاطراف لان الاراء السلبية تقف حجرعثرة في طريق التخطيط الصحي والبيئي والاقتصادي على مستوى منطقة الخليج ككل فلاهذه العوامل اترى الحدود الجغرافية المرسومة على الخريطة ولا يعرف المرض شيئا عن النزاعات السياسية.
المصادر
البريد الإلكتروني للكاتب: drmayramzey@yahoo.com
الكلمات المفتاحية