مجلة أجسر – مجلة عربية محكمة في مجال العلوم – زورو موقعنا

NULL

الأوضاع الصحية في دول شرق المتوسط تتدهور بسبب الحروب

الكاتب

الكاتب : الصغير الغربي

صحفي علمي تونس

الوقت

02:20 مساءً

تاريخ النشر

26, أكتوبر 2016

أظهرت دراسة علمية جديدة تراجع الوضع الصحي للعديد من البلدان في منطقة شرق البحر المتوسط خلال السنوات الماضية بسبب الأوضاع الأمنية والحروب التي تعيشها العديد من بلدان المنطقة. وتوقعت أن يكون للحروب التي تعيشها هذه البلدان، إضافة إلى ارتفاع الشيخوخة السكانية، تأثير كبير على الصحة والموارد في المنطقة مستقبلاً. وقد نشرت نتائج هذا الدراسة في دورية "ذي لانست" الطبية في شهر أغسطس الماضي.

وقد أنجزت الدراسة بهدف بحث تأثير الحروب في الوضع الصحي في المنطقة عبر تقدير انخفاض مؤمل العمر بسبب الأمراض والإصابات أو ما يسمى بعبء المرض والوفيات خلال الفترة الممتدة بين عامي 1990 و2013، بالاعتماد على البيانات المتوفرة في تلك البلدان بعد تحليلها باستخدام نماذج رياضية كما يقول البروفسور محمد الحصايري أستاذ الطب الوقائي ومدير المعهد الوطني للصحة بتونس والمشارك في الدراسة. وحسب هذه الدراسة فقد أدت الأزمات في مصر واليمن وليبيا وسوريا إلى انخفاض في متوسط العمر المتوقع، وسجل أكبر انخفاض في سوريا قدر سنة 2013 بخمس سنوات بالنسبة للنساء وست سنوات بالنسبة للرجال مقارنة مع ما كان متوقعاً لو لم تقع الأزمة.

وسجلت الدراسة زيادة في نسبة وفيات الأطفال في بعض دول المنطقة التي تشهد أوضاعاً غير مستقرة أو حروباً خاصة في سوريا التي ارتفعت فيها هذه النسبة، لتبلغ مستوى دول إفريقيا جنوب الصحراء. كما سجلت ارتفاعاً سريعاً في نسبة البدانة، وفي الإصابة بالأمراض العقلية، واستهلاك المخدرات في دول المنطقة. ورصدت الدراسة زيادة مقلقة في انتشار الأمراض غير المعدية وخاصة مرض السكري، والذي أصبح يتسبب في وفاة ما بين 12 و19 شخصا من 100 ألف شخص كما يقول الدكتور الحصايري.

ويبلغ عدد الدول التي شملتها الدراسة في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط 22 دولة، وهي أفغانستان، والبحرين، وجيبوتي، ومصر، وإيران، والعراق، والأردن، والكويت، ولبنان، وليبيا، والمغرب، وعمان، وباكستان، وفلسطين، وقطر، والمملكة العربية السعودية، والصومال، والسودان، وسوريا، وتونس، والإمارات العربية المتحدة، واليمن. وقد شهدت بعض دول المنطقة اضطرابات نتيجة الحروب وعدم الاستقرار، وكان الهدف من هذه الدراسة هو تقييم عبء الأمراض والإصابات وعوامل الخطر في المنطقة إلى غاية 2013.

واستعمل الباحثون مقياس معدل "سنوات العمر المصححة باحتساب مدد العجز" Disability-Adjusted Life-years، أو ما يطلق عليه اختصاراً DALYs، وهو مقياس لعبء المرض على مؤمل الحياة، ويعبّر عنه بعدد السنوات الضّائعة من العمر بسبب اعتلال الصحة أو الإعاقة أو الوفاة المبكّرة. ووجد الباحثون أن مرض نقص تروية القلب عند الذكور وعدوى الجهاز التنفسي السفلي لدى الإناث هما السببان الرئيسيان في جملة العوامل المكونة لعبء المرض على مؤمل الحياة.

وقد كان مرض نقص تروية القلب أهم أسباب الوفاة في المنطقة في عام 2013 بواقع 90.3 حالة وفاة لكل 100 ألف نسمة، مسجلاً بذلك ارتفاعاً قدره 17.2% عما كان عليه الوضع عام 1990. ووجدت الدراسة أن مرض ارتفاع ضغط الدم مثّل أهم عوامل الخطر على سنوات العمر في عام 2013 بزيادة 83.3% عما كان عليه عام 1990.

