من المعروف ان الجامعات هي اهم الجهات التي تهتم بالبحث العلمي والدراسات العلمية في مختلف فروع المعرفة لغرض الوصول الى افضل السبل لمعالجة مشاكل المجتمع باعتبارها تملك مقومات البحث العلمي مثل الخبراء والعلماء والباحثين في شتى ميادين المعرفة بالإضافة الى التجهيزات الحديثة والمعامل والمختبرات ومن اهم اهداف الجامعات العمل على رعاية وإعداد الباحثين من خلال البرامج التعليمية التي تقدمها للطلاب الدارسين في مراحل الماجستير والدكتوراه وحتى الكون صادقا في مقالي هذا على الرغم من ما تبدله الجامعات الليبية اليوم من جهود في مجال تطوير البحث العلمي خاصة في الدراسات العليا إلا انها لا تزال تعاني قصورا واضح المعالم نظرا لكثير من المشاكل والمعوقات المتراكمة لعقود التي لا تمكنها من تحقيق اهداف التعليم العالي.
وحسب اطلاعي الشخصي على ما يجري داخل الجامعات الليبية لاحظت ان هناك ضعف كبير في وظيفة البحث العلمي من عدة جوانب منها إعداده ومعالجته وتدريس اسلوب ممارسته في الجامعات الليبية بالتالي يستوجب من المسؤولين في هذه الجامعات ووزارة التعليم العالي المشرفة عليها ضرورة التفكير في كيفية معالجة هذا القصور حتى يتم تفعيل دور البحث العلمي الجامعات ومقالي هذا يهدف الى توضيح واقع البحث العلمي في برامج الدراسات العليا والمشاكل التي تعترض ممارسة البحث العلمي من قبل الطلاب و مدى ارتباط موضوعات البحث العلمي التي يناقشها الطلاب بالجوانب التطبيقية لمعالجة مشكلات المجتمع الليبي وتنميته ايضا مقالي هذا يتطرق الى قضية هامة جدا في نظري الشخصي وهي موضوعات البحث العلمي التي يناقشها الطلاب الدارسون في مرحلة الماجستير والدكتوراه ومدى الاستفادة من نتائجها وكيفية الربط والتنسيق بين الجهات المستفيدة من نتائج تلك البحوث ومراكز البحث العلمي إضافة الى التعرف على مدى تأثير على العوامل المساعدة لتنمية وتطوير البحث العلمي من مكتبات ومعامل والكمبيوتر لدعم مسرية البحث العلمي في الدراسات العليا.
كل هذه المطالب منوطه على عاتق وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والهيئة الوطنية للبحث العلمي وإدارة الجامعات ويجب على كافة هذه الجهات تحمل مسؤوليتها في تنمية الحركة الفكرية والثقافية وممارسة البحث العلمي في كافة المجالات الأدبية والفنية والاقتصادية والإدارية وتهتم بإعداد الكوادر البشرية المؤهلة واللازمة لمعالجة المشاكل الاجتماعية وتحمل المسؤولية الاجتماعية والمهنية في مواقع العمل المختلفة وتهيئة الجامعات الليبية لاستقطاب الباحثين المتخصصين في المجالات العلمية المختلفة واخص بذكر اولئك الذين أثبتوا جدارتهم في ميادين المعرفة والعلم والحاصلين على الدرجات العلمية من الجامعات المحلية والعالمية ولكي اكون دقيقا جدا من المفروض ان يخضع اختيار اعضاء هيئة التدريس في الجامعات الى عدة معايير حتى لا يصل الى منصب استاد الجامعة إلا من كان جديرا بهذا الشرف علما وخلقا كل هذا يقع على كاهل المسؤولين في الجامعات ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي والهيئة الوطنية القيام به.
