قوافل علماء العرب إلى فلسطين
الكاتب : محمد عارف
الكاتب : بيان القاضي
باحثة في الاعلام الرقمي
04:22 صباحًا
07, يونيو 2016
تنامى في الآونة الأخيرة الاهتمام البالغ من قبل واحات العلوم، والابتكار، والاستثمار، والتعليم باقتصاد المعرفة، في المجتمعات المتقدمة والنامية. وقد أصبح اقتصاد المعرفة رافداً من روافد الازدهار في أي مجتمع متقدم، وهو لا يعني تطور رأس المال المادي، واقتصاد السلع والمنتجات فحسب، إنما أصبح محوره رأس المال البشري، والذكاء، والإبداع والابتكار، والتكنولوجيا، وطرق إدارة المعرفة وغيرها. وهو كذلك يعني استخدام المعرفة لتوليد القيم الملموسة وغير الملموسة، أيضاً يعني استخدام التكنولوجيا وبالأخص تكنولوجيا المعرفة لتحويل جزء من المعرفة البشرية إلى آلات. هذه المعرفة تستخدم من قبل نظم دعم القرار في مختلف المجالات، كما يمكن تفسير اقتصاد المعرفة بدون تكنولوجيا، حسبما أورده موقع ويكبيديا.
وقد تم تعريف اقتصاد المعرفة من قبل واحة العلوم في إيرلندا الشمالية، على نطاق أوسع من النشاط الاقتصادي، ويعني "إنشاء وتطوير وصقل وتسويق الأفكار الجديدة والناشئة، والتقنيات، والعمليات، والمنتجات، وتصديرها في جميع أنحاء العالم."وأدرجت واحة العلوم في إيرلندا الشمالية العديد من الصناعات تحت مفهوم اقتصاد المعرفة، وهي: الصيدلة والتكنولوجيا الحيوية، أجهزة طبية، البرامج والمحتوى الرقمي، خدمات تكنولوجيا المعلومات، الاتصالات السلكية واللاسلكية، الحاسبات والالكترونيات المتقدمة، وسائل الإعلام (المحتوى الإبداعي والرقمي)، الفضاء ومعدات النقل الأخرى، الخدمات المالية-التكنولوجيا الفائقة.
إن الاقتصادات الزراعية الكثيفة، والاقتصادات كثيفة العمل، والاقتصاد العالمي يمر بمرحلة انتقالية نحو اقتصاد المعرفة، كامتداد لمجتمع المعلومات، والابتكار، في عصر المعلومات. لذا فالتحول الآن يتطلب إعادة رسم القواعد والممارسات اللازمة لنجاح الاقتصاد الصناعي، لتكون مواكبة للاقتصاد المعولم، والتفاعلات العالمية، حيث نجد أن اقتصاد المعرفة الذي يقود إلى الابتكار والاختراع، هو بمثابة الأسرار التجارية والخبرات، والموارد الاقتصادية الأخرى. كما يعد أيضاً المحرك الرئيسي للميزة التنافسية.من هنا كان لابد للاقتصادات الوطنية والعالمية فتح آفاق رحبة للاستفادة من وسائل جديدة في حقل المنافسة، لزيادة مهاراتها التنافسية في المشهد العالمي. بالإضافة إلى ذلك عليها اتخاذ مسارات مميزة لخلق ميزة تنافسية، باستخدام ومشاركة عمليات المعرفة ومصادرها، باعتبارها رافداً أساسياً لعملية التنمية.
في ضوء ما سبق جاء تقرير مؤشر المعرفة العربي ليسلط التركيز على أهمية عمليات رصد تطور الأوضاع التنموية في مختلف الميادين الحيوية وتتبعها، ومن ثم تأكدت الحاجة تالياً إلى بناء مؤشرات عربية بمواصفات عالمية، تكون كبوصلة ترصد حركة التقدم في المنطقة العربية، وبالتالي تساعد على توجيه السياسات التطويرية نحو الاحتياجات الحقيقية للبلدان العربية وأولوياتها الوطنية.
وقد سعى التقرير إلى إماطة اللثام عن الآتي:
بين تقرير مؤشر المعرفة العربي أن الاختيار المنهجي لمنظومة البحث والتطوير والابتكار عائد لعدد من العوامل منها:
أشار التقرير إلى تأخر مؤشر البحث والتطوير في العالم العربي عن مؤشرات القطاعات الأخرى، ففي الإمارات بلغ مؤشر البحث والتطوير 50,076%، بينما وصل مؤشر الاقتصاد في الدولة 77,59%. وجاء مؤشر البحث والتطوير في سوريا بنسبة 21,56%. ووصل مؤشر البحث والتطوير والابتكار في السودان لنسبة 16,10%. وبلغ المؤشر في السعودية 56,84%، بينما جاء مؤشر تكنولوجيا المعلومات في السعودية 69.58%. ووصل مؤشر البحث والتطوير في ليبيا إلى 22,99%. أما في فلسطين فجاءت النسبة 18,18%. وبلغ مؤشر البحث والتطوير في العراق 24.56%. ويتضح من هذه الأرقام الإحصائية أن قطاع البحث والتطوير والابتكار يتأثر بمجموعة من العوامل المؤسساتية والاجتماعية والاقتصادية والتنموية.
