مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

الحسن ابن الهيثم .. عالم الرياضيات والمناظر

الكاتب

الكاتب : أ.د. رشدي راشد

الوقت

08:21 مساءً

تاريخ النشر

04, أبريل 2016

يُلقي هذا البحث الضوء على إسهامات الحسن ابن الهيثم في علمي الرياضيات والمناظر، ويُبرز دوره في تطوير العديد من المباحث الهامة، كهندسة اللامتناهيات، وهندسة المخروطات. ويُظهر مقدار اتساع بحوثه وتنوعها، واشتمالها على علم المناظر الإرصادي والانعكاسيات والمرايا المحرقة وعلم الانكسار والكرة المحرقة وعلم المناظر الفيزيائي.

ابن الهيثم عالم الرياضيات

طور رياضيو الإسلام منذ القرن التاسع الميلادي موقفًا بحثيًا جديدًا جمعوا فيه بين نهج أبلونيوس ونهج أرشميدس في نفس الوقت. فأبلونيوس – من القرن الثاني قبل الميلاد – اهتم بدراسة خواص الوضع والصورة، أي بعض الخواص الطوبلوجية بلغة عصرنا. أما أرشميدس الذي سبق أبلونيوس بجيل أو اثنين، فلقد شغلته الخواص المترية. كان هذا هو الوضع حتى الحسن بن موسى وتلميذه ثابت بن قرة (ت:901م) اللذان قرنا النهجين. لم يكن هذا الجمع تركيبيًا سكونيًا، ولكنه أدى إلى تغيير النظم الهندسية أنفسها، كما أدى إلى وسائل جديدة للبحث الهندسي والقدرة على الاكتشاف. ازداد هذا الموقف الجديد قوة بمرور الزمن وتعاقب العلماء خلال القرن الذي فصل ثابت بن قرة وابن الهيثم. تبنى ابن الهيثم هذا الموقف الجديد وبدأ بما انتهى إليه سابقوه، فأخذ في البحث في فروع الهندسة الجديدة وكذلك الهندسة اليونانية التي جددت. وهذه الفروع هي:

  • هندسة اللامتناهيات وتطبيقاتها التي ألف فيها اثني عشر كتابًا لم يصلنا منها إلا سبعة فقط.
  • هندسة القطوع المخروطية وتطبيقاتها.
  • أسس الهندسة التي كتب فيها عدة كتب ذات أهمية بالغة مثل كتابه في التحليل والتركيب، وكتابه «في المعلومات». فلنقف قليلًا وسريعًا على بعض نتائج ابن الهيثم في هذه الميادين.

 

ابن الهيثم: عالم المناظر

  • إن إنجاز ابن الهيثم في علم المناظر، بالمقارنة مع الكتابات الرياضية اليونانية والعربية التي سبقته، يُظهر، وللنظرة الأولى، سمتين بارزتين هما الاتساع والإصلاح. وإذا أمعنا النظر بدقة نستنتج أن السمة الأولى هي الأثر المادي للسمة الثانية. ففي الواقع، قبل ابن الهيثم لم يعالج أي عالم في بحثه هذا العدد من الميادين كما فعل هو، وهذه الميادين تعود إلى تقاليد علمية مختلفة، فلسفية ورياضية وطبية. وعناوين كتبه تدل على هذا التنوع الواسع: ضوء القمر، وضوء الكواكب، وقوس قزح والهالة، والمرايا المحرقة الكروية، ومرايا القطع المكافئ المحرقة، والكرة المحرقة، وكتاب في صورة الكسوف، ونوعية الظلال، ومقالة في الضوء، ناهيك عن كتابه الذائع الصيت كتاب المناظر الذي تُرجم إلى اللاتينية في القرن الثاني عشر، والذي دُرِّس وعُقِّب عليه بالعربية واللاتينية حتى القرن السابع عشر فقد تطرق، إذن، ابن الهيثم ليس فقط إلى المواضيع التقليدية في البحث البصري، بل أيضًا إلى مواضيع أخرى جديدة كعلم المناظر وعلم المناظر الأرصادي، والانعكاسيات والمرايا المحرقة، وعلم الانكسار، والكرة المحرقة، وعلم المناظر الفيزيائي.
  • إن نظرة ثاقبة تكشف أن ابن الهيثم يُتابع في أغلبية هذه الكتابات تحقيق برنامج إصلاحي في علم المناظر، وهذا البرنامج قاده بالتحديد إلى تناول مختلف المسائل؛ كل على حدة. إن العمل الأساس في هذا الإصلاح هو الفصل بوضوح، وللمرة الأولى في تاريخ هذا العلم، بين شروط انتشار الضوء وشروط رؤية الأجسام.
  • لقد أوصل هذا الإصلاح من جهة إلى إعطاء مرتكز فيزيائي لقواعد انتشار الضوء، والمقصود هنا هو مقارنة أرقامها رياضيًا بين نموج ميكانيكي لحركة كرة صلبة تُرمى على حاجز وبين حركة الضوء، كما أوصل، من ناحية أخرى، إلى العمل هندسيًا في جميع الحالات وبواسطة الملاحظة الاختبارية. ولم يعد لعلم المناظر ذلك المعنى الذي عُرف به منذ وقت قريب، وهو علم هندسة الإدراك البصري؛ فقد بات يشتمل من الآن وصاعدًا على قسمين هما: نظرية للرؤية مقرونة بفيزيولوجيا العين وبسيكولوجيا الإدراك، ونظرية للضوء يرتبط بها علم المناظر الهندسي وعلم المناظر الفيزيائي، ومما لا شك فيه أنه لا تزال توجد هنا آثار من علم المناظر القديم، منها على سبيل المثال بقاء المصطلحات القديمة، وكذلك وجود نزعة، أبرزها مصطفى نظيف، تتمثل في طرح المسألة بالنسبة إلى الرؤية، من دون أن يكون ذلك ضروريًا في الحقيقة. لكن يجب ألا تخدعنا هذه البقايا لأنه لم يعد لها الوقع نفسه ولا المعنى نفسه. إن تنظيم كتاب المناظر بات يعكس الوضع الجديد. ففيه نجد فصولًا مخصصة بأكملها لانتشار الضوء (كالفصل الثالث من المقالة الأولى والمقالات ابتداءً من الرابعة وصولًا إلى السابعة).

 

إن شروط الرؤية التي أحصاها ابن الهيثم ستة:

  • يجب أن يكون الجسم المرئي مضيئًا بنفسه أو مضاءً بمصدر ضوئي آخر.
  • يجب أن يكون مواجهًا للعين، أي أننا نستطيع وصل كل نقطة منه بالعين بواسطة خط مستقيم.
  • أن يكون الوسط الفاصل بينه وبين العين شفافًا، من دون أن يعترضه أي عائق أكمد.
  • يجب أن يكون الجسم المرئي أكثر كمدة من هذا الوسط.
  • يجب أن يكون ذا حجم مناسب لدرجة الإبصار.

 

ويكتب ابن الهيثم ما معناه أن عدم توافر هذه الشروط يجعل الرؤية غير ممكنة.

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x