اليوم الدولي للمرأة والفتاة في ميدان العلوم
الكاتب : د. طارق قابيل
الكاتب : د. رضا محمد طه
رئيس قسم النبات - كلية العلوم / جامعة الفيوم
03:51 مساءً
20, ديسمبر 2016
ما يتركه الآباء من ميراثٍ جينيّ لأبنائهم في صورة صفات وراثية، يُغيِّرُه تدخين السجائر عن طريق ما يُـحدثه من طفرات-تحورات mutations غير مرغوبة- في ما تحتويه الخلايا من حامض نووي “دي إن إيه” ومن ثم جيناتها. من المعروف أن هذا الحامض النووي وما فيه من جينات -الجينوم- في خلية من خلايا الإنسان- ما عدا كرات الدم الحمراء- مكوَّنٌ من حوالي ثلاثة بلايين من أزواج القواعد النيتروجينية والتي نختصرها في الأحرف ” “A,G,C,T، لو كُتب ذلك العدد الهائل من الأحرف في مسودة لأصبح حجمها-كما يقول العلماء بما يُعادل ثلاثة أضعاف الموسوعة البريطانية بأجزائها الثلاثين تقريباً.
الطفرات التي تحدث في خلايا الـمُدخنين تتم في صورة استبدال القواعد النيتروجينية بعضِها ببعض أو في إذواجها، أو قد يحدث حذف أو تكرار لبعضها، لكن الاستبدال هو الشائع في الخلايا السرطانية في أنسجة الـمـُدخنين، خاصة خلايا الرئتين أو بعض الأعضاء الأخرى. في دراسة نشرتها مجلة “نيتشر Nature” في عددِها الصادر في يونيو 2016 عن تأثير التدخين على التغيرات التي تحدث لمحتوى الخلايا من “دي إن إيه” في صورة طفرات، فخلصتِ النتائج إلى أن تـدخـين خمسة عشرة سيجارة تتسبب في طفرة الحامض النووي لخلايا الرئة، والتي أوضحتها الخريطة الجينية-الطبعة الزرقاء blueprint ” في صورة تتابع قواعدها النيتروجينية لتلك الخلايا السرطانية. كما أكد الباحثون أن المواد الكيميائية الموجودة في دخان السجائر، يمكن أن تسبب ثلاثا وعشرين ألفَ طفرة والتي تنتقل إلى الخلايا الوليدة عبر انقسام الخلايا.
معروف من خلال دراسات سابقة، أن أكثر من سبعين مادة كيميائية من أصل سبعة آلاف مادة موجودة في دخان السجائر محفزةٌ للسرطان عن طريق إحداث عطب-تلف-في جينوم الخلايا، خاصة الجين الذي يُشفر encode البروتين ويسمي “P53” يقوم هذا البروتين بتثبيط تكوُّنِ الأورام tumor suppressor gene، بالإضافة إلى أنه يقوم بوظائفَ عديدة أخرى بالخلايا تلك الوظائف سرعان ما تختفي بمجرد حدوث السرطان. و في ذات الموضوع نشرت مجلة العلوم “ساينس Science” خلال هذا الشهر “نوفمبر 2016” دراسة اشتركتْ فيها العديد من الجهات البحثية من بعض الدول من بينها “Wellcome Trust Sanger Institute in Cambridgeshire and the Los Alamos National Laboratory in New Mexico”.
وقد أوضحتْ النتائج وجود علاقة مباشرة وطردية بين عدد السجائر الذي يقوم الأفراد بتدخينها، وعدد الطفرات التي تحدث في خلايا الأورام بين المدخنين، والتي أظهرتها التغييرات التي حدثتْ في ترتيب القواعد النيتروجينية sequence في “دي إن إيه” لخلايا السرطان، وخلصتْ الدراسة أن تدخين علبة سجائر يوميا لمدة عام ً يؤدي إلى صور مختلفة من الطفرات في أعضاء الحسم بين المدخنين، مثلاً أثبتتْ النتائج حدوث مائة وخمسين طفرة في خلايا الرئة، وسبعة وتسعين طفرة في الحنجرة، وثلاثة وعشرين طفرة في الفم، وثمانية في المثانة وأخيراً ستُّ طفرات في الكبد.
أكد فريق البحث أنه يوجد ستون محفزا للسرطان إلى الأقل في دخان السجائر في صورة طفرات، وأنه كلما زاد عدد الطفرات، كلما ارتفعتْ فرصة حدوث الطفرات في الجينات الرئيسية -المفتاح Key genes”” والتي بدورها تحول الخلايا العادية إلى سرطانية، حيث أن دخان السجائر يعجل من سرعة انقسام الخلايا بصورة كبيرة. و أوضحتْ الدراسة كذلك أنه بالإمكان وضع إستراتيجيات للوقاية من الطفرات التي تحدث في الخلايا السرطانية بسبب التدخين من خلال كشف النقاب عن آلية تطور السرطان في مراحله المختلفة، هذا بالإضافة إلى أنه يمكن أن يتم تطبيق تلك الاستراتيجيات على أنواع أخرى للسرطان، خاصة الناجمة عن السمنة obesity. يُذكر أنه وطبقاً للإحصائيات الحديثة، فإن حوليْ ستة ملايين من البشر يموتون سنوياً جراءَ أمراضٍ مرتبطة بالتدخين، وحسب ما ذكرته منظمة الصحة العالمية “WHO ” فإن عدد الوفيات بسبب التدخين خلال هذا القرن يقارب بليون-مليار-فرد من البشر.
المراجع:
بريد الكاتب الالكتروني: redataha962@gmail.com