كشف التقرير عن خصائص الاقتصاد القائم على المعرفة بالأمور التالية: الاستثمار في رأس المال المعرفي، الاعتماد على الجهد الفكري (اللاملموسات) بشكل أساسي في الاقتصاد القائم على المعرفة، ديناميكية الأسواق التي تعمل في ظل تنافسية مفتوحة، الرقمنة هي المحرك الأساسي للاقتصاد القائم على المعرفة، يهدف الاقتصاد القائم على المعرفة إلى وضع قيمة حقيقية للأجور، والتوسع في استخدام العمالة ذات المهارات العالية التي تتفاعل مع التعليم والتدريب المستمر، يمتاز الاقتصاد القائم على المعرفة بأنه اقتصاد وفرة تزداد موارده (المعرفة) بكثرة الاستخدام، خضوع الاقتصاد القائم على المعرفة لقانون تزايد العوائد (تناقص التكاليف) مع الاستمرار في الاستخدام، العلاقات بين الإدارات والقوى العاملة في الاقتصاد القائم على المعرفة يتسم بعدم الاستقرار، إذ ينتفي مبدأ التوظيف مدى الحياة، العلاقة بين قطاعات الأعمال والدولة في الاقتصاد القائم على المعرفة قائمة على التحالف والتعاون، الاقتصاد القائم على المعرفة ليس مقيداً بزمان أو مكان.
سلط التقرير الضوء على قضية مصيرية: هي إعداد الشباب وتأهيلهم للمساهمة في عمليات نقل المعرفة وتوطينها، لبلوغ آفاق أرحب تتحقق فيها التنمية الإنسانية المستدامة. وبين أن على قطاعات التعليم، وسياسات المعرفة واقتصاد المعرفة، سياسات الإبداع والابتكار والاختراع، أن تدرج ضمن أجندتها الاهتمام بهذه الفئة المحورية، وتلبية احتياجاتها التنموية. تناول مؤشر المعرفة العربي عدداً من القطاعات الحيوية كالتعليم قبل الجامعة، التعليم المهني والتقني، التعليم العالي، تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، البحث والتطوير، الابتكار، والاقتصاد. يحتوي مؤشر المعرفة العربي على 304 مؤشر في مختلف القطاعات الحيوية الآنفة الذكر. أخذ مؤشر المعرفة العربي للمرة الأولى قطاعات محورية هي التعليم التقني، والتدريب المهني في المنطقة العربية، أيضاً درس التفاعل بين البحث والتطوير، والتفاعل بين القطاعات الحيوية السابقة، كيف تتشكل تفاعلاتها، وما مخرجات هذه التفاعلات، وكيف بإمكانها تقديم معرفة أصيلة مبتكرة ناتجة عن هذه التفاعلات في المنطقة العربية، من شأنها دفع سياسات وأغراض التنمية المستدامة. أوضح مؤشر المعرفة العربي لعام 2015 تراجعاً ملحوظاً للمعرفة نتيجة للأزمات المتلاحقة التي تمر بها المنطقة العربية، والتي كان لها الأثر البالغ على تراجع الصرف على التعليم، بطالة الشباب، ضعف إقبال الطلاب على التعليم في المدارس والجامعات. بالإضافة إلى ذلك أثرت بشكل جلي على السياسات التنموية، فضلاً عن الاهتمام بها. فقد أصبح التركيز منصباً في الوقت الراهن على تحليل هذه الأزمات، وعلى كيفية مواجهتها وتجنبها.
ومع ذلك قدّم مؤشر المعرفة العربي حصة من المعلومات والبيانات، التي بمقدورها مساعدة أصحاب القرار والغائبين عن السياسات التنموية في المنطقة العربية، باطلاعهم على الوضع الميداني الراهن، ومن ثم السماح لهم بتشخيصه، مما يمكنهم من وضع خطط تنموية بصورة مثلى. يعطي التقرير نظرة أمل في أن يكون للمعرفة والتعليم والإبداع والابتكار والبحث، إضافة إلى مجتمع المعرفة دوراً محورياً في تجنب الأزمات، في القدرة على التعايش والنمو، في بناء مجتمعات تنموية مستدامة، في بناء السلام والحوار، وفي قدرتها على التحول إلى اقتصاد المعرفة بتفعيلها للقطاعات الحيوية التي ركز عليها التقرير. بالنسبة إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، والأهداف التنموية للألفية، بين التقرير أن العديد من الدول قامت بتحقيق الكثير من الأهداف التنموية للألفية، ومع ذلك وُجد تراجعاً ملحوظاً لمؤشر المعرفة العربي في الآونة الأخيرة. لكن الأهم من ذلك، ونحن بصدد خمسة عشرة سنة قادمة، أن نعيل على قدرة مؤشر المعرفة العربي في رصده مواضع الخلل لمسارات التنمية، ووضعه الحلول المناسبة لتجاوزها.
