تم أخيرا إعلان العام 2015 م بأنها السنة الدولية للضوء والتقنيات القائمة عليه (س.د.ض 2015) و قد تم هذا خلال الإجتماع العام ال71 للجلسة ال68 للجمعية العمومية للأمم المتحدة و الذي وافق يوم الجمعة 20 ديسمبر 2013 م. وهي خطوة أشاد بها عدد من المجتمعات والمؤسسات العلمية. وتعتبر شراكة (س.د.ض 2015) التي تأسست في 2010 م مشروع تعليمي و توعوي يضم أكثر من 100 عضو من أكثر من 85 دولة بالتعاون مع البرنامج الدولي للعلوم الأساسية التابع لليونيسكو. و قد تبنى المجلس التنفيذي لليونيسكو قرار الترحيب و التأييد لعام 2015 م كسنة دولية للضوء والتقنيات القائمة عليه في جلسته 19 التي عقدت في المقر الرئيسي لليونيسكو في باريس 3-8 أكتوبر 2012 م . وتسلمت الأمم المتحدة القرار رسمياً من قبل اليونيسكو في 6 نوفمبر 2013 م و هو نتاج جهد استمر عدة سنوات لاقناع العديد من المؤسسات ذات الصلة بالبصريات للمشاركة في هذه الفعالية. و كان نص القرار الذي اعتبر جزءاً من منظومة أوسع في العلوم والتكنولوجيا "إن تطبيقات علم الضوء وتقنياته هي عنصر حيوي للوجود و التقدم في مجال الطب والطاقة و المعلومات و الاتصال والألياف البصرية والفلك والهندسة المعمارية وعلم الآثار والترفيه الثقافة".
فالدور الذي يلعبه الضوء في حياتنا معروف جداً، فمقدرتنا على الرؤية هي أبسط مثال على ذلك. الضوء ضروري جداً لوجود الحياة نفسها فهو أصل البناء الضوئي في النباتات الخضراء و من خلاله يتم تحفيز انتاج فيتامين د في جلد الإنسان. إن علم الضوء المطبق في مجال التكنولوجيا المعروف بالفوتونكس يبين لنا أهمية الأثر الذي تؤثر به الأدوات الفوتونية (الضوئية) على مختلف المجالات كالطب و الاتصال والطاقة. فالتقنيات القائمة على الضوء بامكانها تعزيز و دفع عجلة التطوير المستدام إذا ما سخرت بالشكل الصحيح و بإمكانها أن توفر حلولاً للتحديات العالمية في الطاقة والتعليم والزراعة و الصحة.
للضوء أهمية كبرى لبني البشر جميعاً فهو ليس مجرد علم و تكنولوجيا فقط. سوف تخلق السنة الدولية للضوء و التقنيات القائمة عليه (س.د.ض 2015) منتديات للعلماء و المهندسين و كل المهتمين الآخرين بالضوء للتباحث مع بعضهم والتواصل مع عامة الناس للتعلم أكثر عن طبيعة الضوء و تطبيقاته. تعتبر (س.د.ض 2015) فرصة عظيمة للتأكيد على أن صناع القرار يعون القدرة المحتملة لتقنيات الضوء على حل المشكلات. حيث أن الضوء قد أصبح نقطة تقاطع بين العلم و الهندسة في القرن الواحد و العشرين و أصبح لزاماً و من الضروري جذب العقول الشابة النيرة إلى المهن المتعلقة بهذا المجال وبشكل مستمر.
تعيد سنة 2015 م إحياء ذكرى سلسلة من الأحداث التاريخية لفيزياء الضوء حيث سيتم خلالها الاحتفال بعدد من كبرى المناسبات العلمية بداية بالعمل الأقدم في البصريات للعالم الإسلامي ابن الهيثم (1015 م). و من الأحداث التي سيتم الاحتفاء بها كذلك خلال العام نفسه: نشوء فكرة الطبيعة الموجيه للضوء لفرنسل عام 1815 م، والنظرة الكهرومغناطيسية للضوء المنتشر المقترحة من قبل ماكسويل في عام 1865م، ونظرية أينشتاين للظاهرة الكهروضوئية عام 1905 م، وتضمين أينشتاين للضوء في علم الكونيات من خلال النظرية النسبية العامة عام 1915 م، واكتشاف الأشعة الكونية الخلفية عام 1965 م من قبل كل من بنزياس و ويلسون، و منجزات تشارلز كو في عام 1965 م المتعلقة بنقل الضوء خلال الألياف البصرية المستخدمة في الاتصالات. أدى نشوء علم البصريات المتعلق بالجسيمات المغزلية المشحونة من قبل كل من جاغناثان وموكوندا وسيمون وسودارشان في 1989/1990م إلى مولد النظرية الكمية لعلم البصريات المتعلق بشعاع الجسيمات المشحونة الذي يماثل كثيراً علم البصريات المتعلق بالضوء.
تمثل سنة 2015 أحداث عشرات العقود في علم البصريات بداية منذ نشر الأعمال الرائدة للعلماء المسلمين خلال القرون الوسطى أو ما يعرف بالعصر الّذهبي الإسلامي. منها ما قام به أبو سعد العلاء ابن سهل من ترجمة لكتب البصريات من الإغريقية شاملة كتب بطليموس. في عام 984م كتب ابن سهل كتابه الخاص المعروف بالأدوات الحارقة و هو كتاب تجريبي ( بين فيه الوسائل الميكانيكية لرسم القطوع المخروطية) و نظري في آن معاً.
وضع ابن سهل في كتاب الأدوات الحارقة قانون انكسار الضوء -و الذي يعرف بقانون سنل- قبل زمن طويل من وجود سنل نفسه على وجه الخليقة (1580-1626 م). و قد نسب هذا القانون لغطاً إلى العالم الهولندي ويلبرورد سنيليوس. و قد نقلت معارف و علوم ابن سهل من خلال عدد من تلاميذته و علماء عصره.
ويعتبر الحسن ابن الهيثم مثالاً على ذلك. كتب ابن الهيثم 14 كتاباً في علم البصريات فقط. و قد كسب لقب أبو البصريات من خلال كتابه كتاب المناظر الذي ترجم اللاتينية عام 1270 م. و قد استفاد عدد من علماء اوروبا البارزين كأمثل ليوناردو دافنشي (1452-1519 م) وجوهانس كبلر (1571-1630 م) و روجر باكون (1214-1292 م) واسحاق نيوتن (1643-1727 م) من نظريات الحسن ابن الهيثم ف هذا المجال.
تعتبر (س.د.ض 2015) الفترة التي سيتم من خلالها التعرف على رواد البصريات من العرب و الإغريق. و سيتم من خلالها كذلك عكس تدهور العلوم في العالم العربي و التطرق للنهوض بالعلم في الدول الإسلامية.