مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

تقنية جديدة لاستخراج الماء من الهواء

الكاتب

الكاتب : الصغير الغربي

صحفي علمي

الوقت

05:45 صباحًا

تاريخ النشر

05, يونيو 2017

نَشرتْ مجلة "ساينس" العلمية مؤخراً مقالاً حول تمكُّن فريق من العلماء الأمريكيين مِن تطوير جهاز قادر على استخراج الماء من الهواء، ويستطيع هذا الجهاز العمل في الأماكن التي لا تتجاوز نسبة الرطوبة فيها الــ 20%. ويعمَل بالطاقة الشمسية فقط.

تُعتبر مشكلة الحصول على المياه واحدةً من أهم القضايا التي تؤرق حكومات العالم وأحد أبرز تحديات المستقبل. فوِفْقا لمنظمة الصحة العالمية (WHO)، فإن ما يناهز 1.1 مليار شخص يفتقرون إلى مصادر المياه الصالحة للشرب في جميع أنحاء العالم. ويمكن لهذه المشكلة أن تتفاقم بحلول عام 2030م، إذا لم تتم إدارة الموارد المائية العذبة وفق معايير صارمة. ولمساعدة هؤلاء السكان، يعمل العلماء في جميع أنحاء العالم على إيجاد مصادر جديدة للماء. ولئن ركزت بعض فرق البحث جهودَها على تطوير عمليات تحلية المياه البحر للحصول على مياه عذبة، فإن فُرُقاً بحثيةً أخرى ولَّتْ وجهَها نحو مصدرٍ آخر هو البحث العلمي والابتكار، وقد تمكن فعلا فريق من الجامعات الأمريكية من ابتكار جهاز قادرٍ على فصل الماء عن الهواء.

ويتكوَّن هذا الفريق من باحثين مِن معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا (MIT)، وجامعة كاليفورنيا. والذي نشر مؤخرا مقالا حول انجازاتِه وابتكاراتِه في مجلة ساينس العلمية. وتكشف هذه الأعمال تقدما ملحوظا في هذا المجال، بعد أن تمكن هؤلاء العلماء من ابتكار جهازٍ يُنتج الماء السائل من الهواء باستخدام تقنية جديدة؛ تعتمد على هياكل قادرة على التقاط جزيئات الماء من الجو. ويتميز الجهاز بكونه يعمل بالطاقة الشمسية؛ ولا يحتاج إلى مصدر إضافي للطاقة، وأُطلق على الجهاز اسم "حصادة الطاقة الشمسية". وتتمثل التقنية التي يستعملها النظام المبتكر؛ في استخدام مركباتٍ تُدعى الأطر أو الهياكل المعدنية العضوية(موفس) (Metal-Organic Frameworks)/ (MOFs)،  التي تتميز بأسطح هجينة مصنوعة من الجزيئات والأيونات العضوية والمعدنية.

وكان للعالِم الأردني "عمر ياغي" أستاذ الكيمياء في جامعة بيركلي؛ دورا هاما في ابتكار التقنية التي يعمل بها الجهاز. فقد عمل طوال عشرينَ عاما الماضية؛ على هذه المركبات التي تجمع بين معادن مختلفة وجزيئات عضوية؛ من أجل خلق بنيةٍ مسامية صلبة؛ بإمكانها تخزين الغازات أو السوائل. وفي العام 2014م، توصل ياغي وفريقُه إلى تصنيع مركبٍ مكوَّنٍ من معدن الزركونيوم وحمض الأديبيك  Adipic acid، قادر على التقاط بخار الماء. فاقترح على زملائه في معهد ماساشوستس للتكنولوجيا، استخدام هذا المركب لتصميم جهاز لاستخلاص الماء السائل من الهواء. ونجح الفريق في إنشاء نموذج أولي لهذا الجهاز الذي أنتج ثلاثة لترات من المياه والتي تمَّ وصفها في الدراسة الجديدة.

ويتكون الجهاز من بلورات مركبة من هياكل معدنية عضوية مضغوطة بين لاقط للطاقة الشمسية؛ ومكثف لوحي. ويوضع الجهاز داخل غرفة مفتوحة ليتسرب إليها الهواء؛ وفي درجة حرارة عادية. وعندما ينتشر الهواء داخل تجويفات المركب، تعلق جزيئات بخار الماء على الأسطح الداخلية للجهاز. وتقوم أشعة الشمس التي تدخل الجهاز برفع درجات حرارة الهياكل المعدنية العضوية بدفع جزيئات الماء إلى مكثف في درجة حرارة الغرفة، وهو ما يؤدي إلى تكثيف البخار؛ وإنتاج المياه السائلة الصالحة للشرب، والتي تنزل في حصَّالة الجهاز. حاليا مازال هذا النموذج في مرحلة الاختبار والتجريب، ولكن يبدو أن النتائج الأولية قد أكدت فعالية هذا الجهاز. ووفقا للدراسة، فإن الجهاز قادرٌ على فصل ما معدلُه 2.8 لتر من الماء عن الهواء خلال12 ساعة؛ باستخدام كيلوغرام واحد من الهياكل المعدنية العضوية. وفي ظل نسبة رطوبة تتراوح بين 20 و30%. ووصف الباحث عمر ياغي هذا الانجاز بالخطوة الهامة لاستخراج الماء من الهواء، ولكن الجهاز مازال في حاجة إلى التطوير.

مِن جانبها؛ قالت "افلين وانغ" مهندسة ميكانيكية في معهد مساشوستس للتكنولوجيا؛ عَملتُ على هذا المشروع، وهذا الجهاز يوفر طريقة جديدة ومضمون وآمنة لجمع المياه من الهواء دون الحاجة لظروف الرطوبة العالية، وهو أكثر فعالية من حيث الطاقة من التقنيات الأخرى الموجودة. ورغم أن النتائج تبدو واعدة بالفعل، فإن التكنولوجيا المستعملة في حاجة إلى تطوير. ففي الوقت الحالي لا يمكن للهياكل المعدنية العضوية استيعاب سوى 20% من وزنها من الماء. وحسب العلماء يمكن أن تبلغ النسبة 40% مع مركبات أخرى. ويعتقد العلماء أنه يمكن تطوير جهاز قادر على امتصاص الرطوبة في الليل وتحويلها خلال النهار للحصول على مياه الشرب بشكل مستمر. وهذا سيحسن من فعالية الجهاز لمعالجة كميات كبيرة من الهواء والعمل بوتيرة أعلى.

يُذْكر أن الهياكل المعدنية العضوية؛ تتمتع بخاصيات واعدة في العديد من المجالات التقنية الهامة مثل؛ تخزين الطاقة وإنتاج الطاقة النظيفة، والمساعدة في التقاط وتخزين الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري بامتصاص واحتجاز وتخزين غاز ثاني أكسيد الكربون؛ قبل أن يصل إلى الغلاف الجوي.

 

بريد الكاتب الالكتروني: gharbis@gmail.com

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x