يلقي التقرير نظرة تفاؤلية في أن يساعد مؤشر المعرفة العربي صانعي القرار في معرفة الوضع التنموي الحقيقي في كافة الدول العربية، ومعرفة التباين في هذه الدول (في داخل هذه الدول وبين هذه الدول)، وبالتالي مساعدتهم في وضع الحلول، والبرامج المناسبة المتوافقة مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي. بدأ العمل على تحقيق أهداف خطة 2030، بإقامة أول اجتماع إقليمي، عقدته منظمة المرأة العربية التابع لجامعة الدول العربية بالتعاون مع يو تي بي، في القاهرة، شاركت فيه منظمات عربية من كافة الدول العربية، وقد تم التوصل في هذا الاجتماع إلى وضع المؤشرات العربية اللازمة لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، التي من شأنها أن تساعد المرأة العربية على التواجد في كل هدف من هذه الأهداف، والمساهمة في تحقيقها. كشف التقرير قيام برنامج الأمم المتحدة الإنمائي بالتعاون مع الحكومات، ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص، والإعلام العربي، وقد أثمر هذا التعاون زيادة التراكم المعرفي لعمليات البحث والتمحيص والتحليل والاستخلاص للوصول إلى أفكار وأدوات قابلة للتوظيف والاستخدام.
كما نتج عن هذا التعاون الكبير، إقامة أول قمة في المنطقة العربية، هي قمة المعرفة في دبي، تحت شعار "الطريق إلى الابتكار"، شارك فيه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، وجوردن براون رئيس الوزراء البريطاني السابق، ستيف وزنياك المخترع والشريك لشركة آبل، وباتريك بودري رائد الفضاء الفرنسي، والدكتور إيريك فواش مدير جامعة السوربون. جسّدت القمة منصة عالمية، نوقش تحت مظلتها سبل ترسيخ ثقافة بناء مجتمعات واقتصادات مستدامة، تكون ركيزتها المعرفة، وقد أتى محور الابتكار في التعليم على رأس أولويات القمة، لما يشكله من نواة لتقدم الشعوب، وارتباط جودته بقدرة المجتمعات على التطور والإبداع، كما غطت القمة محور تكنولوجيا المعلومات الذي يرسم ملامح مستقبل الأمم، ويلعب دوراً فاعلاً في المجالات التنموية والمشاريع الاقتصادية الكبرى، بالإضافة إلى محور البحث العلمي الذي يعد ركيزة أساسية لتطور المجتمعات وتنمية القدرات الإنسانية، كذلك محور توظيف الابتكار في مجال الإعلام وصناعة الأفلام. وكان من نتائج قمة المعرفة إطلاق "بوابة المعرفة" الهادفة إلى تأسيس منصة إلكترونية مرجعية لجميع المعنيين بالشأن المعرفي من باحثين وأكاديميين وصانعي قرار ومؤسسات مجتمع مدني، فيما يتعلق بكافة البيانات والأبحاث والأدبيات حول المعرفة والتنمية والمواضيع ذات الصلة.
أيضاً أوضح التقرير مساهمة التراكم المعرفي في رفع درجة الوعي بإمكانات البلدان العربية وتحدياتها، وفي وضع الأسس الأولية لأدوات تقييم واستقصاء منهجية (اختبارات، مقاييس، استبانات)، واحتساب المؤشرات الضرورية للمتابعة والمقارنة. بالإضافة إلى الاعتماد على الدراسات المكتبية جنباً إلى جنب مع المسوح الميدانية، والتي ساهمت في بلورة فكرة بناء مؤشر عربي للمعرفة، قادر على إعداد مجتمع المعرفة العربي، حيث تبنى القواعد، وترتب البيانات، وتبتكر المؤشرات في إطار التواصل مع الذات وأحوالها المعرفية.
نتائج وتوصيات
.حاجة المنطقة العربية إلى إعادة هيكلة قطاع الفضاء والكون بما يتناسب مع المعايير الدولية لمحطات الفضاء الدولية، وتطوير مدخلاته، والمساهمة في إنشاء مراصد فلكية متعددة، مشاريع فضائية ضخمة، بالإضافة إلى تطوير البحث والدراسات النظرية والتطبيقية في مجال الكون والفضاء، لتلحق المنطقة العربية بركب التقدم الذي وصل إليه العالم المتقدم.
المراجع العربية
المراجع الأجنبية
المواقع الإلكترونية
بريد الكاتب الالكتروني: b.alkadi85@gmail.com
الكلمات المفتاحية