اقول لكم وبكل صراحة الجامعات الناجحة عالميا هى تلك الجامعات التي تفتح ابوابها للمجتمع الموجودة فيه وتقوم بمعالجة مشاكله التي تواجه وتصف له العلاج ومهتمة بتطلعات وطموحات هذا المجتمع وترسم له طريق النجاة من خلال ما تقوم به من دراسات كما يجب على جامعاتنا ان تسعى من خلال برامجها للدراسات العليا الى تخريج أعضاء أكفاء قادرين على العمل في مجال البحث العلمي وعلى المشاركة في ربط البحث العلمي بالمجتمع الليبي والمشاركة الفعلية في تقديم اعمال تعالج مشاكل التنمية والقطاعات المرتبطة بها كما علينا خلق شركات ذات قدرة فعلية لتحويل نتائج بحوث الطلاب في الجامعات الليبية الى انجازات مادية لآن التقنية تعني تحويل نتائج البحوث العلمية الى انجازات مادية فهل وصلت جامعاتنا بأبحاثها وبرامجها الى كسب ثقة القطاع الخاص المستفيد من الأبحاث التي تقذف بها جامعاتنا بدلا من ان تبقى الابحاث حبيسة الادراج ؟ هذا هو التحدي الحقيقي القادم بالنسبة لنا وحتى نصل الى ذلك نحن بحاجة الى ان نعيد النظر في برامج الدراسات العليا وخاصة ما يرتبط بالبحث العلمي من ناحية واختيار موضوعات البحث من ناحية اخرى .
وانبه الى ان البحوث التي لا تتعدى أدراج المكتبات والرفوف تعتبر بحوث عاجزة وهذا يتطلب منا جميعا معالجة ذلك حتى لا نكون امه لا تستطيع ان تستفيد مما لديها من إمكانات مادية وبشرية ويصبح مستقبلها غير واضح ومخرجاتها غير مقبولة وعلماؤها غير مرتبطين بهموم مجتمعها بالتالي نحن في حاجة ماسة وملحة لإعادة النظر في كافة العناصر المكونه للعملية البحثية داخل الجامعات الليبية وهي المنهج – وعضو هيئة التدريس – والطالب – والمنهجيات ( اقصد المعامل والمكتبات والحواسيب وغيرها من متطلبات البحث العلمي) وحتى يكتمل مقالي هذا يجب تدعيمه ببعض التوصيات التي لا مناص من ذكرها وهي:
- السعي لتحقيق موازنة معقولة في مجال البحث العلمي بين الناحية التطبيقية والناحية العملية .
- الربط بين تطوير عضو هيئة التدريس وبين أدائه البحثي والعلمي في المؤسسات التعليمية حتى لا يعفيه التدريس عن القيام بنشط البحث العلمي.
- الاهتمام بالدراسات الإبداعية والمبتكرة في برامج الدراسات العليا ولو تطلب ذلك تميلا من الجامعات لبعض البحوث التكميلية لكي يساعد ذلك في تخريج طلاب متفوقين دراسيا وعلميا .
- الاهتمام بالمؤتمرات العلمية والحلقات الدراسية والندوات التي تتناول المستجدات الحديثة في مجال العلم والمعرفة .
- تشجيع الطلاب الباحثين بالمشاركة في الأبحاث التي يجريها الأساتذة لإكسابهم الخبرة العلمية بالإضافة الى إشراكهم في المؤتمرات العلمية على المستوى المحلي والخارجي.
- العمل على تحرير الجامعات من الروتين والبيروقراطية التي تعيق مسرة البحث العلمي نظرا لآن عمل الباحثين سوى من الطلاب او العلماء لا يتحمل التعقيدات الإدارية .
- الاستفادة من بحوث الدارسين خاصة في مراحل الدكتوراه والماجستير وتوجيهها لمعالجة مشاكل المجتمع الليبي في كافة قطاعات التنمية .
- توفير البيئة العلمية والمناخ العلمي الصالح ليساعد العالم على الإبداع والإنتاج.
- توفير المختبرات والأجهزة العلمية الحديثة اللازمة للبحث العلمي والعمل على تشجيع الباحثين على استخدام تلك الأجهزة في تدريب الطلاب الباحثين الملتحقين بالدراسات العليا .
