أعلنتْ الجمعية العامة للأمم المتحدة 2017 سنةً دولية لتسخير السياحة المستدامة من أجل التنمية، مُذكِّرةً بالطاقة التي تحملها السياحة؛ وقدرتِها على الدفع قدمًا نحو تحقيقي روية التنمية المستدامة لعام 2030. تهدف هذه السنة الدولية؛ إلى دعم وتجويد السياسات والممارسات والسلوكيات من أجل قيام قطاعٍ سياحي يتميّز بمستوًى أعلى من الاستدامة، ويساهم بنسب مرتفعة في أهداف التنمية المستدامة بشكلٍ فعّال.
تهدف هذه السنة الدولية 2017م؛ والتي تندرج في سياق تنفيذ خطة التنمية المستدامة في أفق 2030، إلى تحسيس أصحاب القرار في القطاع العام والخاص وكذا جميع شرائح المجتمع؛ بأهمية النهوض بالسياحة كرافعة أساسية للتغيير الإيجابي إنَّ قطاع السياحة، إذ يستأثر بـ7% من الصادرات العالمية، وبواحدة من كل إحدى عشرة وظيفة، وبـ10% من الناتج المحلي الإجمالي، فإن من شأنه، إذا ما خضع لإدارةٍ جيّدة، أن يدعم النموّ الاقتصادي الشامل والدمج الاجتماعي، ويساهم أيضا في حماية الثروات الثقافية والطبيعية والتنوع الإنساني.
ستروِّج السنة الدولية الجديدة 2017، لدور السياحة في المجالات الأساسية التالية:
- النموّ الاقتصادي الشامل والمستدام.
- الدمج الاجتماعي وتوليد فرص العمل والحدّ من الفقر.
- كفاءة الموارد والحماية البيئية وتغيّر المـُناخ.
- القيَّم الثقافية والتنوّع الثقافي والتراث الثقافي.
- التفاهم المتبادل والسلام والأمن.
التنوع البيولوجي والسياحة المستدامة
بموجب القرار 55/201 المؤرخ في 20 ديسمبر 2000م، أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 22 مايو؛ يوماً عالميا للتنوع الحيوي، لزيادة الوعي بقضايا التنوع الحيوي، وذلك إحياءً لذكرى اعتماد نص اتفاقية التنوع الحيوي في 22 مايو 1992م. ووفقاً لموقع منظمة الأمم المتحدة الخاص بالمعلومات الأساسية لليوم العالمي للتنوع الحيوي؛ فان السِّلع والخدمات الأساسية التي ينعم بها كوكبنا، تعتمد على تنوع وتباين الجينات وأنواع التجمعات الحية والنظم الإيكولوجية. فالموارد الإحيائية هي التي تمدنا بحاجياتنا الأساسية، ومعظم التنوع الحيوي في كوكب الأرض؛ موجود في النظم الإيكولوجية الطبيعية للأحراج ومناطق السفانا والمراعي بأنواعها؛ والصحاري ومناطق التندرا والأنهار والبحيرات والبحار. كما أن حقوق الزارعة وحدائقها لها أهمية كبيرة بوصفها مستودعات للغداء البشري. والتناقص الحالي في التنوع البيولوجي ناجم في معظمه عن النشاط الإنساني ويمثل تهديدا خطيرا للتنمية البشرية. وعلى الرغم من تعاظم الجهود المبذولة على مدى عشرين عاما الماضية، استمر التنوع البيولوجي في العالم في التبدد بفعل أسباب أهمها؛ التدمير الممنهج جراء الاستنزاف المتواصل لهذه الموارد، بالإضافة إلى التلوث بجميع أنواعِه.
