مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

ميكانيكا الكم وجائزة نوبل في الفيزياء 2012

الكاتب

الكاتب : محمد هاشم البشير

جامعة وادي النيل – قسم الفيزياء

الوقت

07:21 صباحًا

تاريخ النشر

16, أكتوبر 2012

يُعد ليونيد هورفيتش الأمريكي من أصل روسي أكبر الفائزين سناً بجائزة نوبل حيث مُنح الجائزة  في سن التسعين من عمره. فيما نال لقب عميد الفائزين بالجائزة، و الذي لا يزال على قيد الحياة، الروسي فيتالي غينزبرغ حيث حصد جائزة نوبل في الفيزياء لعام 2003، و احتفل في الرابع من تشرين الأول (أكتوبر) 2012 بعيد ميلاده السادس و التسعين. أما أصغر الحائزين على جائزة نوبل فهو البريطاني لورانس براغ الحاصل على الجائزة أيضاً في تخصص الفيزياء في عام 1915 و كان في سن الـ 25 عندما منح الجائزة ليصبح بذلك أصغر فائز في تاريخ جائزة نوبل. و كان الألماني فيرنر كارل هاينسنبرغ قد حصل على جائزة نوبل في الفيزياء 1932 في سن الحادية و الثلاثين.

في الأيام الماضية و بالرغم من التوقعات بفوز العالم الفرنسي ألآن اسبكت والأمريكي جون كلاوزر و النمساوي انتون زيلينجر بالفوز بجائزة نوبل في الفيزياء لهذا العام عن عملهم في نظرية التشابك الكمي. إلا أنّ الجائزة كانت من نصيب الفرنسي آروش و الأمريكي وايتلاند لتطويرهما طرقاً لقياس جزيئات الكم دون تدميرها. لتفوز بذلك الفيزياء الكمية و لأكثر من مرة ..و الجدير بالذكر أن الفيزياء الكمية تطورت بصورة هائلة يتوقع أن تكون محسوسة في السنوات القليلة المقبلة، فمثلاً نظرية التشابك التي كان يتوقع أن تفوز، تنطوي على أنه يمكن الربط بين الجسيمات بحيث يؤثر تغيير حالة أحدها على الآخر فوراً حتى و لو كانت بينهما مسافة كيلومترات. و أكد  كل من اسبكت و كلاوزر و زيلينجر ظاهرة التشابك في مجموعة من التجارب رفيعة المستوى في السبعينات و الثمانينات و التسعينات و في عام 2010 فازوا بجائزة وولف في الفيزياء. أما طرق قياس الكم (او الانظمة الكمية) التي فازت بجائزة نوبل لهذا العام فهي لا تقل أهمية عن نظرية التشابك. فيتوقع أن تساهم أبحاث آروش و واينلاند في تطوير أجهزة حاسوب بالغة السرعة و ساعات أكثر دقة. و قد تمكن الباحثان منفصلين من قياس الجزيئات و السيطرة عليها، وهو أمر كان من المتصور أنه يستحيل ملاحظته.

منذ فترة بدأ العلماء يفكرون في إستغلال السلوك الكمي للذرات و الجزيئات ما تحت الذرية لبناء ما أطلق عليه اسم الحاسوب الكمي، الذي يمكنه نظرياً إجراء أعقد العمليات الحسابية التي تبنى من أجلها الحواسيب الخارقة في وقت قصير يصعب تخيل أنه ممكن مقارنة بما تعودنا عليه. .و يقوم مبدأ عمل الحاسوب الكمي على محاولة التحكم و الإستفادة من ظواهر كمية مثل (التراكب) و (التشابك) التي يمكن ملاحظتها عند دراسة جسيمات مثل الإلكترونات و البروتونات و ذرات الهيدروجين و الهيليوم، فهذه الظواهر أعطت العلماء الفكرة لتمثيل البيانات بوحدة جديدة خلاف البت العادي، أسموها”الكيوبت” بحيث أن الكيوبت الواحد يمكنه تخزين إما واحد أو صفر أو أي تراكب كمي بينهما، بمعنى أنه قد يمثل القيمتين معاً لكن مع إحتمال مختلف لكل قيمة و هنا يكمن الفرق عن البت العادي، فنظرياً يمكن للكيوبت أن يكون في قيم لا نهائية بحسب إحتمال حمله للصفر أو الواحد.

