الوجوه المتعددة لفيروس كورونا المستجد
الكاتب : د. حسن عصفور
الكاتب : د. محمد فوزي رمضان حسانين
أستاذ الكيمياء الحيوية بكلية الزراعة - جامعة الزقازيق
12:51 مساءً
27, مارس 2017
هل أصبحت إعادة النشر Republishing واقعاً معترفاً به دولياً؟
النَّشْرُ لغة: هو الإذاعة والإشاعة والتوزيع؛ أي جعلُ الشيءِ معروفاً ومتاحاً للناس. نقول نشرَ الشيءَ؛ إذا جعلَهُ متاحاً للناس وفي متناولِهم. ومنه النشر العلمي، أي نشرُ كلِّ مادة تحتوي على معلوماتٍ علمية أو معرفيةٍ سواءً كانت كتبا أو أوراقا علمية في دوريات، أو أفلاما وثائقية أو تسجيلات صوتية لمحاضرات علمية ونحوِها. أما المعنى الاصطلاحي للنشر العلمي، فهو العملية التي يتم بها توصيلُ الرسائل الفكرية أو النتائج العلمية التي يَتوصل إليها الباحث إلى الجمهور وجعلِها متاحةً له. وتُعرِّفُ دائرة المعارف البريطانية النشر بأنه "ذلك النشاط الذي يتضمن اختيار وإعداد وتسويق المواد المراد نشرها"، وعلى الرغم من إيجاز هذا التعريف؛ إلا أنه يُشير إلى العناصر الثلاثة الأساسية لعملية النشر وهي: التأليف – الإنتاج – الإخراج، وتبدأ بالحصول على المادة العلمية من المؤلف وتنتهي بإتاحتِها للجمهور.
أكاديميا؛ يُعتبر النشر العلمي عمليةَ إنتاجٍ ونشر للمعلومات العلمية بأشكال مختلفة (كتب – دوريات – مؤتمرات – تسجيلات …)، ومع ظهور التكنولوجيا الرقمية ونُظُم المعلومات والشبكة العنكبوتية في مجال النشر، توسعتْ عملية النشر لتشملَ الفضاءات الإلكترونية بكلِّ أنواعِها (مواقع وصحف عِلمية – منتديات – مواقع التواصل الاجتماعي).
ومن المتعارف عليه في الأوساط العلمية أن مُعظم دورِ النشر الكبرى مثل Springer, Elsevier, and Wiley (التي يصدر عنها العديد من المجلات العلمية المُحكَّمة والرصينة في جميع المباحث والتخصصات العلمية) تفرض على المؤلفين والباحثين توقيع المؤلف أو الباحث على وثيقة الاحتفاظ بحقوق النشر Copyright Transfer Agreement، والتي تفرض على المؤلفين عدم نشر البحث كليا أو جُزئيا؛ إلا بعد الحصول على موافقة دار النشر التي تملك حقوق نشر البحث. وظل هذا الشرط هو السائد والمهيمِن في عُرف النشر العلمي على الصعيد العالمي. إلا أن التطورات السريعة والمتلاحقة في آليات النشر العلمي؛ ورغبة الباحثين وكذلك رغبة الجامعات والمؤسسات البحثية في وصول أبحاثهم إلى أكبر عدد من القراء والباحثين (الذي ينتج عنه تلقائيا زيادة الاقتباسات Citations من الأبحاث العلمية المنشورة؛ وبالتالي رفع درجة تقييم الجامعات في التصنيفات الدولية لجامعات العالَم) أدت إلى الاعتراف بشكل غير رسمي (تحت حُكم الضرورة) إلى إعادة نشر الأبحاث العلمية ضدا على قانون النشر المعمول به والذي يحفظ حقوق النشر للناشر الأول فقط. (حسب ما يتضمَّنُه كل اتفاق).
وهذه بعض الأمثلة على ذلك:
وعلى الرغم من أن إتاحة الأبحاث كاملة على مواقع التواصل العلمي والمنصات الخاصة بالباحثين لا يعتبر إعادة للنشر بمفهومه المباشر، حيث لا تأخذ الأبحاث المتاحة على مواقع التواصل العلمي رقم Digital Object Identifier (DOI) جديد، إلا أن المحصلة النهائية هي أن الأبحاث تصبح متاحة للجميع بدون موافقة دور النشر التي تملك حقوق النشر بشكل حصري. مع العلم أن دور النشر العالمية تطلب (منذ بضع سنوات) من الباحثين بعد قبول أوراقهم البحثية للنشر في الدوريات العالمية أن يختار المؤلف بين خيارين؛ فإما أن يتم نشر البحث بدون دفع تكاليف النشر؛ وفي هذه الحالة يكون البحث غير متاحٍ للوصول المجاني، ولا يصل إلى البحث الكامل إلا المشتركين في المجلة العلمية أي الذين يدفعون مقابل الاستفادة أو الاطلاع على البحث. والخيار الثاني يتمثل في نشر البحث وجعلِه متاحا للجميع عبر "منصات الوصول المفتوح " Open Access؛ وفي هذه الحالة تطلب دور النشر تكاليف قد تصل إلى 3000 دولار للبحث الواحد، وهذا المبلغ باهض جدا ولا يتحملُه طالب باحث من الدرجة المتوسطة أو الفقيرة، ورغم ذلك تتخوف دور النشر من بوارِ تجارتِها وفقد زبائنِها بسبب هذا الاكتساح الشامل للنشر الالكتروني.
في غالب الأحيان لا تقوم هذه المجلات بعملية المراجعة العلمية Peer-review للبحث، أو تتم المراجعة في وقت قصير جدا قد لا يتعدى الساعات. كما أصبح من المعتاد أن تجد في مقدمة البحث المنشور في هذه المجلات التقنية أن هذا البحث سبق نشره في مجلة أخرى؛ أو تجد في نهاية البحث ما يفيد بأن مؤلف البحوث المنشورة قد سبق نشرُها وأن المجلة حصلتْ على ترخيص من الباحث بإعادة نشرِها مرة أخرى بإعادة النشر من موقع المشاع الإبداعي Creative Common (CC) الالكتروني https://creativecommons.org (وسوف نتطرق إلى هذا الموقع وآلية استخدامه في مقال قادم إن شاء الله تعالى). وفي هذه الحالة أيضا يتم إعادة نشر الأبحاث ويأخذ كل بحث رقم Digital Object Identifier (DOI) جديد.
خلاصة: مما لا شك فيه أن آليات وشروط النشر العلمي في الفترة الوجيزة الماضية؛ قد تطورَتْ بشكل كبير وتم استحداث الكثير الإجراءات المعقدة مما جعلَها مجهولة لدى كثير من المؤلفين والكتاب والباحثين، وولدتْ الكثير من تساؤلات عن موضوع إعادة النشر في ظل التعقيدات التي أقحِمت فيه.
وفي نهاية هذا المقال سأترك للقارئ الكريم أن يجيب عن السؤال الذي طرحناه ابتداءً وهو:
هل إعادة النشر أصبحت واقعاً معترفاً به دولياً؟
هذا. وبالله التوفيق وعليه حُسْنُ القَصْد