وتشكل الموارد البيولوجية أحد الأصول الرأسمالية التي تحمل إمكانيات هائلة؛ قادرة على إدرار فوائد مستدامة. ويلزم اتخاذ إجراءات عاجلة وحاسمة لحفظ وصيانة الجينات والأنواع والنظم الإيكولوجية، بغية إدارة الموارد البيولوجية واستخدامِها على نحو مستدام. ويلزم لحماية هذه النظم؛ تعزيز القدرات على تقييم التنوع البيولوجي ودراسته وملاحظته، واتخاذ إجراءات فعالة على الصعيد الوطني، والتعاون على الصعيد الدولي لحماية النظم الإيكولوجية في أماكنها الطبيعية، وحفظ الموارد البيولوجية والجينية خارج أماكنها الطبيعية، وتحسين وظائف النظم الايكولوجية. وتمثل المشاركة والدعم من جانب المجتمعات المحلية عنصرين ضروريين للنجاح في هذا المشروع. وقد أبرزت منجزات التقدم الحديثة في مجال التكنولوجيا البيولوجية؛ ما تحمله المادة الجينية الموجودة في النباتات والحيوانات والكائنات الدقيقة من إمكانيات رائجة للزارعة، وللصحة والرفاه، والأغراض البيئية. وفي الوقت نفسه، من المهم لتأكيد على أن للدول الحق السيادي في أن تستغل مواردها البيولوجية طبقا للسياسات البيئية الخاصة بها، إلى جانب مسؤوليتها عن حفظ التنوع البيولوجي لديها، واستخدام مواردها البيولوجية بصورة مستدامة، ومع ضمان ألا يتسبب هذا التصرف في خلق عوامل سلبية تهدد النوع .أو تلحِق أضرارا بالتنوع البيولوجي.
وتزامنا مع الاحتفالات بالسنة الدولية للسياحة البيئية؛ تم اختيار موضوع التنوع البيولوجي والسياحة والبيئي موضوعا للاحتفال باليوم العالمي للسياحة البيئية 2017م، وذلك باعتبار أن التنوع البيولوجي بمختلف أنواعه ومصادره ونُظمه البرية والبحرية والمائية؛ تعتبر ركيزة أساسية للسياحة البيئية وموردا مهما من مواردها. إن التنوع الببويولجي الحيواني والنباتي؛ هو أساس الحياة وديمومتها، كما تقدم النظم الإيكولوجية سُبل المعيشة للبشر، وتعمل على تطوير التنمية المستدامة في جميع الأنشطة التنموية والاقتصادية مثل الزراعة والغابات والأسماك والسياحة وغيرها من الأنشطة الحيوية والتنموية.
إن الاعتراف بالأهمية الكبيرة لاقتصاد السياحية القائم على تسويق التنوع البيولوجي والإحيائي والإيكولوجي؛ هو في حد ذاته حفظ لهذه الثروة وضمان لاستدامتِها. ويمكن لقطاع السياحة أن يسهم إسهاما كبيرا في الحد من التهديدات التي يتعرض الموارد الطبيعية والإحيائية من جهة، وكذا توفير الموارد المالية اللازمة لتطوير المناطق المهمشة وتحسين المرافق الأساسية ودعم التنمية في العالم الثالث. وتلعب السياحة البيئية دورا مهما في صون التنوع الإحيائي، وتسهم أنشطة السياحة البيئية أيضا في التوعية بأهمية التنوع والحفاظ عليه؛ من خلال إنشاء محميات، واستعادة الموائل، والمشاركة المجتمعية، وتعبئة الموارد. وهناك بعدٌ أخر للسياحة البيئية في علاقتها بالتنوع الإحيائي؛ وهو تحسين إدماج التنوع البيولوجي والاستدامة في السياسات الإنمائية، ومن ثم؛ فإن الاحتفال في إطار هذا الموضوع يتيح فرصة لزيادة الوعي والعمل من أجل المساهمة الهامة للسياحة في النمو الاقتصادي وفي حفظ التنوع الحيوي واستخدامه المستدام.
بريد الكاتب الالكتروني: abualihakim@gmail.com