مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

NULL

العلاقة بين البيئة والتنمية – 3

الكاتب

الكاتب : عبدالحكيم محمود

إعلامي علمي

الوقت

03:14 صباحًا

تاريخ النشر

08, يوليو 2012

الإضرار بالموارد الطبيعية

إن حماية البيئة هي مسؤولية تقع على عاتق الجميع أفراداً و مؤسسات كل حسب مهنته و و ظيفته و طبيعة علاقته بالبيئة و مواردها و وفقاً لتخصصها العلمي و المهني، إن حماية البيئة و الحفاظ عليها يعود نتائجها و فوائدها إلى المحافظة على عناصر الحياة و مكوناتها البيئية ولعل أهم جوانب الحفاظ على البيئة وحمايتها يكمن في علاقة البيئة بالتنمية ومحاولة خلق توازن بين البيئة والتنمية  يتجاوز المصالح الذاتية الجماعات و أفراد على حساب غيرهم خلق توازن بيئي قدر المستطاع تكون فية العلاقات المتبادلة بين الكائنات بعضها مع بعض ومع الموارد البيئية وجعلهم في حالة توازن و تناغم، ولعل الهدف الرئيسي أو النهائي لخلق ذلك التوازن وهو الوصول إلى تحقيق الأمن البيئي الذي يعني تأمين حق الجميع في حياة حرة كريمة و صحية لضمان إستمرار و إستقرار التنمية الإقتصادية و الإجتماعية .

إن الأمن البيئي يشمل مجموعة من الجهود المبذولة من الدول و الأفراد من أجل تحقيق الرفاهية و التقدم الإجتماعي و حماية المواطن من المخاطر وهو ما يعني حماية الإطار الذي يعيش فيه وهو البيئة و مواردها من خلال وقف توليدها و الحد من إفسادها و تدهورها إضافة إلى الإستثمار الأمثل للموارد الطبيعية البيئية ومن أجل تحقيق الأهداف المذكورة في حماية البيئة ووصولاً إلى الأمن البيئي المنشود فان الوعي في مشكلات البيئة و تأثيرها على البيئة و مواردها من خلال الإدراك لطبيعة البيئة و مكوناتها و التفاعلات فيما بينهم أمر مطلوب لتحقيق وعي بيئي يؤدي إلى تغيير السلوك و الممارسات تجاه البيئة و مواردها.

ويأتي في مقدمة المعارف التي يجب أن يعرفها البشر في مكونات البيئة و مواردها خاصة في سعيهم لإستغلالها في حياتهم وفي نشاطاتهم التنموية و الإقتصادية وهو إدراك حقيقة محدوديته الموارد البيئية و الطبيعية على تحمل الإجهاد و التدهور و الإفساد.

إن إستنزاف الموارد البيئية و محدوديتها من جانب و المشكلات البيئية من تلوث و تدهور من الجانب الآخر يؤثر في محصلتها على تلبية الإحتياجات الأساسية للإنسان، من هنا لابد للنشاطات البشرية و التنموية مراعاة عدد من العوامل و الاعتبار الهامة في البيئة و مواردها أبرزها أدرك قدرة كوكبنا على تلبية حاجاتنا من الموارد خاصة تلك الموارد المتجددة أو غير المتجددة أو حتى المتجددة التي تتعرض للتلوث التي تحتاج للرعاية و الحفاظ عليها من  الأضرار.

 إن الإستنزاف و التلوث متلازمان و مرتبطان في معظم الأحوال في تدمير البيئة و مواردها بحيث إنهم يشتركان في حرمان الإنسان من الموارد و تلويث البيئة و أنظمتها في وقت واحد فمثلاً وقود الطاقة وهي من المواد المحدودة وغير المتجددة فإنها تتعرض للإستنزاف من خلال تزايد إستهلاك الطاقة عالمياً وإستخدامه بشكل كبير و مكثف يؤدي إلى تلويث الغلاف الجوي.