وعلينا فهم جيدا ان قضية جودة التعليم العالي اصبحت من المواضيع الهامة والمهمة على الصعيد العالمي نظرا لآن مؤسسات التعليم العالي اقصد الجامعات والمراكز البحثية تمثل بيت الخبرة والمعرفة والسلوك الإنساني ولا يقتصر دور هذه المؤسسات على عملية التدريس فقط بل يتعداها الى النهوض بالمجتمع وقيادة عمليات التغيير والتطوير لتحقيق أهداف التنمية الشاملة في المجتمع الليبي ولكي اكون دقيقا لقد لقى تقييم الأداء الأكاديمي بالجامعات في العالم اهتماما متزايدا خاصة في ظل الأخذ بنظام الاعتماد وضمان الجودة في مجال التعليم العالي مع بداية القرن الحالي وهو ما يطلق علية عصر مساءلة التعليم العالي وتقييمه و يشمل التقييم جميع عناصر النظام الجامعي من مداخلات وعمليات ومخرجات من جانب ومن جانب اخر يركز التقييم على الأداء الوظيفي الاساسي للجامعة وهو التدريس والبحث العلمي وخدمة المجتمع بالتالي علينا نحن الليبيين تقييم الأداء الجامعي من ناحية مكوناته الأساسية وهي ( اعضاء هيئة التدريس – مراكز المعلومات ومصادرها – المصادر " المكتبات " والجوانب المالية والمباني والمرافق والتسهيلات المتعلقة بالعملية التعليمية وخدمات الطلبة والعاملين والنشاط البحثي وعلينا الاهتمام بجودة الأداء الجامعي عن طريق ما يلي :-
- علينا العمل على اشاعة اتساع دائرة التنافس بين الجامعات الليبية والعمل على استقطاب الطلبة ليس على المستوى المحلي فقط بل على المستوى العربي و الاقليمي وهذا يحتاج من الاستثمار في مجال تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في التدريس عن بعد.
- يجب علينا التأكد من ان مؤسسات التعليم العالي عندنا تقوم بدورها الذي انشئت من اجله والعمل على توافق كفاءة الخرجين مع حاجات المجتمع الجديدة والمتغيرة حتى يشعر الناس بالثقة في مؤسسات التعليم العالي التي تتولى تعليم ابنائهم حتى يتأكدوا ان ما ينفقونه على تعليم ابنائهم ينتهي بفائدة ويأتي بالنتيجة المطلوبة من التحصيل العلمي .
- علينا زيادة ظاهرة التعليم الجامعي الخاص الذي يزيد من من تحمل المتعلم تكاليف تعليمة بالتاي المتعلم سيبحث عن الافضل والأجود في التدريس .
وخيراً مستقبل بحوث الدراسات العليا في الجامعات الليبية مرتبط بدرجة كبيرة بمدي تضافر الجهود بين المسؤولين داخل الجامعات والمسؤولين خارج الجامعات اقصد الجهات التي تخطط لمسيرة البحث العلمي وزارة التعليم العالي والبحث العلمي و الهيئة الوطنية للبحث العلمي وبرامجهما ومستقبلهما لتحقيق افضل السبل لتهيئة الجامعات الليبية للقيام بدورها في خدمة البحث العلمي وفي اعداد الباحثين القادرين على المشاركة في برامج البحث والتطوير وهذا يتطلب رؤية جديدة ومفهوم جديد لطريقة وأسلوب التعليم العالي في الجامعات الليبية ولهذا لابد من المساهمة في تبسيط الإجراءات الإدارية وتوفير الإمكانات المالية وتغيير المناهج وأسلوب وطرق التدريس في جامعاتنا حتى تكون قادرة على تأهيل الطلاب الدارسين على ممارسة نشاط البحث العلمي وتصبح جامعاتنا مواكبة للتطور العلمي الحاصل في العالم.
البريد الإلكتروني للكاتب: muftahmahmoud4455@gmail.com