للقلب دماغه و وعيه الخاصين به
الكاتب : محمد عارف
الكاتب : د. عمر بزري
خبير في شؤون العلوم والتكنولوجيا والابتكار
01:34 صباحًا
22, فبراير 2016
تستعرض الورقة أولاً أوضاع الدول العربية في عدد من المجالات المتصلة بالعلوم والتكنولوجيا والابتكار، وذلك باستخدام مؤشرات معتمدة دولياً لتقدير التقدم المحرز في مضمار التعليم والابتكار والبحث العلمي. وتُبيّن أن السياسات الوطنية التي وضعت لحيازة قدرات في مجالات العلوم والتكنولوجيا وتوظيفها في سبيل التنمية المستدامة أخفقت إلى حد بعيد في تحقيق الغايات التي كانت تطمح للوصول إليها.
من ثم تسعى الورقة لتسليط الضوء على أحد مواطن الخلل التي عانت منها سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار في الماضي. وهو أن البنى الاقتصادية / الاجتماعية السائدة في الدول العربية هي ريعية في جوهرها. وهي لا تحتاج من المدخلات العلمية والتكنولوجية لما تتطلبه البنى المستندة إلى أنشطة إنتاجية وتنافسية. لذا فهي تكتفي بحيازة ما يضمن بقاءها ويوطّد دعائمها من تلك المدخلات. وهي مدخلات يتم استيرادها من المصادر الخارجية المتاحة والعديدة في كثير من الأحيان. وبالرغم من أن المنظومات الريعية قد تتيح الفرص لنشوء قدرات علمية وتكنولوجية في البعض من المجالات، إلا أن هذه القدرات لا تتعدى الحدود التي ترسمها ضرورات بقاء وتوطيد سلطة المنظومة الريعية السائدة.
وترى الورقة أن السياسات الوطنية للعلوم والتكنولوجيا التي تم وضعها في الماضي افتقرت إلى نظرة معمقة للاحتياجات الخاصة بالقطاعات التي تتميز بأولويتها من أجل التنمية المستدامة وذلك من الوجهات الاقتصادية والاجتماعية، وفي ما يتصل بتقليص الفقر وتنشيط المجتمعات والاقتصادات المهمشة. كما جنحت تلك السياسات إلى معالجات عمومية يتعلق معظمها بجانب العرض (لا الطلب) مما أعاق صياغة وتنفيذ مبادرات تنشد تعزيز القطاعات الحيوية وتزويدها بالمدخلات العلمية والتكنولوجية اللازمة لنموها.
لا بد لذلك من إعادة صياغة بنود هذه السياسات بحيث تتناول بالعمق الكافي والواجب خصوصيات القطاعات التي تتميز بأولويتها من أجل التنمية المستدامة وذلك ليتسنى صياغة وتنفيذ مبادرات هادفة لتعزيز هذه القطاعات وتزويدها بالمدخلات العلمية والتكنولوجية اللازمة لنموها. تدعو الورقة ختاماً إلى القيام بإعادة نظر كلية بالأسس والأساليب التي تستند إليها صياغة سياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار الوطنية في الدول العربية. وذلك بحيث يتم تَبنّي عناصر من شأنها تقليص سطوة المنظومات الريعية والاستناد إلى حدود متعاظمة تدريجاً إلى الجهات المستفيدة مباشرة من هذه السياسات وإسهامات مؤسسات المجتمع المدني التي تمثلها، إلى جانب الجهات الحكومية المسؤولة، مع التركيز على مبادرات تنشد تنويع مصادر الدخل الوطني وتقليص الفقر وخَلْق فرص جديدة للعمل الكريم والمجزي وتَسعى نحو تنمية اجتماعية متكاملة وتصون البيئة. وذلك وفقاً لمبادئ وسياسات جديدة تحكم اتخاذ القرار في كل ما يتعلق ببناء القدرات العلمية والتكنولوجية وتحفيز الأنشطة الابتكارية.
تستند هذه الورقة إلى مداخلة قدمها د. عمر الفاروق البزري في جلسة نظمتها اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) ضمن الدورة الثالثة للمنتدى العربي للبحث العلمي والتنمية المستدامة. حيث كُرّست هذه الجلسة لتدارس مسائل تتصل بالبحث العلمي والتطوير خدمة للتنمية المستدامة وسياسات العلوم والتكنولوجيا والابتكار. انعقدت هذه الجلسة في 11 كانون الأول / ديسمبر 2015 ضمن الدورة الثالثة للمنتدى العربي للبحث العلمي والتنمية المستدامة التي نظمت من قبل الإسكوا ومنظمة الجامعة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو) ومؤسسة الحريري في لبنان.
بريد الكاتب الالكتروني: omarbizri@gmail.com
الكلمات المفتاحية