كما إن التلوث الجوي يفعل الإستغلال المكثف لهذه الموارد هو عامل من العوامل الرئيسية في ارتفاع درجة حرارة الأرض و تقلبات المناخية و تآكل طبقة الأوزون كما أنه أدى إلى سقوط الأمطار الحمضية الضارة بالإنسان و التربة الزراعية، من هنا لابد من التعامل الواعي مع هذه الموارد من حيث ترشيد إستهلاك الطاقة بإتباع وسائل و تقنيات تعمل على الحد من تلويث البيئة أو التخفيف منه إن الإضرار بالموارد البيئية و تلويثها يكون له إنعكاسات مباشرة على صحة الإنسان، في الماء مثلاً العنصر الأساسي لحياة الكائنات الحية وهو المورد الذي يعتبر من الموارد الطبيعية الدائمة على الرغم من محدودية وجودة في كوكب الأرض وهو الماء الصالح للشرب و الإستخدامات الحيوية، هذا المورد يتعرض للإستنزاف من ناحية  و إلى التلويث من أيضاً حيث يتزايد في عالمنا اليوم لتلويث البيئي لمصادرة المياه مما يؤدي إلى تعرض البشر إلى الأمراض الأوبئة و السرطانات حيث بينت الأبحاث العلمية أن 85% من السرطانات البشرية عائد لأسباب بيئية أكثر منها وراثية.

تقييم الاثر البيئي للمشروعات

يتجه مفهوم حماية البيئة إلى الحفاظ على الأنظمة البيئية وحمايتها  من التلوث من مختلف المصادر التي أصبحت تكون مشاكل عديدة و متعددة و تؤدي إلى تدهور الأنظمة البيئية و مواردها كما يتجه هذا المفهوم إلى حماية البيئة من الإستنزاف أو الإنقراض، على الرغم من الأهمية التي يحتلها هذا المفهوم فان ثمة إتجاهات قد أستجدت على واقع حماية البيئة إنطلاقاً من دراسة المشكلات البيئية خاصة تلك المتعلقة برصد و تقييم المشاريع التنموية و الصناعية أو الحيوية الأخرى ذات العلاقة بتلبية متطلبات و إحتياجات الحياة على الأرض و التي ربما تتحول هي الأخرى إلى مصدر من مصادر إنتاج مشكلات بيئية أخرى تعمل على  تلويث  الأنظمة البيئية المختلفة كالماء و الهواء و التربة وفي استنزاف مواردها الطبيعية مثل الماء و الطاقة.

وعلى هذا النحو تبرز العلاقة بين البيئة والتنمية وهي العلاقة التي أدت إلى توافق بينهما بعد تعارض وهو ذلك التوافق الذي تم بين الأخصائيين البيئيين والتنمويين إنطلاقاً من مفهوم التنمية المستدامة فبعد أن اعتبر الأخصائيين في التنمية إن المبالغة في الإهتمام بالبيئة قد يكون من شأنه إعاقة حركة التنمية و حصر نموها أتضح لهم فيما بعد أن مراعاة الإعتبارات البيئية يدخل في إطار متطلبات التنمية خاصة بعد أن امتدت المشكلات البيئية  إلى إعاقة حركة التنمية والإضرار بمواردها التي يعتمدون عليها في العمليات التنموية وبالتالي يجب مراعاة تلك الاعتبارات البيئية في خططهم ومشاريعهم التنموية من خلال ما أصبح يعرف بمفهوم تقييم الأثر البيئي للمشروعات وئقييم الأثر البيئي للمشروعات يجب أن يتم فيه مراعاة الظروف البيئية في المشاريع حتى لا تنتج عنها إضرار بالموارد والأنظمة في الحاضر أو في مترتباتها المستقبلية.