ودعوني  اخبركم بأنّ الإنجاز الكبير الذي وصل إليه علماء الفيزياء النظرية في سبر أغوار ميكانيكا الكم و عالمها الغامض، ينتظر دور المهندسين و الفيزيائيين التطبيقيين ليرونا كيف يقتحم العلم حياتنا اليومية المرة تلو الأخرى من أبواب لا نتوقعها. و كان سيرج المولود عام 1944 بالمغرب قد تمكن مع زميله جان ميشال ريمون في عام 2008 من استخدام تجويفة مكسوة بالمرايا قادرة على احتجاز الضوئيات لأطول فترة ممكنة  من مراقبة الإنتقال من الفيزياء الكمية إلى الفيزياء الكلاسيكية على مجموعة صغيرة من الضوئيات (فوتونات)، و هذا أيضاً يُعد انتصاراً هائلاً يواجه فيزياء ما بعد الحداثة، و هو الإنتقال و الربط بين الفيزياء الكمية و الفيزياء الكلاسيكية حيث تمكنا بطريقتهما هذه من مراقبة انتقال الضوئيات من حالة لا نموذجية في العالم الكمي إلى حالة تتماشى كلياً مع الفيزياء الكلاسيكية.

لتنتقل البشرية لمستقبل مبشر بتطبيقات واعدة للفيزياء الكمية فكما بدأ الإنسان بالحجر و وصل إلى الكيوبت و جسيمات لا يمكنه حتى رؤيتها سننظر كيف أن ميكانيكا الكم هذه النظرية التي ظهرت في القرن ال 20 و أثارت خوف العلماء من نموذجها صعب الفهم و الفوضوي للعالم لتظهر لها التطبيقات الخارقة للمخيلة، و التي لها تأثيرها المباشر على استشعارنا للطبيعة و الإنسان و إمكانياته. و بتحول الحلم إلى واقع، سيتجاوز المستعمل العادي حدود رغباته و لن يحتاج أو يرغب في حاسب خارق، إذ سوف يمتلك الحاسب الكمي، و قد تصير قدرة الفرد على معالجة البيانات تجاري قدرة دولة بأكملها.

لمحة شخصية عن كل من العالمين الفائزين بنوبل للفيزياء 2012

  • سيرج آروش : Serge Haroche: ولد عام 1944 بالمغرب. و حصل على الدكتوراه من جامعة "بيير و ماري كوري" ( و المعروفة أيضاً بجامعة باريس 6) عام 1971 . وفي عام 2001 عين أستاذ لميكانيا الكم بـ"كوليج دو فرانس" المرموقة، و هي مؤسسة تختص في التعليم و البحث. كما يعمل أستاذاً بجامعة بيير وماري كوري. و آروش حاصل على الكثير من الجوائز من أوروبا و الولايات المتحدة. و أجرى الجزء الأكبر من بحثه في مختبر كاسليه بروسي الذي تشغله المدرسة العليا للأساتذة.
     
  • ديفيد واينلاند : David J. Wineland: ولد عام 1944 بمدينة ميلووكي بولاية ويسكنسن الأمريكية. حصل على الدكتوراه من جامعة هارفارد عام 1970. وكان العالم نورمان رامسي الحاصل على نوبل للفيزياء 1989 هو المشرف عليه. و يتبع واينلاند حالياً المعهد الوطني للمعايير و التكنولوجيا. وقبل الالتحاق بالمعهد، عمل واينلاند باحثاً مشاركاً بجامعة واشنطن مع هانز ديملت الذي تقاسم الجائزة مع رامسي عام 1989. وحصل واينلاند عام 2007 على قلادة العلوم الوطنية الأمريكية.

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
ضيف
ضيف
01/14/2019 9:17 صباحًا
عنوان التعليق
معلومات خاطئة
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x