وتتفاوت عوامل الخطر على سنوات العمر من بلد لآخر، ففي البلدان ذات الدخل المنخفض كأفغانستان والصومال واليمن تمثلت العوامل الرئيسية في سوء التغذية لدى الأطفال بينما كانت الأمراض غير المنقولة هي عامل الخطر الرئيسي في البلدان متوسطة ومرتفعة الدخل. كما تفاوتت عوامل الخطر حسب السن، ففي الوقت الذي يعاني فيه الأطفال والرضع من سوء التغذية (الذين تتراوح أعمارهم بين 28 يوماً إلى 4 سنوات) يعاني الكبار (الذين تتراوح أعمارهم بين 60-80 سنة) من الوزن الزائد للجسم وارتفاع ضغط الدم الانقباضي. وسجلت الدراسة ارتفاع نسبة عوامل الخطر التي يمثلها مؤشر كتلة الجسم على نسبة سنوات العمر من 3.7% إلى 7.5% بين عامي 1990 و2013 وارتفاع عبء مشاكل الصحة العقلية وتعاطي المخدرات.

وقد انجزت هذه الدراسة، ضمن دراسة العبء العالمي للمرض 2013، شملت 188 دولة من مختلف أنحاء العالم بين عامي 1990 و2013. وتغطي الدراسة 306 نوعاً من الأمراض والإصابات و1,233 من المضاعفات و79 عامل الخطر. وخلصت الدراسة إلى أن المنطقة ولئن شهدت خلال العقود القليلة الماضية تحسناً في متوسط العمر المتوقع ومؤشرات صحية أخرى، فإن الوضع الحالي يسبب تدهوراً في الحالة الصحية في المنطقة سيمتد تأثيره لسنوات عديدة في المستقبل، وسوف يكون له تأثير على المنطقة وبقية العالم. وحث الفريق البحثي المشرف على الدراسة دول المنطقة على زيادة الاستثمار في الصحة والحد من الصراعات في المنطقة.

إن الوضع الحالي يسبب تدهوراً في الحالة الصحية في المنطقة سيمتد تأثيره لسنوات عديدة في المستقبل، وسوف يكون له تأثير على المنطقة وبقية العالم.

من ناحيته يقول الدكتور الحصايري إن مستقبل الصحة في المنطقة يعتمد على وقف الصراعات في بعض البلدان كسوريا وليبيا واليمن ودعمها لمجابهة الأوضاع الصحية المتردية مع ضرورة توفر إرادة سياسية لمحاربة الأمراض غير المعدية والأمراض العقلية، كما يتعين وضع برامج مكافحة متسقة وعقلانية وتوفير الموارد الكافية بهدف الحد من تأثير هذه الأمراض.

المرجع:

 

بريد الكاتب الالكتروني: gharbis@gmail.com       

الزوار الكرام: يسعدنا مشاركتكم وتواصلكم حول هذا المقال

ترخيص عام

الموقع قائم على مبدأ الترخيص العام للجمهور في حرية النسخ والنقل والاقتباس من جميع المحتويات والنشرات والكتب والمقالات، دون مقابل وبشكل مجاني أبدي، شريطة أن يكون العمل المستفيد من النسخ أو النقل أو الاقتباس متاحا بترخيص مجاني وبذات شروط هذا الموقع، وأن تتم الاشارة إلى منشورنا وفق الأصول العلمية، ذكرا للكاتب والعنوان والموقع والتاريخ.

هذا والموقع يساعد المؤلف على نشر إنتاجه بلا مقابل من منفعة معنوية أو مادية، شريطة أن يكون العمل متوفراً للنسخ أو النقل أو الاقتباس للجمهور بشكل مجاني. ثم إن التكاليف التي يتكبدها الموقع والعاملون عليه تأتي من مساعدات ومعونات يقبلها الموقع ما لم تكن مرتبطة بأي شرط مقابل تلك المعونات.

license
0 التعليقات
Inline Feedbacks
View all comments
guest

شبكاتنا الاجتماعية

  • facebok
  • twitter
  • Instagram
  • Telegram
  • Youtube
  • Sound Cloud

يسعدنا أن تشاركونا أرائكم وتعليقاتكم حول هذهِ المقالة عبر التعليقات المباشرة بالأسفل أو عبر وسائل التواصل الإجتماعي الخاصة بالمنظمة

icons
0
Would love your thoughts, please comment.x
()
x