إن تقييم الأثر البيئي للمشروعات هو دراسة المشروع ودراسة التوقعات والتنبؤات بالتأثيرات المحتمل حصولها من جراء إنشائه وخاصة تلك المشاريع الكبيرة مثل المشاريع الصناعية الضخمة و مشاريع إنتاج الطاقة لاسيما المحطات الكهربائية  وغيرها، وفي مثل هذه المشاريع يجب أن يراعى فيها أمور بيئية عدة منها التلوث البيئي الذي قد يحدثه المشروع وكذلك عمليات التخلص من النفايات والمخلفات و معالجتها وأيضا علاقة المشروع بالموارد الطبيعية مثل الماء  والكهرباء وبالتالي معرفة كمية ما سيستهلكه المشروع من هذه الموارد والى أي مدى سيكون تأثير ذلك على المصادر الطبيعية وعلى المنشات السكنية والحيوية المجاورة له وتلك المتواجدة في نفس المحيط، ونحب أن ننوه هنا إلى  إن تقييم الأثر البيئي للمشاريع  عند طرحة أول الأمر وكما يبدو كان قاصرا ًعلى المشاريع التنموية الصناعية و خاصة الضخمة منها إلا انه من وجهة نظرنا يجب أن يشمل كل المشاريع أي كانت أغراضها ومنها المشاريع السكنية فبناء مشروع سكني يتطلب عدة متطلبات نذكر منها إمداده بالطاقة الكهربائية و بشبكة تموين المياه و بشبكة المجاري فعلى سبيل المثال تموين ذلك المشروع السكني الجديد بالمياه لابد وانه سيكون له تأثيره على مورد المياه في تلك المنطقة وسيكون ذلك التأثير بادياً مع ازدياد مشاريع سكنية أخرى إضافة إلى ذلك فان بعض المترتبات الفنية الأخرى في شبكة تموين المياه ستظهر لاحقاً منها القدرة على الضخ إذ أن المشروع أو عدة مشاريع سكنية جديدة تعني زيادة في قدرة الشبكة على الضخ وهو ما يعني أزمة في مستوى وقوة وصول المياه وصولاً إلى ظهور أزمة تموين المياه في تلك المنطقة أو البلد ومعروف ما هي الأضرار البيئية و مترتباته الناتجة عن أزمة تموين المياه أيضا في إطار المشكلات البيئية الناجمة عن المشاريع السكنية التي لا يراعى فيها الإعتبارات البيئية هي مشكلة المجاري فعند تبني مشاريع سكنية يجب التخطيط و الدراسة لشبكة المجاري فيما إذا كان المشروع بحاجة لتجديد في شبكة المجاري و مدى القدرة الإستيعابية للشبكة العامة.

إن التقييم البيئي للمشروعات يجب أن يشمل دراسة التأثيرات البيئية و المعالجات و الأساليب التي يمكن بواسطتها الحد أو التخفيف من المشكلات البيئية المتوقعة وصياغة المشروع بحيث يكون متلائماً مع البيئة المحلية و هذا ما هو مرتبط بجانب التلوث كما هو الحال بالنسبة لإستهلاك الموارد البيئية الطبيعية إذ أن التلوث و الإستنزاف وجهان لعملة واحدة في الأضرار البيئي و يعتبر اعتماد المشاريع التنموية متلازماً مع تقرير الأثر البيئي أمر قد اتبعته العديد من البلدان الصناعية والمتقدمة في فترات زمنية سابقة حيث سَنت لذلك القوانين و التشريعات واتخذت الإجراءات اللازمة المتعلقة بوضع الإعتبارات البيئية في المشاريع التنموية ودمج تقييم التأثيرات البيئية ضمن المشاريع انطلاقاً من وعي حكومات تلك البلدان بإمكانية حدوث أثار جانبية سلبية من المشاريع الصناعية مما تطلب جعل تقرير تقييم الأثر البيئي للمشروعات شرطا قانونياً عند منح تراخيص إقامة المشاريع التنموية خصوصاً الصناعية والكبرى منها.

وبناء على ما تقدم فأننا في المنطقة العربية في الوقت الذي نحتاج فيه إلى تطبيق مفهوم و إجراءات تقييم الأثر البيئي للمشروعات عند تبنينا للمشاريع من خلال إيجاد الآليات و التشريعات لحضوره في واقع الحياة في البلدان العربية فإننا في نفس الوقت بحاجة لمراجعة وتقييم المشاريع البيئية التي سبق أن نفذت وفقاً لمفهوم تقييم الأثر البيئي للمشروعات وهو ما سيؤدي إلى حل المشكلات البيئية وفي اتجاه حماية البيئة في بلاد العرب.

 إن البلدان العربية بحاجة إلى تقييم الأثر البيئي للمشروعات عند نشوئها و إصدار القوانين التي تلزم أصحاب المشاريع تقديم دراسة تقييم الأثر البيئي عند منحهم تراخيص إنشاء المشروع الصناعي أو التنموي أو الحيوي كما أنها بحاجة إلى تقييم و مراجعة المشاريع الصناعية و التنموية بحيث يتم إعادة النظر في بعض أو معظم  المشاريع التي أتضح أن لها تأثيرات ضارة على البيئة و مواردها وعلى الصحة العامة و التي أصبحت من أسباب المشكلات البيئية أو تلك التي أدت إلى إختلال في إستهلاك الموارد الطبيعية الحيوية.

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x